الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرهان البائس على ماذا؟

غسان المفلح

2010 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


استاذنا الباحث القومي العربي حسين العودات، كتب مقالا في صحيفة البيان الاماراتية، يعنوان" الرهان البائس على الغرب" 24.07.2010 يفند فيه مراهنة ما أسماهم" الليبراليون العرب" على الغرب عموما وأمريكا بشكل خاص، في قضية الدفع بالتغيير الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط، وهؤلاء الليبراليون العرب يجمعهم جامع أنهم أتوا من مشارب مختلفة في لوحة المعارضات السياسية العربية، ومنهم مثقفين، ومحترفي كلمة.
وليعذرني القارئ الكريم أننا لا نريد أن نأول في مقالة أستاذنا، لهذا أوردنا استشهادات كاملة من المقال المذكور، يقول العودات" أمام هذه الظروف والشروط الموضوعية أيد بعض السياسيين والمثقفين والمناضلين العرب (يساريين ويمينيين وشيوعيين سابقين) الشعارات الأمريكية وعلى رأسها شعار إقامة الديموقراطية في البلدان العربية، ومضايقة بل ومحاصرة بعض الأنظمة المستبدة والفاسدة في المنطقة. وأخذوا يبررون تصديقهم المزاعم الأمريكية بأن هذه الشعارات هي في مصلحة السياسة الأمريكية أيضاً، وبالتالي ومهما كانت ملاحظاتهم على ماضي هذه السياسة وممارساتها، فإن من مصلحتها الآن عمل ذلك، وعليه فإن مصالح الأمريكيين ومصالح الشعوب في المنطقة تلتقي معاً وتتوحد، وفي ضوء هذا أيدوا سياسة المحافظين الجدد، واخترعوا لأنفسهم اسماً جديداً هو الليبراليين العرب الجدد، ونسوا أو تناسوا جوهر السياسة الأمبريالية ومكوناتها ومفاهيمها التي تعتمد أساساً على المصالح (البراغماتية) وأن مفاهيمهم عن الديموقراطية والمساواة والحرية وحقوق الإنسان هي غير مفاهيمها حيث تؤكد على الدوام فصل الأخلاق عن السياسة، لأن السياسة مصالح وليست مبادئ أخلاقية، وقرروا على أية حال ضرورة التعاون مع السياسة الأمريكية، أو السكوت عن ممارساتها، وانتظروا منها أن تحقق ما وعدت به ومازالوا ينتظرون".
استشهاد طويل لكنه يكثف الموقف التبخيسي لليبراليين العرب كما أسماهم، ويسطحه، بطريقة تجعلهم ثلة من السذج والأغبياء، في فهم السياسة الغربية عموما والأمريكية خصوصا.
وكأن هؤلاء الليبراليون الجدد! لم يكن أبدا بحسبانهم أن السياسات الغربية عموما والأمريكية خصوصا، مبنية على مصالح! حتى جاء من ينورنا بذلك. ولكوني ممن راهنت على هذا التغيير الديمقراطي ولازلت، فوجدت أنني ومن خارج شلة" الليبراليون العرب" وصدقت إدعاءات المحافظين الجدد، ولازلت مصدقا لهذه الإدعاءات، ولكن الذي فات أستاذنا أنه لا يوجد في أمريكا إدارة يمكن أن تبقى من الأزل وحتى الأبد، ولا يوجد في أمريكا ودول الغرب عموما، استراتيجية واحدة وحيدة لا تحول ولاتزول، في إدارة مصالح هذه الدول، فالممارسات السياسية والبيرواقراطية والتكنوقراطية، مختلفة بين عهد بوش الأب وبيل كلينتون من بعده، واختلفت مع الأثنتين إدارة بوش الابن، هذا لا يعني أن هنالك انعدام لثوابت ما، أو ما يشبه هذه الثوابت، ففي منطقتنا، أمن إسرائيل حتى هذه اللحظة يعد من الثوابت، عدم قطع النفط عن العالم يعد من الثوابت، ولكن هنالك من يرى أن أمن إسرائيل يتحقق بظل محيط عربي ديمقراطي، ومعصرن، وهنالك من يرى أمن إسرائيل هو بالتعامل مع المنطقة بطريقة استعمارية بدائية، كنيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي وطاقمه الاستخباراتي- باعتبار أن جل من يعتمد عليهم هم إما رجال استخبارات سابقين أو حاليين، ومنهم من يجد التوفيق بين كل هذه الخيارات، والتعامل معها بمرونة، الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما وطاقمه. حيث يجمع بين سياسة جورج بوش في أفغانستان، وبين سياسة بيل كلينتون في محيط إسرائيل.
يبدو أننا في خلفية وعينا أو في لاشعورنا المعرفي، نتعامل أن العالم كله لديه رؤساء من الأزل وإلى الأبد، لا يحكمهم قانون ولا تشدهم مؤسسات. فيناقش بوش على أنه الأسد.
ولم يقل لنا باحثنا من هو الذي أسقط استراتيجيات المحافظين الجدد، أم أن سقوط الحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية الأخيرة هو مؤامرة بين الحزبين؟
أم هنالك قوى فعلية في كل العالم ومن ضمنه أمريكا ومصالح معقدة وكثيرة وقفت وراء إسقاط هيمنة المحافظين الجدد على القرار الأمريكي، قلنا هيمنة وليس سيطرة.
الليبرالية التقليدية في العالم الغربي، كانت أكثر عداء للمحافظين الجدد من التيار القومي العربي المتلطي خلف الاستبداد العربي، بحجة الخطر الخارجي. هذه مقدمات لا نظن مطلقا أنها تغيب عن أستاذنا، ولكن طبيعة الخطاب وبنيته الرسالية، المشحونة بعداء للفكر اليبرالي عموما، جعلته يشيح الوجه عن هذه الأمور التي تعتبر من البديهات في عالم المصالح والسياسة، وكيفية تنافس المصالح داخل الدول في العالم الغربي.
لا أعرف من هو الذي يفصل الأخلاق عن السياسة؟ هل لأن حفنة من المثقفين الذين يعانون الاضهاد هم وشعوبهم، لجأوا لتبادل المصالح مع الغرب، أم أن فصل الأخلاق عن السياسة الذي ترعاه، ثقافة نظم الاستبداد في المنطقة، في سورية على سبيل المثال لا الحصر:
إن دول الغرب ومنذ عام 1970 وحتى الآن، لم تنهب شركاتها من الاقتصاد السوري شيئا يذكر من النهب الذي تعرض له هذا الاقتصاد حتى حدود الانهيار كما تشير بعض التقارير، من قبل نخب السلطة الحالية.
خيار سياسي مصلحي، كان واضحا، انهزم، وهزيمته لا تعني أنه صائب أو غير صائب سياسيا وأخلاقيا، بل تعني أنه هزم لأن موازين القوى كانت لصالح الأطراف الأخرى التي يمثلها خطاب السيد العودات، بشكل أو بآخر، ولم يهزم لأنه خيار لا أخلاقي او أن الخيار الحالي أخلاقي.
ثمة أمر آخر، أية اخلاق نناقش، أخلاق التيار القومي أم الماركسي أم الإسلامي أم الأخلاق بقيمها المطلقة!؟
هنالك نقطة بسيطة: أنا لا أحسب نفسي على المثقفين الذين يتمسكون بالعلاقة بين الأخلاق والسياسة، فهؤلاء يحتلون المشهد العربي الآن من محيطه إلى خليجه، وإنما أنطلق في ردي من وصفي معارض سوري. ومع ذلك سأقول لأستاذنا، ما هي سبب الانفراجات الديمقراطية في العالم العربي عموما، والتي حدثت في عهد بوش الابن، ويعود الآن أوباما وساركوزي لإغلاقها؟ كنت قد كتبت عن هذا الموضوع أكثر من مقال!
هذا التيار الذي يحاصره السيد العودات، حاول الاجتهاد وفشل، على افتراض انه فشل، فما الذي فعلته التيارات الأخرى؟ عادت وانضوت، من جديد في المنظومة، أو في طريقها للانضواء.
وهل البراغماتية قضية مرذولة في السياسة؟ كما هم" امبرياليون براغماتيون" حاول هؤلاء القلة من المثقفين والمعارضين أن يكونوا براغماتيين أيضا، أم هذا أمر لا أخلاقي، بعرف أستاذنا؟
هنالك مطب ما كنت أتمنى أن يدخل أستاذنا نفسه فيه، وهو الحديث كمثال مرذول، عن مجالس الصحوة العراقية، وكأن من قاموا بهذا العمل أيضا سذج...قاموا لأنهم يرون أن ماتقوم به مقاومة السيد العودات للاحتلال الأمريكي في العراق هو ذروة العمل اللأخلاقي من زاويتهم كعراقيين.
خلينا بسورية، عفوا منك أستاذ.
وحتى هذه اللحظة لامجال لتغيير ديمقراطي، إذا لم يعدل هذا الغرب الآن سياساته، وستبقى المنطقة تتجهة نحو مزيد من الانهيار بفضل نظم الاستبداد المحورية والأستاذ يعرفها، تلك النظم التي تمسك بتلابيب تصدير ثقافة العداء لأمريكا والغرب، والتقاطع مع هذا الغرب وأمريكا لاستمرار نهب الثروات، لا اريد تسميتها، وشركاؤهم في صد الغزو الثقافي الخارجي.
وبالمناسبة إن أكثر من كتب عن أخطاء الإدارة الأمريكية في عهد بوش الابن هم الليبراليون العرب، خاصة الذين لم لم يفهموا الليبرالية، هي علمانية جهادية.
وأنا اتحدث عن نفسي، ربما أخذتني الحماسة كغيري، ولكنني أبدا لم احاول، أن أقول" رؤيتي للمحافظين الجدد رؤية مثقفاتية، بل كنت ولازلت أؤكد على البعد السياسي المصلحي في الأمر، كبعد له الأولوية، في تعاطينا مع السياسة الغربية، لأننا نحن وهم في عالم واحد، مهما حاول الاستبداد والليبرالية التقليدية، ومثقفي الخصوصية القومية والإسلامية أن يبقوا هذه الحواجز الوهمية.
مرة أخرى أستاذي" الغرب هو كل الجهات. وخنادقنا هشة، ومتاريسنا من رمل أنهكته الرطوبة. فعلى ماذا تراهن؟ ونحن لازلنا ننتظر....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن