الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار في بلادنا ، وتخلفه عن ريادة الحركة الشعبيه .

حامد حمودي عباس

2010 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حفزني الحوار المفتوح ، والذي ابرزه لنا مؤخرا موقع الحوار المتمدن مع الدكتور كاظم حبيب ، بشأن الدور الذي لعبته قوى اليسار في المنطقة العربية عموما وفي العراق على وجه الخصوص ، لأن اعود من جديد ، الى سابق نشاط قمت به الى جانب العديد من الزملاء الكتاب ، كنت فيه من المتحمسين جدا للدعوة الى أن تتوقف ظاهرة التشضي المشينه ، والحاصلة في جسد اليسار العربي ، وإن كنت وبحكم الانتماء الوطني ، ميال لمعالجة الحالة العراقية بالذات اكثر من غيرها من الحالات .
لقد كانت تجليات الدكتور حبيب من خلال محاورته تلك ، قد وضعت بالفعل ، صورة واضحة للواقع الذي مرت به الحركة الوطنية في العراق ، مجسدا جل حواره فيما يخص الحزب الشيوعي العراقي ، باعتباره رأس الرمح في قوام تلك الحركه ، ومن اكثر المضحين في سبيل تحقيق الاهداف العادلة للشعب العراقي وعلى مر سنين طوال .. وشخص بعمق وتجرد واضحين ، مدى الحاجة الملحة لأن تتوقف القوى الممثلة للتيار الوطني اليساري ضمن حركتها النضالية ، حتى تجري تقييما يعتمد الواقع لا الخيال ، لمجمل مسيرتها ، وطبيعة تعاملها مع الاحداث المحلية والعالميه ، حتى تستطيع الاقدام على تجارب جديدة ، اكثر فعالية واجدى نفعا مما كانت تسير عليه في السابق ، مواكبة ما يحدث من تغييرات طبقية واجتماعية وعلى كافة المستويات .

إلا أنني ، تستوقفني دائما نقطة بعينها في موضوع كهذا ، سبق وان أشرت لها في مقالات سبق نشرها على موقع الحوار المتمدن ومواقع اخرى ، وتسببت لي بمقاطعة مريبة من قبل بعض مواقع النشر ، سببها ذلك التحفظ الضار من قبل بعض قوى اليسار على روح النقد الايجابي البناء ، وكأن الدعوة لوحدة قوى اليسار وتبنيها خطا جديدا ، وهي ذات الدعوة التي اشار لها الدكتور كاظم حبيب في معرض حواره الاخير ، سبة سياسية وفكرية يعاقب عليها من يتطرق لها بالمقاطعه .

النقطة التي أهوى التوقف عندها ، وبنفس اطول ، هي ابتعاد القوى المنتمية لليسار ، عن واقع الحياة الفعلية للجماهير المسحوقه ، واللهو بالتجاذبات السياسية شبه العقيمه ، والتي تظهر تلك القوى ، وكأنها تسعى فقط للاقتراب من السلطه ، تاركة ورائها مشاكل ومعاناة الفقراء ، والذين تنادي بتمثيلها لهم على طول الخط .

ولو تركنا الساحة العربية ، والاكتفاء بالساحة العراقيه ، ولو ابتعدنا عن السرد التاريخي المحض ، لوجدنا بأن ما يجري الان في العراق ، ومنذ التغيير عام 2003 ، يثبت دون ادنى شك ، بأن اليسار قد تخلف كثيرا عن واقع الحال للجماهير المسحوقة ، والتي نالت الامرين ، من جراء سياسة تفردت من خلالها قوى الاسلام السياسي بالحكم ، ونهبت خيرات البلد لتضعه في اتون حرب من نوع آخر، غير التي كان النظام السابق قد وضعه فيها قبل ان يقبر وتنتهي مراحل وجوده .

إن معالجة يجري الاختلاف عليها بين القوى التقدمية واليسارية في البلاد ، لتفسير مفردة تتسم بالاكاديمية ، ليصار الى تجاذبات تنتج عنها عداوات فعلية ، ومن ثم تؤدي الى الابتعاد والنفور التام .. أو التسابق لامتلاك ناصية المقدمة في حركة التحرر الوطني ، واحصاء عدد الشهداء لصالح هذه الفئة او تلك في سباق محموم ، بهدف كسب الصيت ليس إلا .. كل ذلك يبدو عقيما للغايه ، امام تلك الصور المأساوية للملايين من ابناء شعبنا العراقي جراء عملية استهداف رخيصة تقوم بها القوى المتحكمة بمقدرات البلد ومنذ سبع سنوات .

فأي يسار يمكن ان يتخلف عن رصد حالة عراقية ، تصل في درجة بؤسها الى ان يقدم طفل لم يبلغ الخامسة عشر من عمره على الانتحار شنقا ، لانه لم يقاوم الضغوط المسلطة عليه لإعالة امه الارمله واخوته السته ؟ .. أي يسار يمكنه ان يبقى في خانة اليسار ، ذلك الذي لا يستشعر الخطر ، حينما تنقل شاشات الفضائيات المحلية والعربية ، حالة عوائل بدأت ببيع اعضائها الجسدية ، واخرى اضطرت لبيع بناتها الى تجار الرقيق الابيض من العرب عديمي الذمه ، كل ذلك بفعل عوامل الفقر المدقع والمستمر ؟؟ .. أي يسار ذلك الذي يدير وجهه عن ملايين الارامل ممن استغلهن اراذل الوافدين ، ليتعاقدوا معهن بعقود الزواج المؤقت ، تاركين المئات من النساء في حومة الانجاب غير المغطى باي غطاء قانوني ولا اجتماعي ، ليضيفوا الى عداد المجتمع ، منحرفين جدد ؟؟ .. أي قوة يمكن ان تدعي انتمائها لليسار التقدمي ، ولا تهزها مشاعر الغضب ، من تلك الفزعة المشوبة باللامبالاة في نهب اموال الشعب ، وتركه وسط محرقة الصيف غير الرحيمه ، بدون كهرباء ولا ماء ، في حين يجري العراك البائس على كراسي السلطه ، وسط نشاط محموم لا ينقطع ، تتبارى من خلاله قوى دخيلة على الحركة الوطنية وتاريخها ، لتفعل فعلها الاجرامي في افقار الشعب ، وسحقه حتى العظم ، وعدم الاعتداد بآهات البؤساء من ابنائه ؟

أي يسار ذلك الذي لا تدعوه مظاهر الخواء الاجتماعي والاقتصادي في البلاد ، الى الخروج من عملية فاحت روائحها النتنه ، والانتساب الى صفوف الجماهير ، وقيادتها لأن تتظاهر ، وتقذف الحجاره ، وتصرخ معبرة عن مقتها لسارقي قوتها من دجالين وجهلة واصحاب منافع ، كي يشعر هؤلاء ، بأن معارضة حقيقية تقف في وجوههم ، وتنبههم الى ان الامور قد خرجت عن المألوف ؟ ..

نعم .. لقد تخلفت قوى اليسار في بلادنا عن مهامها المعلنة من خلال برامجها السياسية ، وأضحت محسوبة ، شائت أم أبت ، على جبهة غير معنية بمصالح الشعب ، مما اوقعها في فراغ قاتل ، عبرت عنه صناديق الاقتراع في الانتخابات الاخيره ، وبشكل يدعو للاسف الشديد .

وليس امامها ، وفي بداية مهامها الآنية والمستقبلية ، إلا أن تعمد وعلى الفور ، باجراء مراجعة شجاعة لسياساتها في ابداء مظاهر اللين المبالغ فيه ، بوجه العابثين بمقدرات البلاد ، والركون الى الشارع ، باعتباره الساحة الحقيقية للتعبير عن المطالبة بحقوق المضطهدين ، وليس منصات التخاطب العقيم ، والمساهمة غير المجديه ، ضمن حركة اصبحت بمجملها بعيدة عن هموم الشعب ، ومتعالية وبشكل مخزي ، على مطالبته بحقوقه في الحياة الكريمة كبقية الشعوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من التجني على اليسار العراقي تحميله وزر
خالد يوسف ( 2010 / 8 / 16 - 12:11 )
من التجني على اليسار العراقي تحميله وزر انزلاق جماعة حميد مجيد في مشروع الاحتلال وحكوماته الطائفية العنصرية الارهابية الفاسدة . اما خسارة حزب حميد وجماعته في الانتخابات, فما هي الا حكم الشعب العراقي على من تخلى عن المبادئ الثورية والتاريخ الكفاحي المجيد للشيوعيين العراقيين .. ولعل ابشع مظاهر افلاس اتباع هذه الجماعة هو تجنيها على الشعب العراقي حد اتهامه بالجهل , لأن الشعب العراقي استهجن عليهم رفع رايتين متناقضتين في يد واحدة .. الراية الحمراء التي ترمز الى الشهداء الذين قدموا حياتهم فداءا من اجل حرية الوطن تحت شعار وطن حر وشعب وسعيد .. والراية السوداء , راية الامبريالية الامريكية واذنابها من القوى الاقطاعية الطائفية العنصرية الارهابية .
ان اليسار العراقي الأمين على مبادئه الذي يرفع الراية الحمراء من جيل الى جيل يتساقط حولها الشهداء ,قد رفض استبدال النظام البعثي الفاشي بنظام احتلالي طائفي عنصري... يسار عراقي يناضل في صفوف الجماهير الكادحة على طريق الانتفاضة الشعبية .. انتفاضة حرية الوطن واقامة جمهورية العدالة الاجتماعية
فمن التجني تحميل اليسار العراقي وزر نضال جماعة حميد مجيد في الصالونات الأمبريالية الامريكية التي خرجت المشنوق صدام حسين سابقا وتخرج بدائله الأن


2 - الاستاذ خالد يوسف
حامد حمودي عباس ( 2010 / 8 / 16 - 20:13 )
لم يعد ياسيدي ما يتبقى من نفس ، لتحمل ضغط تتمة مشوار يبدو بانه أطول من مداه الحقيقي بكثير .. ما يعيقني عن فهم واقع شعبنا في العراق ، الشعب الذي صنع تاريخا يحفل بالكثير من الامجاد وملاحم التصدي لمن حكموه على غير ما يريد ، اصبح اليوم مشروعا سهلا لتجارب الافساد والاتجار الرخيص بكل مقدراته وكرامته ومجمل حياة ابنائه ، كل ذلك ، ولم يتحرك هذا الشعب لرمي حجر في بركة واقعه المرير رغم تشكيه المستمر وعلى كافة الصعد .. ما نلوم به يسارنا كونه مطالب في مرحلة كهذه بأن يتكفل باحداث التغيير المطلوب ، وأن يتقدم الصفوف لتحفيزها على ابداء الرفض لجميع مظاهر الاستبداد والاستهانة بحقوقه وبكل السبل المتاحه .. تحياتي لك ، واكبر فيك هذا الحس الوطني المجرد والذي افتقدناه وسط لجة بحر متلاطم من مستجدات العهد الجديد

اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء