الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة -الأرض الواحدة- وأرض -الدولة الواعدة-!

ماجد الشيخ

2010 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أمام مأزق المفاوضات وتسويتها الموعودة، تخطو إسرائيل نحو مجموعة إجراءات تصعيدية ضد الفلسطينيين شعبا وأرضا وسلطة ونخبة تفاوضية، هي في المحصلة، وفي مآلاتها الأخيرة؛ استهداف مباشر لمنع الوصول إلى تسوية سياسية وفق أي خطة أو مقترحات حل من الحلول المطروحة، بل هي تستهدف من إجراءاتها تلك فرض "حل الأمر الواقع"، ذلك الذي يجري ترسيمه يوميا على امتداد الضفة الغربية ومدينة القدس. وأخيرا في غزة، نعم غزة التي سبق وأن أخلاها الاحتلال عام 2005 وفق أجندة شارونية خاصة يومها. وها هو وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان يكشف عن خطة خاصة به، تهدف إلى سلخ قطاع غزة عن سائر الأراضي الفلسطينية، ليصبح بمثابة كيان (فلسطيني) منفصل ومستقل، خارج نطاق مسؤولية الاحتلال القانونية عنه. كما تتجه إسرائيل نحو إقرار مشروع قانون يحول رسميا دون لم شمل العائلات الفلسطينية، ويشترط منح "المواطنة الإسرائيلية" بأداء قسم "الولاء لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"!.

وفي ما يبدو أنه النهج الإسرائيلي الثابت، حتى في مواجهة الحليف الأميركي، فقد استبقت حكومة نتانياهو وصول المبعوث الأميركي جورج ميتشيل في زيارته الأخيرة (منتصف تموز/يوليو)، وكما فعلت مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن من قبل، حين أعلنت عن مخططات هيكلية للبناء في المستوطنات، ها هي تعلن إجراءات تصعيدية جديدة شملت إقرار خطط بناء في إحدى مستوطنات القدس، وترحيل نواب مقدسيين، وهدم منازل فلسطينية في القدس والخليل، وطرد عائلات مقدسية من منازلها، ومصادرة المزيد من الأراضي في الخليل. ولم تكتف حكومة الاحتلال بهذا، بل هي تسعى ووفقا لما قرره المستشار القضائي للحكومة، لما يمكن تسميته "إعادة ضم القدس" للمناطق المحتلة عام 1948، وذلك عبر إعادة العمل بتنفيذ "قانون أملاك الغائبين"، ما سوف يتيح لها الاستيلاء ومصادرة أملاك وأراضي تركها أصحابها، وغادروها إلى خارج أراضي فلسطين التاريخية.

وبدل الضغط أو استمرار الضغوط الأميركية على ائتلاف نتانياهو الحكومي، لوقف البناء في المستوطنات، انتقلت الضغوط الأميركية إلى الجانب الفلسطيني، عبر تجاهل كل ما يجري على الأرض، والدعوة للانتقال إلى المفاوضات المباشرة، حتى قبل أن تنتهي الفترة التي جرى تحديدها للمفاوضات غير المباشرة في أيلول/سبتمبر المقبل، وذلك في تزامن مع انتهاء فترة تجميد البناء في المستوطنات، ودون أن يتضح تحقيق أي إنجاز يذكر في قضايا كالحدود والأمن، كانت محور المفاوضات غير المباشرة.

وبتراجع الإدارة الأميركية عن مواقفها بشكل متواصل، منذ أن وطأت أقدامها أرض البيت الأبيض، تستنسخ هذه الإدارة نهج الإدارات السابقة في منح "إدارة الأزمة" الأولوية، على حساب إمكانية الوصول إلى حلول جدية لقضايا المفاوضات.

في هذه الأجواء المتشائمة والمحبطة، وفي ظل مأزق تشتد حلقاته، تتعدد الخطط والمقترحات الإسرائيلية التي تحاول تقديم ولو بصيص ضوء باتجاه الخروج من مأزق التسوية ومفاوضاتها المباشرة، ولكن بهدف الحفاظ على "إسرائيل قوية" ومهيمنة على الأرض والسكان وعلى المحيط العربي، في تجاوز لـ "حل الدولتين" واقتراحات "تقسيم البلاد"، مع الإبقاء على الاحتلال للضفة الغربية، ومنح "المواطنة الإسرائيلية" لمليون ونصف المليون فلسطيني، وفق وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق موشيه أرينز، وذلك في مقال سابق له دعا فيه إلى دراسة بدائل سياسية للوضع القائم، وكسر مسلمات في السياسة الإسرائيلية، لم يسبق أن أقدم عليها سوى اليمين الصهيوني، بدءا من حزب الليكود وقوى أخرى على يمينه، وحتى قوى استيطانية متطرفة.

وها هو مسلسل تقديم مقترحات، ولو من قبل أطراف خارج الحلبة السياسية المباشرة،.يواصل محاولات تأثيره على مسار الحلول السياسية المطروحة، وبما لا يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، أو إلى ما يسمى تقسيم "أرض إسرائيل"، بل تستهدف الإبقاء على أرض موحدة، و "دولة إسرائيلية يهودية" ثنائية القومية، ودون أن يرقى أي حل مقترح إلى سوية "الدولة الديمقراطية" وفق بعض التصورات الفلسطينية، وإن تشابهت في العموم شكلانية تلك الدولة مع جوهرانية ما قد يصبو إليها البعض، ولكن في ظل "سيادة إسرائيلية" مطلقة، وهيمنة لا تنافسها ولا تبزّها أي هيمنة أخرى فلسطينية أو عربية؛ مصرية أو أردنية على سبيل المثال، استجابة لحل إقليمي وتقاسمات وظيفية "تجنّب إسرائيل تجرّع كأس إيجاد أو الموافقة على دولة فلسطينية مستقلة"، هي في المحصلة نفي لأحادية السيطرة السيادية الإسرائيلية، في نطاق أرض فلسطين التاريخية.

وإذ لاحظت هآرتس أن ما يجري لا يعبر عن معسكر أو تيار سياسي حقيقي، حيث لا يوجد تنسيق بين مجموع الذين يقترحون حلولا بديلة لما يجري، على رغم التشابه في الأفكار، فإن ما يجمعهم على قاعدة تلك المقترحات هو الإبقاء على "إسرائيل قوية ومتحدة فوق أرض موحدة"، حتى لو جرى ضم الضفة الغربية، حيث يفضّل رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين منح "المواطنة الإسرائيلية" للفلسطينيين سكان الضفة، كبديل مما أسماه "تقسيم البلاد". كما ذهبت عضو الكنيست تسيبي حوطبيلي من حزب الليكود في ذات الاتجاه، أي اتجاه "منح المواطنة" ولكن بشكل تدريجي. في حين كان أوري آليتسور المدير العام للمجلس الاستيطاني في الضفة الغربية، ومدير مكتب نتانياهو في ولايته الأولى؛ قد دعا في مقال له قبل عام، إلى البدء بعملية يُمنح الفلسطينيون في نهايتها بطاقة الهوية الزرقاء ورقما أصفر (للمركبات) وحقوق تأمين وطني وحق تصويت في الكنيست. كما أن أميلي عمروسي الناطقة بلسان المجلس الاستيطاني سابقا، تشارك في لقاءات تجمع مستوطنين مع فلسطينيين وتتحدث صراحة عن "دولة واحدة" يسافر فيها ابن المستوطن مع الطفل الفلسطيني في حافلة واحدة.

هذه المقترحات والأفكار التي تتوزع يمين الخارطة الحزبية والاستيطانية الإسرائيلية، والداعية إلى نوع من "الدمج القومي"، تريد القول أن "السيادة اليهودية" على فلسطين، أمر واقع ينبغي تكريسه في "دولة يهودية واحدة"، يسقط عنها قانونيا وحسب الشرائع الدولية، مسؤولية كونها دولة احتلال تمارس تمييزا عنصريا وتقيم جدارا للفصل بين المناطق. ولكن ما دور الفلسطيني هنا، غير التخلي عن أحلام الهوية، واستعادة الوطن، وفقدان طموحه المشروع في السيادة، وقيام دولته الوطنية المستقلة فوق أرضه التاريخية، فهو هنا ووفق المقترحات على اختلافها، يراد له – وهذا ما أرادته الحركة الصهيونية منذ البداية – إلغاء ونفي ذاته على مذبح العيش فقط تحت احتلال مقنّع، على افتراض إمكانية أو قدرة انتهاء الاحتلال بشكله الإجرامي الفظ؟.

تجنيس الفلسطيني في وطنه، ومنحه هوية "مواطنة إسرائيلية"، يا لها من مهزلة لا ترضي أشد المستسلمين المهزومين ضعفا. ها هم في اليمين الصهيوني – كما في الوسط وفي اليسار إن وُجد – يريدون الحفاظ على وحدة الأرض – الفلسطينية – ضد التقسيم مرة أخرى! إنهم يتحدثون عن الأرض الواحدة للدولة الواحدة – الإسرائيلية – وهي التي تملك باع الهيمنة والسيطرة الاحتلالية، فماذا يملك الفلسطينيون اليوم، سوى خيار مرجحتهم تفاوضيا، من دون جدوى. وبالأخير تعالوا نمنحكم جنسية الاحتلال، فلا أمل بدولة لكم بين البحر والنهر، هنا "إسرائيل الدولة الواحدة" التي تتكرم بمنح الفلسطيني هويتها وهوية رمز احتلالها لفلسطين التاريخية، فلسطين التي من البحر إلى النهر، والتي هي حلم الفلسطيني في إقامة دولة ديمقراطية علمانية، ما تني إمكانيتها تسكن رحم المستقبل، هي أرض "الدولة الواعدة" كنفي لـ "دولة الأرض الواحدة" الإسرائيلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه