الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفاوض على ماذا .. ؟

طلال احمد سعيد

2010 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


التفاوض على ماذا .. ؟

قد لايختلف اثنان على ان العراق يمر بضروف سيئة منذ مايزيد على سبع سنوات ففقدان الامن مستمر والفقر والجهل و الاحباط وغياب سيطرة الدولة وشيوع ثقافة العنف والقتل والنهب والسلب وطغيان الفساد المالي هو السائد في البلاد ومازلنا نعاني من الخراب والدمار وانعدام الخدمات ويمكن القول بان كثيرا من النشاطات قد تراجعت بدلا من ان تتقدم مثل المسائل الثقافية والصحية والقضايا الاجتماعيه وغيرها . وكان المعتقد ان النظام الديمقراطي الذي سعت الولايات المتحدة على نشره بفترات قياسية هو طريق الخلاص من اثار الحكم السابق وهو الذي سيفتح الابواب امام عراق جديد غير ان ذلك لم يحصل فالقوى التي استلمت السلطة بعد 9-4-2003 لم تكن لديها القدرة على بناء دولة اثر ركام دولة البعث التي سحقت وتحول الامر الى اشخاص او الى قوى طامعه بالسلطة جاءت من خارج العراق وقد بدى ذلك واضحا منذ تشكيل مجلس الحكم فتحولت السياسة الى صراعات بين احزاب ليس لها وجود قانوني ولا احد يعرف الحجم الحقيقي لكل منها . وكان الوضع برمته وكأنه تفجير لحالة طائفية او قومية سرعان ما افرزت مبدأ المحاصصة الذي بني عليه كل شي في العراق الجديد . اما ما اطلق عليه بالائتلافات فانها لاتخرج عن هذا الاطار وهي تجمعات طائفية لايغلب عليها الجانب السياسي او العقائدي لذلك اصبحت هذه المرحلة من البلاد في غاية الهشاشة والضعف .
انتخابات العام 2010 جرت وفق معايير طائفية وقومية فالشيعه اعطت اصواتها للاحزاب الدينيه الشعيه ، والسنه اعطوا اصواتهم للقائمة العراقية بالرغم من كونها قائمة لاتحمل طبعه طائفية انما هي قائمة اكثر ميلا لمباديء العلمانيه ولسياسة التغيير , اما الاكراد فأن توجهاتهم معروفة وليست بحاجة الى المزيد من التعليق وقد تحولوا الى صفة مشاهد لحلبة السباق كي يتخذوا موقفا مع المنتصر الذي يتعهد بتنفيذ اهدافا وشروطا صارت معلنه . وللحقيقة نقول بان اوساط ديمقراطية وليبرالية عديدة خاضت العملية الانتخابية من اجل ايجاد موقع لها في البرلمان الجديد الا انها لم توفق .
الازمة الراهنه يتحملها الدستور العراقي بسبب غموضه وتعارض نصوصه عندما كتب على عجل استجابة لارادة هذا المكون اوذاك والتوقيتات التي جاء بها الدستور كانت احدى الاسباب الرئيسية لنشوب الازمة فقد اعتبر يوم المصادقة على نتائج الانتخابات وكانه نقطة البداية حسب مواعيد ثابته لاجتماع البرلمان الجديد وانتخاب رئيسا له ثم انتخاب رئيسا للجمهورية الذي يكلف بدوره رئيسا للوزراء وجاءت المادة (76) بشأن اختيار رئيس الوزراء لتزيد الامر تعقيدا وقد تناسى الدستور ايه مفاجاءت او تأخيرات قد تعيق هذه العملية او لاتؤدي الى انجازها في الموعد المعين .
الجميع يتكلم عن حكومة قوية تلبي احتياجات المواطنين وتنهي معانتهم وتتقدم بالعراق خطوات الى الامام ، لكن كيف السبيل الى ذلك وكأن الازمة تذهب الى المزيد من الاستعصاء بدلا من ان تتجه نحو الانفراج والغريب ان جميع الكتل تدعوا الى تشكيل الحكومة بأسرع وقت وان دول الجوار والدول العربية وجامعه الدول العربية والولايات المتحدة والامم المتحدة كلها تحث على الاسراع بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة .
المفاوضات مستمرة بين الكتل والاجتماعات متوالية والتصريحات وصلت الى حد الملل وكاننا نعيش في نقاشات عقيمة لافائدة من وراءها وقد وجه احد المحاورين في احدى الفضائيات العربية سؤالا الى احد قادة الكتل السياسية والسؤال كان ( التفاوض على ماذا؟) ولم يتمكن رئيس الكتلة ان يجيب بصراحة على السؤال وتمحور الجواب حول اهمية الاتفاق ومراعاة مصلحة العراق وضرورة اختيار الحكومة المناسبة في الضروف الراهنه .
لعل ابرز مايدور في النقاشات والمداولات بين الكتل والكلام عن ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنيه وحكومة كهذه هي بالضبط وجه جديد من وجوه المحاصصة الطائفية والقومية والتي كانت مطبقة ويبدو انها ستضل كذلك فترة اخرى من الزمن .
في النظام الديمقراطي توجد حكومات وتوجد معارضة ودور المعارضة لايقل اهمية عن دور الحكومة فهي تقوم بمراقبة عمل السلطة والكشف عن المخالفات او التجاوزات على القانون و الدستور وكل ذلك يجري تحت قبة البرلمان غير اننا لانجد مع المؤسف من يرغب ان يجلس في صف المعارضة ان الجميع يريد ان يستلم كرسي الحكم .
المشكلة قدتكون في عدم الفهم الكامل للديمقراطية لانها لم تأت بتطور طبيعي ونتيجة تجارب تاريخيه انما فرضت حسب نصوص مكتوبة غير ناضجة فالكثير يعتقد ان الديمقراطية هي مجرد طريق لاستلام السلطة وليس تعبيرا عن ارادة الامة سواء كان ذلك عن طريق الحكم او عن طريق المعارضة او عن اي طريق اخر مقبول فالمرشح الفائز في الانتخابات صار يفكر باقرب طريق للحصول على كرسي في الحكومة قبل ان يفكر بأنه ممثل للجماهير التي صوتت لصالحه وعليه ان يراعي مصالحها عن طريق تواجده في السلطة التشريعيه التي تعتبر اهم واعلى سلطة في البلاد . لذلك نجد البرلمان السابق كان ضعيفا في اداءه ولم يقدم اي انجاز لخدمة المواطنين انما اقتصر نشاطه على كسب المزيد من الامتيازات وماشابه ذلك . اما البعض الذي لم يوفق في الحصول على كرسي في السلطة فقد تحول الى تابع لارأي له وهناك شواهد كثيرة تؤكد بأن قرارات مجلس النواب السابق يتخذها رؤساء الكتل وان دور النائب فيها يكاد فيها محدودا ، وهذا يذكرنا بالنقد الذي كنا نوجهه لمجالس العهد الملكي عندما نصف النائب بانه يرفع يده بكلمة (موافج) لمجرد ان يسمع مايقرره رئيس الحكومة انذاك .
الملفت للنظر ان مجلس النواب المنتخب منذ اكثر من اربعه اشهر لم يدعى لعقد اجتماعا بكامل هيئته لمناقشة الازمة الحالية والاستماع الى مقترحات واراء ممثلي الشعب بشكل صريع وواضح انما اقتصر الامر حتى الان على مجرد توجيه الدعوة لعقد الاجتماع ثم الاتفاق بين رؤساء لكتل على التأجيل حتى اشعار اخر . لقد كان من المفيد مثلا ان يجتمع مجلس النواب وينتخب رئيسا له من بين اعضاءه وخارجا عن الصفقات السياسية التي تخص المناصب السيادية وذلك الاجراء كان من شانه ان يخفف الكثير من حده الازمة ويخلق وجودا حقيقيا لمجلس النواب يجري من خلاله الاشراف على اعمال الحكومة الحالية التي جرى النقاش حولها طويلا عن كونها حكومة تصريف اعمال ام لا .
الحديث يدور بشكل مكثف للمطالبة باجراء تنازلات من قبل البعض لمصلحة البعض الاخر ومن الواضح ان التنازلات قد تشمل الكثير من المناصب والصلاحيات الا انها لاتشمل منصب رئيس الوزراء الذي تحول الى منصبا سحريا يرأس كل شي ويسيطر على كل مرافق الدولة بدءا بالقوات المسلحة وانتهاءا بكل مايخص المواطن العراقي في حياته اليوميه .
في خضم الازمة الحالية من الممكن التفكير ببعض الحلول التي قد تكون مخرجا للازمة في الوقت الحاضر وفي المستقبل وفي سبيل ذلك نقترح :-
1. تاسيس مجلس سياسي يترأسه رئيس الجمهورية ويضم رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانيه التي تمثل الاكثرية مع ممثل عن اقليم كردستان وغيرهم على ان يتمتع هذا المجلس بصلاحيات واسعه لاقرار السياسة اللعليا للدولة ورسم خطة الحكومة .
2. قد يكون من الافضل تغيير النظام الديمقراطي في العراق من نظام برلماني الى نظام رئاسي لما في ذلك من حل للكثير من المشاكل التي نجمت عن النظام البرلماني الذي نحن بصدده .
3. نحن ندرك ان هذه المقترحات هي مخالفة للدستور وبهذه المناسبة نذكر بان كثير من المخالفات قد ارتكبت لحد الان وقد اصبح لزاما انجاز تعديل الدستور خلال ولاية مجلس النواب الحالية وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 142 منه .

ان تعديل الدستور ليس امرا خطيرا انما امرا ممكنا وقد نفذته الكثير من الدول عندما واجهت مشاكل مثل التي يواجهها العراق في الظرف الراهن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة