الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتحار الجماعي للشيعة في العراق

كامل السعدون

2004 / 8 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لا أشك في أن من يتابع أحداث الجنوب العراقي ، سيدهش لحجم الضحايا الذين سقطوا ويسقطون بالمجان تحت نعل السيد مقتدى الصدر منذ تحرير العراق ولحد الآن وإلى ما بعد اليوم الذي يسقط فيه الرجل في قبضة العدالة لينال عقابه الذي يستحقه …!!
العشرات بل المئات في كل يوم ومنذ عامٍ وإلى ما شاء الله من أعوام قادمة …!!
غريبٌ هذا الذي يحصل ومفجعٌ وغير منطقي على الإطلاق …!!
أم إنه منطقٌ آخر غير منطق هذا الكائن البيولوجي المادي الشغوف بالحرية والكرامة والحب والحياة …!!
غريبٌ هو هذا الانتحار الجماعي لشيعة بلدي ، عرب العراق الطيبون البؤساء …!
هل تغيرت أمنيات الناس وأحلامهم ومنطقهم وعواطفهم …؟
ألم يكونوا يحلمون بسقوط صدام ليهنئوا بالحياة الحرّة الكريمة ، حياةٌ بلا خوف ، بلا زوار ليل ، بلا حروب ، بلا جوع وعطش وفقر وبيوت قذرة وحرسٍ جمهوري من الوسط القصي ينتهك أعراض نسائهم ويدوس على عيالهم بسرفات الدبابات ، بلا مقابر جماعية ، بلا إعدامات بلا حبيبٌ غائب لا أمل بعودة ، بلا رحيلٌ جماعي إلى ذل المهجر …؟
ما الذي تغير يا ترى ، والمنطق يقول أنهم يجب أن يفرحوا …ينعموا بالتحرير …يسعون بجد لإعادة بناء بيوتهم وخرائبهم ومزارعهم ومعاملهم وشوارعهم …؟
لماذا يموت الرجل ، بعيداً عن عياله ، دفاعاً عن قضيةٍ خاسرةٍ لرجلٍ ضالٍ وعصبةٍ مارقة ..؟
لماذا يموت العراقي من أجل إيران ، التي حاربته وحاربها قرابة الثمانية أعوام …؟
لماذا يموت العربي من أجل الأعاجم وليس بينه وبينهم نسبٌ وهوى ومستقبل وحلمٌ مشترك …؟
لماذا يموت المئات من أجل قضيةٍ خاسرةٍ لمهديٍ لن يظهر ولا وجود له إلا في الأساطير …!
لماذا يموت الناس من أجل أن تنهض الأجداث فتنشر العدل بعصا الساحر وطلاسمه أو سيف النبي وتعاويذه ، وما العدل بمنتشرٍ إلا بيد الأحياء لا أكفان الأموات ، وبنور العقل والعلم والعمل الصالح الذي لا تشم منه رائحة دمٍ بشري ْ ، لا بأعمال الحرق والخرق والاغتصاب والتدمير …!
ثم …اهو المهدي من سيخرج أم الخامنائي من سيدخل العراق فاتحاً ليقيم حلم الأجداد في إمبراطورية فارس الإسلامية ؟
أهو المهدي من لا يستطيع المجيء إلا بعد أن نخرب ما لا زال عامراً من عراقنا المثخن بالجراح …؟
أهو المهدي من ينتظر أن نحرق كل آبارنا وننتحر جميعاً ، ليأتي فينشر العدل في من يتبقى منّا …؟
اللعنة …بأي منطق يفكر هؤلاء …؟
رباه ...ما هذا الجنون الذي يعصف ببلدي …؟
ما هذا الجنون …؟ لماذا ينتحر الناس بالجملة كالدلافين أو الفئران …؟
هل أفلس وعي الناس بالكامل ؟ أما يرون كيف يعيش الآخرون ممن هم دوننا في الثروة والخير والآفاق الفسيحة …؟
أما يرون كيف يعيش الغرب ؟ اسكندنافيا ؟ دول الخليج …؟
لماذا قدر الشيعة أن ينتحرون …؟
الملايين منهم في حرب العراق وإيران …مئات الآلاف في المقابر الجماعية … عشرات الآلاف تحت ذيل عباءة الفتى الملهم مقتدى …!
أهو تأسياً بانتحار الحسين ( رض ) ؟
أو هذا هو النموذج البهي للموت …أو الحياة …؟
أو هذا هو قدر الملايين من عجائز وأطفال ونساء الجنوب العراقي البائس ؟
لماذا هذا اليأس من الحياة …؟ لماذا هذا الرفض لحياة بعد أن توهب وتنمو وتشرق وتعد بآفاقٍ طيبة …؟
لماذا هذا الإيمان المريض بالموت العاجل تحت بركة وعباءة وباسم الرب وأوصياء الرّب وخلفاءه المزيفو القداسة …؟
لماذا …؟
لماذا هو الموت المجاني ، بالجملة ، تحت أي مظلةٍ وأي عباءة وأي نعل …؟
يذكرني وربي انتحار الشيعة الجماعي ، بأفواج اليهود الذين كانوا يصعدون صاغرين إلى القطارات الألمانية التي تقلّهم بالجملة إلى محارق النازي …!!
بلا مقاومة ، بمنتهى الجبن ، كانوا يصعدون وبلا احتجاج ، رغم إن الغستابو كانوا أقل منهم عدداً …!
عجيب …!!
إني والله لا ألوم صدام حسين ، حين كان يذبح الناس بالجملة ، لأن الناس ذواتهم كانوا يسلمون أعناقهم بالجملة …!
لا ألوم صدام فقد كان لديه إيمانه الشخصي بذاته وقوته وقيمته ، وكان الناس يريدون مثله ، ويطبلون لمثله وينتحرون تحت حذاءه أو حذاء من هو مثله ، وكما أرتقى به إيمانه إلى المجد الشخصي أسقطه في النهاية في حمأة الذل ال ….شخصي …!
ولا أظنني أجيز لنفسي أن أعتب على الفتى مقتدى ، فللرجل إيمانه الشخصي الزائف الذي جعله قبلة أنظار مئات الآلاف من مسطحي العراق …!
لكنني أعتب وأتألم على الضحية وألومها لأنها تجيز لنفسه إلا أن تظل في موقع الضحية حتى بعد أن رفع السيف عن عنقها …!
الضحية التي تأبى إلا أن تذبح وتحشر رأسها حشراً تحت نصل المقصلة …!!
أين الخلل يا ترى …؟
أهو في وعي الناس ؟ عقائد الناس ؟ منظومتهم القيمية التي يتماها الموت فيها مع الحياة …؟ الرّب مع الشيطان …؟
عجبي …!!
أقسم أني أتفهم والله بعض أسباب مقاومة بعض أهل الوسط …!!
أتفهمها لأنها على الأقل ثورة من فقد مناصب ومكاسب وعزٍ وهيلمان وانتماء عروبي كان في القمة وهبط الآن إلى القعرّ …!
أفهم وربي أنهم يخافون من الفرس ، ومن عجم العراق الذين تسربوا بالجملة بعد سقوط صدام حسين …أفهم أنهم يخافون على عروبة العراق وعراقية العراق المهددة بقوة من قبل فرس العراق وفرس فارس …!!
وها هم عقب مجيء السيد علاوي ، أوشكت مقاومتهم أن تضمحل عقب أن اتفقت العشائر مع الحكومة على تقاسم الثروة والسلطة بالعدل والقسطاس ، لكن أين هؤلاء من أولئك ، وأين قضية هؤلاء التي يمكن أن تفهم وبالتالي يمكن استيعابها وقد حصل إلى حد كبير ، من قضية أولئك الذين كانوا مدى الدهر ضحايا ، ويأبون اليوم إلا أن يظلوا في خانة الضحية التي يبدو أنها الأثيرة لديهم …!!
أين حركة أولئك ومقاومة أولئك التي تريد أن تحمي العراق من إيران ، بمقاومة الفتى مقتدى الذي يريد شطر الجنوب وتسليمه لإيران …!
أين تلك التي لا يموت فيها المئات بالمجان …كالذباب ، من تلك التي أهلكت الحرث والنسل وقطعت الأرحام وأحرقت آبار النفط وأوشكت أن تمزق خارطة العراق إلى أنصاف وأرباع …!!
للمرّة الألف يقع الشيعة في المحظور ويسقطون في شراك الآخرين ، ليمر هؤلاء إلى المجد على أجسادهم المذبوحة بأيديهم ذواتهم …!
للمرّة الألف يثبت عشاق المهدي …عشاق الأسطورة ….عشاق الانتحار أنهم المطايا الأليفة الطيعة لكل ذي مأرب …وذوو المآرب القذرة في العراق وحوله كثرٌ …ولما يزالوا يتكاثرون …!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت