الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قهوة عربية بنكهة أمريكية

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2010 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم : خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

كاد تصريح عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية-- قبل انعقاد اجتماع لجنة متابعة المبادرة العربية-- أن يزرع لدينا أوهام بان العرب مستعدين لاتخاذ موقف مغاير للموقف الأمريكي، وأنهم مازالوا متمسكين بموقفهم السابق القائل : لا انتقال للمفاوضات المباشرة قبل تحقيق تقدم واضح في المفاوضات الغير المباشرة.. وقد أثلج صدورنا اقتراح السيد عمرو موسى عندما قال : إذا انقضت الشهور الأربعة من المفاوضات الغير مباشرة دون حدوث تقدم-- سنتوجه بملف القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي، لنطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران.. لكن سريعا ما تبدد هذا الوهم، وعادت الأمور إلى نصابها، وقرر العرب الانضمام إلى الموقف الأمريكي بدلا من مواجهته، وأعطوا الضوء الأخضر المطلوب أمريكيا للشروع في المفاوضات المباشرة-- تاركين للرئيس أبو مازن تحديد موعد استئناف تلك المفاوضات.
الحكماء لم يتوقعوا من الجامعة العربية غير ذلك.. ولم تنطلي عليهم أبدا تبريرات ذلك الموقف الخطير-- الذي ستكون له تداعياته الأخطر على القضية الفلسطينية.. والمضحك المبكي أن العرب يتحدثون عن وجود ضمانات أمريكية قدمها ميتشل للقيادة الفلسطينية، مع العلم أن تصريحات القادة الفلسطينيين قبيل الاجتماع، وما كتبته أشهر صحف العالم.. كانت تفيد بان الأمريكان قد وجهوا تهديدا وإنذارا إلى القيادة الفلسطينية-- بأنهم سينسحبون من رعاية عملية التسوية، وبأنهم لن يقدموا المساعدة للفلسطينيين في إقامة دولتهم فيما لو لم يدخلوا المفاوضات المباشرة مع إسرائيل أو في حالة توجههم إلى مؤسسات الأمم المتحدة.
الحكماء ومثلهم معظم الجماهير العربية يدركون أن الهيمنة الأمريكية شبه تامة على كل البلاد العربية.. وان الأنظمة العربية لن تخرج أبدا عن الإطار الذي ترسمه لها واشنطن-- مهما علا صوتها في بعض الأحيان-- ويبدوا أن القيادة الفلسطينية القارئة جيدا لموازين القوى المحلية والدولية قد أرعبها التهديد الأمريكي، فذهبت إلى لجنة المتابعة العربية لتبحث عن غطاء ومظلة عربية تجنبها تحمل المسئولية وحدها عن اتخاذ قرار الذهاب إلى المفاوضات المباشرة ).. وهو القرار الذي تعرف القيادة الفلسطينية انه يتناقض مع إرادة معظم إن لم يكن كل القوى والجماهير الفلسطينية-- بما فيها أوساط من حركة فتح نفسها.
وهكذا تعود المفاوضات المباشرة من جديد-- لكن هذه المرة مع واقع أن الفلسطينيين يعودون في ظل إصرار إسرائيلي واضح على مواصلة الاستيطان، وفي ظل حرب التطهير العرقية المستعرة في القدس، وفي ظل إعلان معظم قادة الاحتلال بان الاستيطان سيستأنف من جديد في أيلول القادم ( مع العلم انه لم يتوقف ).. وهذا يعني أن القيادة الفلسطينية الذاهبة للمفاوضات المباشرة-- والتي صرح معظم أركانها سابقا بأن لا جدوى من المفاوضات دون وقف الاستيطان، وان لا إمكانية لتحقيق تسوية سياسية في ظل حكومة نتنياهو اليمينية.. هذا يعني أن هذه القيادة ستكون بموقف صعب.. الأمر الذي يتطلب تفعيل واضح للدور الذي على القوى السياسية الفلسطينية جميعا-- المؤيدة والمعارضة للمفاوضات-- أن تلعبه.. أولا في منع انزلاق المفاوضات عن مسارها الصحيح-- باتجاه بحث القضايا الإجرائية الجزئية والغرق بالتفاصيل الهامشية للصراع بدلا من بحث الأمور الجوهرية وملفات الحل النهائي.. وثانيا بالضغط من اجل تحديد سقف زمني واضح ومحدد-- لأننا لا نريد مفاوضات مفتوحة تجرجرنا فيها إسرائيل لتواصل نهب الأرض، وفرض الوقائع الجديدة عليها.. وثالثا لابد من الإسراع في إنهاء الانقسام-- رغم أن الدخول بالمفاوضات المباشرة قد وضع عقبة جديدة أمام المصالحة الوطنية.. ورابعا والاهم من كل ذلك-- حشد وتجنيد كل الطاقات الوطنية ( المادية والبشرية ) في تصعيد حركة المقاومة الشعبية، والتأكيد للعدو والصديق أن المفاوضات ليست ولن تكون الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني في سعيه لدحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
(( عندما انطلقت ثورة أل 36 ضد الاستعمار البريطاني وضد المشروع الصهيوني أرعبت تلك الثورة المستعمرين، فاتجهوا فورا إلى أدواتهم من الحكام العرب في ذلك الوقت، وأمروهم بالتحرك العاجل لوقف الثورة، وللضغط على الفلسطينيين-- موهميهم بان بريطانيا لديها مشروع لتحسين أوضاع الفلسطينيين-- يزيل مخاوفهم ويحقق لهم الاستقلال بالتدريج.. وفعلا قام أولئك الحكام بالدور المرسوم لهم على أكمل وجهه، وضغطوا على قادة الثورة الفلسطينية، واجبروا أولئك القادة على إنهاء الإضراب الشهير، ووقف الأعمال المسلحة.. وكانت النتيجة ضياع 78% من ارض فلسطين في العام 1948، وإقامة دولة إسرائيل بدل الدولة الفلسطينية المستقلة.. وها هو المشهد يتكرر من جديد.. وها هي القهوة العربية المقدمة للفلسطينيين تأتي هذه المرة بنكهة أمريكية.. ويبقى السؤال : ما الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون والى أين ستقودهم هذه المفاوضات..؟؟ )).

مخيم الفارعة – 1/8/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة