الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا عراقية : رحيل الورد ...

امنة محمد باقر

2010 / 8 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


رحيل الورد!

كانت تلك الرؤية المهولة ..... هي الانذار والعلامة ... برحيل الامير ... الجميل ... كرار ....

سقط سقف الدار ، وامتلأت ارض الدار سوادا.... اراد الاب اعادة بناء الدار ، ولكن لم يكن يفلح شئ في بناءها ... يعيد البناء ... واذا بالدار يسقط سقفها مجددا ... وكلما بناه ... كان البناء ضعيفا ... ولايصمد ...

تكرر الحلم ثلاث مرات على طيبة ... وانتابها حزن شديد .... لم يمر على بالها ولا على خاطرها الرقيق ... ان تكون تلك نهاية رفيق الطريق ...
تكرر الحلم ثلاث مرات ... ولم تنتبه من غفلتها ...... انتابها حزن شديد في الاسبوع السابق لمقتله .... على ايدي المليشيا التي كانت تملأ المدينة ذعرا ....
جاء ... هو الاخر حزينا ... ليس كعهده السابق .... رغم انه مارس نشاطاته كالمعتاد ... لكن الكآبة كانت بادية عليه .. وكانت نفسه مضطربة .... انه الرحيل الذي اخبره به ملك الموت في الحلم ...

زاره ملاك الموت الطاهر في اليوم السابق لمقتله .... نهض فزعا من منامه ... ولم يقصصه على احد .... لكنه صرخ للمرة الاولى في حياته .. من هول حلم اقض مضجعه ...

انه ملاك الموت يدعوه للرحيل .......... وهو الذي اعتاد على رؤية احداث كثيرة في منامه ............

عندما جاء ..... من سفره .... كان الحي والاطفال والعائلة والجميع كل قد هب لاستقباله بلهفة .....كانوا يعدون العدة لاستقباله ... ان قد جاء القمر .... جاء القمر ....
لكن المجئ المضطرب الحزين لم يفسره احد الا بعد رحيله ...

وقفت طيبة تصلي ..... صلاة المغرب ...... واحست بعبرة تخنقها .... وظلت تصرخ .... اخبرت والدتها .... انها لربما الكهرباء ... او امر ما لاتعلم له سببا ...
عندما دخل الدار .... هرعت الوالدة تقبله .... لكنه اراد الدخول الى غرفته بسرعة ... وظلت تتجاذب باب الغرفة لتفتحه وهو يغلقه .... تقول اريد فقط ان اقبلك مرة اخرى واحتضنك ... ياقرة عيني .. وكل املي في هذه الحياة .. بدا تصرفه غريبا هذه المرة ... لم يتصرف هكذا طيلة عمره ....
بدا الشاب ذو الـ25 ربيعا .... وكأنه ليس هو ، لا احد يدري ماالذي دهاه ...

وعندما اخبرته الوالدة الوالهة : في صباح اليوم التالي : وهو يتناول افطاره : ياولدي لا ادري ما حل بأختك .... طيبة .... في حزن شديد منذ اسبوع

ولكن في الليلة الاولى ... اجتمع مع اخته الصغرى شيرين .... واخبرها عن مغامرته القادمة في الدراسة خارج القطر .... وهي المرة الثانية التي سيدرس فيها خارج القطر .... كان نجما لامعا في البعثة السابقة .. لكن هذه المرة هي بعثة الدكتوراه ... ويريد العودة للعراق بأسرع وقت.... كي يساهم في اعماره ....
وفي تلك الليلة اجتمع هو وشيرين واخاه الاكبر ... ودخلت الوالدة تنظر ... بعينيها الجميلتين الى تلك الالفة الجميلة ... والبراءة ... التي يتصرف بها ابناءها حتى بعد تخرجهم ... لازالوا يجلسون سوية بكل براءة لمتابعة كأس العالم .... 2006 ... بهدوء ... وهو ماتبحث عنه كل امرأة بعد طول عمر .... اسرة متآلفة متحابة واولاد اذكياء يعملون وينتجون لخدمة بلدهم ... وابناءه ...

في اليوم الثاني لمجيئه من السفر ....تصحو الوالدة ... مذهولة ... تقول لبناتها ... من هؤلاء الذين اجتمعو في دارنا ولأي امر ؟؟!
ضحكت الفتيات ... الوالدة لابد تهذي في نومها ... لاعجب ... تنام في السابعة مساءا وتصحو في العاشرة ليلا!
لابد ان يكون ذلك هو السبب ..

في اليوم الثالث البغيض .... ضحك طيلة الصباح ... وهو يسمع جاره يتحدث لهجة اردنية ، رغم انه رجل عشائري .... وفي العصر كالمعتاد وفي تمام الساعة السادسة حيث اعتاد الذهاب الى سوق المدينة حيث ينبهرالجميع كالعادة بطلعته البهية.... خرج من المنزل .. وذهبت طيبة الى المكتبة ... ولكن عند عودتها ... همهمت بكلمات اجتاحت رأسها : مجلس فاتحة !! لماذا تخطر هذه الكلمة على بالي هذه اللحظة ؟

بعد دقيقتين من قولها هذا : دق الهاتف : مستشفى العمارة العام ........... لقد قتل حيدر ...... قتلته مليشيا البطة .... البقاء لله ..............
( انا لله وانا اليه راجعون ............)

من يومها هجرت الورود حديقة المنزل ........ وماعاد اهل الدار اهلا لها .... وتحقق حلم السقف والارض السوداء .. والبناء الضعيف ..

من يومها فقد الجوري .... رائحته .... وعقمت الحديقة ..... ان تزهر الورد !!!!!!!!!!!!


سلسلة : ثمن الحرية ....... تاريخ الاستشهاد 24 حزيران 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا