الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفزازات الإسبانية للمغرب .. الاستعمار يكشف عن أنيابه

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تمر العلاقات المغربية-الإسبانية خلال الفترات الأخيرة؛ بمرحلة من التوتر ؛ تنبئ بعواقب وخيمة على البلدين الجارين. و يعود هذا التوتر إلى الاستفزازات الاسبانية المتكررة للمغرب و بجميع الوسائل .
و آخر حلقات هذه الاستفزازات؛ هي إقدام الحرس المدني الإسباني؛ على التعنيف المتكرر للمواطنين المغاربة؛ على الحدود الوهمية التي تفصل المغرب عن جزء من ترابه الوطني؛ الذي ما يزال لحدود الآن خاضعا لوضعية استعمارية استثنائية في العالم ككل .
تتناقل وكالات الأنباء على مدى الأسبوعين الأخيرين أخبارا متوالية؛ تجمع كلها على الخروقات الأمنية المتتالية؛ التي أقدم عليها الحرس المدني الإسباني؛ ضدا على المعايير الدولية لحقوق الإنسان؛ و التي تجرم مثل هذه الممارسات.
فقد أكدت بلاغات متتالية لوزارة الخارجية المغربية؛ وقوع تحرشات للشرطة الاسبانية بمواطنين مغاربة؛ وتخليها عن مهاجرين أفارقة في البحر، وتحدث البلاغ الأخير لوزارة الخارجية المغربية عن تواصل الانزلاق العنصري الخطير بنقطة العبور بمدينة مليلية المحتلة خلال الأيام الأخيرة، وذلك بعد حالات العنف الجسدي الثلاث الأخيرة؛ المقترفة من قبل عناصر من الشرطة الإسبانية؛ تجاه مواطنين مغاربة بهذه النقطة، التي سبق أن أدانتها الحكومة المغربية؛ كما أفاد البلاغ بأنه تم تسجيل حالتين خطيرتين من اللجوء إلى القوة والضرب؛ ضد مواطنين مغاربة على التوالي ليلة الأربعاء وصباح السبت الماضيين .
و في نفس الآن ندد المغرب بتخلي الحرس المدني الإسباني على ثمانية مهاجرين منحدرين من دول إفريقية جنوب الصحراء بعرض سواحله؛ وهم في حالة صحية جد متردية.
وأفاد بلاغ لوزارة الخارجية أن دورية للحرس المدني الإسباني؛ قامت الجمعة؛ بالتخلي بعرض السواحل المغربية على ثمانية مهاجرين؛ منحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء؛ في وضعية صحية جد متردية. ويتعلق الأمر بأربعة كاميرونيين وسنغالي وتشادي وغاني وغابوني .
إنها أحداث خطيرة؛ تؤشر على مدى التردي الذي وصلت إليه العلاقات المغربية-الإسبانية؛ و التي لم تكن يوما على أحسن حال؛ و ذلك لأن الإسبان يتعاملون دوما مع المغرب من منظار متعالي؛ باعتبارهم يشكلون جزءا من دول الشمال؛ كما يشكلون جزءا من الاتحاد الأوربي؛ في مقابل المغرب؛ الذي هو جزء من دول الجنوب؛ و يشكل امتدادا إفريقيا. هكذا يتعامل الساسة الإسبان؛ كما تتعامل الدبلوماسية الإسبانية؛ كما يتعامل الإعلام الإسباني ...
و من هذا المنظور يمكن أن نفسر ما جرى و ما يجري و ما سيجري من أحداث؛ لأن الإسبان غير مستعدين الآن –كما مستقبلا – للتخلي عن تفوقهم الموهوم؛ في علاقتهم بالجار الجنوبي؛ الذي لا يحضر لديهم إلا مقترنا بالهجرة السرية؛ و المنافسة (الطماطمية-البرتقالية). لذلك فالاسبان بجميع فئاتهم و تياراتهم السياسية؛ يجتمعون حول نظرة واحدة للمغرب؛ كما رسموه على شاكلتهم.
لقد كان الجزء الشمالي و الجنوبي للمغرب تحت السيطرة الاستعمارية الإسبانية؛ و ذلك إلى حدود 1975 تاريخ تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء؛ و إلى حدود الآن ما تزال إسبانيا تبسط سيطرتها الاستعمارية؛ على مدينتين مغربيتين (سبتة – مليلية) بالإضافة إلى عدد من الجزر. لكن الغريب في الأمر هو أن الإسبان يدافعون عن سياستهم الاستعمارية بوقاحة كبيرة؛ من دون أي التزام بالقانون الدولي؛ الذي أنهى آخر حلقات الاستعمار في إفريقيا؛ و مع ذلك فهم يتبجحون بأنهم دولة تنتمي إلى الشمال؛ و أنهم جزء من الاتحاد الأوربي؛ الذي لا تقوم سياسته على الاستعمار .
و بالرغم من أن الجغرافيا تقول كلمتها الفصل بخصوص المدينتين المحتلتين؛ اللتين تشكلان امتدادا إفريقيا و ليس أوربيا؛ فإن إسبانيا تمعن في إهانة المغرب شعبا و حكومة؛ عبر تكريس احتلال المدينتين؛ و ذلك عبر زيارات متتالية للمسؤولين الإسبان؛ من الملك (خوان كارلوس) إلى رئيس الحكومة الاشتراكي (لويس ثباتيرو)؛ إلى زعيم الحزب الشعبي (ماريانو راخوي)؛ الشيء الذي يؤكد على وحدة الموقف الاستعماري للقادة الإسبان؛ بجميع تياراتهم السياسية؛ و بجميع إيديولوجياتهم من اليمين إلى اليسار .
و لعل ما يحير حقا هو أن الإسبان يتعاملون مع هذه الحالة الاستعمارية؛ بروح قومية وحدوية خارقة للمألوف؛ إلى درجة أن الحرس المدني الإسباني – الذي يجسد السياسة الإسبانية ككل – لم يتمالك نفسه و هو يهاجم شبان مغاربة قادمين من بلجيكا؛ يحملون في سيارتهم العلم الوطني المغربي. و قد أحسن التعبير صحافي مغربي شاب في جريدة المساء المغربية؛ حينما اعتبر أن اللون الأحمر (لون العلم الوطني المغربي) يهيج الثيران في إسبانيا؛ لأن ذلك الهجوم الهمجي على مواطنين مغاربة عزل؛ لا يمت بصلة إلى السلوك الحضاري بله القانوني؛ و لذلك لا يمكن أن تقدم عليه سوى الثيران الهائجة في ساحات مصارعة الثيران في إسبانيا؛ و للتذكير فقط فهذه (الرياضة ) العجيبة توحد الإسبان أكثر مما يوحدهم علمهم الوطني؛ حسب استطلاع الرأي الأخير في إسبانيا؛ الذي أكد أن غالبية الإسبان لا يؤيدون وقف رياضة مصارعة الثيران .
إنه سيناريو متكامل -إذن- شعبيا و سياسيا و إعلاميا؛ يصب كله في اتجاه تقديم الجار الجنوبي؛ كرهان داخلي؛ حيث تتصارع جميع الفئات؛ و جميع التيارات السياسية و الفكرية؛ للحصول على مرتبة الشرف في معاداة كل ما هو مغربي؛ باعتباره يجسد الماضي الحضاري العظيم للعرب المسلمين في إسبانيا؛ هذا الماضي الذي يذر على الخزينة الإسبانية ملايير الأوروهات السياحية؛ لكن الإسبان ألفوا ( أكل الغلة و لعن الملة )؛ و هم يواجهون هذا الماضي المشرق؛ بمواجهة دونكشوطية للحاضر؛ مجسدا في المغرب .
بقي في الأخير أن نعبر عن دعمنا الكامل للرد المغربي الأخير؛ على الخروقات المقترفة من طرف إسبانيا؛ كما ندعو إلى تحويل هذا الرد إلى موقف شعبي و سياسي و إعلامي؛ يكون قادرا على طرح قضية المدينتين المحلتين؛ باعتبارها القضية الوطنية الأولى مضافة إلى قضية الصحراء.

و في هذا الصدد يبدو أن دعوة الوزير الأول المغربي لإسبانيا؛ إلى التفاوض حول مستقبل المدينتين المحلتين؛ يبدو أن هذه الدعوة تشكل منعطفا حاسما في النضال المغربي المستميت؛ حكومة و نخبا ثقافية و فئات شعبية؛ لاسترجاع جزء من ترابنا المستعمر؛ ضدا على جميع القوانين الدولية؛ التي تجمع على إنهاء جميع أشكال الاستعمار في العالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ومتى ينتهي الاستعمار العربي
خيري يوسف ( 2010 / 8 / 9 - 10:07 )
السيد جنداري
ومتى ينسحب الاستعمار العربي من دول الشمال الافريقي ودول شمال جزيرة العرب ويرجعوا الى جزيرتهم التي احبها ربهم حتى انه بنى قصره فيها .
سيدي لا تستخدم الجغرافيا لخدمة التاريخ الاستعماري العربي فان الشمال الافريقي هو امازيغي باربري...وشكرا


2 - ان ابناء الرض لقادمون
ميس امازيـــغ ( 2010 / 8 / 9 - 19:46 )
اتعلم يارجل ان الأسبانيين لن ينسو ابدا الجرائم التي اقترفها طارق بن زياد المخدر بالفكر الأيديولوجي العربي هؤلاء الذين القواعليه القبض للتفرد بنتائج حربه الأجرامية على اهالي شبه الجزيرة الأبيرية وا خذوه الى المشرق حيث عذب الى ان مات مجهول القبر الى تاريخه؟ هل تعلم يارجل ان النظام و المتحالفين معه لن يطالبوا بسبة و مليلة و الجزر رسميا ابدا لأن الرد الأسباني سيحرمهم من نهب خيرات البر و البحر الذي الفوه؟ هل تعلم يارجل ان المغرب ما كان يوما تحت سلطة النظام بكل اجزائه منذ مجيء العرب الغزاة لأن الأمازيغي يارجل يعشق الحرية و قد سمى نفسه امازيغ لأنه الرجل الحر و اعلنها امام شعوب الأرض ان ابناء الأمازيغ اليوم هم الذين يناضلون من اجل مناطقهم المغتصبة و ليس النضام و ازلامه ان ابناء الأرض يارجل هم الذين يناضلون من اجل الديموقراطية و العلمانية و الحداثة و النسبية بينما المستلبين هم الذين يعملون من اجل ابقاء الوضع على ما رسمت ايديولوجية العرب
استيقض ان ابناء الأرض لقادمونز


3 - استغراب
الشهيد كسيلة ( 2010 / 8 / 9 - 21:12 )
الذي اتعجب له هو هذه المقدرة والكفاءة عند الدكتور جندري بس انا محتار كيف شغلها في خدمة التزييف العربجي وكيف ارتضى ان يتبع نزعة قائمة على بهتان وزور

جندري امازيغي شاء ام ابى واذا كان قد تلقى جرعات من طفولته الى اليوم ليكون عربجيا عفلقيا حورانيا يتغنى بجرائم عقبة بن الضار وموسى (حلاقة) بن هزيم فهذا جرم كتير يرتكبه في حق نفسه

اتمنى ان يستفيق وان ينافح عن المغرب الذي بيس شيئا اخر سوى انه امازيغي لان الامازيغية هي ذاته وان كان هناك اعراب في المغرب فهم امازيغ بالمقام والنسب وحتى عربية المغرب هي امازيغية اكثر منها عربية


4 - الروح العروبية .. دائما ولابد حاضرة !!
ادريس ازيرار ( 2010 / 8 / 9 - 22:58 )
وأنا اقرأ المقالة و انتقل من فقرة الى اخرى ، استوقفتني ملاحظة دقيقة ، كون الكاتب لأول مرة يذكر المغرب دون ان يربطه بالهوية العروبية وب(امتداده العربي) .لقد تأملت خيرا وانا أقرأ قوله : .. في مقابل المغرب؛ الذي هو جزء من دول ا لجنوب؛ و يشكل امتدادا إفريقيا (فلم يقحم هنا العروبة وامتداداتها)
وكذلك قوله : .. من دون أي التزام بالقانون الدولي؛ الذي أنهى آخر حلقات الاستعمار في إفريقيا (لم يقل : في العالم العربي )
و بالرغم من أن الجغرافيا تقول كلمتها الفصل بخصوص المدينتين المحتلتين؛ اللتين تشكلان امتدادا إفريقيا (هنيئا للمدينتين حيث لم يربطهما بالعروبة)..
نعم لقد تأملت خيرا ولكن هذا الأمل لم يدوم ،فقد عاد الكاتب الى هوسه بالعروبة والى اذابة الانساب في النسب العربي عندما قال: ..باعتباره يجسد الماضي الحضاري العظيم ((للعرب)) المسلمين في إسبانيا..
فهاهو الكاتب يتنكر وبكل وقاحة لحضور الامازيغ الذين كانوا اكثر عددا من عربانه وساهموا بما سماه ( الماضي الحضاري العظيم) وبالتالي يؤكد هنا الكاتب ان العرب هم من اكلوا الغلة وتنكروا لمجهودات الآخرين..

ت.


5 - تابع..
ادريس ازيرار ( 2010 / 8 / 9 - 23:29 )
نعم لعودة مدينتينا المغتصبتين الى حضن وطننا الحبيب ولا للاستفزازات الاسبانية .. ولكن لا اظن ان السيد الكاتب انما هو حانق على اسبانيا فقط لاستعمارها المدينتين المغربيتين و استفزازاتها المتكررة.. والمسألة أكبر من أن تكون مغربية محضة .فنداء القومجية العروبية هو الذي يحرك بالاساس مشاعر السيد جنداري على اعتبار ان اسبانيا من دول الغرب وما يعنيه الغرب بالنسبة للقومجيين والاسلامويين ..
لا افهم كثيرا في السياسة ولكن اعتقد ان احتلال الاسبان لتلك المدينتين والابقاء على ذلك الاحتلال الى اجل غير مسمى انما يدل على عدم ثقتهم وخشيتهم من حنين القومجيين والاسلامويين لما سماه الكاتب ( الماضي الحضاري العظيم للعرب المسلمين في إسبانيا )
فقط اود ان اذكر الكاتب بان اسبانيا لا تبعد عن بلدنا الا 15كلم ولدينا جالية مهمة هناك ونطمح الى علاقة متميزة معهم مبنية على الاحترام المتبادل وهي اقرب الينا بما لا يقاس من الشرق الموبوء الذي يطمح الكاتب في وحدة تذيبنا فيه

اخر الافلام

.. من هم الرهائن الأربعة الذين حررهم الجيش الإسرائيلي في قطاع غ


.. واشنطن تشارك في تحرير الرهائن الإسرائيليين | #غرفة_الأخبار




.. حزب الله يصف الحرب المقبلة مع إسرائيل بحرب -النهاية- | #غرفة


.. غنى لها نتنياهو.. الرهينة الإسرائيلية الأشهر المحررة من قبضة




.. الوسطاء العرب صعدوا من ضغوطهم على حماس بغية الوصول لتهدئة |