الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة القلق الفاسي

حميد المصباحي

2010 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


حكومة القلق الفاسي
الفيلسوف يقلق وجوديا،ون ذاته والعالم،فيعيش في زمن كوني،متعاليا أو فاعلا،والمثقف يقلق حضاريا،من مجتمعه وتاريخه،يعيش الأرق،وهو يحمل عبئا جماعيا،فكيف هو قلق السياسي؟وكيف يقلق السياسي المغربي؟
يقلق السياسي خوفا على حزبه من الفشل في تدبير شؤون المجتمع،وفقدان السلطة،عمل جاهدا للفوز بها،فهي ما يؤكد به،صحة مشروعه الحزبي سياسيا،وإن كان معارضا،فهو مهووس بتحويل خسارات خصومه إلى ربح،ليغدو بديلا له،السياسي قلق من سلطة الغير،أو طامع للحفاظ على سلطته،لأن الحكم لحظات،تورث صاحبها الرغبة في العيش بسطوة،هي مجده،بل وجوده،الذي يدافع عنه،بالفكر والعمل،والتحالف وحتى الصراع إن اقتضى الأمر ذلك،لكن قلق الساسة يختلف باختلافهم حسب الحضارات والتاريخ والدول.
لم توجد في تاريخ المغرب السياسي،تعاني كل هذا القلق،كحكومة عباس الفاسي،فكل وزرائها،رغم اختلاف توجهاتهم وأحزابهم قلقون،من وجودهم السياسي،لأنهم لم يستوزروا بقوتها،فهي اقترحتهم لكنهم اختيروا بقوة غير حزبية،ولن يطبقوا إلا برامجها،فهم يشكلون حكومة يردد وزيرها الأول دون ملل،أنها حكومة الملك،مما يدفع أحزابها،إلى التعامل معهم بحذر،فليست لها ضمانة كافية لامتثالهم لكل قراراتها،تجاه الحكومة،كالإنسحاب منها ،وأقصى ما يمكن فعله هو تلك المناوشات التي تقع بينهم،فقد دعا مثلا الأموي ممثلي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل للإنسحاب من الغرفة الثانية،لكنهم كسروا القرار،فكيف سيكون رد الوزراء أو بعضهم إن دعتهم أحزابهم لللإنسحاب؟
فقد وعد عبد الواحد الراضي وزير العدل حزبه بتقديم استقالته،من الحكومة إن انتخب أمينا عاما للإتحاد الإشتراكي،لكنه تناسى ذلك،امتثالا للسلطة العليا.
أما المفاجأة الكبيرة،فهي مغادرة الأصالة والمعاصرة المتمثلة في سحب دعم حكومة عباس الفاسي،والإنحياز إلى جانب المعارضة،و هو تاكتيك سياسي،إن لم يربك الحكومة،فقد أربك أحزاب الحكومة السابقة،خصوصا اليسارية،التي طالما راهن مناضلوها على العودة للمعارضة،لكن قياداتهم خيبت آمالهم واستمرت في التعايش مع حكومة قلقة،في وجودها واختياراتها،خصوصا بعد انفراط تعاقد حزب الأصالة والمعاصرة معها لحساباته الخاصة،المتمثلة في عدم دعم الحكومة،لن يجدي الدفاع عنها،لضعف إنجازاتها،في ملفات مهمة،كالمجال الإجتماعي،بما يعانيه من اختلالات في التشغيل،والزبونية والتفاوتات الإقتصادية والزيادات ستجعل كل إنجازاتها الأخرى باهتة،وربما بدون معنى،وهنا يستعد حزب حزب الأصالة والمعاصرة لتقوية ذاته في المعارضة،استعدادا للإنتخابات التشريعية بعد سنوات،منبها الحكومة،إلى أن حقائبه الوزارية دون حجمه السياسي وأنه ليس حزب الملك كما زعم خصومه،في الحكومة وخارجها،وأنه حزب بانضباط فرقه لقراراته وربما حتى وزرائه،وبذلك يكون قد رفع وتيرة الحراك السياسي في وجه حكومة القلق التي يقودها السيد عباس الفاسي،كوزير أول،مستعد لفعل كل ما يبقيه وزيرا،ويضمن دعم حزب الإستقلال له،باعتباره أمينا عاما له،يمثله،دون أن يطبق برنامجه،نكاية بيساريي الكتلة،المصطفين خلفه،والمعنيين بنجاح الحكومة أو فشلها،وإن دافعوا عنها فهم حتما يدافعون عن وزيرها الأول،ويجددون دماء حزب الإستقلال،حليفهم في الحكومة،وخصمهم المحتمل في السياسة والنقابة،وربما في البرلمان بغرفتيه،لتعميق قلق الحكومة ليمتد فقط لأحزاب الكتلة اليسارية أكثر من غيرها،فهم المعنيون بفشلها في تدبير كل ما هو اجتماعي،من صحة وتعليم وشغل.
لكن السؤال الملح،هو،كيف ستواجه مكونات الكتلة اليسارية،التقدم والإشتراكية،والإتحاد الإشتراكي،حزب الأصالة والمعاصرة كمعارضة؟ إن دافعت عن حكومة عباس،فلن يكون دفاعها مريحا،حتى إن ركنت إلى فكرة الإصلاح السياسي المعول عليها إ، إن تحققت بأن تصير إنجازا تاريخيا كالتناوب السياسي،الذي جنب المغرب الكثير من الويلات،وأن يواجه الإتحاد الإشتراكي كقوة سياسية بإسلاميي العدالة والتنمية وحداثيي الأصالة والمعاصرة ويسارييه،ليس سهلا،ولن تكون نتائجه مضمونة لصالحه،تجاه خصمين متنافرين،إن لم يعمل على تحييد أحدهما وفق حساباته السياسية،وليس حسابات حزب الإستقلال،أو التقدم والإشتراكية أو حتى اليسار الموحد،القلقون على الحكومة أصلا،لقلقها منهم،بفعل ضعفها وغياب استراتيجييها المؤسسين،خلف الرهانات التحالفية مع بعضهم،أو التحاملية على الإتحاد الإشتراكي،الذي لم يعد من المقبول حاليا إضعافه كقوة اشتراكية مهما كانت درجة الإختلاف مع توجهاته السياسية،وابتعاده عن الفعل المعارض لاختيارات الدولة وحلفائه في الحكومة وانزعاجه من خطابات اليسار والفعاليات الديمقراطية.
حميد المصباحي عضو اتحاد كتاب المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية