الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باب الحارة يؤدي الى الكازينو

شوقية عروق منصور

2010 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك ان المسلسل السوري ( باب الحارة ) من المسلسلات التي اخترقت المحيط الدرامي العادي ، وحولته الى قطعة من النسيج اليومي الذي يتمتع بخيوط الكرامة والشهامة والعادات الانسانية المفقودة والنبرة الرجولية الذكورية التي اختفت واصبحت جزءا من كلاسيكيات الماضي .
وللمرة الخامسة على التوالي يعود هذا المسلسل ليكمل حكاية الحارة والباب المغلق الصامد بوجه الاعداء ، ويلف ويدور حول التفاصيل العائلية الصغيرة التي احياناً تدخل في اطار الملل والتكرار الجاف ، ولكن الجو العام يبقى فيه نبض المقاومة الشعبية وكيفية الاحتفاظ بيقظة الحذر والانتباه والحرص على عدم اعطاء العدو فرصة للتسلل وانتهاك حرمة الحارة ، وقد وجد الجمهور العربي في هذه المفردات طيناً لسد الثغرات المفتوحة التي يسيل منها الضعف العربي .
من خانة الفن المزين بالحوار الرجولي والعناوين المزركشة بحركات القبضيات التي تفرض منطق القوة المطعمة بالمبالغة ، والديكورالمتواضع والذي لم يتغير طوال الخمس سنوات- بعكس الممثلين - والذي يشير الى زمن الانتداب ، الى واقع يعيش في حالة اشتهاء الى قبضاي ينتشل البؤس العربي من الوحل الذي لا يعرف مدى عمقه .
لو اسقطنا مفهوم ( باب الحارة )على ابواب الدول العربية المشرعة للقادة والزعماء اليهود لذهلنا من هذا الاسقاط الذي يسخر ويستفز ، ويثير في النفوس حسرة من تكسر الابواب وغياب عزيمة التصدي ورمي الاقفال في مجرى النسيان ، وتوصلنا الى نتيجة ان الدراما العربية لا تسير حسب بوصلة ومشاعر المواطن العربي بل هي بوصلة للتخدير والتنويم ، وايضاً تساعد الانظمة في اغراق شعوبها في الثرثرة الفارغة ، والاتكاء على تاريخ تحول الى مصيدة للعواطف وليس لزرع المواقف المؤثرة والمحفزة .
الفضائيات العربية تعلن وتكرر بين كل لحظة ولحظة ان (باب الحارة )عاد وان شهر رمضان لا يكتمل الا اذا انحشرنا بين دفتي الباب واستنشقنا رائحة المقاومة الفنية التي يزهو بها احد ابطال المسلسل عبر الأعلان اليومي – حارة الضبع فيها رجال - .
في الوقت التي يراقب ويفرح الجمهور العربي بعودة ابو عصام – عباس النوري – والعقيد ابو شهاب- سامر المصري - يناور في تصريحاته ويعلن انه لن يشترك في المسلسل لأن المخرج يفرض عليه اشياء لا يقتنع بها . ومع ان المقارنة بين ابطال الفن وابطال السياسة عبثية ، ولكن لان الواقع المعاش اصبح خليطا ويؤثر على الاجيال القادمة وعلى مدى الصمود.
وليس من المستبعد اذا قمنا بدراسة اجتماعية بين افراد الشعب الفلسطيني عن اهمية العودة الى المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وبين عودة (ابو عصام) الى باب الحارة قد ترجح كفة (ابو عصام ) على كفة (ابو مازن ) .
تعودالقيادة الفلسطينية الى مسلسل ( باب المفاوضات ) تعود باجوائه المهينة والمذله ، و طواقم الكومبارس العربي والفلسطيني، يدفعون الباب لكي يفتح مرة اخرى على الكلام واللقاءات التي لا تثمر غير التنازل والمشاهد الفلسطيني قد سئم من ترهلها والدوران في متاهاتها اللفظية .
هذا الاجماع العربي على دفع الباب وجعل الفلسطينين مجرد براغي تشد الاقنعة التي تغطي وجوههم الجافة من شدة - اليباس التنازلي- لكي يرضى الجالس في البيت الابيض وغيره .
الفنان السياسي صائب عريقات يدعو نتنياهو ( فتح الباب ) وهو يعرف ماذا ينتظرة وراء الباب - قالوا المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين - فكم سيلدغ الفلسطينيون ؟؟ ! والى متى ستبقى القيادة الفلسطينية في هذا الوضع المستسلم ؟؟؟
ويحضرني هنا انه خلال زيارة لجزيرة رودوس ، و(رودوس لها ذكريات اليمه ، فهناك وقعت اتفاقية بين الاردن واسرائيل حيث قامت اسرائيل بضم منطقة المثلث عام 1949 وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد اتفاقيات وقف اطلاق النار في اعقاب حرب 48 ) .
قمت بزيارة المبنى الذي وقعت فيه هذه الاتفاقية التي دخلت التاريخ من اوسع ابواب التنازل المرضي عنه ، لكن اكتشفت ان المبنى قد تحول الى كازينو للقمار .
بعد سنوات طويلة من المعاناة الفلسطينية ، في الشتات واللجوء والترحيل والهدم والصمود المتعب ، هل سنجد امامنا كازينوهات تقامر بمصيرنا ؟ هل باب المفاوضات سيوصلنا الى ابواب الكازينو العربي ؟؟ ام سيلقون بنا خارجه بحجة اننا كنا فاقدي الوعي لأننا سنتمسك بباقي الكرامة ؟؟ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية إلى : شوقية عروق منصور
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 8 / 8 - 18:21 )
آه يا سيدتي ما أروعك وما أصدق كتابتك...
تاريخنا المزور كله.. بـاب الـحـارة!!!...
عنتريات.. منفخات.. كاذبة. وأوهام دونكيشوتية تدفعنا من مئات السنين إلى محاربة طواحين الهواء. لأن سيوفنا من خشب.. وخطاباتنا كلها من خشب.. وبطولاتنا كانت وما زالت من خشب. كلها مثل مسلسلات باب الحارة التي سوف يتابعون تخديرنا بها في شهر رمضان. كما تخدرنا بأمجادنا (أية أمجاد ؟) في كل زمان.
متى نستيقظ يا سيدتي ونواجه أمراضنا الحقيقية, ساعين لإنقاذ ما تبقى وما يمكن إنقاذه.. متى نستيقظ من هلوساتنا الدينية وأمجادنا وانتصاراتنا الوطنية الوهمية الخرافية وكل ما مات من حقائقنا التاريخية المعتمة والمخبوءة تحت ألف ألف حجاب وألف ألف خطبة شيخ أو حاكم أو سلطان...
ولك مني هذا المساء أصدق تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة.

اخر الافلام

.. بعد 100 عاما من الجدل حول نفرتيتي..هل تعود ضيفة برلين الدائم


.. هجمات الحوثيين تقيد القوات الأميركية في البحر الأحمر | #الظه




.. القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني: على واشنطن الكف عن تقد


.. سوليفان: حماس اقترحت تغييرات طفيفة على اقتراح وقف إطلاق النا




.. جنود إسرائيليون يقتحمون بلدة تل جنوب غربي مدينة نابلس بالضفة