الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى- الحلقة الثانية

عبد الفتاح المطلبي

2010 / 8 / 1
الادب والفن


الحلقة (2) من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى

هل اتى عليكم حين تتجمع فيه الالام كلها في لحظة واحدة لتصنع شيئا فريدا لامثيل له .. يمسي كقلب النار المنبثق من فتيل مصباح زيت مشتعل .... وماانت فيه بزيت ولافتيل ... ولاضوء ولاالسنة نار ... بل انت ذلك القلب المتألق من شدة الاحتراق ... والذي تعاون على انبثاقه صانع الزجاجة التي فيها الفتيل وصانع الزيت وبائعه ... وتلك الزجاجة المحيطة بالمصباح كانها فكرة في رأس صامت لايتكلم ... هل أبعدتم في تلك اللحظة انفسكم عن فكرة كونكم انتم من حك عود الثقاب على السطح الخشن متواطئا مع كل الذين سبقوا ... لينبثق هذا القلب المتالق الما وحرقة ....
أيجدي ان تدعون أنكم لاشان لكم بكل ذلك ... انتم أذن كمن يحرق ورقة ذات العشرة الاف دينار ليبحث عن دينار مفقود في ظلمة حالكة .... دون ان تفكروا للحظة ان تنتظروا خيوط الفجر... ووضوح الرؤيا ... أنا اكلمكم منتظرا دوري ليدخلني هذا العملاق الواقف على باب غرفة الطبيب ... أكلمكم انتم أولئك الذين لازلتم تسعون في اتجاهات مختلفة وانا انظر اليكم من خلال زجاج النافذة في الطابق الثالث حين انتظر دوري ... ووجدت نفسي ملزما بتذكيركم انني موجود فيما اقول مع علمي أنكم خارج الكلمات التي تنهمر في داخلي كالمطر... وتديم أنهمارها في كوني الهزيل ... غير عابيء بسخريتكم من تعابيري ومطر افكاري المنهمر ... الذي لاشك انه لايبلل غيري لكن العجيب أنني أرى بعضكم يحمل تلك المظلات التي أخترعوا أسمها من صناعة الظل ... ولم يسموها مطريات رغم انهم يحتمون بها من مطر أفكاري المنهمر ... وهم غير مبللين ولاغيوم من الافكار تمطر الا عليّ وحدي ... أذن لماذا لم اكن اتوقع احدكم مبادرا بوضع مظلة على جسدي الهزيل المبتل بالعرق البارد ومطر الافكار الموسمي الحار... أنني ارى كل هذا الكلام ... وامطار الافكار التي تجعلني مبللا ... ومظلاتكم التي لاتحميني ولاتحميكم والتي لامعتى لها... كل ذلك يبدو كمقدمات لاعصار من الحمى .. التي ستجعلني في الزمن القريب القادم أهذي هذيانا ملفتا ليس للنظر وحده الذي احيانا يتجاهل ذلك بل ملفتاا للرأس برمته لاويا عنقه ... لتلتوي اعناقكم بعد ذلك دهشة وخوفا وتحسبا من ان تسري هذه الحمى التي جئت ممتثلا أمام هذا العملاق عسى ان أتفاداها ستلتوي اعناقكم خوفا منها ... وتودون عند ذلك القائي برمتي في فرن مشتعل كيدا بالحمى واستخفافا بآلامي .. وهل جربتم يوما تتجمع فيه الآلام في لحظة واحدة كصخرة ثقيلة قد وضعت فوقك دون ان تسحقك او تكسر عظامك ... ولكنها استقرت على صدرك جاعلة تنفسك عصيا وانك عاجز عن فعل أي شيء مدركا انما يجري ذلك كله في مكان موحش لاوجود لغيرك فيه ولاامل ان تعثر على مسعف او مخلص ... عند ذلك تراودك رغبة يائسة في الصراخ عسى ان تحظى بنجدة ريثما تشغل نفسك بالامك تلك تقول لك نفسك بكل يقين أنك هنا في هذا المازق وحدك وان مكانك حيث انت مقفر وتتحول رغبة الصراخ التي راودتك منذ قليل الى آنين مفجع... أتفهم ذلك انت ؟ أيها الجالس الى اليمين ؟ من ذلك العملاق ... وانت يامن تضع كتفك بمحاذات كتفي هل جربت يوما تتجمع فيه الآلام كلها في لحظة واحدة مثل غيوم أعصار مفاجيء ينذر بكارثة واقعة لامحال ... وانت تنقل عينك حولك متفحصا سقف كوخك الخشبي ... المتداعي ... سائلا نفسك هل يصمد ... آملا ذلك لكن يقينا يتلوى كدوده داخلك يقول لك لاتامل ذلك ... وفي تلك اللحظة المنقوعة بخيبة رطبة تسمع صرير خشب كوخك وهو يطقطق فوقك ومن أسفلك ثم يبدأ بالانخلاع خشبة أثر اخرى.... وتتطاير في الاعصار مثاني ومجاميع ... فتضع رأسك بين يديك لعلك تحميه ... حاشرا جسمك بمكان تعتقد أنه ربما يمثل ملاذا ما ... لكنك بالحقيقة تخدع نفسك حيث لاملاذ في اعصار غاشم ، وهل جربت ان تكون خزانا من الآلم بصنبور ناتيء في مكان ما فيه ، وعندما يظن الناس انك خزان ماء بارد يطفيء عطشا قد اعلن عن حضوره في دواخلهم ... رغم أنوفهم فيحاولون فتح صنبورك ليندلق من ذلك الصنبور على أيديهم سائلا مائعا من الآلم المريع ... يفجعهم اكثر من حرقة العطش فيسحبون أيديهم بسرعة قصوى الى الخلف بحركة لاأرادية ليؤدي ذلك الى اصابتهم ببعض رذاذ ذلك الالم المخزون المنفجر ... الحاد والمريع ... يلوث وجوههم وملابسهم فينشغلون للحظة بما أصابهم وعندما يستوعبون هول الفجيعة ... يتراجعون خطوة الى الخلف مادين أصبعين فقط نحو صنبورك وبحذر شديد ليقفلوه من جديد ... مؤجلين انشغالهم بما اصابهم الى مابعد لك ... وهل جربتم ان تكونوا فقاعة مليئة بالم حاد لايقوى جلدها الرقيق على تحمل ضغط الالم ... وأذ تحاولون مس سطح الفقاعة ... تنفجر بصوت يصم آذانكم ويجعل قلوبكم ترتجف حيث تلتفتون يمينا وشمالا لعل مسعف أو منقذ او مشارك يشيل عنكم بعض البلوى التي فدحتكم على حين غفلة فلا تجدوا أحدا وانكم وحدكم مع ماحصل ... حيث صمت اذانكم وسلخت جلودكم وبترت أعضائكم ولم تعودوا شيئا ذا معنا فترضخون لما انتم فيه بلا أمل ... وبالم باذخ ... ، وانا أتامل هذا الالم المكدس والمريع والهائل والمدوي الشامل في عالمنا الذي أخذ على حين غرة ... ودون بوق منبه... كما يفعل الله بعباده يوم يبعثون حين ينفخ أسرافيل في الصور... منبها الناس ... أن القيامة قد حلت ... فأتركوا ... كل شيء ... لكن قواعد الشيطان الساكن هذه الايام بأسقاعنالاتحفل كثيرا ببوق أسرافيل ... بل أنه كل ماكان ممازا بدواعي الغدر والغيلة ... والفجاءة كلما كان شيطانا أصيلا ... ومميزا ... كم أسفت عندما قرأت قبل يومين دعوى لانصاف الشيطان ... الذي كان لايجرؤ أن يفعل مايفعل الاخفية ... أما الان فقد أضر كثيرا بمصالح الدجالين الذين يدعون انهم كانوا يستطيعون تكبيله وجلبه للحساب... رغم الهدنة التي أخذها بعهد من الرب ... أعمالهم كاسدة الان لان الشيطان يعلن نفسه حاضرا فوق كل مرتفع ذي مراق حديدية كانت ام خشبية ... تحت سقف قاعة مزينة بالنجوم أم تحت قبة مزينة بزخارف من المرايا .... قلت وانا اتامل هذا الجبل من الالم ماالذي يحدث اذا رفع الله عنا الحس بالالم ... بحيث تتقطع أوصالك ولاتحس بالالم يخترق صدرك هذا الكم الهائل من الرصاص المرشوش في دروبنا أكثر من رشيش الماء ... والذي نتزود به على مدار الساعة ... وعلى مر التاريخ ولاتشعربأي ألم ، هل انت راض بذلك ... حتما ستكون غير راض بفقدك أعضاءك وسفك دمك ولو لم يصاحب ذلك ألما ... هل نقع في حبائل مغالطة ما ... عندما نقول ذلك ... اليس عدم الرضا هو نوع من الالم ... لكن بلون شاحب باهت ... ستحس حينها احساسا مهولا بالغين وسلبك ماهو لك ... ولو دون ألم ... لاذع لكنه الم شاحب .
هناك ألم ينتهي عندما تنتهي اسبابه ... لكن أسبابا تتناسل كالذباب لاينتهي المها ... ذلك الالم أنهمك دائما بصناعة تلك المرارة في الحلق ... هل جربت خلطهما معا لذة مع الالم ... الم ... مع لذة ... هل جربت لذة الالم حين تجد من يشاطرك نصفه تمنحه وسام المك فيقبله فخورا أهي لعبة يلعبها قدر عائم على سيل من الحماقة فارت من تنور عالمها الاصيل ... لتجعلك تدرك أن ما لا يصلك من الم الاخرين هو خسارة بشكل ما ... وان ما لانستطيع أيصاله من المنا الى الاخرين يندرج تحت هذا العفوان ... لتجعلنا ندرك بان عدم السعي لمشاركة المفدوحين بألامهم خسارة حقيقبة .. لسبب بسيط ... هو أن معنى ذلك أننا وحيدون ، مستوحشون ... وننتظر نهاياتنا كل لوحده ... لنموت مرتين ... موت بلاقيمة كالرماد وموت موحش كموت نملة وسط موقد ... أعلاه نار واسفله حجر وقلبه لهب وهكذا فالخسارة فادحة ستلتصق التصاقا عفويا باشياء ربما نتحملهاا تاركين الاشارات الموضوعة كمعالم لطريق مسكون بخطر داهم ...
ــ *** ــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف