الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة صيد مع إبني الى إحدى البحيرات.... ويا مدلولة شبقة بعمري !

أمير أمين

2010 / 7 / 27
الادب والفن


اليوم هو الثلاثاء..كان الجو حاراً الى حد ما .. كنت أفكر أن عطلة نهاية هذا الأسبوع ستكون من نصيبي من ناحية إصطحابي لطفليّ ماريو وموناليزا ، حسب الإتفاق

المبرم مع الجهات الرسمية والتي حددت لقائي بهم كل إسبوعين مرة ، وهم يسكنون مع أمهم في مدينة أخرى تبعد عني مسافة ساعة بالقطار ... رن جرس الهاتف ، تناولت السماعة ، كان إبني ماريو على الجانب الآخر يبدوا مغتبطاً كثيراً وهو يخبرني بأنه يستطيع أن يأتي نحوي غداً بدل الجمعة وبهذا فأنه يمكن أن يمكث عندي خمسة أيام بدل ثلاثة..ثم أردف فرحاً : بابا منى ما راح تجي !! ثم أضاف إن إختي مشغولة بعيد ميلاد صديقتها وهي إحدى المدعوات الى الحفل الذي سيقام في أحد الفنادق ، لم أقتنع بالمبرر وخاصة وأن إبنتي لم تكمل عامها العاشر بعد ! وطلبت منه أن أكلمها وعرضت عليها عدد من المغريات كالذهاب للبحر أو لمدينة الألعاب أو للسينما وغير ذلك لكي تعدل عن فكرة الذهاب الى حفلة صديقتها ، لكنها كانت تضحك وتعتذر بنفس الوقت بأنها أعطت كلمة الى صديقتها بالحضور وإنتهى الموضوع! وإستسلمت للأمر الواقع بحزن ولكني طلبت أن أراها في المحطة حتى لا تنقطع عني مدة طويلة ، فرحبت بالفكرة بفرح ، والتقينا وكانت تقبلني بحرارة غير إعتيادية، لأنها كانت تحس بعذاب الضمير وأخذت كيس الحلويات الذي جلبته معي لها وغادرت وعلامات الحزن كانت لا تفارق مقلتيها ، بينما إنطلق القطار بنا أنا وإبني الى العاصمة كوبنهاكن، وأخبرته في اللحظة، بأنني سوف أصطحبك غداً في رحلة صيد الى إحدى البحيرات ! فرح كثيراً معقباً : ستكون سهلة لا سيما وأن أختي ليست معنا !!وقال : بابا يجب أن نصطاد هذه المرة لأنك في العام الفائت أخذتنا للصيد ولم نكسب شيء ! وهو يتذكر الأسباب غير المقنعة التي تحججت بها أمامهما من أن هنالك تيار للهواء يعرقل الصيد أو أن رجلاً أخذ مكاني الذي كنت معتاداً على الإصطياد به فقط ..!! ،أو أن العجينة رخوة وتسقط من السنارة..الخ ! ثم وعدته خيراً ، نهضنا صباحاً وشرعنا بتحضير أدوات الصيد وعملنا عجينة جيدة طعمتها قليلاً بالكاري الذي تجذب رائحته الأسماك! وقمنا بملأ دواليب دراجاتنا بالهواء ثم أخذنا معنا الماء والفواكه وإنطلقنا ، كل بدراجته.. كان ماريو يبدوا في منتهى السعادة ونحن نقود دراجاتنا بإتجاه البحيرة فتارة ما كان يسبقني لأنه يعرف مسار الطريق وأخرى يناديني : بابا إنت الأول!.. قدت دراجتي في شوارع العاصمة الدنماركية لكني ذهبت بعيداً في التفكير حتى وصلت الى العاصمة الحبيبة بغداد .. فكرت بتلك اللحظات التي إختلط بها ضحكي بالبكاء !! وأنا أتصل تلفونياً بإبني الحبيب من بغداد الجديدة كما وعدته بذلك حال وصولي الى العراق ، كان يصرخ بشدة محذراً إياي من مغبة البقاء طويلاً في بغداد خوفاً علي من الإرهاريين القتلة !! كانت صرخات طفولية بريئة : بابا روح للناصرية أحسن ! لا تبقى في بغداد هواية ! الناصرية ما بيها إرهابيين !!كان يردد هذه الجملة عدة مرات ولم أستطع تكملة المكالمة معه لأن ضحكي تحول تدريجياً الى النحيب ! ولكني أتذكر أنني أكدت له بأنني سوف ألتزم بنصيحته ! شعرت بالألم وأنا أفكر بتلك المكالمة وكيف أن إبني الذي ولد في الدنمارك ولم يعرف إلا الشيء القليل عن بلدي العراق ، كيف توصل بمستوى تفكيره الى أن يدرك أن المدينة التي ولد بها والده هي أكثر أماناً من العاصمة بغداد ! بحيث كان يحذرني من مسافة آلاف الأميال بأن أقصدها فوراً تاركاً بغداد ! التي أصبح الناس بها تقتل بعضها الآخر دون رحمة أو دون سبب وجيه !
وصلنا الى البحيرة وبدأ تيار الهواء يبعد السنارة والخيط الى إتجاه آخر ، أخفيت فرحي بذلك قائلاً لنفسي : أن هذه حجة جاهزة إذا لم أستطع الصيد سأتعلل بقوة تيار الهواء! لكن إبني لم يقتنع بها في نهاية الرحلة ورجوعنا بخفي حنين قائلاً : أن الهواء كان عادي هههه ! فبدأت أشرح له بطولاتي !! في الصيد في الناصرية وأيضاً في كردستان، كان يستمع لي ولكن بنصف قناعة ! وكأنني تذكرت شيئاً مهماً فقلت له : بابا أنا لا أعرف الصيد بالعجين لأنني كنت أصطاد السمك بالصرصر ! ولم يدعني أن أكمل العبارة حتى طلب مني بأن أعيد على مسامعه الكلمة ثم أراد شرحاً لكلمة صرصر التي تصورها مادة تشبه العجين !! فقلت له أنها حشرة تشبه الجراد ! إستغرب أكثر وأراد توضيح كلمة الجراد! بالوقت الذي طلب فيه مني أن أستبدل المكان وآلة الصيد في المرة القادمة وقال : يجب أن نشتري الديدان ونصطاد بها لأن الأسماك تحبها كما وضح لي ذلك ، ولم ينسى تساؤلاته عن الصرصر والجراد وغيرها !ولكني حاولت أن أغير الموضوع متذكراً شيئاً من الماضي السحيق، إلتفت اليه قائلاً :بابا في إحدى المرات إصطدت أكثر من عشرين سمكة ولم أستطع من حملها الى البيت فوجدت صفيحة قديمة كانت مركونة على جانب نهر الفرات ووضعتها فيها وعدت فرحاً بهذه الأسماك الى بيتنا وكانت وجبة عشاء لجميع أفراد عائلتنا ! وتابعت حديثي الذي كان شيقاً جداً بالنسبة اليه وخاصة حينما وضحت له من أن ذلك جاء بفضل ثلاثة شباب قاموا برمي حصان ميت من فوق جسر الناصرية الى النهر ، الذي إستقر قريباً من موقع إصطيادنا !!! لم يدعني أكمل وطلب مني أن أضع كل شيء في مكانه وأعيد ما قلته على مسامعه بهدوء وروية ! لأنه لم يعد يركز على معرفة ما حصل وكأنني أحكي له قصة مرعبة أو جريمة قتل لحصان بريء !! وكان يستفسر مني حول ما حصل إنسجاماً مع نمط معيشته وتفكيره في الدنمارك وسألني عدة أسئلة : منها من قتل الحصان ؟! هل هم إرهابيون! وهل عرفت بفعلتهم الشرطة ! ولماذا رموه بالنهر ولم يقوموا بدفنه حسب الأصول؟! أسئلة كثيرة ومتسارعة قام بطرحها علي، وإستنتج من خلال إجاباتي أن بلدنا لا يوجد به قانون ، ناهيك عن إنعدام الإنسانية ! بعد أن شرحت له أن الحيوانات عندنا إذا ماتت أما أن ترمى في أي مكان أو أن تحرق في أحسن الأحوال ! شعر بالألم لقصة الحصان وتألمت لمسألة سردها له ولكني وضحت له من أن الأسماك ستنهش لحم الحصان خلال مدة زمنية وجيزة ثم ينتهي كل شيء ! .. أسرعنا بالعودة للبيت ، وضعنا الدراجات في مكانها المخصص لها ودخلنا الى شقتنا والتي تقع في الطابق الأول ، توجه إبني الى التواليت للتبول وفوجئت بأنه كان يدندن بأغنية ( يا مدلولة شبقة بعمري !! غير الألم والحسرة !! ..الخ المقطع الأول ) وحينما إنتبه الى مراقبتي له ، بدأ يضحك ويكرر كلمات الأغنية طالباً مني تبديل كلمة مدلولة بيا مجنونة لأنها حسب زعمه أسهل ومعناها مفهوم !! صدمت حقاً لهول المفاجئة قائلاً له : من أين عرفت هذه الأغنية ومتى سمعتها ؟! فقال ضاحكاً : بابا ، هل نسيت ، إنك طيلة الطريق الى البيت وأنت كنت تغنيها وبصوت مسموع ! بينما كنا أنا وأنت نسوق دراجاتنا وأنا حفظتها منك وهي أغنية حلوة!! ورجاني أن أستبدل بعض كلماتها لكي تكون أسهل ، وتذكرت بعد حين الى أنني فعلاً كنت أغني هذه الأغنية ولكن بألم وبدون وعي الى أن وصلنا الى بيتنا ! و حينما عرفت بأنها نالت إعجابه وهي للمطرب الفقيد سعدي الحلي ، قمت بفتح جهاز الكمبيوتر ومن خلال الأنترنيت أسمعتها له عدة مرات ، وحينما عاد في المرة القادمة كانت إخته الحبيبة موناليزا قد حفظت بعضاً منها وكانت تغنيها بفرح طفولي وبإستمتاع !.وكانت أيضاً متفقة معه في تغيير كلمة يا مدلولة ! وإستاءت بعض الشيء لأني أخبرتها بوفاة المطرب وعدم جواز تغيير أي شيء دون علمه وأخذ موافقته !! فإستسلما للأمر دون نقاش ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟


.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية




.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا


.. أون سيت - ‏احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا




.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا