الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشكيل الحكومة بين أزمة الإسلام السياسي الشيعي وأزمة العملية السياسية

سمير عادل

2010 / 7 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل هو قدر المالكي ام حظه العاثر، حيث يرفضه الجميع بدءا من رفاقه الأمس الطائفيين في قائمة الائتلاف الوطني الشيعي بزعامة الحيكم-الصدر الذين ابلوا بلاءا حسنا ضد بعضهما في شباط-اذار 2008، والممقوت من القوميين العروبيين المصنفين بالسنة في القائمة العراقية بقيادة علاوي-النجيفي، ومرورا بالمنبوذ ضمنا وبشكل غير مباشر من قبل القوميين الاكراد برئاسة طلباني-البرزاني، وانتهاء بسورية التي التقى رئيسها بمقتدى الصدر اولا ثم باياد علاوي للتقريب بينهما من اجل دفع القائمة العراقية بقيادة علاوي خطوة الى الامام كمحاولة لتقويض فرص المالكي في اعادة توليه رئاسة الوزراء في اسوء الاحوال، لينظم بالاخير الى قافلة كارهي المالكي في سورية وزير الخارجية التركي الذي التقى بعلاوي وهي رسالة واضحة من البلدين بأن العراق يستوعب اكثر من لاعب اقليمي خصوصا بعد الانسحاب الامريكي من العراق، وكتحصيل حاصل بأن الكل يرفض المالكي.

لكن السؤال هل المالكي بالفعل هو العقبة الرئيسية في تشكيل الحكومة؟ في الحقيقة هذه أوهام، تحاول القوى الموجودة في العملية السياسية، ترسيخها لطمس محتوى سياستها الطائفية من اجل ابقاء وادامة امتيازاتها في العملية السياسية. ومن سمع تصريحات مقتدى الصدر في مؤتمر صحفي عقده في دمشق بعد لقائه علاوي (( ان علاوي مستعد للتنازلات، وعلى دولة القانون ان تقدم التنازلات) يدرك بشكل واضح ان لعبة اتهام المالكي بتمسكه بالسلطة ليس الا دعاية فارغة لتمرير سياسة المحاصصة. فالسؤال ماذا عنه هو والمجلس الاعلى والفضيلة، لماذا لا ينظم هو الى علاوي مع القوميين الاكراد لتشكيل (الحكومة العراقية)!

والجدير بالذكر هنا هو ما تستدعي الغرابة والسخرية معا، هو ان اضعف قائمة للمضي في تشكيل الحكومة هي القائمة العراقية التي فازت بالاكثرية. لعل هذا يضفي الدهشة والإعجاب بـ (العراق الجديد) حيث الفائز الحقيقي هو الخاسر الحقيقي. فالعراقية التي تعبتر فائزة بأكثرية المقاعد ليس لها سوى الانتظار لما ستسفر النتائج عن التحالفات الشيعية والكردية، مما يدفعها دائما اطلاق تصريحات مماثلة كل يوم، بأنها تتمسك باستحقاقها الدستوري ولها هي الأحقية في تشكيل الحكومة. ولعل هذه التصريحات من شأنها تقديم العزاء لها اكثر من التغطية على وضعها امام مريديها، لما آلت إليها مكانتها في العملية السياسية، حيث ان حصص القوميين العروبيين الذين تجمعوا في (القائمة العراقية) وحيث صنفوا بهتانا وعنوة ب(السنة) لتمرير مشروع التقسيم الطائفي في العراق لم تتحسن حتى بعد مشاركتهم الفاعلة في العملية السياسية ونبذوا المقاومة وقدموا التنازلات تلو الاخرى وقبلوا بالمشاريع الامريكية.

وما يضيف سخرية اخرى على المشهد السياسي الدرامي في العراق هو دعوات بايدن نائب الرئيس الامريكي للقوى السياسية العراق بتغليب المصالح الوطنية على الشخصية. فبعد ان علموهم الإدمان على العمالة والطائفية، يريدون بالنصائح فقط الشفاء من إدمانهم.

أزمة الاسلام السياسي الشيعي وأزمة العملية السياسية:

وفي الحقيقة ان الازمة التي تعانيها تشكيل (حكومة الشراكة الوطنية) حيث استبدلت المحاصصة بالشراكة لتخفيف وطأتها على ذهن العراقيين، تتمركز في أزمتين. الاولى هي ازمة تيار الإسلام السياسي الشيعي الذي لم يستطع حتى الان إعادة الانسجام وترميم صفوفه والتسليح برؤية مشتركة في ادارة السلطة السياسية في العراق كما كان بعد انتخابات 2005 التي جنت القائمة الشيعية 129 مقعد من اصل 275 وبغض النظر عن محتوى الانتخابات والكيفية التي أجريت بها وماذا كان يبغي من وراء إجرائها، واستطاع بسهولة تنحية الجعفري الذي لم يقل تعنتا وتمسكا من المالكي بمركز رئاسة الوزراء.

في هذه الانتخابات لم يتمكن الإسلام السياسي الشيعي من لم أشلائه الى الآن بعد صراع دموي بين المجلس الاعلى والصدريين في شباط-اذار 2008 لينظم حزب الدعوة الذي يقوده المالكي الى الاول ويعلن عمليات(صولة الفرسان) في البصرة ويوجه ضربة قاصمة لعصابات جيش المهدي في بغداد والمدن الجنوبية، ويُعدَ نفسه اي الاسلام السياسي الشيعي امام التحولات السياسية التي تعصف في المنطقة والعراق وخاصة بعد الانسحاب الامريكي.

ومن السذاجة ان يصدق المرء بأن دولة القانون هي قائمة غير طائفية، فأغلبية ممن انتخبوا الى البرلمان من حزب الدعوة او الذين يدورون في فلك حزب الدعوة. وبعبارة اخرى ان الصراع على مركز رئاسة الوزراء، هو صراع بين الدعوة والصدريين والمجلس الاعلى والذي يعكس صراعا على قيادة تيار الاسلام السياسي الشيعي للسلطة في العراق بعد الانسحاب الامريكي والتحولات السياسية في المنطقة والعالم كما ذكرنا.

ولن تكون تصريحات المالكي حول تحالفه مع علاوي الا وسيلة للضغط على الحكيم –الصدر ومن يساندهم، وهي الجمهورية الاسلامية في ايران لانتزاع تنازلات سياسية ليس اكثر. فالمالكي الذي يمثل احد اجنحة الاسلام السياسي الشيعي لن يتحالف مع التيار القومي العروبي الذي له صراع تاريخي معه، الا اذا قرر الانتحار سياسيا او ينزع جلده الأيدلوجي والطائفي.

اما الازمة الثانية التي تحدد بقية الازمات والتي يحاول الكل ايضا طمسها، هي ازمة العملية السياسية وتعفن الأسس التي استندت عليها والمتمثلة بالمحاصصة الطائفية والقومية. ولو لا هذه الازمة المزمنة، لأصبحت حصة الاسلام السياسي الشيعي في السلطة السياسية بعد هذه الانتخابات في خبر كان ولاصبح العروبيون في القائمة العراقية اوفر حظا. لان هذه الازمة ابقت الرباط الطائفي المقدس بين الاخوة الاعداء في قائمة الائتلاف الوطني الحكيم-الصدر ودولة القانون-المالكي ولن يفكه الا ملالي قم وطهران ولما سمي القوميين الاكراد ببيضة القبان. وبعبارة اخرى انه لم يظهر الى السطح حتى الان، الصراع القومي الكردي مع الاطراف السياسية الاخرى، بالرغم من ميلهم وبشكل واضح للتحالف مع التيار الحكيم-الصدر- دولة القانون مع المالكي او دونه. فالقوميين الاكراد ينتظرون من اية قائمة سيكون مرشح رئيس الوزراء، ليعلنوا مطالبهم والبدء بجولة جديدة من الصراع.

ان وضع نهاية لتفاقم الأزمة السياسية في العراق والذي يصاحبها دائما تفاقم في الاوضاع الامنية منذ تشكيل مجلس الحكم في 2003، لن يكون ابدا بتشكيل اية حكومة في اطار العملية السياسية الحالية سواء كان رئيسها علاوي او مالكي او مرشح التسوية...الخ. وهذا ما يدفع اوساط في الهيئة الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية التفكير مجددا والبحث عن قوى اخرى خارج العملية السياسية للتغلب على هزيمتها السياسية في العراق بعد ان بدأت تخسر عسكريا وسياسيا في افغانستان.

رئيس مؤتمر حرية العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القوميون العرب وأوهام الانتصار العربي
علي الحسيني ( 2010 / 7 / 30 - 18:20 )
السلام عليكم:
ابتداءا أشكر الاخ سمير عادل على مقالته التي تضمنت بعض الآراء التي تستحق التعليق عليها:
1- ذكر الأخ أن تحالف الحكيم- الصدر يتنافس مع المالكي وهذا لا يخفى على أحد، لكن أن نطلق التهم جزافا فهذا يتنافى مع الموضوعية في الطرح ، فمثلا ان تتهم الآخرين (الشيعة) بالعمالة الى إيران لكن أسالك سؤالا صريحا ومباشرا أرجو أن تجيبني عنه ، هل تنكر أن التيار القومي كان (عميلا) لعبد الناصر وساهم بشكل رئيس في اسقاط الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم؟ يوم جندهم عبد الناصر ودفع لهم الاسلحة والاذاعات في مؤامرة الشواف وغيره .
2- لو فتحنا باب الاتهام بالعمالة للآخرين سيقال لك أن حزب البعث عميل وبشهادة مؤسسيه وهنا أذكرك بموقف علي صالح السعدي الذي قال وصلنا للحكم بقطار انكلو امريكي اسرائيلي و60 مليون دينار كويتي وانشق لذلك عن البعثيين وشكل حركة قومية مستقلة. والامر نفسه مع فؤاد الركابي الذي خرج من البعث بعد ان اتهمه بالعمالة للماسونية. حتى جاء الانشقاق في عام 66 بعد اتهام عفلق وعصابته بالعمالة للصهاينة.
3- ما ذكرته كان امثلة على عمالة أبرز حزب قومي في المنطقة وبشهادة مؤسسيه.


2 - ازمة العمليه السياسيه المخابراتيه
صالح المياح ( 2010 / 7 / 30 - 19:07 )
شكرا لك ايها الرفيق العزيز على هذا التحليل والوصف الرائع
لعمليه سياسيه مخابراتيه تتحكم بهها مخابرات الدول المحيطه بالعراق اضافة الى قوات الاحتلال
تلك العمليه السياسيه التي ولدت ميته في مركز تحضيرها في مؤتمر لندن
ذلك المؤتمر الذي شاركت فيه القوى والاحزاب الموجوده الان في مايسمى بالعمليه السياسيه التي كلفت الشعب العراقي ملايين من الضحايا وملايين المهجريين واليتامى والارامل وملايين العاطلين
مرة اخرى اكرر تحياتي وتقديري للتحليل الرائع


3 - القوميين العروبيين
حبيب جلال ( 2010 / 7 / 30 - 21:50 )
لاعرف ماذا يقصد كاتب المقال بالقوميين العروبيين هل ان المرشحين من قائمة علاوي هم عروبيين اوقوميين .المعروف سياسيا وفي الخارطة السياسية العرابية ان القوميين العرب يمثله ثلاث تيارات اساسية هم الناصريون والبعثيون والقوميين العرب وهذه التيارات لهم افكارهم وطروحاتهم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك في السياسة الدولية وان هذه التيارات بالتأكيد هي ليست طائفية سوى ان حزب البعث قد انحرف عن مبادئه المعلنه حيث تحول من حزب علماني الى حزب عبد الله المؤمن حزب طائفي وغادر افكاره الاشتراكية وطروحاته الاجتماعية ليصبح حزبا لعشيرة واحدة وحزبا لعبادة شخص واحد.اما المقصودين في قائمة علاوي بانهم قوميين عروبيين فاعتقد ان لاصلة لهم بالعروبة ولا بالفكر القومي العربي الا من ناحية عدائهم للشعب الكردي وللشيعة ولايران انهم عبارة عن نجموعة تجار واصحاب المال يتخذون من السياسة سوقا تجاريا ليس الا.


4 - هوية الكاتب الفكرية
احمد ياسين ( 2010 / 7 / 31 - 08:57 )
اتسأءل عن هوية الكاتب الفكرية حيث انها غير واضحة

اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم