الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدّثتني جدتي...

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2010 / 8 / 5
الادب والفن


حدّثتني جدتي, عائشة بطواش, أطال الله في عمرها, ان والدها, اسحاق زل, هاجر من تركيا الى أرض فلسطين مع عمه, سمكوف زل, حين كان صبيا صغيرا, وبقي والده, الذي تزوج من امرأة عربية بعد وفاة زوجته, في تركيا, فلم يلتقيا بعد ذلك قط. وكانت له أخت تدعى "الحاجة عائشة", وقد هاجرت ايضا الى أرض فلسطين مع زوجها.

كان والدها, اسحاق, قصير القامة, بشرته فاتحة, جسمه نحيل, شعره أبيض وله لحية. تزوج من والدتها, زهيدة تحاوخو, في زمن الحكم العثماني, وانتقلت العائلة للسكن في سمخ (قرب بحيرة طبريا) عندما كانت جدتي ما تزال بنتا صغيرة لا تتعدى السادسة من العمر, حيث عمل والدها في "الدرمن". وبقيت العائلة تسكن هناك بالإيجار مدة سبعة اعوام. وكانوا خلالها يأتون لزيارة القرية (قرية كفر كما في الجليل الأسفل) من وقت الى آخر, حيث كان لهم بيت فيها.

كان والدها اسحاق يشكو دائما من آلام في البطن ولا يستطيع الأكل ولا النوم في الليل من شدة الألم. وفي الصباح كان يقوم الى عمله, ويعود مساءً الى البيت وهو ما يزال يشتكي من الألم. وان أكل شيئا... يزداد تألّمه. وهكذا بقي حاله, الى ان توفّته المنية في سنوات الثلاثين من القرن الماضي, وكان يبلغ من العمر حوالي ستين عاما. أعيد جثمانه الى القرية ودفن فيها.

وبعد ذلك عادت العائلة الى القرية.

اما والدتها, زهيدة علي تحاوخو, فقد ولدت في القرية. والدها, علي, هاجر الى فلسطين من تركيا, وكان يقول: "سبع مرات نقلنا سكننا من مكان الى آخر, فكيف سنصبح عائلة؟" وكانت لها أخت تدعى حوا. كانت زهيدة فاتحة البشرة, عيناها بنيتان, قامتها قصيرة وجسمها ممتلئ. وكانت طيبة القلب, أمينة ومحترمة. كما كانت شاطرة في طبخ "حجغبس باستا" (أكلة شركسية تتألف من شوربة الطحين والرز).

انجبت اولا بنتا وثلاثة أولاد, وجميعهم ماتوا. ثم انجبت بناتها الثلاث, فاطمة وعائشة ( جدتي) وحنفة. ثلاث بنات صغيرات هن آخر العنقود. وكانت زهيدة تقول دائما: "لقد وُلدن لي في الآخر, ماذا سأفعل بهن؟" ولكن الأولاد ماتوا, كما ماتت البنت الأولى, وبقيت البنات الثلاث الصغيرات, وهن من قمن بكل شيء بعد وفاة الوالد.

جدتي كانت في العادة تعجن, تخبز وتطبخ. وكانت تقول دائما: "سأفعل أي شيء الا ان أحضر الماء". حنفة كانت لها يدان سريعتان جدا. كانت تنهي عمل "مكأوي" للحجاب خلال ثلاثة ايام فقط, وكانت شاطرة في الخياطة والحياكة وخبيرة في الأزرار. اما فاطمة فكانت تحضر الماء من بئر شوكن.

كان بيتهن يتألف من مطبخ وغرفة كبيرة تسكن فيها البنات الثلاث مع الأم. الأخوات الثلاث كن يشتغلن لمعيشة العائلة في الزراعة, تربية الدواجن والخياطة.

توفيت زهيدة في المستشفى بعد وقت قصير من اجراء عملية جراحية لها في عينها, وكانت في الثمانين من عمرها تقريبا.

كفر كما
27.1.10








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشرق الاوسط
شيرزاد همزاني ( 2010 / 8 / 5 - 22:36 )
تحياتي أختي العزيزة حوا ... أغلب سكان الشرق ألأوسط هاجروا الى أو أتو من .اي أننا جميعا من كل مكان فقط نحتاج الى تعلم تقبل ألآخر وتعلم العيش بسلام ... تقبلي فائق تقديري أختي

اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا