الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكيم فرحان باقر والطب العراقي المعاصر

جواد الديوان

2010 / 7 / 28
سيرة ذاتية


طوى النسيان الدكتور فرحان باقر في ذاكرة الاطباء من طلابه، ولم يسمع به الاطباء الجدد اثناء دراستهم في كلية الطب- جامعة بغداد، وهكذا لم يؤثر فيهم هتافه ضد صدام حسين اثناء حفلة تخرج يشير اليها البعض في المواقع الالكترونية يقللوا من اهمية ذلك الهتاف، وعللوها بان الاطباء الجدد من مواليد 1985 ولا يعرفوا عن صدام حسين سوى الصور والاناشيد. وكأن الاطباء الجدد لم يتعايشوا مع حرب الخليج الثانية (احداث الكويت) ولا الحصار ولا حرب اسقاط صدام حسين ومحاكمته واعدامه، فتجردهم تلك الاقلام من قابلياتهم على التفكير والاستنتاج من الاحداث ومقارنة اوضاعهم في العراق بدول الجوار، ومن المؤكد التساؤل عما دفع رجل هرم مثل فرحان باقر للهتاف وحيدا في حفل تخرج الاطباء.
لم يسمع الاطباء بالحكيم فرحان باقر سياسيا الا بعد عودته المتاخرة بعد 2003. لقد تقرب وتزلف باقر للحكام في كل سنواتهم وحتى بعد سقوط الديكتاتورية، وربما نسى هموم الشعب العراقي وترفع على اطباء غادروا العراق وهربوا بحثا عن حياة كريمة. ولم يدعو الحكيم باقر الى اي تجمع لهولاء ولم يتصل باساتذة كلية الطب ممن تميز برفض مطلق لممارسات النظام السابق، وعندها سيكون لهتافه في حفلة التخرج معنى حين يردده بعضهم معه. وسيعلم ممن تمنى الفصل حينها ليحصل على ما حصل عليه الحكيم كما اشار البعض لذلك، اقول سيعلم هولاء ان الاهتمام بالشعب والوطن لا يعني ابدا فرحان باقر! وسيعلم ان لحظات الهلع والخوف والمطاردة ايام الفصل تعني الكثير ولذلك قدم العديد من استاذتهم فروض الولاء والطاعة للصنم. بل ساهم البعض في مطاردة العناصر المارقة حسب تعبيرهم وتقمصوا دور شرطي الامن.
استهجن البعض انتقادات الحكيم باقر للنظام الصحي ابان حكم صدام حسين في كتابه الطب العراقي المعاصر في حنين واضح للماضي! واشادوا بالمستشفيات وتوفر الادوية وغيرها. وتجاهلوا ان العراق الوحيد في العالم يسجل ارتفاعا واضحا مع السنوات في وفيات الاطفال الرضع ودون الخامسة وازديادا ملحوظا في الولادات ناقصة الوزن والخدج ونسب سوء التغذية بين طلاب المدارس الابتدائية ووفيات الامهات وغيرها. وسجل العراق ظهور اوبئة في امراض متوطنة، وانخفض معدل العمر المتوقع للانسان العراقي وغيرها. وهرب اطباء لخارج العراق وهي مؤشرات معتمدة لتقييم النظام الصحي (تناول ذلك العديد من الاقلام على صفحات المواقع الالكترونية اضافة الى البحوث العلمية في المجلات الطبية). ولابد من التذكير بقرارللمجلس الوطني ابان العهد السابق حين اشار الى عدم كفاءة وزير الصحة صادق علوش وقد قضى سنوات طويلة في منصبه. وربما برر البعض استهجانه لتلك الانتقادات باغفال ذكر بعض الشخصيات او الاساءة لبعض اخر. ان كتاب الحكيم باقر يؤرخ لفترة ومن وجهة نظر شخصية بحتة وسيحسب القاريء تلك الهفوات عليه لا له، فقد عمل في العراق شخصيات علمية يشار لها بالبنان ويبقى ذكرها العطر مع التاريخ ومنهم الاستاذ الدكتور فخري الدباغ مثلا.
تشوه هرم التركيب السكاني للعراق بفعل الحروب المجنونة للقائد الضرورة والقتلى من اعمار الشباب (الجيش) وكذلك الكهول (الجيش الشعبي) وما رافقها من اعدامات وغيرها. وتقلصت حصة وزارة الصحة من الميزانية لينعكس ذلك على الادوية والتجهيزات الصحية. ويوجه مدراء الصحة بالاستعاظة عن وصفات الادوية بغيرها، وربما تشجيع التطبب بالاعشاب حينها. وللطرافة صدر توجيه بتخفيض استهلاك الكهرباء لكل الوزارات وبنسب محددة، ولم تفلح بذلك وزارة الصحة فقد ازداد استهلاكها من الكهرباء فعوقب الوزير ووكيله الاقدم! وكانت مستشفيات تم تاهيلها تعود للخدمة بعد ذلك تاريخ التوجيه سبب زيادة الاستهلاك.
عانى فرحان باقر من الفصل بقرار من مجلس قيادةالثورة وقتها، وبالامكان تصور الخوف والرعب الذي يطال الشخص بفعل هكذا قرار، ليحسده البعض بعد 2003، والتمنى لو انهم فصلوا في ذلك التاريخ. لقد شغل تقديم فروض الولاء والطاعة البعض ومنها الوشاية بالاصدقاء والزملاء. ويهيج مثل هذا الحديث ذكريات خاصة واستحضرت تفاصيل عبور الصحراء من السودان الى ليبيا وما رافقها من الم وصعاب (لي وقفة خاصة مع هذه الاحداث).
حاول الحكيم فرحان باقر التعرف على من تسبب بفصله، ولم يساعده احد، وعاد للوظيفة بفعل قرارات تشريعية وليس بفضل اشخاص. ولم يتعرض من قدم قائمة باسماء المفصولين (جماعة فرحان باقر) وقتها بعد 2003 واشار له البعض، بل كرمته الكلية بعد التقاعد (استاذ متمرس في الكلية رغم اشكاليات عديدة لا اود الخوض فيها).
شاعت الشهادات المزورة بعد 2003 وعانى العراقيون من العنف والتخندق الطائفي والمذهبي ونزاع اهلي بفعل مليشات وجيوش متعددة الاسماء، واعتزلت الكفاءات الحياة وهاجر البعض، وتزلف البعض الاخر للحاكم الجديد ومنهم من ساهم بتلك الفوضى. وبالمقابل ساهمت كفاءات فاعلة ابان النظام السابق بتغير موازين الحق والعدل، وعلى سبيل المثال لا الحصر عانت وزارة التربية من التاجيل للامتحانات بالجملة وبسبب الكابة، فخاطبت وزارة الصحة تشكو من عدوى مرض الكابة! ومثل هكذا تأجيل يعني قرارات لجنة طبية ومراجعات عديدة للعيادات وغيرها، ومثال اخر تزويد محكمة تقريرا لقاتل يوضح معاناته من الفصام (الجنون) وحسب تخطيط الدماغ! المرقم والمؤرخ كذا، ووقع عليه اعضاء اللجنة الطبية، ومن المؤكد ان تلك الكفاءات لم تكن بشهادات مزورة! ولكن بدون اخلاق، وليتصور القراء ماذا فعلوا اقل من هذه الامور، وغيرها الكثير.
التصدي لكل من قال كلمة يرد فيها اعتباره في الحياة او للتعبير عن توتر سابق نتيجة احداث النظام السابق لن يساهم في اشاعة السلم الاجتماعي وترك الخلافات المذهبية جانبا في الحياة العملية ليتقدم العراق. من المؤكد ان خوض حروب متعددة مسالة اثرت سلبا على العراق وعاقت تقدمه، وتحديد التفكير وعبادة الفرد تحجم الكفاءات وتقلل انتاجها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العتامة في تاريخ العراق زمن الجهل
صباح علو ( 2010 / 7 / 29 - 15:18 )
الدكتور فرحان باقر ضاعت شجاعته في خضم التغييب المتعمد الذي مارسه المزيفون سابقا وهم الان حاليا لاهثون وراء الحاكم الجاهل السفاح ,ضحى من اجل كلمة الحرية متحديا الدكتاتورية
الجيل الجديد جاهل ودوره مغيب على مدى حكم الطاغية والان دخلنا في متاهات الحاكم الجاهل والدكتاتور والحرامي اضاع ما يصبو اليه الدكتور فرحان باقر فتم نسيانه
بارك الله فيك دكتور جواد الديوان في اخراج هذا المعلم والعالم والسياسي الرافض لكل ما يضر العراق في زمن العتامة .


2 - شكرا استاذ جواد الديوان لتكريمك العلم فرحان ب
د علي ال مهدي اكاديمي مخضرم ( 2010 / 7 / 30 - 11:30 )
انا من التدريسيين الجامعيين العراقيين منذ اواسط الستينات من القرن الماضي
حيث عملت بعد جهد جهيد في احدى الجامعات بمعونة كريمه من الاستاذ الجامعي الاكثر خضرمة الدكتور مالك دوهان الحسن الذي كان اواسط الستينات
نقيبا للمعلمين في العراق وكم كانت فرحته عظيمه هو ومدير ادارة النقابه الاستاذ كاطم الكرادي حينما راءى امامه واحدا -من ابناء الملحه - من ابناء جنوبنا الفقير المضطهد جاء من اوربا يحمل الدكتورا ولايوافق الطائفي البشع عبد العزيز الدوري تعيينه لانهم - كما يعتقد - من اهل الشينات الثلاث المكروهة من القومجيه والطائفيين فشكرا لك ايها الانسان النبيل مالك دوهان الحسن وشكرا لطيب الذكر الدكتور عبد الهادي محبوبه رئيس جامعة البصره
الذي هو الاخر فرح ان يحتل عراقي كرسي التدريس بدلا من الاجانب الغرباء
وفرحت ايضا زوجته الراحله الشاعره الاستاذه نازك الملائكه التي كانت هي الاخرى تدريسية كلما زاد وكثر عدد العراقيين في جامعاتنا الفتيه
ولكن سرعان ماقفز البعث عام 68 لاختطاف العراق فاصابتنا المذله والكاءبه فمرضت بالقرحه فتعرفت على الحكيم الدافئ فرحان باقر وصنويه د مهدي مرتضى والنطاسي زهير البحراني

اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما