الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تتجاهلون الدستور تضيع الحكومة

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2010 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بعد مرور ما يقارب الخمسة اشهر على اجراء الانتخابات التشريعية وظهور النتائج النهائية والمصادقة عليها ، لا تبدو في الافق بوادر تشكيل حكومة عراقية جديدة ، و لا تزال الخلافات بين الكتل السياسية تهدد مستقبل البلاد والعملية السياسية وتمهد لتدخلات اقليمية واممية لا تمس السيادة الوطنية وحسب انما قد تتعارض مع مصالح الشعب العراقي وقد تولد انقسامات اضافية وحادة بين مكوناته وتقضي بالكامل على ما تبقى من الثقة فيما بينها مما ينذر بعواقب وتداعيات قد تجر البلاد الى كارثة حقيقية .
هذه الحقيقة تدركها كافة القوى السياسية تمام الادراك وتشعر بها اكثر منا نحن المواطنين الذين لا نملك الا التعبير عن قلقنا قبل ان تعم حالة اليأس من هذه القوى التي تتلاعب بمصير البلاد والشعب والرعية المغلوبة على امرها بفعل تكالبها على المصالح الذاتية والحزبية والفئوية والمذهبية والقومية وبفعل الطموحات والاطماع الفردية الخاصة وكذلك بفعل ترضية الجيران دون ادنى اعتبار لمصلحة الشعب ووحدته وفقدانه الامن وحرمانه من الخدمات الضرورية وتصريف شؤونه الادارية .
كل القوائم الفائزة والتي نالت ثقة مجموعة من هذا الشعب المظلوم ، تتحدث عن مشروع وطني يخدم العراق والعراقيين ، ولا توجد واحدة منها تولي مسالة تشكيل الحكومة الاهمية نفسها التي توليها لحصتها ومكانتها في الحكومة القادمة ، لا توجد واحدة منها تعتبر تشكيل حكومة عراقية جديدة غاية في ذاتها وليست وسيلة للحصول على المغانم والمكاسب والمواقع والمناصب .
القائمة العراقية ، ومن حقي ان اضع العراقية بين قوسين ، لا تترك مناسبة في التحدث عما تسميه حقها الدستوري في تشكيل الحكومة ، وكأن كل امال العراقيين معلقة على هذا الحق .
القائمتان الدينيتان الشيعيتان ، الائتلاف الوطني ودولة القانون ، تتحدثان عن تحالف جديد وهمي لغرض تشكيل الكتلة الاكبر وحسب ، وتبقى التناقضات والصراع فيما بين قواها المختلفة حادة وفردية الى ابعد الحدود ، لا يجمع هذه القوى الا الاجماع على ابعاد قائمة العراقية من تشكيل الحكومة ورغبتها في تولي عراقي شيعي من الاحزاب الدينية منصب رئيس الوزراء .
من جانبه ، يرى التحالف الكردستاني ومعه القوائم الكردستانية الاخرى التي لها مقاعد في مجلس النواب ، ان من حقها احتكار منصب رئيس الجمهورية الشرفي ، لا بل نلاحظ بعض التصريحات التي توحي وكان هذا المنصب وقف شخصي ، واذا حرم التحالف الكردستاني منه يحدث اخلال بالتوازن القومي ، وبهذا التوجه يلحق التحالف الكردستاني ضررا بالكرد بتنازلهم الضمني والى الابد عن المنصب الاول في الدولة العراقية وهو منصب رئيس الوزراء الذي تولاه الكرد قبل مرحلة الحركة التحررية الكردية التي تنادي بالمساواة بين الكرد والعرب . ويجب ان اقول ان ائتلاف القوائم الكردستانية لا يتحمل اي وزر في مسالة اعاقة تشكيل الحكومة لان تحالفها مع احدى القوائم لا يحقق الاغلبية ويلزم العملية طرف ثالث من القوائم الاخرى ، والقوائم الثلاث الاخرى لا تتفق احداها مع الاخرى .
اعود الى القائمة العراقية التي تتحدث كثيرا على الحقوق الدستورية ، واقول لها اذا كان السادة النواب الذين ينتمون الى قائمتكم حريصون على الدستور ، فلماذا لم يابهوا ، ومعهم كل السادة النواب الاخرين ، باحكام الدستور وقدسيته منذ الجلسة الاولى التي تلا فيها النواب القسم القانوني المتضمن التزامهم بتطبيق التشريعات بامانة وحياد وحسب منطوق المادة ( 50 ) من الدستور الذي جرى خرق احكام المادة ( 55 ) منه بعدم انتخاب رئيس للمجلس ونائبيه في الجلسة الاولى ، وبدل تطبيق الدستور ابتدعوا الجلسة المفتوحة وظل رئيس السن رئيسا حتى الان ويجري الحديث عن رئيس مؤقت وعن جلسات المجلس لاتخاذ قرارات قبل ان يتخذ المجلس شكله القانوني اي قبل ان يتشكل دستوريا !
من الغريب ان يتحدث البعض عن امكانية ان يتخذ مجلس النواب ، وقبل ان يكتمل شكله القانوني ، قرار بجعل الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال ، وفي ظل رئيس السن الذي تنتهي مهمته في الجلسة الاولى ، ان الحكومة واقعا هي حكومة تصريف اعمال باعتبار انها غير حائزة على ثقة البرلمان وان اغلب اعمالها السيادية تخضع لتصديق مجلس النواب ، وواقعا لا يمكنها حتى تعيين سفير او شخصا في الدرجات الخاصة فهل يودون منها ايقاف الرواتب مثلا .

ان التحايل على القانون ينجم عنه هذا المازق الحالي . وجرى التحايل على القانون الدستوري لمصلحة الكتل السياسية التي ترفض تشكيل الحكومة قبل ان تعرف حصتها فيها .
كان على المجلس وفي الجلسة الاولى ان يكمل تكوينه القانوني وان ينتخب رئيسا له ونائبين للرئيس ، وكان عليه حسب منطوق المادة (72 ) من الدستور ان ينتخب رئيسا جديدا للجمهورية خلال مدة ثلاثين يوما من تاريخ اول جلسة للمجلس . وكان على رئيس الجمهورية الجديد والمنتخب وخلال خمسة عشر يوما من انتخابه ، ان يكلف مرشح الكتلة النيابية الاكبر لتشكيل الحكومة حسب المادة ( 76 ) من الدستور . وكان على المرشح ان ينهي تشكيلة حكومته خلال مدة (30 ) يوما من تاريخ تكليفه حسب المادة نفسها ، وبعكسه يكلف رئيس الجمهورية شخصا اخر .
لمصلحة من جرى كل هذه الخروقات الدستورية ؟ طبعا الجواب هو لمصلحة القوى السياسية وليس لمصلحة الشعب .
ان حجز المناصب سلفا يعطل احكام الدستور ، والقوى السياسية العراقية غير حريصة على الدستور العراقي ويسهل خرقه والتحايل عليه وعلى المبادئ الديمقراطية نفسها .
لو كان مجلس النواب حريصا على الدستور لانتخب في الجلسة الاولى رئيسا له ولانتخب رئيسا للجمهورية من بين المرشحين ، بعد شهر من اجتماعه ، وكان يمكن لرئيس الجمهورية تكليف اياد علاوي بتشكيل الحكومة باعتبار ان قائمته تشكل الكتلة الاكبر في البرلمان ، وبالتاكيد لم يكن بمقدرته تشكيل الحكومة ان امتنعت القائمتان الشيعيتان عن التحالف معه .
وبالنظر لعدم وجود محكمة دستورية في البلاد حتى اليوم ، فان القضاء العادي له الولاية العامة ، وللمحكمة الاتحادية العليا الحق في الزام مجلس النواب بتطبيق احكام الدستور والالتزام بالقسم القانوني . يفهم من احكام المادة ( 61 ) من الدستور ان من حق المحكمة الاتحادية العليا ادانة رئيس الجمهورية عند الحنث باليمين الدستوري ، ورئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن ، فاذا كان هذا الرمز معرضا للمساءلة يجب ان لا يبقى شخص اخر في العراق بمعزل عن المحاسبة في حالة تعمده اهمال واجباته او خرق الدستور الذي يعد وثيقة شرف بين المواطنين وممثليه في الحكومة والبرلمان والذين يمارسون السلطة اكانت تشريعية او تنفيذية او قضائية نيابة عنه .
من حق الشعب ان يعبر عن قلقه وسخطه وان يتساءل اين تؤدي به هذه الانانية السياسية لمجموعة من القادة الذين لا يرحمونه ويتصرفون كغرباء عنه .
لقد سئم الشعب العراقي الصراع على منصب رئاسة الوزراء بين السيد المالكي والسيد علاوي ورغبة السيد عمار الحكيم والصدريين في اقصاء كليهما وتنصيب من يروق لهما . هذا في حين لا يسمع الشعب عن منافسة لتقديم المشروع الافضل لخدمة الوطن حسب الوعود الانتخابية التي انتهت مفعولها .
الان الصورة واضحة وجلية ولا تستدعي لعبة النعامة ، لا مناص من تحالف العراقية ودولة القانون ومن ثم انضمام التحالف الكردستاني او القوائم الكردستانية اجمعها اليهما ، التحالف الشيعي لم يعد موجودا حتى بالاسم ، وتقارب العراقية مع الصدريين لا يقنع عاقلا ، مثلما لن يقتنع احد ان يستولي قائمة التحالف الوطني برئاسة الحكيم على دولة القانون بعد اقصاء المالكي عنها ، كما ان تنازل المالكي مستبعد جدا ، ولن يكون بمقدور الحكيم التفاوض مع العراقية باسم 158 نائبا . كما لا اضن ان العراقية ستقبل بشروط الصدريين الذين يشكلون عماد قائمة الحكيم . ان السناريوهات المتبقية توجب تحالفا بين العراقية ودولة القانون والتحالف الكردستاني او اجراء انتخابات جديدة قد تكون الحل المتبقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح