الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الخامسة من سيرة المحموم

عبد الفتاح المطلبي

2010 / 8 / 7
الادب والفن



في المدن الحية لا تحتاج الى اجهزة او معدات لاكتشاف ذلك الدفىء المنبعث من مفاصل واذرع علاقات الناس.. حتى ان ذلك يوصف احياناً بالحرارة فيقال صافحه بحرارة.. واستقبلني بحرارة وهذا الرجل لطيف دافىء.. لكنني توقعت انهم يقولون ذلك حتى في الصيف اللاهب هنا في بيتنا.. الا ان المفارقة الاكثر عجباً وخيبة انه بالرغم من هذا الصيف اللاهب الذي تصل فيه درجة الحرارة الى 60 مئوية في الشارع اشعر ببرودة العلاقات بين الناس وفتورها وجمودها احياناً فكرت ان ذلك بسبب الكدر الهابط على المدينة وبالتالي فهو هابط على اخي وامي وانا وحدي من يشعر بحرارة حمى تقترب.. وارجعت اسباب برودة مشاعر اخي وامي والجميع بسبب الكدر لذا لا مجال لان افكر عليهم هذا العذر الغادر.. لذلك فان الناس يكونون يقظين عندما يستيقظون وعندما لا يدرون والوقت المسترخي كحيوان بين تلك اليقظة ووقت النوم لا يدرون الناس ما يفعلون به.. فقد كان ككومة من الخيوط يصعب نكثها وفرزها خيطاً عن خيط.. لذلك فقد ملوا محاولات نكث كرة الخيوط والقوها جانباً فتحولت الى حيوان مسترخي.. في ظل حائط..
ولا مجال لتدفئة البرودة في المشاعر.ز وانك مهما فعلت فلن تستطيع ان تحيد من واقع الامر الذي يجتاح مدننا ذلك الواقع الذي لا تريد الناس تصديقه وقبوله كحقيقة واقعة ويومية ولأن الناس هنا اسماك في بحيرة موبوءة بصنارات صيد عنيدة ومراوغة، تساءلت هل ان الانسان مجرد سمكة لا يعنييها الامر، انا لا اميل الى ذلك لانني اعرف السمكة مخلوق ماكر لكنه لم يزود بذاكرة ، لذلك بعد ان تعلق سمكة بصنارة يهرب السمك بعيداً في لحظة الحدث ، ثم بعد لحظات عندما يهدأ الماء مرة اخرى تاتي سمكة من تلك الاسماك التي كانت هاربة تواً لتغريها الصنارة، فيتكرر الامر على هذا النحو ذلك يجعلني شبه متيقن من ان الاسماك لا ذاكرة لها بالتالي لا علاقة لها بقواعد البيانات وتحليلها واتخاذ مواقف تجاه الحدث.. ولو كان عكس ما استنتجته لانقرضت مهنة صيد السمك.. انها تقداد .. ولا تعي..
فكرت ان ذلك يفسر استمرار الناس بالمرور من الطرقات التي تجتاحها العصابات وجيوش القتلة والقناصين بالرغم من ان حادثة مروعة قد حدتث بالامس على هذا الطريق او ذاك كيف يمكن لي تجاهل ذلك وانا ماض في التنبيه لموضوع الحمى التي تغزو جسدي وبرودة المشاعر تتفاقم حولي.
كيف يعتاد الناس على القتل والموت اليومي وينسون اعتبارهم على الحياة؟
الا انهم اسماك بلا ذاكرة..؟ ام ان الحياة هنا بدأت بالاختلاط بالوت لتشكل قواماً ذا طعم آخر مثلما نخلط الشمس مع البطيخ.. ام انهما صارا وجهين لعملة واحدة كما يقولون.. ام اننا محض غرائز تسير نحو مصائر غير محسوبة ولا يعني حسابها شيئا، ام ان الظل الداكن الذي يغطي المنظور كله يجعل الناس لا يفرقون بين رجل ميت وآخرنا ثم وهم سائرون كالنيام في الطرقات.. ذلك ما كنت افكر به اثناء حملي فوق نقالة المشفى ووضعي في جوف سيارة الاسعاف الفرنسية الصنع من طراز حديث، حيث بدأت الامم المتحدة ننشط هذه الايام في التحضير للكوارث.. فهي دائماً لا تقدم الحلول.. بل تحصد النتائج .. وكانها معنية بمشروع سيحل أزمتها المالية الخانقة هناك في هذا البيت الزجاجي الطويل جداً والذي لا اعرف لماذا لا ينهار.. رغم انهيار جبال في العالم.. وانهيار ابراج ملنهاتن وانهيار امم وشعوب وغرق قارات وجفاف بحار.. لكن هذا العملاق الزجاجي لم تنكسر فيه زجاجة واحدة.. كانت الحمى لم تتوغل بعد في كياني المنحل والمفتول به وان المشفى يقع في منطقة منفلتة من مناطق المجد المنقرض المؤشر على مواقع الانترنت وخرائط الامم المتحدة.. والمنظمات التي لا نعرف لا احتصاصاتها ولا نوع عملها.. والتي انتشرت كالوباء تماهياً مع الوباء الحاصل حالياً والتي لا تسيطر عليه الحكومة ف ياغلب الحالات ذلك لان الحكومة شكلت على عجل كطبيخ غير ناضج.. فاستطاع بعض زعامات عصابات معروفة التسلل الى قاعة جلوس الحكومة والاختلاط معها وكأن الامر لا يعني احداً.. وهو كذلك.. اذا سلمنا ان قواعد العمل المعولم المحضون والمفبرك كتماثيل دادائية يمكن ان تجد فيها الطين والرصاص ومسمار الحديد وقصب من اهوار الجنوب..
وشيء ناشيء لا يشبه الافق مطلقاً ولكن الفنان الدادائي يقول لك بكل برود الفلاسفة.. انه انف.. لا ادري لماذا تتجه افكاري هذا الاتجاه رغم انني عند انطلاق سيارة الاسعاف حاولت ان لا افكر ولا احاول ذلك لانني وددت ان اصبح خارج الموضوع بحيث لا اسمع تلك الرشقات من البنادق الاتوماتيكية التي استهدفت سيارة الاسعاف من زقاق قريب من المشفى, حطمت الرصاصات زجاج السيارة الامامي وجرح السائق في ذراعه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في كل قصة لك روعة مذهلة
عبد الوهاب المطلبي ( 2010 / 8 / 7 - 21:29 )
ارق التحايا اليك احي عبد الفتاح
مررت برائعتك هذه واسلوب السرد الساحر..وفقك الله ايها الاديب
مودتي واحترامي


2 - شكرا جزيلا
عبد الفتاح المطلبي ( 2010 / 8 / 8 - 03:59 )
شكرا لمرورك الجميل أنت دائما لي خير مشجع مرورك يزيدني فخرا

اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?