الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقة الذل

نعمة حسين الحباشنة

2010 / 8 / 10
الادب والفن



هل الذل قرار ؟ أم هو فرض ونتيجة ؟ عندما يخرج الذليل من ذله ويتحدى جبروت من تسموا بأسماء الألهة هل يخرج نظيفاً معافي أم أنه سيتلون بألوانهم ليكون إلهٌ مثلهم ؟؟
ألهة تفعل ما تريد وقتما تريد دون رادع يردعها وذل أصبح يشيب له الوليد والكل يتفرج في زمن الذل والعبودية ، رجعت مراكب العبيد تشق عباب المحيط وهي تحمل في سراديبها العفنة الخضراء أكداس من جثث خرساء عمياء لاترى الا سوط الجلاد ورغيف الخبز المحروق ، خبز ملوث ببقايا الجرذان أو حتى لم تترك منه الا القشور الديدان ؟؟ لايهم !! المهم أنه خبز وحياة ، حياة بلا كرامة ودماء تسيل بلا ثمن وعرق مسفوح على أكداس ملح من كذب وخوف ؟؟ لايهم !! المهم أنها الحياة وليست الموت ...
تشققت بدع الانسانية عن أرض قاحلة للذل والهوان وركب مراكبها كل من اختار الحياة ولم يبقى للكرامة أرض أو بيت صارالذل بلا ثمن في زمن سرقة الملايين والجور على المساكين وسحق الأخ لأخيه بنعال من طين ، زمن صبت فيه اللعنات واستوت فيه الأهات والضحكات وبكت اللعنات من قوي يظن أنه يمتلك الكون بيمينه وضعيف لايجد رغيف الخبز يسرق الابتسامة ممن هو أضعف منه ليداري عقدة نقصه ...
رجال ترتدي حلل ذهبية وتزرع القمح وقوداً لسياراتها ورجال في مخازن سرية على أرصفة غريبة يتكدسون بالمئات في غرف عفنة بنيت في زمن العبيد وأعاد تجديدها العبيد الجدد ينتظرون مراكب صدئة بلا محركات ترحل بهم بعيداً عن أرض الذل الأصغر نحو أرض الذل الأكبرفي زمن صارت فيه الأرض كلها موطناً للذل ولهوان لمن يبحث عن كرامته دون أن يدنسها بظلم ...
في قاع المحيط هناك وتحت تلك الصخرة الخضراء العفنة ترقد جمجمة عبد من عبيد القطن تنتظر جماجم العبيد الجدد الغارقين وسط دوامة الرؤوس العفنة التي تدير تلك الحكومات الرشيدة وشيخ للافتاء يختم وثيقة ترقيته وربما شهادة وفاته بفتوى شرعية تتهم أولئك الغرقى بالطمع والأنانية هم ليسوا شهداء لأنهم طماعين ورحلوا بعيداً عن الظلم بحثاً عن رغيف خبز وسط الذل ؛ أما ذلك الرجل صاحب الثوب الأبيض والقلب الأسود قاتل الإنسانية والمنتقم من جموع تتابع مباراة لكرة القدم فهو شهيد بدرجة طير في الجنة ...
في زمن الذل لا تسألوا عن الحقيقة ولا تبحثوا عنها لأن السؤال حرام والحرام كفر والكفر ردة والردة استباحة للدم ، يكفيكم شرف أنكم أذلاء وهي قلادة وكرامة لا تعطى الا لمن قرر أن يصمت وعندما يخرس الكلام وينتصر الصمت بجبروت الذل افعلوا مثلما فعلت أنا ، ارحلوا نحو ورقة بيضاء نقية نقاء قلوب كل الطيبين ؛ احفروا أخاديد للنجاة عليها ؛ حولوا لونها الأبيض الطاهر الى مرآة سوداء تحكي عن زمن ذليل وجبروت مستحيل ولاتنسوا أن تزينوها بأزاهير الفرح لعل تلك الأخاديد المرسومة تتحول في يوم من الأيام من قضبان سجن سوداء تغرق وسط المحيط إلى خطوط ملونة ترحل بكم بعيداً فوق السحاب نحو قوس قزح ...

(هرطقات من زمن الهروب )عمان / الأردن / 25/7/ 2010 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي