الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوءة شهرزاد 3 (الأخيرة)

زياد صيدم

2010 / 7 / 27
الادب والفن


ح3 / الاخيرة

مع استمرار نبوءة شهرزاد.. وسردها لحكايات قادمة عن تردى أحوال بلاد العرب والمسلمين..كان شهريار ينام على ألم يعتصر قلبه.. ينتظر بارقة أمل منها، كي يعيد توازنه المهدور، كعبراته المنهمرة لشدة تأثره..حتى أصبحت مقلتاه كقطعتي جمر ملتهب..
كانت هذه الليلة متميزة عن غيرها.. فشهرزاد تبدو مبتسمة.. كأنها تخفى مفاجأة طال انتظارها منه..هكذا كان يحس في قراره نفسه حين رمقها في ليلة حاسمة.. استهلتها بسؤال مولاها عما كان يريد الاستفسار عنه ليلة أمس.. عندما قطع أفكاره صياح ديك الصباح.. وبقى عالقا في ذهنه .. فأجابها متسائلا:
- هل تقصدين بالعربات الفارهة، تلك المجرورة بالخيول والمزينة بالحرير؟؟
- تضحك شهرزاد: لا يا ملك الزمان ..إنها عربات من الحديد، تسير بأسرع من الخيول، تحركها قوة موتور رهيب ؟ يعمل بوقود البترول.. يبدى استهجانه من جديد! يضع يده أسفل ذقنه تارة، ويحك بسبابته فروه رأسه تارة أخرى.. مذهولا بما سيكون عليه الحال في زمان قادم.. لكنه لا يتوقف طويلا، فيومئ لها بان تكمل حديثها.. فقد فاض به الصبر ..فهو يبحث عن بارقة أمل تطفئ لهيب قلبه وفكره..
- نعم مولاي.. يحدث هذا بينما يكون الحصار شديدا على الناس .. فيعلنون الهدنة مع أعداءهم بشكل صامت..بلا ضجيج أو تصريح! وينعم في حينها الأعداء بالهدوء والأمن في ديارهم، وعلى حدودهم.. بينما عامة الناس، لا يجدون غير الشقاء، ولقمة عيش مغمسه بالذل والهوان.. ويسود الكساد والبطالة.. ويتراجع التعليم والصحة ..سيقامرون بوحدة الشعب، وتوحيد قوتهم لتحرير المقدسات .. سيتلهون بإضاعة الوقت أملا في تحريك ملفات لم تغلق بعد؟ في دول ليست بالبعيدة، تسيطر على تفكيرهم وتصرفاتهم الرهينة لديها..ستمر السنين ثقيلة.. وتنعدم كل الفرص بتوحيد الأمة و لم شمل شعب بلاد المقدس ..
- يقاطعها شهريا : كيف يكون هذا ؟ أوضح بالله عليك.. كان وجهه يمتلئ بالحيرة والدهشة..
- إنها أيادي خارجية يا مولاي.. تغشى بصرهم، وتعمى بصيرتهم..أيادي تعمل وفقا لمصالحها ..فيضيع القوم مصالح أمتهم وشعبهم إرضاءً لهم !..
يقف شهريار من جديد على قدميه..يبدأ في التجوال في غرفته الفسيحة.. يحرك يديه راسما علامات الدهشة، يمعن التفكير..ثم يكتسح وجهه حزن شديد.. وتحمر عيناه قهرا ..
فيتساءل: وهل من نهاية مفرحة للأمة بعد ذلك يا شهرزاد؟ هل من بريق نور بعد ظلام؟ أم هي نهاية المطاف، وقيام الساعة !!
- سمعا وطاعة يا مليكي.. سأجيبك سؤالك في الحال...لكن....
- ماذا ؟ هل تخفين أمرا ؟ أريد سماع الحقيقة كاملة كما هي..
- مولاي امنحن الأمان على ما سأقصه عليك إن كنت تبتغى الحقيقة !..
- لك هذا ..أكملي، ولتكن هذه النبوءات آخر ليلة اسمعها، فلم اعد احتمل بحق السماء..
- مولاي..أبشرك بخروج زعيم قوى من رحم المقهورين.. سيلتفون من حوله..ويبدأ في ترتيب أمور الناس.. فيصدقهم ويصدقونه.. يعلن الجهاد المقدس بعد أن يكفل لهم غذائهم من خيرات أراضيهم الزراعية الوفيرة..ويسخر ثرواتهم لخزينة الدولة الواحدة.. فينفق منها على تقوية الجيش، ينشر العدل بين شعوب العرب جميعا ..فتقوى شوكتهم.. وتزيد هيبتهم..يعلى صروح العلم، فيظهر العلماء منهم، وتصبح الأمة موحدة على هدف واحد، وقلب واحد، فيحررون القدس ويطردون المستوطنين الغاشمين إلى حيث جاءوا .. كما ستعود بغداد منارة علم وعزة.. حتى إذا ما اشتكى عربي في المغرب، تداعت له العرب في المشرق...
يتنهد شهريار..يهدأ روعه.. تستقر نظراته.. ينعم بهدوء وراحة..فيطالب شهرزاد بالاقتراب منه أكثر ليضمها.. يداعب خصلات شعرها الحريري.. يتلمسها بحنان.. فجأة، يصيح ديك الصباح.. فتبتعد شهرزاد.. وتصمت عن الكلام المباح.. لينام شهريار هذه الليلة هانئا، والبسمة تعلو محياه.. فتهيأ مرقدها إلى جواره كعادتها في كل ليلة ..وتخلد لنومها..
لكنها قبل أن تذهب في سباتها.. تنظر إلى السماء وتبتهل.. تتمتم بكلمات تناجى ربها ..تستجدى الشفاعة والغفران ؟! وتغرق في بحر دموعها ..قبل أن يغلبها النعاس !
- انتهت -
إلى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال