الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطرقة الضغط الأمريكي وسنديان الانقسام الفلسطيني

سعيد موسى

2010 / 8 / 10
القضية الفلسطينية



((مابين السطور))


لقد بات واضحا هول الضغوطات الأمريكية الأوروبية على الرئيس/محمود عباس، كي يذهب للمفاوضات المباشرة مع حكومة إسرائيلية لاتخفي نواياها برفض أي من متطلبات جدية المفاوضات،من حيث مرجعية المفاوضات ووقف الاستيطان وسقف العملية التفاوضية، ويبدوا جليا أن الحكومة الإسرائيلية استطاعت إقناع الإدارة الأمريكية بان الطرف الفلسطيني لايملك سوى الامتثال للضغوطات الأمريكية الأوروبية، في ظل تفسخ عربي وانقسام فلسطيني، أرضية تكاد تكون حفرة الجحيم الذي لابد من السقوط فيه، لان ممر الخيارات أمام الرئيس الفلسطيني أصبحت ضيقة ومحدودة، فالعرب بين متصيد في المياه العكرة وواضح من حيث خيار السلام الاستراتيجي، يسمون أنفسهم ممانعة اسم دون فعل ومعتدل يعيد الكرة إلى دائرة القرار الفلسطيني المضغوط والمحاصر، فينفضون أيديهم بحجة حرية الإرادة الفلسطينية وهذا حق يراد به باطل، وحقيقته تعبر عن تراوح بين فريقي الاعتدال والممانعة من مزايدة جوفاء إلى عجز وهروب من تعريب القرار،والأشد كارثية هو هول ضغط الانقسام الفلسطيني كسنديان صلب في خدمة المطرقة الأمريكية الأوروبية، ولا يستطيع كائن من كان أن يجهل حجم الضغوطات والتهديدات الأمريكية المسلطة على رقبة قرار الرئيس بالولوج إلى مفاوضات مباشرة من عدمه، بل إن الإصرار على إطالة عمر الانقسام هي المؤامرة بعينها، هذا الانقسام الذي يعتبر الخنجر الفلسطيني المسموم في يد الكيان الإسرائيلي والمقدم على طبق من ذهب للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي كأحد أهم أدوات الحسم ، لدفع القيادة الفلسطينية صوب شرك المفاوضات المباشرة مجهولة النتائج أمام وعد ووعيد أمريكي لانتزاع عملية تسوية على خارطة الضعفاء والأقوياء،وكل أدوات الضغط يمكن مجابهتها سواء أكانت عبثية الممانعة والاعتدال العربي المقيت، أو الوعيد بقطع المعونات عن السلطة الفلسطينية، هذا في حال هرولة الطرف الفلسطيني إلى مربع أمان استعادة الوحدة الوطنية دون الالتفات إلى تحفظات تافهة أمام مخطط جر الطرف الفلسطيني إلى شرك المفاوضات المباشرة مع انعدام البدائل العربية والفلسطينية.




وليس اغرب من عدم الاكتراث الفلسطيني من خطورة المرحلة، وتصفية القضية الفلسطينية تحت سقف الانقسام،والمناكفات بالتخوين والطعن بالآخر، فالخيانة الحقيقية هي تأخير استعادة وحدة الخنادق السياسية والمقاومة الفلسطينية ، والأعجب العجيب هوعلم اليقين بان الانقسام سيفضي إلى نجاح الضغوطات المهولة نسبيا،ومن يعتقد بان ترك الرئيس/ابومازن وحده يواجه طوفان هذه الضغوطات ستمكنه من الاستقالة وترك الساحة لغيره كملكية لأجندات ما يسمى بالممانعة لتحقيق مصالحها، فاعتقد أن هذا الاحتمال غير وارد حتى لدى طرفي الضغط الأوروبي الأمريكي، بمعنى أن احتمال استيعاب استقالة الرئيس ستكون معادلة صفرية،وهنا تكون حياة الرئيس الذي يواجه طوفان الضغوطات المجحفة في خطر حقيقي، والبديل ليس على الإطلاق كما يتوقعه البعض الحالم دون الخوض في التفاصيل،ومازال خصوم الرئيس يهاجمونه بشراسة ليؤججوا نيران الانقسام والاهتمام بتوافه الأمور وبث الإشاعات المغرضة كما يروجها الإعلام الصهيوني.




الخطر محدق على كل مكونات الحياة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وعلى امتداد شقي الوطن الممزق بفعل الحفاظ على كرسي ديمقراطية أوسلو اللعين،يحرص كل على لجم المقاومة باسم المصلحة الوطنية العليا، فالمفاوضات أصبحت جريمة وممارستها خيانة، في حين أن اكبر جريمة وخيانة هو الانقسام والإصرار على تجسيده بحجة بعض التحفظات التافهة إذا ماقورنت مع هول المؤامرة الزاحفة صوب ثوابتنا الفلسطينية،وصوب مزيد من الوعد الممجوج والوعيد الفاضح من قبل الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي،وفي ظل ممانعة حتى غير قادرة على تحرير شبر من أراضيها دون اتفاقيات تسوية لن تحدث إلا بعد عدوان،واعتدال يدعو للغثيان بادعاء الحكمة لطمس حقيقة العجز، وكلاهما من قال نعم أو لا للمفاوضات المباشرة لايملك تقديم مساندة أكثر من الكلمة التي لا تكلف قائلها أكثر من تصريح متهور أو حكيم حسب تصنيف سوق نخاسة المزايدات العاقرة.





الكل بدء من الخصم اللدود حتى الصديق الحميم، يدرك مدى خطورة خذلان الرئيس وتركه كريشة في مهب رياح جريمة الضغوطات الغربية وكارثة الانقسام الفلسطيني،وصراع الأجندات الإقليمية مابين ممانعة واعتدال ، فاستعادة الوحدة الفلسطينية هي الملاذ الآمن وطوق النجاة الممكن إلقاءه للرئيس/أبو مازن كي ننقذ شعبنا وقضيتنا من هدير وتلاطم أمواج محيط المؤامرة الزاحفة بسرعة البرق قبل أن تتغير معطيات الأرضية الخصبة عربيا وفلسطينيا، لانتزاع مفاوضات مباشرة في ظل هجمة استيطانية وتهويدية متسارعة تقضي على كل أمل لحلم الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت في الرابع من حزيران 67 بوحدتها الجغرافية وعاصمتها القدس، فأي تأخير للمصالحة وإنهاء الانقسام هو بمثابة ترك الرئيس العنيد أمام الثوابت الفلسطينية وفي مواجهة طوفان الضغوطات الأمريكية الأوروبية كي يغرق ، ومن ثم يطيب للخصوم التغني بغرقه وضياع آخر أمل للمشروع الوطني الفلسطيني وينسون في غمرة الشماتة والتشفي حكمة التاريخ"أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، ومن لايعلم بان أهم ركيزة من ركائز الضغط الأمريكي والغطرسة الإسرائيلية هو استمرار الانقسام، فهنا تكمن الخطيئة والمصيبة،ولكن العلم بان أهم ركائز الضغوطات على القيادة الفلسطينية هو الانقسام الفلسطيني كحد قاتل لسيف الضغوطات فهنا تكون المصيبة أعظم ،والتاريخ لن يرحم احد مهما كانت مبرراته،وفي المحصلة إغراق كابينة القيادة لن يبقي لنزلاء مؤخرتها غير طريق واحد هو الغرق الحتمي وبشكل أبشع من الإغراق الذي يساهم به شركاء الدم والقضية عن قصد أو جهل.




الرئيس الفلسطيني والذي يستكبر البعض للثناء على صموده البطولي، ويستنكفوا عن دعمه ومحاولة إحداث خلل في معادلة الضغوطات للصالح الوطني العام وذلك بالالتفاف الشامل حول صموده في مواجهة تلك الضغوطات المهولة الجائرة، إنما يعني أن التربص هو عنوان المرحلة، وكلما زادت الضغوطات الخارجية على الرئيس يقابلها ضغوطات كارثة الانقسام ولغة التخوين حتى وهو في اشرف درجات الصمود والعناد وعلمه بمدى خطورة عناده على حياته كسلفه شهيد القدس والثوابت ، الزعيم الراحل/ ياسر عرفات، شعبنا وقضيتنا على المحك العملي وعلى مفرق طرق هو الأخطر والأسوأ على مدار مئة عام من الصراع مع الصهيونية تاريخيا، هذا بفعل الانقسام اللعين وإشغال شعبنا تارة بالعصا وتارة بالتخوين والتكفير عن مخطط أمريكي أوروبي إسرائيلي،لتوجيه ضربة قاسمة لقضيتنا ومشروعنا الوطني ووصايا الشهداء برسم الانقسام السرطاني والمهاترات العربية مابين عجز ممانعة وحكمة اعتدال هو العجز بعينة، الخطر بكل معنى الكلمة سياسيا وعسكريا ومصيريا يطرق أبوابنا، ولا يبدده سوى معجزة التخلي عن الأوهام الحزبية لحساب فلسطين وليس لحساب أجندات إقليمية وكرسي ديمقراطية أوسلو اللعين، والقادم اخطر مما يتصوره البعض من متربص وأمين، وبين هذا وذاك ستدمر الثوابت وتضيع من جديد فلسطين، فوقف المفاوضات ووقف المقاومة هوعنوان الدمار القادم، فلا إرهاصات ثورة شعبية بيضاء تلوح في الأفق لنسف شبح الانقسام، ولا جدوى من التقرب زلفى بوقف المقاومة مع عدو غادر جبان، السفينة بكاملها ستغرق إن لم يتم الالتفاف حول صمود الربان ولن ينجوا من الغرق احد إلا من رحم ربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح العنوان
أحمد جعفر ( 2010 / 8 / 10 - 10:49 )
أعتقد أن الصحيح في العنوان هو سندان الانقسام وليس السنديان النبتة.. لذا يقتضي التنويه وشيء من الدقة


2 - السيد الفاضل /أحمد جعفر
سعيد موسى ( 2010 / 8 / 10 - 23:58 )
معذرة عن هذا الخطأ المطبعي والسقوط السهو
شاكر لك هذا التصويب


3 - الحوار المتمدن
أفتخر بك أبي ( 2012 / 1 / 22 - 15:50 )
الوحدة الوطنبة هي بر الامان وطريق النجاة الوحيد لمقاومة هذا الاحتلال الغاشم
السيد الرئيس محمود عباس هو ربان السفينة الفلسطيني وحامي القضية رغم الحيتان الامريكية والاوروبية لكنه الأقدر على حماية القضية الفلسطينية من الغرق وان كل الضغوطات التي تفرضها امريكا انما هي لتوطيد الانقسام وتمزيق الوحدة الفلسطينية
وجزيل الشكر للاستاذ سعيد على هذه الكلمات الرائعة

اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه