الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرياليزم

علي شكشك

2010 / 8 / 4
السياسة والعلاقات الدولية



في لجج الغموض والهواجس والترقب, كأننا في انتظار حربٍ علينا, كأننا ننتظر سلخنا بعد ذبحنا, عاجزين وَهِنين, مستنفرين ننظر إلى لاشيء وفي كل اتجاه, كأننا مستسلمون لهامشٍ ما لدى الآخرين قد لا يسلمنا إلى ما نخشى, فقد يظنُّ بنا من القوة ما يقمع منتهى شروره التي صرح بها حاخام العالم عوديا, وقد يكون العالم مازال في حاجةٍ إلى بعض الأغيار على ظهر الأرض تبقيه جديراً بسمة التميز عنا, فبدوننا كيف سيكون مختلفاً عنا, عن الفائض اللازم له ليكون ما يريد أن يكون, مستعلياً وباطشاً ومستغِلاً وشرّيرا, وكيف سيكون شكل العالم بدوننا, إن أجهزوا كاملاً علينا, وفي أي مرايا سيرون وجوههم ويعرفون لون عيونهم ومنظومة أخلاقهم, وأيّ متاحفَ سيزورون وكيف سيتحقق شبق الإحساس بالمدنية في غياب النمط الذي حنطوه, وفي غياب المومياء التي سيفكون شيفرتها ويجعلونها مستنداً يبرر نمطهم ونزقهم ويذكرهم بجدواهم ويفك تناقضات ما بينهم, ويحرف عيونهم عن تناقضاتهم واحتمالاتها, يفك التباساتها ويمتص استقطاباتها وشحناتها بتوجيه البوصلة نحونا, إسمنتاً يضمن لهم حروباً ضدنا توحدهم وتجمع شملهم وتشفي غليلهم وغرورهم,
كأنّنا بانتظار حربٍ علينا, كلما فهمنا شيئاً أفلت منّا, وسرنا بنا إلى آخر اللبس, بلا شللٍ ولا مللٍ من سأم الدوران في لجّةِ الانتظار, منذ أوّلِ حرب ونحن على وشك الحرب علينا, ألفنا عادة انتظار الجناة وألفنا غموض الحياة وانتظرنا كما الأرض تنتظر احتمال سقوط المساء على نخلةٍ في السماء, وبلا وجلٍ سنرفع أيدينا للهباء ونمضي على عجلٍ, سننظر كيف يكون, وكيف نكون هناك سدى, مثل طفلٍ ينادي أباه ويدفع ثلّة جندٍ عتاة يحولون بين تجلي الإله وبين تجلي الإله, والغموض منتهى الوجع, فكيف سنقرأ صمت الشفاه؟ وصمت النوايا, وهمهمة الخطو في كلّ ناحية دون صوتٍ يفكّ طلاسم أشواقنا وأوجاعنا, منذ أوّلِ حربٍ ونحن على وشك الحرب, حربٍ علينا وأخرى علينا,
كأن ليس لنا من الأمر شيْ, وكما لو أنّ الأمر لا يعنينا, فلم يلحظ أحد أنّ أحداً لم يحرص على أن يقول لأحد شيئاً عن الحكاية, ولماذا؟ وكيف وأين نحن؟ وماذا؟, منذ ستين عاماً وعشرِ حروب لا أحد يدري ولا أحد يتصور ولا أحد يتوقع ولا أحد يعرف بالضبط الإحداثيات المكانية ولا الزمانية ولا الوجدانية لنا, فغامت أحلامنا مع الغموض وذاب عقلنا كرصاص العرافين المُحمَى في الماء, فهل هو أنّ الأمر جزءٌ من الركون لعجز الغموض, كما لو كان شرطاً من شروط الإيمان والإقرار بغيب الحاضر, أم قد ترك الأمر ليكون كلوحةٍ حداثيّة لأثرٍ ما, وليفهم من يفهم ما شاء, لا معنى أو كلّ المعنى, بطن اللوحة يوحي بالحرب وبالسلم وبوحي بالجدِّ ويوحي بالهزلِ ويوحي, أم أنّ الغموض أقلُّ قسوةً من الوضوح وأقلُّ مرارة, فلنكن رحماءً بأنفسنا فلا نبلور لنا ما يزيد همّنا وحزننا, فهي حربنا ضدّنا, فليبقَ الغموضُ سيّدا, لِيبقى معه ما يجبُ أن يبقى, حربٌ علينا, نموت في لجج انتظارها وغرائبها وخفاياها وأسرارها, ليبقى فينا شيءٌ من عقلنا, ولِيبقى أمامنا بعض آمالنا, ولِتبقى أشياءٌ أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟