الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة- قصة قصيرة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2010 / 8 / 12
الادب والفن


السماء الصافية لا تشوبها غيمة واحدة. الريح تصفّر وتهبّ بخفة ورقة لتحرّك أطراف الشجر العالية. أهبّ معها... أطير معها...أحاول ان أصوّت مثلها ولو بهمسة... وأناديك, يا زينة, ها قد عدت, يا حبيبتي! عدت اليك... كي أراك... وأسمعك... وأحسّ بك...

ولكن... لا صوت... ولا همسة.

جئت أبحث عنك, يا زينة, لأرى ماذا فعلت بك الحياة من بعدي. أين أنت الآن؟ أبحث عنك في كل مكان كان لنا... كل شارع... وكل زاوية. ها انا آتٍ اليك, يا حبيبتي! فأين أنت؟!

أطير مع الريح... أهبّ مثل الريح... أبحث عنك في كل بقعة من الأرض... وأناديك بلا صوت...
زينة! زينة!

ها قد وجدتك, أخيرا, جالسة في نفس مقعدنا القديم أمام البحر الكبير. أراك بوضوح تماما كما لو كنتُ هناك معك. أقترب منك... أجلس بجانبك.

زينة! حبيبتي! انا هنا! ها قد عدت اليك! هل تسمعينني؟ اشتقت اليك, الى عينيك اللامعتين الجميلتين, ووجهك الأسمر الرقيق, وشعرك الأسود الطويل. كم انت جميلة! ما زلت جميلة تماما كما كنت حين رأيتك أول مرة.

أتذكرين؟

تلك الحفلة التي التقينا فيها, وكأنها يد القدر التي جمعتنا معا بلحظة... ثم فرّقتنا بلحظة!

آه, كم اشتقت اليك! لماذا انقطعت عن زيارتي؟ اشتقت الى صوتك... الى أخبارك. لماذا لم تعودي تأتين لزيارتي وتخبريني عن أحوالك, وأخبارك... أنسيتِ؟ ما الذي يشغلك عني؟ أخبريني! هل تسمعين؟
ماذا جئت تفعلين هنا في مقعدنا القديم؟ أتراك تتذكّرين أيامنا الماضية السعيدة؟ أحاديثنا الجميلة... وضحكاتنا العالية الرنانة؟
أكاد أسمعها الآن.

كم أحببنا! وكم تمنّينا أن نقضيَ معا العمر كله, ولا نفترق لحظة واحدة! ولكنها هي يد القدر التي جمعتنا معا... ثم فرّقتنا!
سأبقى أحبك الى الأبد, يا زينة, يا حبي الأول والأخير, وأنتظر زياراتك... وأشتاق الى صوتك... وأخبارك... وأناديك بلا صوت... زينة! زينة!

أرى شخصا يأتي من البحر, يخطو نحوك, وكأنه يقصدك. انه يقترب منك... يبتسم لك... يجلس بجانبك الآخر.

ما هذا؟
من هذا؟

يا الهي! شادي؟! أهذا انت يا شادي؟ كيف حالك؟ ما أخبارك ايها الصديق؟ اشتقت اليك! كم انا سعيد برؤيتك! ولكن... ماذا تفعل هنا؟ ماذا تفعل مع زينة؟
ماذا يجري هنا؟

هل جئت الى هنا من أجل شادي, يا زينة؟ أهكذا نسيتِني بهذه السرعة وارتبطت بشادي؟ ولكن... لماذا شادي بالذات؟
أكاد لا أصدّق!
شادي! صديق عمري! عمري القصير! وزينة؟! حبيبتي؟! كيف يحدث ذلك؟ لماذا؟ ومتى؟

ليتني لم آتِ الى هنا! ليتني لم أعُد! ليتني لم أرَ شيئا! ليتني لم أعرف شيئا!

السماء تلبدّت بالغيوم. والريح أخذت تزعق وتعصف بكل شيء أمامها.
أطير مع الريح. أعصف مثلها, أعود الى حيث كنت... الى حيث يجب أن أكون.

من أرى؟
أمي!

انها جالسة هناك على ركبتيها, والدموع ما زالت تغمر عينيها, والحزن يغشى وجهها.
أمي الحبيبة!
هي الوحيدة التي لم تنسَ... الوحيدة التي أحبّتني حبا حقيقيا لا نهاية له ولا حدود... حبا الى الأبد.














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا