الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب السلوك المتحضر من مجتمعاتنا

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 7 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إنه حقا محظوظ ذلك المواطن فى الغرب حيث يعيش ويصنع عصر الفضائيات والحاسبات بينما صديقه تعيس وبائس فى العالم الثالث حيث يعيش عصرا آخر يمكن أن نطلق عليه عصر البذاءات والسفالات.. وفى الواقع فنحن لم نأخذ من حضارة الغرب سوى الجانب المادى فقط ولم نتكبد مشقة التعرف على الجانب القيمى والأخلاقى الذى أفرز هذه الحضارة. صحيح هناك أمور تتناقض مع القيم والأخلاقيات يأتى بها الفرد فى الجزء المتحضر من هذا العالم غير أن هذا الفرد يمثل شريحة صغيرة لا تكاد ترى بالعين المجردة تماما كالميكروبات التى تعيش فى أبداننا وأطعمتنا ومياهنا.. أما فى مجتمعاتنا فإن سلوكياتنا تكشف وتفضح البداوة وعدم التحضر الذى يعشش فى بعض النفوس.

لا شك أننا استطعنا أن ننقل الحضارة المادية التى أفرزتها العقول فى العالم المتقدم، فأصبحنا نقود السيارات ونستقل الطائرات والقطارات فى رحلاتنا وانتقالاتنا داخل أو خارج البلاد وصرنا نتمتع بمنتديات الدردشة على الانترنت ونسهر أمام الفضائيات التى تنقل لنا كل كبيرة أو صغيرة فى هذا العالم.. ورغم كل ذلك فإننا مازلنا بعيدين كل البعد عن التحضر. فالتصرفات والسلوكيات التى نرصدها فى شوارعنا تدل على ذلك.. ومن سخرية القدر أن تتحول شبكة الانترنت إلى وسيلة لفضح السلوك غير السوى. لقد شاهدت فيديو كليب فى موقع يوتيوب حيث تقف فتاة شابة فى عرض شارع فيصل بالهرم وفى يدها عصا تلوح بها نحو شاب وتتبادل معه أقذع الشتائم والسباب، وهى شتائم قبيحة لا استطيع أن اذكرها وكل ذلك لماذا؟ لأنه حدث احتكاك بسيط بين سيارتيهما.

ومن الملاحظ أن هذه السلوكيات غير الأخلاقية لا تقتصر على الشارع فحسب بل تسربت إلى المواقع التى كنا نعتقد أنها محصنة.. لقد أرسل أحد المنتمين إلى مجتمع الجامعة خطابا كيديا إلى رئيس المصلحة يلفق فيه الاتهامات الكاذبة ضد زميل له فى العمل، منها أنه يبيع الامتحانات وأنه قد حدد سعرا للورقة الامتحانية مقداره ألف جنيه.. ونقول اتهامات كاذبة لأننا على معرفة قوية بمن وجهت له هذه الاتهامات الباطلة والدليل الآخر على الكذب أنه لم يقدم دليلا على هذه التهمة البذيئة. لا نملك سوى تساؤلات قد يجد القارئ إجابة لها أو قد لا يجد: كيف يتعامل مثل هذا الشخص مع ضميره الداخلى superego إذا كان عنده ضمير؟ وكيف نام مستريح البال بعد أن أرسل الخطاب؟

قد نتفهم أن يضطر الإنسان إلى الكذب لكى ينجو من عقوبة بدنية أو نفسية.. ما لا نتفهمه هو أن يقدم إنسان إلى هذه الحيلة الرخيصة لكى يزيح زميله جانبا ويتولى موقعه تماما كما يفعل بعض مواطنينا البسطاء فى الغربة.. الغريب أن هذه السلوكيات لا تلفت نظرنا ولا يهتم بها أحد.. ربما آن الأوان لعقد مقارنة بين ما سردناه من تصرفات لرجل شرقى جامعى يعلم أجيالا وسلوك رجل رياضى يعيش فى الغرب، ففى مايو 2009م كنت أشاهد مباراة من مباريات بطولة رولان جاروس فى التنس وتصادف أن كان أحد أطرافها اللاعب السويسرى الأشهر روجيه فيدرير الذى توجه لصد كرة جانبية لكنه لم يستطع اللحاق بها وحدث أن قرر حكم المباراة أن الكرة خارج الملعب وفى هذه الحالة سوف تحتسب النقطة لصالح فيدرير.. ما أصابنا بالدهشة هو أن فيدرير توجه إلى الحكم وطالبه بتصويب القرار لأن الكرة داخل الملعب وبالتالى فالنقطة من حق اللاعب الآخر.. ما يهمنا هنا هو الجانب الأخلاقى لدى اللاعب الذى كان بمقدوره أن يغض الطرف ويستمتع بالنقطة التى اغتصبها من دون وجه حق.. السر هنا يكمن فى الضمير الداخلى الذى سوف يحاسبه طيلة حياته.

من الواضح أن مجتمعاتنا باتت تعانى من اختفاء هذا الضمير الداخلى من بعض النفوس التى أصبحت خربة وباتت لا تدرك الفرق بين الصواب والخطأ والخير والشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
نرمين رباط ( 2010 / 7 / 26 - 08:59 )
يا أخ أحمد سوكارنو , أظن أن الانسان العربي يعيش شخصيتين مزدوجتين , وبشكل عام كلنا نعيش هذه الزدواجية فليس أي واحد فينا قادر أن يظهر حقيقته أمام الناس من أول مرة ولا حتى عاشرها لكن الفرق أن الغربي تربى على القيم السامية النبيلة وصار بامكانه النحكم بشخصيته الداخلية التي يحكمها الضمير الاوروبي تربى على مبادئ العلمانية الراقية التي لا مجال ان تفرق بين الانسان وأخوه وتهذب ضميره , نحن كل طائفة عندا قوانين لوحدها تربي اعضائها عليها , شكراً

اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ