الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - طفح الكيل .. ألا يستحون !؟

رضا الظاهر

2010 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تأملات

طفح الكيل .. ألا يستحون !؟

رضا الظاهر

لم يكن من غير المتوقع أن يبتعد سياسيون متنفذون عن سبيل الحكمة والنضج واحترام إرادة الشعب ليظلوا لاهثين وراء كراسي النفوذ والامتيازات. ويتوهم من يظن أن الحكام "الجدد" سيكونون مختلفين مادام اختيارهم جاء على أساس طائفي وإثني، وماداموا غير مستعدين للتنازل عن مصالحهم الضيقة، وماداموا متمسكين بنهج المحاصصات الذي ابتكره لهم "المحررون".
ووسط احتدام الصراع بين المتنفذين وتشبث هذه الكتلة أو تلك أو هذا "الزعيم" أو ذاك بالمغانم ينحدر الوضع في بلادنا جراء هذا النهج، وهو سبب التأخير في تشكيل الحكومة، الى مزيد من التعقيد، متجلياً في تدهور الأمن واستمرار معاناة الملايين وتصاعد التدخل الخارجي.
ويبدو كأن "المقررين" يصعدون على مسرح ليؤدوا أدواراً تشبه، يا للأسى، أدوار مهرجين. وهي، على أية حال، أدوار لا تبغي، على عادة المهرجين المألوفين، إضحاك الجمهور والتنفيس عن كربته، وانما إخراجه من المسرح مليئاً بالحيرة والاحباط والندم على منحه الأصوات لمن يتخلون عن الوعود. وتتحول المسرحية، وسط غياب مصداقية الممثلين، الى مجرد ضحك على الذقون.
ومن ناحية أخرى لا يندر أن تواجهنا فوضى التصريحات المتناقضة حتى داخل الائتلاف أو الكتلة الواحدة. وربما فسر البعض الحال باعتباره توزيع أدوار، غير أن المسألة ليست، في غالب الظن، على هذا النحو، انما هي انعكاس لثقافة الفوضى السياسية، وهي جزء من ثقافة تخلف تهيمن على المشهد الاجتماعي. وفي سياق هذه الثقافة، التي يشكل ارتداء الأقنعة جزءاً منها، لا نستغرب إذا ما شاهدنا هذا "الزعيم" يستقبل "الآخر" بالأحضان وسط ابتسامات عريضة أمام الأضواء، وهو في داخله مرتاب به، بل إن الارتياب متبادل بين الطرفين. ولم يعد من غير المألوف أن يسلك "الزعماء" سبيل إغاضة الحليف المفترض بمغازلة الخصم، بينما يطلق الناطقون باسم "الزعماء" تصريحاتهم المغرضة التي توهم، من بين أمور أخرى، بأن اللقاءات "مثمرة"، أو أنها أذابت الجليد بين الطرفين في الأقل. ويعلم الجميع أن لا ذوبان ولا هم يحزنون. فالأمر كله مرهون ببراعة ممارسة أكبر قدر من الضغوط للحصول على أكبر قدر من المكاسب وإرغام الطرف الآخر على تقديم تنازلات وسط لعبة المساومات السياسية.
والحق أن سلوك السياسيين المتنفذين يفضح نمط تفكيرهم وممارساتهم المرتبطة بـ "انتصار" المشروع الطائفي، واستثماره وسيلة للصراع حتى داخل الكتلة الطائفية الواحدة، الى حد التهديد بالطلاق، وهو عند الله أبغض الحلال !
وفي غضون ذلك تشتد الأزمة السياسية والاجتماعية، وتتعاظم معاناة الملايين على مختلف الصعد، وهي معاناة ينشغل عنها المتنفذون بصراعاتهم. ويتفاقم يأس الناس من وعود أولئك الذين منحوهم الأصوات بأمل إنقاذهم مما يكابدون. غير أنه على الرغم من أن هؤلاء "الزعماء" خيبوا آمال الملايين، وهو أمر لم يعد يبعث على الاستغراب، فان اليأس منهم لا يعني، بالضرورة، الاستسلام لمآربهم. فقد راحت أصوات الاحتجاج تتعالى ضد التأخر في تشكيل الحكومة وعواقبه الوخيمة على الصعد السياسية والأمنية والاجتماعية، مثلما تتعالى ضد غياب الخدمات الأساسية، وانتهاك الحق في التنظيم النقابي، وسوى ذلك من ألوان المعاناة المريرة.
وراح المحتجون، الذين يتزايدون عدداً وإصراراً ووعياً، يتساءلون عن حق: أبوسع مثل هؤلاء الحكام المتشبثين بسلطة الامتيازات ونهج المحاصصات إنقاذ البلاد من أزمتها، ووضعها على طريق التطور الاجتماعي المفضي الى دولة القانون والعدالة ؟ والحق إن أسئلة السخط هذه تضيف جديداً الى التراكم المعرفي الضروري لتغيير الثقافة السائدة، وهو تغيير لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، كما أثبت تجربة الديمقراطيات العريقة التي لم تترسخ فيها الثقافة الجديدة الا عبر تاريخ مديد. هل يتعين علينا أن ننتظر مثل هذا التاريخ ؟ الأمر ليس على هذا النحو ولا بهذا التبسيط، ذلك أن المسألة الحاسمة هي أن تتشكل حركة شعبية قادرة على فرض إرادتها على الحكام وإرغامهم على التخلي عن نهج المحاصصات والمكاسب الضيقة، وتجسيد الروح الوطنية الحقيقية على النحو الذي يخلق مناخات وشروطاً جديدة تسهم في وضع أسس الثقافة الديمقراطية.
غير أنه مما يثير السخط، أيضاً، أن قادة سياسيين لا يتورعون عن جعل بلادنا رهينة لقوى إقليمية تكبلها بأغلال مصالحها، فضلاً عن الخنوع للتدخل الخارجي و"التدويل" الذي ينتهك السيادة الوطنية ويضع البلاد أمام ما لا تحمد عقباه.
* * *
هؤلاء السياسيون "المقررون"، المتجاوزون على إرادة الملايين، مولعون بعرض مسرحياتهم دون حرج مما يخزي ويحبط ..
يأوي المتشبثون بكراسي الامتيازات الى فرشهم تلاحقهم الكوابيس، وقد ابتلاهم الله بنقمة اللهاث وراء المال والجاه .. أما نحن الفقراء المساكين فقد منحنا رب العباد نعمة العجز عن مثل هذه الأحلام ..
أي حكام هؤلاء !؟ كل هذه الآلام يستهينون بها ! لقد طفح الكيل، ألا يستحون !
نحن في مواجهة مأساة حقيقية، وما من سبيل أمامنا سوى الأمل وخوض التحدي في دروب كفاح شاقة، فهذا هو شأن كل المكافحين الطامحين الى التغيير والسائرين نحو ضفاف العدالة والنور ..

طريق الشعب 10/8/ 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انكم حقا لا تستحون
مقدام صابر ( 2010 / 8 / 11 - 14:23 )
ان القوى الاقطاعية الطائفية لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
ان القوى الاقطاعية العنصرية لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
ان القوى البعثية الفاشية لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
ان القوى الدينية الرجعية لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
ان القوى - الليبرالية- لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
ان القوى الارهابية لا تستحي لانها تدافع عن مصالحها الطبقية
اما انتم دعاة الشيوعية والثورية فألا تستحون حين تتخادمون مع جميع هذه القوى وفي فترات زمنية مختلفة؟
ألا تستحون حين قررتم حل الحزب الشيوعي العراقي عام 1964 للانخراط في حزب عارف القومي الرجعي ودماء الشهداء قادة الحزب لم تجف بعد؟
ألا تستحون حين ربطتم مصير الحزب الشيوعي العراقي وتأريخه المجيد بحزب البعث الفاشي في - جبحة- 1973؟
الا تستحون حين فصلتم الحزب الشيوعي العراقي الى حزبين على اساس قومي ارضاء للقيادات الاقطاعية الكردية التي عملت من اجل تحقيق هذه الهدف منذ نصف قرن من الزمان؟
الا تستحون حين تتحالفون مع القوى الاقطاعية الطائفية العنصرية في احتلال العراق وحكوماته الاقطاعيةالطائفية العنصرية الفاسدة؟


2 - اولاد فيشي
جاسم الزيرجاوي-مهندس استشاري ( 2010 / 8 / 11 - 17:08 )
الصديق رضا , وللصديق مقدام
تحية
...طفح الكيل .. ألا يستحون ..من هم الذين يستحون؟ وهل توجد مفرده اسمها ..المستحة؟؟ لا يا صديقي رضا ...المسالة ليست هكذا ...الذي يجري الان لاعلاقة له بالمستحة وغيره..الذي يحصل هو عملية ابادة شعب تدريجيا وببطء..الذي يحصل هو مجزرة وحشية قل مثيلها في التاريخ..
واحد يعمل خطا اجتماعي..فنرد عليه..انت ماتستحي؟؟
لكن اولاد فيشي الجدد من العاهره الامريكية لم يرتكبوا خطأ اجتماعيا..حتى نقول لهم ...ألا تستحون
هم ظل الاحتلال في ارض السواد ..وما حصل منذ 7 اذار 2010 لحد هذه الساعة هي اهانة كبرى لشعبنا..ولا ترد هذه الاهانه الا بتحرك جماهيري واسع النطاق..


3 - انكم حقا لا تستحون
مقدام صابر ( 2010 / 8 / 11 - 23:50 )
الا تستحون وانتم تشتركون في جريمة آبادة الشعب العراق وتعريض للعراق للتقسيم باشتراككم المباشر في حكومات الاحتلال منذ مؤتمر لندن سيئ الصيت حتى اللحظة؟

ألا تستحون وانت تطالبون بحكومة شراكة- وطنية - هي في الواقع العملي حكومة محاصصة طائفية عنصرية؟

ألا تستحون...هل نواصل التعداد أم ماذا ؟ أم نكتفي بالسؤال الراهن ألا تستحون بعد كل هذا ان تنظرون ؟

الا يجدر بكم احترام الذات والاخر ولو لمرة واحدة وتقبلوا دور المتعلم لا المعلم؟

انكم حقا لا تستحون





4 - عرب وين وطنبورة وين
د. حسن نظام ( 2010 / 8 / 12 - 16:15 )
اذا كان الكل لايستحي حسب تقويمك يا مقدام يا صابر؟!؟... فما هو بديلك للتعامل مع الواقع العراقي المركب وغير المسبوق، في وقت لا تعاني الجماهير الفقيرة والمسحوقة من المآسي فحسب بل ان هذه الجماهير نفسها وكادحيها بالملايين يسسيرون حفاة على الاقدام مسافة مئات الكيلومترات لتقبيل الاضرحة. طبعا أنا لا اسخر من هذه الجماهير ووعيها المتدنى اليوم بل لاثبت لك ولامثالك ان المسألة، اي عودة الوعي الحقيقي للجماهير هي مرهونة بالزمن وان الوعي الديني والمذهبي المزيف يأخذ مداه لسنوات قادمة، بمعنى ان الظرف الموضوعي لا يتغير بقدرة قادر او برغبات جياشة من لدن امثالكم المتحمسين، فاقدي الحس التاريخي وتفاؤله! وفي لحظة من اليأس ليس لكم إلا مهاجمة الحزب الشيوعي المناضل والموجود حسب امكانياته الآن ويتعامل مع هذا الواقع المر بعقلانية وواقعية، ويحاول توسيع نشاطاته وعضويته تدريجيا، ومجبرا أن يتصدى أيضا لعداء مستحكم من كل جهة بما فيهم اليسار المتطرف. والحقيقة ان الحزب المذكور لم يتعاون لا مع المحل ولا مع الاعداء.. ولكنه واجه الواقع الذي نشأ قصبا عن الكل بدل اعطاء ظهره لهذا لواقع. اكيد هذه البديهية النضالية لا تستوعبها

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل