الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما قاله صديقي الميت

خيري حمدان

2010 / 7 / 27
الادب والفن


خيري حمدان
ربما كنا نخشى نظراته المتحدية، كان ينظر في الفراغ بعناد غير مسبوق. لا يرمش، لا يدمع، لا يتأوّه! إنّه بالتأكيد قد فارق الحياة.
سارعنا بإغلاق عينيه خوفًا من نظراته بالطبع، كنّا نخشى انعكاس تلك النظرات، ومعرفة ما ينتظرنا خين تدقّ الساعة، كنّا نرغب بالهرب من ذلك الموعد الذي سيهز كياننا للمرّة الأخيرة. لكنه لم يعرنا أدنى انتباه، كان يرقد صاحبي بلا حراك، لم يعترض حين أغلقنا عينيه، بل ربما حاول في تلك اللحظة أن يسخر في سريرته، وقد يكون قد فعل ذلك دون أن ندري. كان صاحبي يحاول أن يفتح أعيننا في الوقت الذي أغلقنا عينيه! كان يحاول أن يداري مخاوفنا في الوقت الذي خفنا صمته وغيابه الشرعي. كان يرجو ثرثرتنا خوفا من صمت أبديّ ولن نفعل. كنّا حقيقة نقرأ حالة الغياب بحضورنا الوجل، وكنّا نحاول أن نعلن حالة من العصيان دون نتيجة تذكر.
كنت أنتظر رسالة من ميتّ واستلمتها، وصلت تلك الرسالة دون ساعي بريد، وصلت بعد طول انتظار، لم أحاور صديقي الميت خلال حياته كما حاورته اليوم وهو يرقد أمامي جثة هامدة!
قال لي: دعني أذهب وانظر إلى الخارج، هناك حيث المطر يبلّل ثوب الأبديّة. أنا الماضي وأنت المستقبل. كان بودّي يا صديقي أن أتحرر من رداء الصمت وأمضي نحو فضاءات الزمن وأسراره. كان بودّي أن أنعتق من صيرورة المستحيل وانسياب الحياة نحو منابع الشرق! قرأت رسالتك الصامتة وتطيرت من التطير ثم مضيت نحو الأفق. بقي أن نسكب بعض العطر والحنّاء خوفًا من روائحنا الخاصّة، ثمّ نودعك التراب ونمضي حيث كان طيفك يسمو فوق الثرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي