الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة اولى في ((ارض الزعفران)) المجموعة القصصية للقاص حميد الحريزي- بقلم الناقد عبد الرضا جباره

مجلة الحرية

2010 / 7 / 27
الادب والفن


قراءة أولى في مجموعة (أرض ألزعفران) للقاص حميد الحريزي
الناقد عبد الرضا جبارة
توشك مجموعة حميد لفتة الأخيرة ( ارض الزعفران ) إن تكون قصة واحدة من نوع فريد ... قصة متكاملة الحلقات متغايرة الوجوه والتجليات متعددة المعاني والدلالات برغم إنها تشتمل على مجموعة قصص جديدة تمتد أحداثها إلى منتصف الخمسينات من القرن الماضي فتعدد القصص وتنوع التجارب والعوالم لا ينفي ولا يحاول حتى إن يخفي عنصر الوجوه الذي يجعل هذه المجموعة إضافة جوهرية إلى عالم حميد لفته على صعيدي المعنى والمبنى على السواء , وهي كما تبدو شديدة الالتصاق بعالم كاتبها الفني والمضموني وبالعالم الواقعي الذي صدرت عنه في الوقت نفسه وهو العراق في تلك العقود حيث تقلقت فيه اعتي الرواسي واختلت القيم وتزعزعت المعايير وزلزلت المكانات والأدوار , وهذا التجاور الدال بين المتناقضات بين يأس وأمل من ناحية , والمتشابهات من تقلقل واختلال وتزعزع وزلزلة من ناحية أخرى يناظره تجاوره أساسي مماثل في عالم المجموعة الداخلي وفي جدل العلاقات المتشابكة بين جزئياته أو حلقاته . أو فلنسميها ( أقاصيصه نشئت وبين مكونات كل واحدة فيها , سأحاول أن اكشف بعضا عنها ومن البداية فاني افترض أن الصدفة أو العفوية لا وجود لها في عالم النص عند حميد لفتة فلكل شيء أو كلمة أو شق معناه وأهميته ودوره وقصد يته عنده , وإذا كانت تأوله الكشف عن طبيعة أو بالأحرى عن وجود ( هذه القصدية ) فان هذا لا يعني بالضرورة اعترافا بانتهاج أي مدخل تأويلي أو تفسيري لأدبية النص في المجموعة ولكن ما أهدف إليه في هذه المحاولة هو الكشف عن كيفية تكامل المجموعة وطبيعة محاولتها لانتزاع قناع الألفة عما هو يولي ومألوف بحيث يتبدى لنا وكأنه اغرب الغرائب وأكثرها بعدا عن القبول أو حتى التصور ونوعية القيم الجمالية والتي تستطيع بها إن ترهف إحساسنا بالحياة وان ترقى متعتنا وتقديرنا لأطايبها, لذلك كان طبيعيا ونحن إزاء أنماط قصصية ذات مستويات متعددة من التنميط أن ندخل شبكة من الأنماط فيها علاقات جدل خصبة , فالقاص يمنح البطل – كينونة آدمية ويستنطقه في تحاور إنساني في قصة ( نداء طائر الحجل ) يقول ( أتعلم يا عنيد إن فرهود كان يشكني بـ ( سيخ ) ) من العديد حينما تعاف نفسي ما يرميه علي من أكل وحينما التف على نفسي غير قادر على حركة أجنحتي ولا مزاج لي للزقزقة كما كنت افعل حينما أنط خلفك ونمرح في البستان والمرح الأخضر الجميل ألا تذكر يا عنيد ) .. وإذا ما تناولنا هذه الشخصية سواء في هذه القصة أم في بقية القصص باعتبارها رمزا فنيا لانهيار هذا البناء المتشابك من التصورات النمطية المسبقة أو حتى لعملية تبادل الأدوار وتغاير المواقع فإننا سنجد إن الكاتب قد حاول في كل شخوصه إن يمنحها ثقلا دلاليا يدين من خلاله منظومة القيم البالية المهيمنة على الواقع آنذاك . وأخلاقيات تلك المرحلة القائمة على ( الكبح والقهر .. والاستلاب ) فطائر الحجل يمثل برهافته ( الضحية ) المفعمة بالمحبة والسلام والعطاء في مواجهة الجلاد والجبروت والقمع السياسي وبالأسئلة الإنكارية ( أتعلم إن فرهود ابن الشرطي وضعني في قفص ضيق نتن واخذ يطعمني بقطع من اللحم والسمك ظنا منه إني من أكلة اللحوم مثله ) فالقفص هو رمز الزنزانة – ( يقول أتعلم يا عنيد إن فرهود كان يشكني بسيخ من الحديد حينما تعاف نفسي ما يرميه علي من أكل ... وحينما التف على نفسي غير قادر على حركة أجنحتي ولا مزاج لي للزقزقة ) فسيخ الحديد هو رمز للسوط والهراوة عند الجلاد .. يقول ( أتعلم إن فرهود يخرجني من القفص ويرميني في زنزانات الجلاد ) أتعلم يا عنيد إن وحشيته وساديته بلغت به إن يلهب ذنبي وظهري بعود مشتعل ) فهو أسلوب آخر من أساليب التعذيب والدموية التي يمارسها الجلادون مع ضحاياهم ) يقول ... أتعلم انه كان يمسكني من عرفي ليجعلني أتدلى ملتفا حول نفسي ) تأكيد آخر على دموية الجلاد ) , أتعلم إن رأسي بين فكي كلب يا فرهود وجسدي يشوي فوق نار تنور يا فرهود ) تعبير عن الاستخفاف بإنسانية الإنسان ) وهكذا وظف حميد لفتة السرد في محاولة لاستيطان حالة أبي إسماعيل و ( مشمش ) و ( عنيد ) انسجاما مع دلالات المكان والحياة في الريف , إما البنية الدلالية الثانية في المجموعة فنلحظها من خلال ( رمزية الكلب ) وفي قصتي ( غيرة كلب ... وكبرياءه.ب ) حيث تبدو رمزية الكلب كإحدى الشواخص القصصية في المجموعة حيث تتحرك الشخوص بامتلاء ضمن متغير دائم يحقق القاص مثله الإنساني والفني في ترميز التي توزعت بين غيرة .. وكبرياءه ... وكأن الكلب صار الامتداد الطبيعي للإنسان بوفائه وإخلاصه وانسلاخه من مكنوناته وقدرته على التآزر مع الآصرة الاجتماعية وهو رمز من رموز الالتصاق بالجذور أيضا لذلك فان التسمية التي اطلها الكاتب حميد لفتة على هاتين القصتين في مجموعة ارض الزعفران تقدم لنا مفتاحا أوليا لهذا الخطاب القصصي على صراعات داخل المتغيرين (( الإنساني .. والحيواني )) تلفت انتباهنا بشكل ملحوظ , فهي أداة صراعية لتحقيق غاية النفس البشرية اللا محدودة بدورها – وربما حتى الاستئثار من خلال (( حمود .. وكمرة ) يقول القاص في قصة ( كبرياء كلب ) كان يوميا كلبيا مشهودا له في القرية حين توجته ( كمرة ) الجميلة الفتيه البيضاء بتاج عرش المحبة والغرام رغم انف عشرات الكلاب الطامعة برضا وكسب مودتها لقد كان ( حمود ) بذكائه فوطنيته ولياقته وإقدامه لا يدانيه احد في امتلاك ( كمرة ) – وفي قصة ( غيرة كلب ) يقول – هز مسرور ذنبه ورأسه إعجابا برجاحة عقل ودراية حبيبته ( فتنه ) وغاب في حلم وأطياف وتخيلات – مكشرا أنيابه مهددا عشرات الكلاب ) ومقابل هاتين الوحدتين لقوم الوحدة المركزية للسلطة في هذا المركب والمتغير الحيواني . فوحدة الكلب تستند إلى مراجع متجانسة , ثم بعد هذه الوحدة المؤقتة بين الكلبين ... تواجهنا وحدة أخرى هي الصورة الرئيسية لهذه الوحدة المنكسرة المرموز إليها بضياع الكلب في المدينة أو انجذاب ( فتنه ) إلى كلاب أخرى , فالحدث الرئيسي ينطلق من فلسفة الانشطار وافتراق الكلبين كرمز لتباعد أو انكسار القوة الموحدة بضياع حمور وانجذاب فتنه خارج موقعها ودورها التقليدي , ومن هنا من خلال المتغيرين (( الحيواني .. والإنساني )) ومن خلال الانتقالات في الحيز المكاني والجغرافي عند العائلة ( من أم حلانة .. وشط العزامية .. وشط المجيهيلة ) أفرزت لنا أكثر الأسئلة رهافة وأهمية في الوجدان الإنساني وهي يمين السلطة .. فكأن السلطة لمن استولى عليها وكأن الأرض لمن يزرعها – وفي المحور الثاني يشكل المرموز في كبرياء كلب ... تدامج المتغيرين ( الإنساني .. والالوجود. واشتراك البشر والحيوانات في الحياة ... وفي الصراع من اجل البقاء ( تنازع الوجود ... وتنازع السلطة ) . وفي قصة (( ماي العروس )) تتداخل الشخوص ويتوحد الزمان والمكان فالأحداث تكتسب أهميتها الدلالية من الأمكنة المتعددة التي يشيد إليها الراوي ( الدجه . قرية العزامية . هور النبي محمد . صاحب القبة الخضراء .. ومن هذا المكون الدلالي يمتد الفعل القصصي ليتنامى عبر الشخوص والأشياء (( مالح , سكنة , محمد سعيد )) وتترادف مع هذه الشخوص .. دوال أخرى تشكل مدلولات أدبية النص وتمنحه افقأ مفتوحا مثل ( هند اله , كله , زرافات , أبو زريده , خبز المحرش , شط , البلبل , العثك ) وبناءا على هذا الترادف السردي تتعدد مستويات الروي بوصف القصة تنتمي إلى ما يسمى بــ القصة الوصفية والمنهج الوصفي يعتمد على تحليل جزئيات الأشياء والتعامل مع الواقع بإشكال وطرق متنوعة لذلك فان حميد لفتة في هذه القصة اعتمد على طابع البحث داخل الأشياء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان ويل سميث يتحدث لصباح العربية عن ردود الأفعال على زيار


.. صباح العربية في لقاء خاص مع أبطال فيلم Bad Boys




.. نبيل الديراني: بالثقافة والفن نعزّز الاندماج والتواصل والانف


.. فنانة فرنسية تبرز جمال أزقة سوريا القديمة في لوحاتها




.. ضيعت فرصة عمرك عشان حلم التمثيل؟!.. شوف خلاف الرأي بين حسن م