الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى أستطيع..؟

نادين البدير

2010 / 8 / 12
سيرة ذاتية


(بعض من مقدّمة)

أينما أذهب يوجهون لي ذات السؤال اللعين، كأنه جرس إنذار يحرمني من الراحة. جميعهم يشتركون بذات السؤال: ألم يحن الوقت لإصدار أول كتبك؟

لماذا يصر الجميع على إزعاجي؟ هل رسم على وجهي وشم لكتاب ؟ حسناً أشكر اهتمامهم بأمر رأسي الصغير وما ينتجه من لوحات.. لكن لو يعلمون كم يزعجني سؤالهم

اعتدت أن أومئ برأسي وأبتسم موافقة. أرد عليهم بعبارة واحدة: نعم بالتأكيد. أعمل على ذلك وسيصدر الكتاب قريباً يزدادون فضولاً. ترتفع نسبة الأسئلة

عما تدور فكرته الرئيسية؟-

إنها مفاجأة -

كذبت كثيراً، إذ لم يكن بجعبتي أي مفاجأة كتابية تنتظر النشر، ولم أكن قد كتبت فصلا ولا حتى سطرا جاهزا للقراءة. صحيح أني بدأت قبل أربع سنوات كتابة المؤلف المزعوم لكني توقفت بعد تأليف خمس صفحات فقط، اعتبرته إنجازا كبيرا أن يكتب المرء خمس صفحات. صرت كلما أردت البدء بالكتابة أعيد ترتيب ذات الصفحات الخمس، أقلبها بإعجاب. أقرأها. أنتقدها. أسخر منها. أعيد تنسيق سطورها وقد أصحح نحو لغتها فأضيف كلمة أو أحذف فقرة، لماذ؟ لعلي شردت. هربت. خفت. أو أصابني الهلع. لا أعلم ما حدث. لكني توقفت

كانت خمس صفحات لا تمكنك من تحديد هوية الكتاب وما هيته، أهي بداية رواية أم كتاب تحليلي؟ أهي كتابة عن نفسي أم عن الغير. حتى أنا لم أكن أعلم الهدف من تلك الصفحات الخمس وإلى ماذا تقود؟

اتجهت لبلدان عديدة علي أتمكن من الكتابة. كنت أشرد بذهني كلما بدأت التفكير، ويسرح خيالي بعيداً . أذكر أشياء من الماضي السحيق، فيضيع النهار وأنا أستحضر الماضي، وقد أنتفض فجأة فأتذكر سخافات يجدر بي القيام بها كزيارة أحدهم أو التسوق مثلاً. أغلق جهاز الكمبيوتر وأرتدي ملابسي وأتجه للساحات المليئة بالناس. مؤكد أن الفكرة ستواتيني هناك. أعود وأنا محملة بالمشتروات والأفكار والكتب الجديدة متناسية هدف مجيئي لهذه المساحة الأرضية. سافرت وتنقلت، وجلست على مقاه لا عدد لها. تحدثت مع كثيرين عل أحدهم يلهمني بفكرة، بكلمة، بتوجه، لكن دون فائدة لمَ لا أكتب؟

تعذرت مرة فقلت إن انشغالي بأزماتي هي سبب حرماني من الإلهام، لكن عدا عن أزمات والداي التي لا تنتهي فقد كانت حياتي تمر بشيء من السلام، يشوبها بعض الاسوداد أحياناً لكنها جيدة بصفة عامة..كانت مجرد ذريعة مرة عشت في أحد المدن البعيدة النائية.. أمضيت الوقت بالتنزه بالمكان ومرة اتجهت لبلدة أوروبية ، حالفني الحظ بشيء كبير من الرغبة القوية للكتابة لكن دون القيام بذلك فعلياً، كنت أتنزه على ضفاف نهر هناك منبهرة بجماليات المشهد وأجري مقارنات بينه وبين الصحراء التي أعيش بها لأستخرج ذات النتيجة كل يوم : الأرض كلها ملكي

ومرة كان مسرح الكتابة قرية نثرت بيوتها على سفح جبل قديم.. لا فائدة أبدا

أريد أن أكتب. لم لا أكتب؟

ومرة ومرة ومرات عديدة.. بدأت أكبر، أود أن أسجل شعوري وانفعالي ورأيي. لم تعد تكفيني مقالاتي الصحفية الأسبوعية في الصحف العربية.. أريد جنونا أكبر. فأنا ناسكة متصوفة حين يأتي الأمر لترجمة عقلي كتابياً. كانت قدرتي على الاستفراغ الكتابي الذي يفعله كثيرون معدومة، وكنت أعرف أن الكتابة مبدأ روحاني خالص كالرقص تماماً، فروحي هي التي تكتب. ورغم أن يدي لم تتحركا وقتها إلا أن روحي كانت تسبح في الفضاء تكتب بانطلاقات وإلهامات عجيبة قلما أشهدها. كانت تدفعني دفعا للتفكير. فحين يتطلب العمل اشتراك الروح كعضو رئيسي فإن كافة الأشياء من حولك ستبدو مختلفة...الناس، الشوارع، المتاحف، الأنظمة، الأديان.. كل شيء تراه روحك بطريقة مختلفة وأكثر حكمة من عينك الفارغة القاصرة، المحدودة بين أسوار المدنية. المشكلة أن روحي كانت تكتب على صفحات السماء فقط. حاولت وبذلت الكثير لألتقط الجمل وأسجلها كتابة، لكنها كانت في كل مرة تختفي كأنها لم تكن، بعضها محته الغيوم حين تلبدت فوقه وأقسمت أن تعزلني عن نتاج عزلتي، مذ ذاك اليوم والسماء متجمدة. لم تمطر من أربعة أعوام. حتى الطبيعة اشتركت بالمؤامرة. وحين تذاكيت مرة فاخترت سماء صافية، قامت المدنية بالمهمة فشوهت أدخنة الطائرات سطوري التي اختفت من يومها. متى أكتب؟

أكان انشغالي باكتشاف العالم من جديد أحد جوانب تأخري عن التأليف؟ ربما. أنا لم أملك الوقت الكافي للكتابة على الورق أو ربما أن الورق لم يملكني بعد. سحبتني اكتشافاتي الجديدة والأوراق السماوية النقية التي كانت جاهزة لأن تتحول لأعظم كتاب. لكنها لم تتحول، بل تركت لمصيرها. وقتها كنت أسافر، كنت أجوب العالم، وأرى أشخاصا لم أكن أعرفهم، يظهرون. يختفون. من أعمار وعصور مختلفة، بعضهم قد يلقي على مسمعي بعبارات أو كلمات غير مفهومة. تنسى بمجرد اختفائهم. لكني اليوم سئمت الصفحات الخمس.. سئمت تعذري. مللت من اكتشاف رفقاء السفر المجهولين.

سئمت حياتي غير المدونة وأردت تدوين كل شيء

الآن استيقظت فجرا قبل أن يستيقظ ضجيج العائلة

الآن أكتب. أو أتوهم

(بعض من مقدمة فصلي الأول)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاهم ان
قاسم السيد ( 2010 / 8 / 12 - 07:51 )
الكتابة كقيمة فكرية وانسانية ليست بالضرورة تأتي من كتاب او رواية او ديوان اذ ربما كانت مقالة صغيرة تشكل حجر زاوية في الفكر الانساني تضيف اليه او تحذف منه او تعدل عليه وكم هناك مجلدات من مؤلفات بيعت كأوراق يلف بها العطارون بضاعتهم ولربما قصيدة تشعل المرجل الاجتماعي ولربما رواية ساهمت في صناعة ثورة ولعل جملة واحدة تلخص تجربة انسانية تفعل فعلها في حياتنا لتصبح احدى البديهيات التي يصعب تجاوزها المهم ان نبحث عن الجديد والمؤثر وليس الشكل فالشكل لاقيمة له فما اكثر المؤلفات والمنضودة على رفوف المكتبات او المخزنة رقميا على الشبكة العنكبوتية ولعل مقالك انا وازواجي الاربعة قد اثار من التساؤلات والنقاشات لم تستطع عشرات المؤلفات ان تحضى بنفس القدر من الاهتمام الذي ناله ليس لانك سعودية متحرره متحدية لواقع اجتماعي مرير ولا لكونك مقدمة برامج ناجحه ولكن لان الموضوع نفس فرض قيمته لانه طرح تساؤلا اجتماعيا له دلالته التي عكستها تقدم الحياة الاجتماعية وركود التشريعات
فيكيفيك مقالا اخر او اثنين على هذا المنوال تثير ذات القدر من الزوبعة بدلا من تحشي لنا صفحات بكلمات لامعني لها وان كانت كاتبتها نادية البدير


2 - لعل صفحة واحدة تكفي
قاسم السيد ( 2010 / 8 / 12 - 07:53 )
الكتابة كقيمة فكرية وانسانية ليست بالضرورة تأتي من كتاب او رواية او ديوان اذ ربما كانت مقالة صغيرة تشكل حجر زاوية في الفكر الانساني تضيف اليه او تحذف منه او تعدل عليه وكم هناك مجلدات من مؤلفات بيعت كأوراق يلف بها العطارون بضاعتهم ولربما قصيدة تشعل المرجل الاجتماعي ولربما رواية ساهمت في صناعة ثورة ولعل جملة واحدة تلخص تجربة انسانية تفعل فعلها في حياتنا لتصبح احدى البديهيات التي يصعب تجاوزها المهم ان نبحث عن الجديد والمؤثر وليس الشكل فالشكل لاقيمة له فما اكثر المؤلفات والمنضودة على رفوف المكتبات او المخزنة رقميا على الشبكة العنكبوتية ولعل مقالك انا وازواجي الاربعة قد اثار من التساؤلات والنقاشات لم تستطع عشرات المؤلفات ان تحضى بنفس القدر من الاهتمام الذي ناله ليس لانك سعودية متحرره متحدية لواقع اجتماعي مرير ولا لكونك مقدمة برامج ناجحه ولكن لان الموضوع نفس فرض قيمته لانه طرح تساؤلا اجتماعيا له دلالته التي عكستها تقدم الحياة الاجتماعية وركود التشريعات
فيكيفيك مقالا اخر او اثنين على هذا المنوال تثير ذات القدر من الزوبعة بدلا من تحشي لنا صفحات بكلمات لامعني لها وان كانت كاتبتها نادية البدير


3 - اكتبي واني اعدك بطبعه مجانا
عبد العظيم محمد العماري ( 2010 / 8 / 12 - 10:30 )
اكتبي كتابك واني اعدك من الان بطبعه لك مجانا ..هيا


4 - لاتبحثي عن موضوع
سرحان الركابي ( 2010 / 8 / 12 - 10:41 )
في الوقت الذي تجوبين فيه اصقاع العالم لتجدي شيئا ما يستحق التدوين وانت تبحثين عن اي موضوع يثيرك ويستفز فيك حاسة الابداع فان هناك موضوع يبحث عنك موضوع ربما يكون منسي ومهمل ولا تراه عينك التي رات وبحثت في كل الزوايا المعتمة لكنها لم تر هذا الموضوع رغم انه قريب ولا يحتاج الى سفر او عناء فقط دققي في الاشياء التي حولك في حياتك في الاشياء المهملة والتي قد تطون تافهة في نظرك جربي هذه الاشياء وضيفي اليها تجربتك .فتجربتك هي وحدها كتاب .اسالي نفسك كيف استطاعت نادين البدير ان تكون هذه النادين البرامجية الناجحة .وكيف استطاعت ان تنهض بقامتها الشامخة من بين كل هذا الركام الذي يحيط


5 - يا سيدتي الكاتبة
رفيق أحمد ( 2010 / 8 / 12 - 11:29 )
لماذا كل هذا التفكير العمبق ؟ أي فكرة ممكن تحولها لمقال اتكلي على الله تعالى وصفي نفسك من أزماتها ستجدي ان الوحي زارك دون موعد اقرأي القرآن يصفا قلبك , هذه نصيحة من مخلص وشكرا


6 - الكتابة فن وابداع
سرحان الركابي ( 2010 / 8 / 12 - 17:53 )
الاخ العزيز رفيق احمد لا تتصور الكتابة بهذه البساطة فهي ليست حشوا وتسويد للاوراق او تكرير لما هو مالوف .الكتابة فن وابداع ومعاناه وهي ليست حصيلة للفكر الملهم الفكر الذي يعتمد على الحدس والتخمين بل لابد ان تكون حصيلة قراءات طويلة وتجربة متمرسة مع الفكر والمعرفة وكل ميادين الابداع والفن والتاريخ والفلسفة والدين وعلم الاجتماع .فالتقافة كل لا يتجزء والكتابة نتيجة لهذا الكل والاخت نادين تمتلك هذه المؤهلات بل هي تتميز بخاصية فريدة كونها خارجة من بلد كل شي فيه متصحر حتى الافكار متصحرة وجامدة مثل الصخور ولا ادري كيف ااستطاعت ان تكون هذه النادين التي تتحفنا ببرامجها الرائعة و كيف استطاعت ان تنجو بجلدها من سياط الدين وسيوف الفقهاء المسلطة على رقاب الناس اعتقد هذه هي خاصية نادين الفريدة والتي من المفروض ان تكون الثيمة الاساسية لمشروعها الكتابي


7 - فكرة رائعة
محمد الرديني ( 2010 / 8 / 13 - 06:24 )
صحيح نادين متى تصدرين اول كتبك
وبواسطتك اريد اسماع صوتي للاستاذ عبد العظيم محمد العامري
هل يمكنني ان اصف بالدور مع نادين فانا ايضا عندي كتب جاهزة وانتظر منك الشهامة والمروءة خصوصا واننا من نفس البلد وجيران في المحافظة
عهد علي يانادين سيكون اول نسخة من الكتاب يحمل تحية لك وللاخ عبد العظيم


8 - الكتابة ابداع
هاشم كوجر ( 2010 / 8 / 14 - 07:16 )
ياسيدتي الجميلة اكتبي مايحلو لك ولاتفكري في ردود القارئ المهم انتي تقنعين بما كتبتها انا شخصيا اعتبرك كاتبة جريئة وانا معجب بجرأتك اثناء الكتابة والي يقرأ مقالاتك لايفكر انتي تعمقين في الكتابة وافكارك مميزة واتمنى ان تنشر الصفحات الخمسة عندما كتبتها في البداية واتمنى لك الموفقية في حياتك الكتابية

اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر