الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صيف ساخن جداً في العراق / مشاهدات وانطباعات / عجائب العراق الجديد جداً...!

محسن صابط الجيلاوي

2010 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أصبحت عجائب حضارة وآثار وثقافة العراق التي أدهشت العالم على مر عصور طويلة في خبر كان..فقد صحرت وقحلت الحياة العراقية بفعل الأخطاء القاتلة للسياسة الهوجاء ورجالاتها وبفعل أخطاء شعبه إلى حد بعيد أيضا كل اثر جميل لذلك وساحت على أرضه كل معالم الخراب والتخلف حتى يتخيل للزائر أن هذه الأرض على وشك أن تودع الحياة كليا ، فالبلد عبارة عن صحراء وأرض جرداء وعطشى تتكوم فوقها المزابل وتُخدش فيها بعبثية ماجنة خضرة الأشجار وبهاء الطبيعة ويمر بها بشر في لا أبالية عجيبة وفي استكانة ورتابة وعدمية في فعل الإقدام الجاد والسريع على أي محاولة حقيقية وقوية في زحف غول هذه الحقيقة المرة ..إن وجدت مقاومة لتصحيح ما يجري فهي هامشية وغير فعالة وتندرج عبر سرقتها بطرق قائمة على خرافات دينية وقومية وطائفية وعشائرية وفخذية ومناطقية وما شابه ذلك وتحت لواء سادة التخريب ذاتهم من أحزاب وقوى تنهب كل خضرة وكل نفحة للحياة لتعمق جرح جريمة إغلاق البلد على أي منافذ ضرورية وملحة وماسة لانطلاق فسحة هواء حتى ولو شحيحة ، والشوق الماس لعذوبة كل نسمة ورقة كل قطرة ندى تعيد لوجه هذه الأرض تلك الرطوبة الأخاذة التي تعطي الأماسي والصباحات رعشتها وإدهاشها المطلوب لكي يشعر الناس بحق أن الحياة تسير وفق طبيعتها وأفقها المطلوب كما في كل الدنيا...!

عجائب العراق الجديد...!

1- ملايين من السيارات الخردة والقديمة جدا والقادمة من كل العالم ومعها سيارات إيرانية وكورية وصينية زهيدة الأثمان لا تخضع للحد الأدنى من الشروط العالمية المتعارف عليها بحيث أتاحت لكل شخص سهولة امتلاك سيارة في إطار نظام مروري عجيب وبنفس القدرات الاستيعابية للشوارع التي اغلبها قد خطط لها وجرى تنفيذها قبل الحصار ....!

2- أكثر من سبع سنوات ، تصوروا سبع سنوات لا توجد دائرة مرورية أو جهة تمنح اجازات سوق جديدة أو تمدد القديمة ..وهذا يعني رياضيا أن ملايين أو شعب كامل يقود السيارات بلا رخص سوق ، أي بلد في العالم فيه هذه المفارقة المضحكة المُبكية معا ..؟ لا توجد دائرة لفحص السيارات واختبار مدى صلاحياتها وبنفس الوقت أغلب سيارات العراق تسير بأرقام وقتية ( المنافيست ) ومعها أصبحت هناك تجارة للأرقام القديمة ..هناك أمور عجيبة في فهم ضوابط البلد حيال هكذا قضية هامة لهذا يستثمر الإرهاب هذه المفارقات في استخدام حرب السيارات سواء على شكل تفخيخ أو تدمير للبيئة أو لجعل الحياة منفلتة فالقتل اليومي بسبب خراب الضوابط في حدودها الدنيا جعلت الأعداد التي تموت بالسيارات مرتفعة ورهيبة...أيام قليلة شاهدت مئات من بقايا حطام سيارات اثر حوادث مرورية مرعبة...!

3- إلغاء شركة الخطوط الجوية العراقية يعد إجراءا تعسفيا بحق احدى المعالم الوطنية لشركة ذات تاريخ عريق في تقديم خدمات وموارد للبلد وللمواطنين ...ومثل كل المحاولات الأخرى لطمس ثقافة ومعالم هذا البلد يستسهل حكامنا الجدد مسخ كل شيء تحت ذرائع باهته ولعل إغلاق مطار النجف وإلغاء هذه الشركة الوطنية العملاقة يندرج تحت يافطات وعناوين سرقة كل شيء ونتاج للعبث المحاصصي إن صح التعبير في وزارة النقل كنموذج للسائد..لقد سافرت على متن خطوط هذه الشركة من دمشق إلى بغداد وقد وجدت في الاخوة العاملين سواء في المكاتب أو على ظهر الطائرة التي أقلتنا كل مفردات المهنية العالية والروحية الصادقة في أداء الواجب والإخلاص في شرف المهنة والسلوك الراقي في التعامل مع الناس وهذا ما أفرحني حقا خصوصا في زحمة هذا الخراب الشامل أن تجد شيئا مغايرا سيكون بالتأكيد نقطة وبقعة تتمنى أن تشمل وجه هذا الوطن برمته..وقد سألت عدد من هؤلاء الاخوة عن موقفهم من هذا القرار وقد سمعت منهم حديثا فيه مرارة وحزن وأسى وحيرة تعبر عن موقف مأساوي للناس في فهم تردي قدرة العراق في التعامل مع جيرانه ، فليس صحيحا أن موقف الكويت وحده هو وراء حلّ هذه الشركة ومعها غياب التفكير ببديل لطيران وخطوط عراقية تلبي حاجات الناس المتزايدة وتوفر فرص عمل وموارد للبلد هو في حاجة ماسة لها في عملية التعجيل المطلوبة للنهوض به مجددا...!

4- إذا كان صحيحا هناك تقدم في الحياة العراقية، فالسؤال العريض لماذا تراجعت بشكل كبير ساعات الكهرباء وهزلت البطاقة التموينية وازدادت أسعار المحروقات وشحت المياه النقية وغير النقية وغدرت الملوحة بالمزارع ، مقابل ماذا، هل مقابل أكبر بطالة في العالم...؟؟؟

5- في العراق وبسبب ضعف وغياب الدولة صعد نجم العشيرة ، وبسبب انهيار الثقافة صعدَّ تسفيط الشعر الشعبي ..الحالة الأولى قدمت خدمة مؤقتة لازالت مستمرة للناس في حفظ التوازن الاجتماعي والأمني والثانية عبرت عن بؤس الثقافة وسطحيتها وفجاجتها كونها تصرخ في شحذ التخلف والمديح الغث لرجال السلطات المتعددة في العراق لهذا هي الحاضرة والمتسّيدة ثقافيا على سائر مفردات الثقافة العميقة لهذا تقدمت حتى الأولى كونها أكثر حداثة وصدقا من مشروع الثقافة صاحب المهمة كما في كل العالم حيث هنا يُحسب الشعر الشعبي عليها ويتصدرها عنوة، وبهذا أصبحت حركة التجديد للسياب ونازك الملائكة أقل شئنا وتواضعا وصغرا كما يبدو أمام ما يُدعى بمدارس شعرية حيث تخصص لها الفضائيات ساعات طويلة من بثها اللاوطني في أغلب الأحيان...!

6- لا توجد في البلد أي إحصائيات عن موارده البشرية أو الزراعية أو الجوفية أو المعدنية ، فملايين من الناس لازالوا أحياء وفق سجلات الدولة المتهرئة ، كل ما موجود في الدوائر يسير وفق أدوات وآليات بدائية معيبة فيما يجلس كذبا وزورا وضحكا على رعيه بسطتها الحروب وأنظمة القتل رجالات الدولة وخلفهم علم مسكين وحاسوبات حديثة ومكتبات عامرة تطرد عنهم فرادة الجهل المتميز حيث أفعالهم تقول وتؤكد ذلك فعلى الأرض شيء لا يشبه شيء أبدا...!

7- كل وظيفية لها تسعيرة والحديث عن ذلك يمر ببداهة كأي شيء طبيعي مثل أي سلعة أخرى في أسواق العراق المضطربة بالفوضى ...!

8- عمالة آسيوية ابتداء من المطار حتى عدد كبير من الفنادق والمطاعم في بلد معدلات البطالة فيه هي الأعلى في العالم ، السؤال من يقف وراء ذلك ، لماذا لا تتم حماية العمالة الوطنية ، لماذا لا توجد مراكز لتأهيل العمالة العراقية خصوصا في أماكن يشغلها هؤلاء لا تحتاج مؤهلات علمية أو تقنية عالية ، شيء محل استغراب حقيقي ...؟؟؟!

9 - في العراق لا توجد دولة ولو بالمعايير البسيطة ، الموجود هو سلطات محلية لا يجمع بينها سوى جغرافية وافتراضات تاريخية تُردد أحيانا بخجل واضح وموارد مالية هائلة تُقدم على طبق من ذهب لشراهة أنصاف من الحكام الخردة الذين وفق أي معايير وطنية أو قانونية أو اجتماعية أو أخلاقية أو ضميرية مكانهم بالضرورة خارج فعل صنع التاريخ والحاضر بل حتى خارج قيادة قطيع من الماعز ..وما صراعهم اليوم على السلطة وتوزيع الكراسي إلا الرغبة الجامحة بسرقة ما تبقى برمته فهؤلاء جراد أكول لا يرحم، لم أكن أصدق ان في وطني عقليات يعلوها الصدأ والخراب والفضيحة والوساخة بهذا الحجم والغلو الأرعن والوقح والصلف والمستهتر، لقد كنت قبل الزيارة لدي أوهام أن هناك من يستحق ولكن الآن تبخر ذلك كليا وهذه الزيارة قد أنقذتني كمواطن له حراك متواضع من ورطة التعويل على أحد أو في الدفاع عن جهة ما ، لقد اكتشفت أن هؤلاء جوقة سيئة برمتها وما الاختلاف الظاهري بين مكوناتها إلا لكسب المزيد من الوقت وتعزيز التفرد بمفاصل البلد وتقاسم رغيف فقراءه بشكل مسعور وبشع، لقد تعقدت مشكلة العراق حاليا فهناك مهمة جديدة تضاف إلى الكم الهائل من المهمات الوطنية الهائلة ألا وهي إسقاط القوانين القرقوشية التي أتاحت وفتحت لهم الباب مفتوحا في تخريب المخرب وسرقة المسروق وتلويث الملوث وتعطيل المعطل وإفساد الفاسد أصلا ،باعتقادي يجب أعاده تصفير كل ما قام به هؤلاء من لحظة دخولهم هذا البلد واغتصاب واستباحة أرضه ومؤسساته وقيمه ، الساري اليوم فقط هي القوانين التي أعطت لهم الأرض والثروات والبيوت والوثائق والعقارات والدوائر وووو ..نفس الجوقة تضرب بالنعل دستور مشوه ومسخ مثلهم والذي اقروه بطواعية شريعة الغاب إذا افترقت احدى مفرداته العجيبة وهي كثيرة مع عنجهية ومُشتهى هذه العصابة أو تلك...!

أخيرا لو ان هذه الطبقة السياسية موجودة في أي بلد في العالم حتى الأكثر تخلفا لضربت بالقـ.... لكن للأسف لحد اللحظة هناك انسجام في وجود مفاهيم اجتماعية هي رافعة لكل هذه (الشكولات ) التي ابتلى بها العراق وهنا لا استثني أحدا ولكن أكثر بضاعة تثير الاشمئزاز والقرف اليوم هي شيطنة وكثرة العمائم واستثمار وزج الدين في السياسة، أمام العراق مهمة قد تطول لكن لابد منها ألا وهي إسقاط خسة ورتابة وخواء وكذب المقدس مهما علا شأنه ومقامه وبضاعته سواء كانت ايدولوجيا أو دين عكسها ستبقى نهارات العراق كلياليه تثير القرف والإحباط وستبقى مسيرات اللطم والقامة والزنجيل وكل أشكال المهازل هي الحاضرة بقوة ( كحداثة ) سوداء لهمجية قرون زائلة حكمت عليها إرادة وعناد وتراكم خبرات الشعوب في كل الدنيا بما تستحق... !

ليس أمامنا من طريق إلا الانتماء لهذا العصر عبر المشاركة الفعالة إنسانيا في رسم معالمه والتأثير فيه وبه وبناءه بشكل أفضل تلك مهمة تحتاج شعب أكثر حيوية ويقظة وقدرة على دراسة تجاربه وتجارب الآخر الناجح وبالتالي رسم معالم طريق أفضل لحياته وحريته وغده ، متى نستيقظ كفى نوما فأرضنا عطشى لأفعال جادة تُعيد لها تلك العزة والكرامة والحق والحرية والحياة والأمل...؟؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لمافيات
جاسم الزيرجاوي-مهندس استشاري ( 2010 / 8 / 16 - 05:34 )
تحية للصديق محسن
وشكرا والف شكر لك على هذا المقال الذي يطيح بعروش اقلام الابراج العاجية والديقراطية الليبرالية المزيفة.
((في العراق لا توجد دولة ولو بالمعايير البسيطة ، الموجود هو سلطات محلية .... ))...
نعم محسن هذا هو الواقع الصحيح وما عداه هو ذر الرماد في عيون الناس
قلنا مرارا وعبر هذا الموقع .. لا وجود للدولة في العراق ..لا بالمفهوم الهيجلي ولا الدستوري والقانوني...نعم محسن وشكرا لك مرة اخرى.. العراق تحول الى الى حارات وشوارع تحكمها المافيات.. والنائمين في برد شتاء اوربا هم وحدهم اللذين لا يبصرون هذا
تحياتي الحارة


2 - واقع العراق
محمد مراد ( 2010 / 8 / 16 - 09:58 )
الاخ محسن لااعتقد ان النقطة الثانية صحيحة وهي بشان عدم وجود دائرة مرور لتسجيل السيارات فانت بذلك تنسف مصداقيتك في نقل الواقع كما رائيته لان الجميع يعرف ان دوائر المرور موجودة في جميع المخافظات مع تقديري لك


3 - ردود
محسن الجيلاوي ( 2010 / 8 / 16 - 10:32 )
الأخ الصديق جاسم الزيرجاوي
أشكر مرورك ومقدرا جهدك الوطني في فضح ما يحدث في وطننا المنكوب...لنعمل معا على كل حسب قدرته وامكانياتة في وضع بلدنا على الطريق الصحيح ...وشكرا
الأخ العزيز محمد مراد
تحية وشكرا
لم أقل لا توجد دوائر مرور ولكنها مثل كل الدوائر الأخرى فيها اشكاليات ...أتمنى أن تقرأ الجملة رقم 2 ثانية ..وأكرر هنا أن ملايين من السيارات تحمل ( منافيست ) وليس ارقام حقيقية وتنتقل ملكيتها بالوكالات فقط ،هل تستطيع أن تقول لي خلال السنوات الماضية هناك فحص للحصول على اجازات سوق ، والقديمة أليست أصبحت منتهية بعد مرور خمس سنوات كما مثبت فيها ..يعني باختصار اليوم الجميع بدون اجازات سوق ..من المسؤول عن تراك السيارات القديمة أمام البيوت وحواف الطرقات من يسقطعها من العمل ويدفن بقاياها وأين ذهب ارقامها ، هل تقول لي ان الارقام القديمة ليس سهلا نقلها من سيارة إلى سيارة ،بربك قل لي هل يوجد مثل هذه العجائب في كل العالم..نعم هناك دوائر مرور ولكنها غير فعالة في معالجة أمور أصبحت متراكمة وعلى قدر كبير من الفداحة..قد تجد في هذه الملاحظة غير دقيقة ولكنها لا تلغي ابدا الخلل في هذه النقطة مع الود


4 - من هو المسؤل ؟
محمد شكري جميل ( 2012 / 2 / 4 - 16:26 )
نسيت ان تذكر في مقالتك ان سبب وجود هذه الكثرة من سيارات الخردة ناتجة عن السياسة الخاطئة للحزب الشيوعي العراقي في المجال البيئي

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو