الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل أوباما .. كمرجعية؟!

محمد السهلي

2010 / 8 / 10
القضية الفلسطينية


ربطا بالمواقف المعلنة، لا تجد الإدارة الأميركية نفسها معنية بالرد على ما أسمي رسالة لجنة المتابعة العربية بشأن المفاوضات المباشرة وخاصة أن ديفيد هيل، مساعد المبعوث الأميركي، أوضح على نحو قاطع لقيادة السلطة الفلسطينية أن بلاده تنتظر الموافقة الفورية على بدء هذه المفاوضات مقابل تقديم دعم «الرباعية» وغيرها لمسار التفاوض.
أما الطلبات التي قدمت بشأن الاستيطان ومرجعية المفاوضات فقد سبق لواشنطن أن اعتبرتها «عوائق» فلسطينية أمام جهود التسوية السياسية وعلى أساس هذا الاستخلاص مارست ولا تزال المزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني بشكل مباشر ومن خلال نوافذ عربية وغربية عدة.
وأمام التهديدات الواضحة التي أطلقها أوباما في رسائله أو عبر مبعوثه جورج ميتشل فإن الحديث عن ضمانات أميركية مفترضة يدخل ـ برأينا ـ في خانة الهذيان السياسي ليس إلا.
إن متابعة العرض الذي قدمه الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أمام لجنة المتابعة العربية لمقدمات المفاوضات ومسارها تفتح مجددا على ملاحظة الموقف الأميركي من الجوانب الآتية.
* انكشاف زيف الضمانات الأميركية بما يخص أولا مرجعية المفاوضات وربطها بنتيجة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة والتأكيد على أن الجهود الأميركية تسعى إلى تعزيز فرص التوصل إلى سلام شامل على جميع المسارات بما فيها المساران السوري ـ الإسرائيلي واللبناني ـ الإسرائيلي.
* انقلاب الموقف الأميركي والذي ورد على لسان الرئيس أوباما ذاته وخاصة فيما يتعلق بالموقف من الاستيطان وضرورة تجميده حرصا على نجاح جهود التسوية السياسية، وبدء إطلاق المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وفيما بعد انصبت الضغوط الأميركية على الجانب الفلسطيني لحمله على الدخول في المفاوضات ورفض مطالبه المحقة في الوقت الذي جرى فيه «تفهم» اعتبارات حكومة نتنياهو بشأن الاستيطان ووجدت له مخارج عدة حتى يحافظ على صورة المنتصر أمام حزبه وائتلافه الحاكم.
* وبعد نجاح الضغوط الأميركية ونوافذها العربية في استصدار الموافقة «الفلسطينية» على دخول المفاوضات غير المباشرة وافقت على شروط نتنياهو بإدخال ملفي الأمن والمياه إلى جدول أعمال هذه المفاوضات وقلنا في حينها إن في ذلك لغما وضعه نتنياهو ليفجر به المفاوضات في أية لحظة. وإذا كان هذا اللغم لم ينفجر فإن مبعث ذلك هو أن المفاوضات لم تجر أصلا!
* وفي سياق المفاوضات غير المباشرة (شكلا) مارست إدارة أوباما تضليلا مكشوفا عندما قالت بأنها ستحاسب أي طرف يقوم بأعمال استفزازية بحق الطرق الآخر، ولكن ذلك لم يطبق بحق الحكومة الإسرائيلية التي واصلت إطلاق العطاءات الاستيطانية وواصلت الاعتداء على الفلسطينيين إن كان بشكل عسكري مباشر أو باستصدار القوانين العنصرية بحقهم. ولم تكن إدارة أوباما واضحة تجاه ما أسمته الإجراءات الاستفزازية إلا عندما طالبت الجانب الفلسطيني بعدم «التحريض» على إسرائيل ودعت بشكل سافر لإيقاف المقاومة الفلسطينية الشعبية التي اندلعت احتجاجا على استمرار الاستيطان والتهويد وهدم بيوت الفلسطينيين في أحياء القدس المختلفة.
* وانتقلت الإدارة الأميركية في تناغمها مع الموقف الإسرائيلي إلى مرحلة أخرى عندما طلبت ببدء المفاوضات المباشرة وهي التي قد أعلنت سابقا أنه لن يتم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، دون تحقيق تقدم جوهري في ملفي الأمن والحدود. وعندما ذَّكرها الفريق الفلسطيني المفاوض بهذا الالتزام وجهت له إدارة أوباما إنذارا واضحا وهددت بعواقب رفض الدخول إلى «المباشرة» بل وحذرته من أية خيارات أخرى من بينها اللجوء إلى الأمم المتحدة بحثا عن إنصافه.
وفيما انطلقت المفاوضات غير المباشرة يوم 9/5/2010 ولمدة أربعة أشهر كما هو مفترض، فاجأت إدارة أوباما الجانب الفلسطيني بطلب الانتقال إلى «المباشرة» في الجولة الخامسة (1/7) أي في منتصف المدة، دون أن تكلف نفسها تقديم أي مسوغ لهذا الانقلاب في الموقف مع إدراكنا بأن الأجندة الأميركية الداخلية والخارجية قد وضعت ملف التسوية السياسية في الشرق الأوسط في ترتيب متأخر على جدول أعمالها.
* وربما تكون مسألة المرجعيات التي طرحتها واشنطن كإطار للمفاوضات، هي ميدان الانقلاب الأكبر في موقف الإدارة الأميركية مع تحفظنا الأكيد على هذه المرجعيات التي غابت عنها قرارات حيوية للشرعية الدولية أهمها ما يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين ونقصد بالطبع القرار الدولي 194.
ومع ذلك، فإن اللافت للانتباه أن الرئيس الأميركي يعتبر رسائله الموجهة إلى الجانب الفلسطيني والمؤرخة في 18/2 و21/4 ـ2010 كمرجعية للمفاوضات، وحتى تكتمل دائرة العبث الأميركي المستجد فإنه (أوباما) أضاف لهاتين الرسالتين، رسالته الموجهة في 17/7 والتي تضمنت انذارات بالجملة لقيادة السلطة وللفريق الفلسطيني المفاوض في حال تم رفض الدخول في المفاوضات المباشرة.
والمستهجن في الأمر أن أوباما يذكر أن ما ورد في الرسائل الثلاث تشكل معا أساسا لهذه المفاوضات، مع أنه شخصيا قد تراجع عن الكثير مما ورد في رسالتيه السابقتين وخاصة في ما يتعلق بموضوعة الاستيطان وجدول أعمال «غير المباشرة» ومدتها، كما أن واشنطن قد استنكفت عن القيام بأي دور في هذه المفاوضات وهي التي تعهدت على لسان المبعوث ميتشل بالقيام يدور نشط وفعال من أجل تقريب وجهات النظر وجسر الهوة ما بين مواقف الطرفين ربطا بالأسس التي أعلنت فبل بدء المفاوضات .
* دائرة المواقف الأميركية تجاه تسوية السياسية تم إغلاقها من قبل مساعد المبعوث الأميركي, ديفيد هيل الذي وجه رسائل مباشرة إلى الجانب الفلسطيني ومعه عواصم عربية عدة مفادها أن الخيار الوحيد أمامهم هو قبول الدخول في المفاوضات ولا خيار غير ذلك.
* المعادلة التي سعت وتسعى الإدارة الأميركية إلى تكريسها في موضوعة المفاوضات هي إطلاقها مقابل مجموعة متفرقة مما أسميته بوادر زرع ثقة تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بين الحين والآخر ثم «تنزعها» عندما تقرر هي أن الجانب الفلسطيني لم يبد حسن السلوك اللازم لكي يستحقها والتجارب المريرة الماضية خير دليل على هذا الاستخلاص.
إذن نحن أمام ضغط أميركي هائل وإلى جانبه ضغوط عربية ودولية «مساعدة» لدخول المفاوضات المباشرة ولا يوجد ما يسند هذه المفاوضات من الجانب السياسي والقانوني بما يجعلها تفتح على تحقيق أي شيء من الحقوق الفلسطينية.
في هذا السياق يلفت الاهتمام المحاولات التي تجرى لدى أوساط في قيادة السلطة الفلسطينية والتي تسعى كما تقول لـ«الانحناء أمام العاصفة» من بينها اللجوء إلى لقاءات ثلاثية دون مستوى القمة تجمع ممثلين عن الفريق الفلسطيني المفاوض والحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة تحت عنوان البحث في مرجعية المفاوضات والاستيطان وإطار المفاوضات وجدول أعمالها. ويذكرنا هذا المسرب بما كان قد اقترحه ميتشل على الجانب الفلسطيني قبل التراجع عن المطالب الفلسطينية تجاه «غير المباشرة» على أساس أن التفاوض على مستوى أقل من القمة لن يشكل إحراجا لقيادة السلطة في دخول المفاوضات دون تلبية الطلبات الفلسطينية وأن مهمة اللقاءات الثلاثية (في حينها) إنضاج الظروف لإطلاق المفاوضات المباشرة.
إن الموقف من هذا الاقتراح لا ينفصل بالضرورة عن تقييم الدور الأميركي والانقلاب في المواقف الذي مورس بشكل سافر, وبالتالي فإن استعادة التجربة لا يعني سوى الفشل المسبق. والآمر نفسه يتعلق بمحاولات «استعادة» الثقة بالرئيس الأميركي ومطالبته بإعادة تحديد مرجعية المفاوضات ووضع الجانبين المتفاوضين أمام ضرورة التزامها.
وعلى الرغم من أن محصلة مواقف «الرباعية الدولية» لا تخرج عن منسوب الموقف الأميركي, إلا أننا نجد أنه من الضروري وضع هذه اللجنة أمام موقفها المعلن في بيانها الصادر في 19/3/2010، وإعادة التأكيد عليه. فهل تحترم الرباعية ما كانت أعلنته.. أم أنها ستمضي على منوال الإدارة الأميركية فتنقلب هي أيضا على موقفها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا