الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن أن تكون كوردستان ..وطناً بديلاً للصابئة ألمندائيين .. ؟؟

نزار ياسر الحيدر

2010 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة وعندما كان الفنان الرائد أحمد الخليل يهزج بأنشودته الرائعة الشهيرة ( هربجي كورد وعرب رمز النضال ) كان غالبية الصابئة المندائيين ومن خلال التيار اليساري العارم الذي كان يهدر في شوارع العراق جزء مهم من هذا التيار الذي تبنى حل المسألة الكوردية حلا سلميا مشرفا لجميع العراقيين والذي تبنى فيما بعد شعار ( السلم في كوردستان ) بعد أن بدأت بوادر الحرب في شمال العراق ، لقد دافع الصابئة المندائيون عن هذا الشعار ودفعوا من اجله ثمنا باهظا له فقد أعتقل العشرات منهم ضمن مئات من العراقيين الذين ناضلوا آنذاك من أجل تحقيق هذا الشعار لإيقاف الحرب في كوردستان العراق.



أذن فأن للمندائيين حق مكتسب لدى الإخوة الكورد تحقق لهم من خلال نضال العراقيين لنصف قرن خلا . لقد استذكر وفد الصابئة المندائيين الذي التقى بقيادة إقليم كوردستان عام 2006 في بغداد يتباحث معهم حول إمكانية استيعاب المندائيون الذين لجئوا للإقامة في إقليم كورد ستان بعد أن تدهورت الأوضاع الأمنية في بغداد والمدن الجنوبية واستعار نار الحرب الطائفية التي أحرقت بأوارها الصابئة المندائيين والأقليات الدينية الأخرى . لقد كان لقاءا وديا استجابت له القيادة الكوردستانية لجميع مطالبنا بعد ان كانت الإقامة لغير الكورد في الإقليم صعبة جدا أو تكاد تكون مستحيلة لكننا وبعد استذكار تضحيات الصابئة المندائيين للقضية الكوردية وللإنصاف تمت الموافقة على تسهيل دخول وخروج وإقامة وعمل ودراسة وتوظيف الصابئة المندائيين وبشكل خاص وبأمر شخصي من أعلى سلطة في قيادة الإقليم ، وفعلا تم تيسير تنفيذ هذه القرارات وبالتنسيق مع الجمعية الثقافية المندائية في اربيل والتي كفلت وتعهدت بجميع المندائيين الراغبين في العمل والإقامة في كورد ستان ، إضافة إلى ما تم تخصيصه بتمليك دارين للصابئة المندائيين في اربيل / عينكاوة ليكون أحدها مقرا للجمعية الثقافية المندائية والثاني ليكون مندى لهم بعد إن تم تحويره بما يتلاءم لإقامة الطقوس المندائية ، كما تم تخصيص نثرية مادية شهرية للجمعية والمندى وتم تأثيث البنايتين بالأثاث المناسب لهما ، وبذلك يكون الجانب الرسمي الكورد ستاني قد نفذ مشكورا ما تعهد به لضيافة المندائيين في ربوع كوردستان .



يبقى هناك سؤالين مهمين علينا الاجاية عليها وهي :



أولا :هل المجتمع الكوردستاني يتقبل غير الكورد من العيش والاختلاط معه ؟؟؟

وهل استطاع الصابئة المندائيون من الاندماج اجتماعيا وثقافيا مع المجتمع

الكوردستاني ؟؟؟

وماهي نظرة الكورد للأقليات الدينية غير المسلمة ؟؟؟



لقد عانى الكورد ولعقود كثيرة خلت اضطهادا عرقيا قاسيا كان أثره كبيرا على البناء الاجتماعي والفسيولوجي لهم ، وكرد فعل لهذا الاضطهاد استطاعت التيارات القومية الكوردية من زرع بذور الكره والحقد وللأسف في نفوس الكورد خاصة بين عامة الشعب الكوردي باستثناء الشرائح المثقفة وصاحبة المبادئ والتي كانت تفرز بين الحاكم المستبد وبين الشعب المغلوب على أمره والذي عانى ما عاناه من ظلم الحاكم المستبد . لقد تجذر وللأسف هذا الكره بعد إن انقطع الإقليم عن السلطة المركزية بعد أحداث حرب الخليج الثانية وما تبعها من أحداث الانتفاضة الشعبية التي سحقها الحاكم بقسوة وما رافقها من بطش وتهجير وألم ، لقد أثرت هذه الأحداث بدفع التيارات القومية المتطرفة من إذكاء روح العداء لكل ما هو غير كوردي وكانت إحدى تلك النتائج إن منع تعليم اللغة العربية في مدارس الإقليم وكان لهذا القرار أثرا سلبيا كبيرا من نشوء جيل كامل للشباب لمن هم بعمر خمسة وعشرون عاما فما دون لا يفقهون شيئا من اللغة العربية ويصعب التعاطي معهم ويحمل غالبيتهم تصورا خاطئا تربوا عليه يحمل مفهوم إن العرب هم أعداء الكورد !!! وإنهم من قتل الكورد !! ومن ضرب حلبجة بالسلاح الكيماوي!! وهم من شرد الكورد وهم من عمل حملات الأنفال لتدميرهم !!!؟وهذه الأفكار هي ما تربى عليها شباب الكورد لسنوات طويلة للأسف الشديد ، فماذا ننتظر من هكذا جيل معبأ بهكذا أفكار سوداوية غير مبررة ؟؟؟

لقد وجد المندائيون صعوبة في الاندماج اجتماعيا بالإخوة الكورد فعاداتهم وتقاليدهم الأسرية هي تقاليد محافظة يصعب اختراقها وتكوين صداقات عائلية معهم ولازالوا يحافظون على تقاليد متوارثة في مواعيد تناول الطعام ومراسيم أداء الصلاة ومكوث غالبية هذه العوائل بعد المغرب في دورها ولان هذه العوائل بالأساس لا تتقن الكلام إلا بالكوردي فيصعب الاختلاط بينها وبين العوائل المندائية باستثناء الإخوة المسيحيين الأكثر انفتاحا على الغرباء وفيهم غالبية من الذين يتكلمون العربية .



وبسبب هذا المجتمع المنغلق نسبيا ونشاط التيار الديني في كوردستان تولدت نظرة متطرفة تنظر إلى من هم غير مسلمين بنظرة دونية تتهمهم بأنهم كفرة ومفسدين ولا يعترفون بالله لأنهم يتاجرون ويحتسون الخمر وخاصة الإخوة المسيحيين والايزيديين أي أنهم معبأين أصلا ضد غير المسلمين بالرغم من ان هناك نسبة عالية جدا منهم ليس لديهم أي معلومات وخلفية عن الصابئة المندائيين ، وبالضد من هذه الفكرة أيضا تجد إن الاخوة المسيحيين والايزيديين يضمرون شرا بالإخوة الكورد المسلمين كرد فعل لتصرفات بعضهم إلى البعض الآخر ، هذا التجاذب بين الأطراف المختلفة صعبت عملية التلاحم الاجتماعي والثقافي بين مختلف الأديان بالرغم من وجود شرائح مهمة من المثقفين .



ثانيا : هل أستثمر الصابئة المندائيون انفتاح القيادة الكوردستانية عليهم ؟؟؟

وهل قاموا بما يتوجب عليهم لتطوير فكرة استيعاب اكبر عدد من العوائل

المندائية بتهيئة ملاذ آمن لهم في الإقليم ؟؟؟

وما هي أسباب الإخفاقات التي أفشلت هذا المشروع ؟؟؟



لم يستثمر المندائيون انفتاح حكومة اقليم كوردستان على المندائيين الا بنسبة يسيرة جدا بالرغم من توطد العلاقات بين رئاسة الجمعية الثقافية المندائية في اربيل من جهة ومن جهة أخرى مكاتب وزارة الأوقاف ووزارة الداخلية ووزارة الثقافة وهيئات المجتمع المدني وغيرها من المؤسسات الحكومية المهمة لأنها اقتصرت على الأمور المالية والامتيازات وكانت تلك العلاقات يغلب عليها الطابع الشخصي بالرغم من إنها كانت وفي الغالب تغلف بالطابع العام لكنها كانت علاقات محدودة وخجولة .



لقد فقدت المندائيون فرص عديدة متاحة عرضت عليهم في اربيل لتطوير فكرة استيعاب إعداد من العوائل المندائية بتخصيص مجمعات سكنية متكاملة في سهل نينوى ومتكاملة لتكون بؤرة لملاذ آمن للمندائيين في كوردستان لكنهم لم يستطيعوا ان يتواصلوا مع الجهات المسؤولة عن هذه المشاريع بسبب ضعف الأداء أو بسبب نظرة قاصرة تفكر بان منح المندائيون لمثل هكذا مكتسبات قد يجير أصواتهم وأرادتهم للمانحين !!!؟؟؟



أما أسباب الإخفاقات التي أفشلت هذا المشروع واو أدته إلى الأبد هي :



1- الانفراد بقيادة الجمعية في اربيل وضعف الاداء وتحويلها إلى جمعية عائلية تديرها عائلة واحدة وكان هذا في الادارة السابقة واللاحقة وبعذرعدم وجود الكوادر لإدارة الجمعية مما اضعف أدائها ودفع بالآخرين الابتعاد من العمل بها.



2- بسبب الصراع على النفوذ تعمدت قيادة الطائفة في بغداد لإضعاف الجمعية وخلق صراع لامبرر له على الصلاحيات والامتيازات المالية بعد تأسيس مجلس شؤون الطائفة في اربيل وخلقت أجواء متوترة بين الهيئتين لبسط نفوذهما على اربيل بعد إن نصبت قيادة ضعيفة غير مقتدرة لرئاسة مجلس الشؤون.



3- تحول هم الجمعية ومجلس الشؤون إلى نزاع شبه يومي بتقسيم المخصصات المالية التي رصدت لدعم الجمعية والمجلس وأصبح هذا الموضوع هو الخلاف الأساسي للعمل بالرغم من النشاطات الثقافية التي تقيمها الجمعية .



4- انحسار أعداد العوائل المندائية بالبقاء في اربيل لأسباب تعود إلى غلاء السكن والمعيشة وضعف العمل وانحسار الأرزاق وعدم تيسر المدارس باللغة العربية وصعوبة التفاهم باللغة الكوردية وصعوبة التعيين في دوائر الإقليم والدراسة في كليات الإقليم لأسباب مختلفة .



5- استمرار توتر الاوضاع في العراق والتخوف من الانفلات الامني الذي يهدد الاستقرار في الإقليم .



6- هجرة أغلبية العوائل المندائية إلى دول المهجر مما شجع المندائيين إلى الالتحاق بذويهم للاستقرار النهائي بقربهم .



7- تخوف الصابئة المندائيون من أن نجاح هذا المشروع قد يؤثر على قبول هجرتهم والالتحاق بذويهم لدى دوائر الأمم المتحدة مما قلل من حماسهم لإنجاحه بسبب عدم وجود إستراتيجية بعيدة المدى تحدد أهدافهم .



هكذا فقد المندائيون فرصة أنشاء ملاذ آمن لهم في أقليم كوردستان العراق!!!





الخلاصة : لهذه الأسباب وغيرها لا يمكن أن يكون إقليم كورستان وطنا بديلا للصابئة المندائيين في الوقت الحاضر .



دمشق 14 آب 2010

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي واحترامي لال الحيدر المناضله العريقه
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 8 / 16 - 12:33 )
ان الصابئه المندائيين جزء حيوي من الامه العراقيه الجامعهلابناء الشعب اي كانت اللغه او الدين او الطائفه التي يتكلم بها اويعتقدها في حياته الشخصيه
ان الاولويه لما يجمعنا دون الاخذ بنظر الاعتبار الخصوصيات لاية جماعة عراقيه ان مهمتنا بناء مجتمع عصري لاننا يجب ان نغادرالتفتيت الاقطاعي المقيت فالمواطنه والوطنيه هي حجر الاساس للانتقال الى الحياة الانسانية
المتساوية التي تتحقق بعد ذالك في الحياة والعلاقات الامميه وهي اعلى
واكمل مرحله في العلاقات بين بني البشر
استاذ نزار اني ابارك لك هذه المقالة الرائعه واسمح لي ان اضيف اليها حقيقتين
الاولى ضاربة باعماق التاريخ ومن العهد السومري وقد حيرت الناس بروعتها الى ان تمكنا من تفسيرها وفقا للمنهج الماركسي وقد لاحظت شخصيا منذ
اواسط الاربعينات ان الصابئه المندائيين يقيمون بيوتهم حتى في قرى الاهوار
في الجحله والمشرح وهور الحويزه- في اطراف القرى في مجتمع ريفي كان يعتبر اللصوصيه والسطوالليليه نوع من المرجله ولكن لم يكن احد من حتى اللصوص المحترفين يسطو على بيوت الصابئه حتى افتهمنا ان المندائيين
تاريخيا هم صناع وسائل العمل والانتاج للمجتمع الفل


2 - تكملة التعليق رجاء مع التحيات المتواصله للصاب
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 8 / 16 - 12:54 )
ان الصابئه المندائيين تخصصوا - في تقسيم العمل الاجتماعي ومنذ اكثر من عشرة الاف سنه في بلاد الرافدين في
1تصنيع المناجل والمساحي والزوارق-الابلام والطراريد والاسلحه على اشكالها
كالانتاجية منها كالفاله التي تستعمل في صيد السمك وفي المعارك ايضا وكذالك
الخناجر والسيوف الخ وهذه الادوات اصبحت الشرط الاساسي للاقتصاد الزراعي اي انتاج وسائل اشباع حاجات ديمومة الحياة البشريه لاهل العراق منذ فجر حياة
البشر كبشر في عراقنا العزيز
2 تصنيع وسائل ديمومة حياة العراقيين بيولوجيا عن طريق الحب المتوج بالزواج
فان انتاج وسائل الزينه من الفضة والذهب فكان الصابئه متخصصون في الفنون
الجميله المتجسده في فنون المينا وعموما في الصياغه
لذالك فان انسان الرافدين دخل في عقد اجتماعي مع جزئه الصابئه المندائيين ان
يحميهم حماية لاستمرار الضروره - الاغذيه -والحريه ادوات الزينه فكانت لذالك بيوت الصابئه لاتسرق ولا يسطى عليها
اما القضية الثانيه فاني اقول للاستاذ نزار ان نضال المندائيين سابقلثورة 14تموز
المجيده فعاثلتها ومنها المرحوم يوسف الحيدر هو اخو المعلم الفنان والناضل
الشيوعي الذي فصل في الاربعينات


3 - تكمله رجاء والصابئه المندائيون هم عراقيو التا
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 8 / 16 - 13:13 )
للاسف نسيت اسم ذالك الرائد بوطنيته العراقيه وشيوعيته وبفنه التشيلي الذي فصل من وظيفته اواسط الاربعينات بسبب نضاله لخدمة العراق والعراقيين
وضد الاقطاع البشع الذي كان يستعبد الناس وضد الاحتلال البريطاني لبلدنا
والمرحوم يوسف الحيدر هو ابو المناضلين المثقفين الرائعين خيري وشاكر وعبود وهو عم القائد الشيوعي الشهيد ستار خضير والضابط من منظمة الضباط الاحرار التي قامت بثورة 14 تموز الباسل جبار والمثقف المناضل حليم والعشرات الاخرين من هذه العائلة العراقيه الولوده للابطال والمناضلين والمثقفين
والتي كانت حتى نهاية الاربعينات تسكن المدينه -الناحيه الكحلاء-مسيعيده
واخرين من المندائيين الذين كانوا مثلا المدينه-القضاء قلعة صالح التي منحت العراق بل العلم العالمي العلامه الراحل عد الجبار عبدالله اول رئيس لجامعة بغداد
لم يكن الصابئه المندائيون منعزلين عن باقي العراقيين فوالدي رجل الدين الشيعي كان يرسلني للكحلاء لابقى اياما من العطل المدرسيه في بيت ال الحيدر
الواسع لانني كنت صديقا للطالب حينئذ شاكر يوسف الحيدر وستار خضير
فليس لنا اخ نزار من ملاذ الاالعراق كله ولجميع العراقيين من الفاو لزاخو


4 - تحياتى
رنا المنداي ( 2010 / 8 / 17 - 01:33 )
استاذ نزار فى بدايه رسالتى هذه احب ان اشد على ايدك لهذه المقاله الرائعه .... يااخى انته مثل ما انكول كفيت ووفيت .... المهم عزيزى تحضرني حكايه بسيطه احب ان اشارك القراء فيها الا وهى ... انا من اسم العائلى منداى وكنا فى بدايه سنين السبعينيات نعيش فى كركوك وفى منطقه نائيه جميع سكانها اكراد وتربينه انا واهلى فى هذه المنطقه الكرديه وتعلمنه لغتهم وكان مامو احد يتعرض النه لاشى يصير .. واتذكر فى بدايه السبعينيات كانت الحرب على اشده بين العرب والاكراد ولكن احنا كنا فى مامن من ذالك ... اذكر كان واحد كردى يحرس البيت بالليل حتى لو جاوا البىش مركه لااذيتنه انكون فى حمايت جيرانه الاكراد ...وبعد فتره ... اتذكر الحكومه العراقيه امرات ببناء معسكر بالمنطقه وكان جدا قريب من بيتنه وايضا العسكر العرب من عرفوه احنا منداى وليس اكراد كانوا يدوموم على حراستنه من الاكراد البيشمركه ....المهم ياعزيزى الكاتب فى ذاك الزمان كنا احنا المنداى المتواجدين في كركوك منطقه الاكراد نلقى الحمايه من جماعه ملا البرزاني البيشمركه ومن جماعه المعسكر العرب .... وطبعا كانت الحرب بينهم كايمه ....والله زمان خير ماشفنه بس الخير وياهم

اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في