الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب بين البلاك ووتر والبلاك بيري

سعيد مبشور

2010 / 8 / 10
كتابات ساخرة


لعل ما يجمع بين البلاك ووتر والبلاك بيري، و"البلاك عرب"، هو السواد، فالبلاك ووتر معناها المياه السوداء، والبلاك بيري تعني التوت الأسود، وأرض العرب طالما وصفها البعض بأرض السواد، هكذا قالها عبد الرحمن منيف مؤلف الرواية التي تحمل نفس الاسم، وإن أصر بعض النقاد على أن الأرض التي ألحقها منيف بالسواد إنما هي أرض العراق، ولن نختلف هنا فكل أوطان العرب عراق، ما دامت الإدارة الأمريكية تريد ذلك من خلال خلق نموذج موحد للهراء، يبدأ من الفرات إلى حيث لا يعلم أحد أين ينتهي.
في حالة البلاك ووتر، مقاولة الغزو الهمجي الأشهر في العالم، كان العرب ودودين جدا، ومضيافين في غاية الحفاوة والكرم، ربما لأن البلاك ووتر مجرد مياه حتى وإن خالطها السواد، والماء أصل الحياة، خصوصا إذا كانت هذه الحياة أمريكية، تأتينا بفوضى لذيذة وخلاقة وناعمة، ثم أليس العرب هم من اخترع تفسير الماء بالماء ؟ فلا ضرر إذن أن يختلط ماؤنا بماء السواد، ما دمنا أرضا للسواد، وبلدانا للسواد "الأعظم" في عالم يحكم فيه "القرش" الأبيض فيتحكم في نفطنا الأسود الذي ربما هو المقصود بمسمى شركة الغزو الأمريكية.
أما في حالة البلاك بيري فإن الأمر مختلف، ويبدو أن العرب لا شهية لهم هذه الأيام في هضم التوت، خصوصا إذا كان هذا التوت أسودا كالعنسي، ولا ينبت سوى في الفضاء الخارجي، ولا يستطيع الحاكم العربي أن يوقفه ليراقب أوراق هويته، ويتأكد من أن كل كلامه وحركاته وسكناته تمر تحت أذن وعين ومقص الرقيب.
مع البلاك بيري لا مجال للمجاملة، إنها مسألة أمن "قومي" عربي، هذا "التوت" بلا أوراق، ونحن لا يمكن أن نفقد كل أوراق التوت التي تغطي عوراتنا، ثم إننا أمة لا تساهل عندنا مع الوشوشات، ولن نسمح لماسنجر "عميل" و"خائن" و"صفيق" أن يمرر علينا ما يشاء من خطابات الغرام والحرام والمستهام.
المشكلة إذن ليست في السواد، فقد مضى زمن الشؤم الذي كان فيه العربي يقلب برنامجه رأسا على عقب إذا ما رأى غرابا أسود.
هذا اللون يا سادة اختيار، وإلا لما جعلناه لونا ليومنا العربي، ولما كنا صبغنا به أيلولنا المعتق، ولما كنا زينا رؤوسنا بالعقال الأسود الذي لبسناه في إحدى الروايات حزنا على سقوط الأندلس، عندما هرعت النساء حزنا وكمدا، تقصصن جدائل شعورهن وترمينها على الرجال الذين لم يهبوا لنجدة الأندلس، فما كان من أجدادنا إلا أن حولوا جدائل الشعر إلى أربطة على رؤوسهم، وقرروا ألا ينزعوها إلا عند استرداد الفردوس المفقود.

فكيف يكون لنا مشكل في السواد ونحن نحمله فوق رؤوسنا عارا وشنارا قد يمتد إلى الأبد ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رئع
سعيد بومليك ( 2010 / 8 / 10 - 20:53 )
مقال الاخ سعيد رائع
اتمنى ان يدخل إلى قلوب السوداء لتبييضها

اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض