الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في انتظارالسبب المباشر لضرب ايران

جان كورد

2010 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


!
جان كورد، ‏ 4‏ آب 2010
في أية حرب من الحروب، يهدف الطرفان المتحاربان إلى النصرالساحق، وإلحاق أبشع هزيمة مقرونة بالخسائرالجسيمة ببعضهما البعض، إلاّ إذا كانت الحرب لمجرّد تحقيق هدف سياسي معيّن ومحدود من ورائها، لا القضاء المبرم على العدو. ومن الحروب القاصمة الشهيرة ما قامت به القوات النازية في بداية الحرب العالمية الثانية عندما قصفت العاصمة البولونية وارشو بصورة وحشية للغاية بهدف اركاع القوات المدافعة وبالتالي افنائها في حرب خاطفة، وما كانت عليه حرب الولايات المتحدة الأمريكية المدّمرة بشكل مروّع ضد اليابان، وحربها على نظام صدام حسين في العراق في عام 2003، وسائرالمعارك الكبرى في التاريخ، منذ اقتحام القوات البابلية – الميدية نينوى الآشورية إلى يومنا هذا، مروراً بالقادسية واليرموك وحطين وبيرل هاربر ودنكرك وإلى تورا بورا في أفغانستان، كانت ساحقة وماحقة، ومنها ما انتهت بابادة جماعية للخصم كما في حروب الاسبان والبرتغاليين في القارة الأمريكية ضد الشعوب الأصلية هناك، وكما في مذبحتي صبرا وشاتيلا للفلسطينيين في لبنان، أو باستئصال قوته العسكرية تماماً، كما في واترلو وستالينغراد، أو باستخدام الأسلحة النووية كما في قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين من قبل القوات الأمريكية في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكما في حلبجة الكردية التي تم قصفها من قبل الجيش العراقي بالغازات السامة في عام 1988، وما حدث من قصف متبادل بهذه الأسلحة الكيميائية في الحرب العالمية الأولى بين الألمان والفرنسيين، أو بين العراقيين والايرانيين في الحرب التي بدأت بينهما في عام 1980، أو بالتدمير الرهيب كما في عملية 11/9 /2001 الإرهابية المرعبة في مدينة نيويورك، وكذلك بالرّد المكثّف لقصف لم تشهده الحروب السابقة كما قام به الأمريكان في جبال تورا بورا بهدف القضاء المبرم على فلول نظام الطالبان وتنظيم القاعدة، بعد أن غزوا أفغانستان في عام 2002.
وهذه الحروب المدّمرة القاصمة تسقط الأنظمة الحاكمة، كما حدث للنظام النازي في ألمانيا والنظام الفاشي في ايطاليا والنظام الطالباني في أفغانستان والنظام البعثي في العراق...
إلاّ أن هناك حروباً لا تستهدف تغيير نظام أو اسقاطه، مثل حرب حزيران 1967 أو "حرب الأيام الستة" التي غيّرت فيها اسرائيل الخارطة السياسية فيما حولها، دون أن تحتل عاصمة أية دولة عربية من الدول (مصر، سوريا، الأردن، لبنان) المجاورة، ولكنها قضت بحرب خاطفة على قواها القتالية واحتلت مناطق واسعة (سيناء، الضفة الغربية والجولان) من تلك الدول وأسقطت هيبة أنظمتها الجمهورية والملكية على حد سواء...وحققت لنفسها مجالاً حيوياً أوسع وأبعدت عن كيانها الحديث العمر(منذ 1948) خطر القضاء عليه في أيام قلائل.
ولكن كيفما كانت الحروب وإلى أية نتيجة أدّت، فإنها لاتحدث دون مقدمات وتحضيرات، وكذلك لاتجري دون أسباب... ويلعب فيها عنصرالمفاجأة دوراً هاماً، ف"الحرب خدعة" والهدف هو "النصر" وليس الهزيمة.
الدوافع والمقدمات للحروب كلها اقتصادية – سياسية، تتلبس الآيديولوجيا أوالدين أوالنزعات العنصرية كأردية وتستخدمها كذرائع، كما أنّ بعضها من جملة ما تسمى ب"حروب التحريرالوطنية"، وكلها تحتاج إلى أسباب مباشرة للشروع فيها، رغم أن التحضيرات المادية والنفسية لها قد تسبقها بفترة طويلة، ومن جملة تلك التحضيرات وضع الخطط الحربية التي تعتمد توقيتاً زمنياً معينّاً، وخطط بديلة تأخذ بعين الاعتبارالتبدلات الجوية والتغيرات السياسية، واختلال توازن القوى، والمفاجآت التي قد تحدث قبل البدء بالقتال. وتراعى في كل ذلك عناصر المباغتة والسرّية والترهيب النفسي الذي يتخذ شكل "توحيش العدو" إعلامياً بين جماهير الشعب الذي هو من يضع أولاده وأمواله وطاقاته المادية والمعنوية تحت التصرّف، كرهاً أو طوعاً، وليس الحكّام الذين يشنون تلك الحرب.
وقد يكون السبب المباشر مجرّد اطلاق طلقة رصاص على زعيم مثلما بدأت به الحرب العالمية الأوّلى، أو اكتشاف محاولة انقلابية، أو نتيجة خطبة نارية لزعيم الطرف المعادي، أو اكتشاف معلومات عن نوع متطوّر من السلاح لدى العدو، يخشى من استخدامه مستقبلاً، كما في حال الحرب على نظام صدام حسين في عام 2003 أو تمزيق معاهدة بين بلدين متخاصمين كالحرب العراقية – الايرانية التي بدأت 1980 ودامت أكثر من ثمان سنوات، وما إلى هنالك من تبريرات للشروع في الحرب "مقدّسة" أو غير "مقدّسة"...
بالنسبة لايران واحتمال الحرب عليه، فإن كاتباً عالمياً شهيرا هو نعوم تشومسكي قد حذّر من أن "العاصفة على أبواب ايران"، وسائر الدلائل السياسية تشير إلى أن اسرائيل بدأت تقترب من خط النار، رغم كل التلميحات والتصريحات التي تطلقها دوائر اسرائيلية وأمريكية وأوروبية حول "امكانية الخروج من الأزمة سلمياً"، وذلك باتخاذ ذريعة قيام مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بفرض عقوبات دولية أشد على ايران، مما اعتبر البعض بأنه يخفف وطأة الاقدام على الحرب، وإن حجم التحضيرات التي تقوم بها القوات الأمريكية المنتشرة بحرياً وبرياً حول ايران، ومدى اتساع نطاق التدريبات الجوية والاستعدادات الحربية الاسرائيلية، يؤكّد على أن ما تبقّى هو ايجاد "سبب مباشر" لتسقط آلاف الأطنان وآلاف الصواريخ على رؤوس القادة العسكريين الايرانيين فجأة، دون سابق انذار، لتحقيق عنصر المباغتة، ولتمنع ايران من القيام بأي محاولة جادة لايذاء اسرائيل أو ضرب المصالح البترولية للمجتمع الدولي في منطقة الخليج التي على مرمى حجر منها.
وبالتأكيد، فإنّ من هذه التحضيرات والتجهيزات ما يستهدف سوريا وحزب ألله وحماس أيضاً، لأنها محسوبة على ايران، ولها تحالفات عميقة معها، بل ترتبط بها اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً كتوابع غير قادرة على الانفكاك عنها، رغم كل المحاولات الدولية والعربية المضنية لانتزاع "سوريا" على الأقل من القبضة الايرانية، وجرى كل ذلك تحت يافطة "تحييد سوريا"...
وهذا يعني أن الحرب على الأبواب ، فاسرائيل لن تنتظر طويلاً حتى يمتلك عدو شرس مثل محمود أحمدى نجاد سلاحاً نووياً يهدد به وجودها، إضافة إلى ما لديه من سلاح ديني خطير يستخدمه بلا هوادة، ومثلما أوجد الأمريكان سبباً مباشراً للحرب على العراق، تمثّل في اتهامه بامتلاك السلاح النووي على شكل صواريخ مركّبة على عربات ومزوّدة برؤوس نووية قادرة على ضرب أعماق اسرائيل، فإنهم أو أن حلفاءهم الاسرائيليين قادرون على ايجاد "السبب المباشر" للشروع في قصف ايران بصورة سريعة وفعّالة وشاملة، على الرغم من وجود صعوبة في اقناع المجتمع الدولي بذلك، بعد ثبوت الكذب الفاضح في الحالة العراقية من قبل.
كما يعني هذا، أن اسرائيل التي تسعى بشتى الوسائل لتحييد العرب في حربها الفجائية القادمة على ايران من خلال تفاديها لأي هجوم على سوريا، قد تضطر للاقدام على مغامرات عسكرية عبرالجولان أو جنوب لبنان شمالاً وفي قطاع غزّة جنوباً، نتيجة ضغوط نفسية سلبية متوّلدة لدى جنرالاتها أثناء الحرب، وفي حال حدوث أي تحركات عسكرية سورية أو اطلاق صواريخ من جهة حزب ألله و حماس عليها.
وفي هذه الحال، التي لايريدها كل الأمريكان والأوربيين والعرب والاسرائيليين على حد سواء، فإن النظام السوري سيجد نفسه في مأزق محرج للغاية، فمن ناحية سيطلب منه الحلفاء العقائديون الايرانيون المناشدة بقصد الهاء القوات الاسرائيلية، وبخاصة الجوية منها، بمعارك في جنوب سوريا ولبنان، وبعيداً عن الأراضي الايرانية، ومن ناحية ستنفجر أزمة سياسية داخلية في البلاد، لأن سوريا ليست في وضع يؤهلها عملياً لخوض حرب ضد اسرائيل، والأسباب عديدة لامجال لسردها هنا الآن.
وبالتأكيد، فإن الأوضاع الداخلية لسوريا، من مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والمعنوية والعسكرية، ستتأثّر للغاية بهكذا حرب جديدة في المنطقة، لأن هذه الحرب لن تكون مجرّد "عملية تأديبية" لنظام ايراني يرى نفسه أقوى من الجميع في المنطقة ويسعى لبسط نفوذه السياسي والمذهبي وله طموحات كبرى لايخفيها، منها انهاء وجود "دولة اسرائيل"، وهذا الطموح بذاته لن يتم قبوله اسرائيليا ودولياً، وستعمل سائر القوى المعاكسة لايران في هذا الشأن ايقاف الايرانيين عند حدهم، حتى ولو كلّف ذلك أرواحاً لاتحصى وقضاءً على البنى التحتية لايران واضراراً بليغاً بالبيئة بسبب الحجم الكبير للقنابل والصواريخ المتفجّرة والحرائق التي قد تنشب في حقول البترول العربية والايرانية على حد سواء...
لذا، فإن من الحكمة أن تفكّر قيادة سوريا فيما قد يصيبها ويصيب بلادها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بسبب مواقفها التابعة للسياسة الايرانية، وأن تضع مصالح شعبها فوق أي مصلحة أخرى، وأن لاتلقي بنفسها إلى التهلكة المحققة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك