الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار السيد الوزير -قصة قصيرة

عبد الفتاح المطلبي

2010 / 7 / 25
الادب والفن


قرار السيد الوزير

أرأيت حمارا مجنونا , أنا شخصيا لم أر’ و لا أظن أنك رأيت , كيف يمكن للحمار أن يجن و هو بهذا الشكل الجميل و الجسد المنطوي على غاية مقصودة لركوبه أو وضع أحمالك علية ثم إنه من الأنعام و هذا كاف لحد هذه اللحظة مع علمي الأكيد أن الحمار لا يكون إلا حمارا , فلو بترت أذنيه أو هتمت أسنانه البيضاء الكبيرة أو وضعته في قفص كالأسد فلن يكون إلا حمارا و إن فعلت به ذلك فستكون خسارته فادحة لاستبعاده من تبعيته للحمير و من ثم الأنعام لذلك فالحمار لا بد أن لا يكون إلا حمارا لكنني لا أود خداعكم أو التلاعب بأفكاركم عندما أتحدث عن الحمار بكل هذه اللهفة و الموضوعية دون أن أحافظ في الوقت نفسه على المسافة المحترمة و المحسوبة بيني كإنسان و بين الحمار كحمار بكل ما يعنيه أو يعانيه أي منا , إنها مسافة مؤشرة بخرائط نفسي بوضوح لكنني لا أعلم بالضبط ما يفكر به الحمار حول ما يتعلق بهذه المسافة التي ربماى فكر أن يلغيها لمجرد اعتلاء ظهره أثناء الركوب , إن هذا الكلام لا يبدو مبررا و سيكون عاريا عن غايته إذا لم أسرد لكم القصة من البداية : أنا رجل أشغل وظيفة لا بأس فيها بدائرة شؤون البستنة المعنية بالحدائق و البساتين التي ساءت أحوالها و اندثرت في عهد الوزير السابق و لما كانت الوزارة ممثلة بشخص السيد الوزير الجديد المحترم الذي يدير الوزارة شرفيا لا حرفيا , يديرها عن طريق الوكلاء و المساعدين فهو لا يعرف شيئا عن الزراعة في هذا البلد إلا بقدر معرفة أى مواطن آخر و لا يمثل من فكرة الزراعة و البساتين إلا نقطة أخيرة في الهرم تنتهي عندها قرارات الوكلاء و المساعدين و الفنيين لتنتهي بتوقيعه المحترم , لذلك ود السيد الوزير أن ينتمي إلى الوزارة بكل قوة و يدخل في الصورة دخول الفاتحين و بما أنه خارج إطار الصورة من حيث المهنية و الاختصاص , لذلك أراد وهو رجل مقدام فعلا أن يقتحم ذلك الإطار بجملة من القرارات الوزارية المستقلة تماما عن آراء الوكلاء و المساعدين وكان مدفوعا لأن يكون وزيرا استثنائيا , الأمر كله يهم السيد الوزير , لكن ما يهمني أنا هو واحد من تلك القرارات المدهشة , كان قرار الوزير بسيطا و تافها بالنسبة للمستشارين المتخصصين في هذا المضمار لكنني كنت أشارك السيد الوزير بعظمة و استثنائية قراره الذي يتلخص بإضافة دونم من الأرض التي تقع خلف بيوتنا في ضواحي المدينة , المبنية بطرز حديثة و الممتدة على طول المسافة الموازية لشلطيء دجلة الجميل , و علينا أن نجعل من هذا الدونم بستانا استثنائيا يختلف عن بساتين الفلاحين الصغار على طول الشاطيء , لذلك كان لي بستاني خلف بيتي جعات له بابا بينه وبين البيت ...................................... أكملت زراعة البستان بوقت قياسي كما يجب فكان بستانا بحق ,و في يوم كنت استمتع بالجلوس على كرسيي المفضل في بستاني , أتأمله , أشم عطر القرنفل و روائح الدغل و أتلهف لامتداد شجبرات البطيخ الزاحفة ببطيء نحو غاياتها و تمنيت أن تبلغ هذه الشجيرات غاية عمرها لكي أقطف ثمار البطيخ الذي لا ينضج إلا بموت شجيراته, لكنني و أنا أتفحص جوانب بستاني كلوحة فنية ,اكتشفت أنه ينقصه حمار نعم فكل أصحاب البساتين يملكون حمارا أو اثنين لذلك و تأسيا بأفكار السيد الوزير الثورية وجدتني بحاجة إلى الدخول بقوة إلى عالم البساتين من خلال قرار استثنائي..............................



كقرار السيد الوزير لكنني لو اقتنيت أي حمار سيكون ذلك عاديا و سمجا و لا يكون استثنائيا , وبما أن الفكرة كلها من رأس السيد الوزير إلى رأسي هي فكرة استثنائية فعلى ذلك لا يمكن بالمرة و لا ينبغي أن أحوز حمارا عاديا و علي أن أقتني حمارا مميزا , لذلك أوصيت معارفي بالسعي لحجصولي على ما أريد , وفي يوم ذهبت لزيارة أهلي في العاصمة و لأقضي بعض حاجاتي ثم أعود للضواحي حيث بستاني , لكن هذا النقص الفاحش لبستاني لا يريد أن يفارق خيالي و حيث أن الأهل سألوني عن كل شيء فأخبرتهم عن حاجة البستان لحمار مميز , قالت أمي هاهي الحمير في البساتين المقابلة لحينا لأرضكثيرة و متنوعة فضحكت من قولها و قلت أدام الله بقاءك ياأمي حتى لو وجدت حمارا مميزا هنا كيف لي أن أنقله إلى هناك أأركبه و أمضي به إلى الضواحي فضحكت أمي و ضحكنا جميعا , لكن أبي قال أن له صديقا هناك حيث بستاني في الجهة المقابلة من النهر يمتلك حمارا مميزا فارها سمعته يتحدث عن بيعه فاذهب إليه ,و بعد رجوعي لبيتي و بستاني ذهبت إلى ضفة النهر و رأيت الحمار عبر النهر يقتات الدغل على الشاطيء , كان فعلا حمارا مميزا ............................
في اليوم التالى دفعت ثمن الحمار و عدت به إلى البستان ربطته هناك كما يربط أي حمار و جلست عصرا على كرسيي متمتمعا بكمال الفكرة و تحقيق الحلم , بستان جميل فيه حمار جميل أهناك أروع من ذلك , كنت قد ربطته عند مجرى الماء قرب الدغل يرتع و يلعب , و في يوم على عادتي أتيت لأتمتع بالجلوس في بستاني و إذا بالحمار قد قطع حبله و أكل بطيخي الذي قارب النضج و خرب جزءا من شجيرات الباذنجان و ما استطعت السيطرة عليه إلا بشق الأنفس كما يقال , تعكر مزاجي ذلك اليوم ,لقد التهم حماري بطيخاتي و ذلك يعارض فكر السيد الوزير , ذهبت في اليوم التالي إلى سوق الحدادين و اشتريت سلسلة من الحديد الصلب مربوطة بمغرز طويل يغور بعيدا في الأرض و ثبته في الأرض و طرقت عليه حتى اختفى في الأرض ثم ربطت الحمار , قلت لنفسي الله يعوضني عن بطيخاتي على أية حال لم تذهب بعيدا فهي في بطن حماري . و مر يومان و إذا بحماري قد بال على رأس المغرز الحديدي و أنت تعرف ماذا تعني بولة حمار , إنها تذيب الحديد , لقد كانت فعلة مقصودة من حماري و كأنه يتحداني حيث لانت الأرض التي دققت فيها المغرز فاستطاع قلعه و الذهاب للقضاء على شجيرات الفلفل البارد و الباذنجان المتبقي و الخيار و ما استطعت أن أثنيه عن ذلك إلا و أنا أتصبب عرقا , شكوت ذلك الى بعض أصحابي فنصحوني بربطه خارج البستان , لكنهم لم يفهموا أبدا سبب اقتنائي لهذا الحمار المميز و الذي يتصرف بخبث لا يوجد لدى الحمير , عصرا ذهبت الى حماري كلمته بكلام يليق بحمار مميز , قلت له أمجنون أنت تخرب البستان الذي أنت جزء منه أيفعل ذلك حمار مميز ؟ , رفع أذنيه و نظر الي بمكر ثم أدار مؤخرته نحوي و رمح رمحتين باتجاهي فقفزت مذعورا وتمكنت من الهرب , لذلك أسألكم منذ البداية أرأيتم حمارا مجنونا ؟ أنا ىشخصيا رأيت كنت أعطيه مايريد لا أركبه إلا قليلا بعد غروب الشمس , لذلك سألتزم بتوصيات السيد الوزير الذي انتبه مؤخرا لهذا الخطأ الفادح و منعنا من اقتناء الحمير و رأى أن نقتني نحلا بدلا من ذلك , لذلك فحماري قد عرضته للبيع لكنه قد كبر قليلا و ساءت سمعته بعد ما فعل معي فلا أحد يرغب به أفكر أن أطلقه على الشاطيء ليقتات كما كان يفعل .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة رائعة
جيكور البصري ( 2011 / 7 / 24 - 09:47 )
الصديق الغالي عبدالفتاح المطلبي، زرت بستان ادبك الجميل، واعجبتي هذه القصة الرائعة جدا جدا جدا، دمت مبدعاً

جيكور

اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?