الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مترفون بلا حدود

سعد تركي

2010 / 8 / 18
الادارة و الاقتصاد


بيل غيتس، أغنى رجل في العالم ومالك شركة مايكروسوفت العملاقة للبرمجيات، ومعه حوالي عشرين ثريا من أثرى أثرياء العالم، سيتخلون ببساطة شديدة عن نصف ثرواتهم لصالح منظمات مجتمع مدني وجمعيات خيرية وإنسانية!!
هذا الخبر تناقلته وكالات الإنباء العربية بإعجاب شديد وآلم أيضا، أعجاب من الإيثار الذي يتمتع به ملياردير تزيد ثروته عن 100 مليار دولار ليتخلى طواعية عن نصفها، في حين ان أثرياء العرب لا يمكنهم ان يفعلوا ذلك على الرغم من المدينة الذي يحفزهم على ذلك، والتراث الفني تقصص الإيثار والجود حتى بالنفس وهي اعز على الإنسان حتى من ماله.
طبيعة النظام الرأسمالي جعلت الرأسمالي جعلت الثروة الفاحشة تتركز في أيدي قلة سمح لها هذا النظام بالتحكم في السوق العالمي بحيث ان هذه القلة استطاعت الإفلات ببراعة من قوانين المنافسة فاحتكرت من السوق العالمي كما في حالة بيل غيتس الذي تنتج شركته مواد لا غنى عنها اطلاقا في برمجيات الحاسبات الالكترونية.
ينفق المرء على ما يحتاجه، وكلما زاد ثراء مال الى الأنفاق على أشياء يعدها اخرون غرضا كماليا وعلى هذا نهج فاحشو الثراء الى ان لم يعد هناك وجه للإنفاق فاتهم، وعلى الرغم من ضخامة الانفاق الا ان الارباح تزداد والثروة تتضخم وتتراكم، يخيل الي ان الانفاق والاسراف ليس رغبة تتولد وتكبر مع الانسان قدر ماهي اشباع لحاجة يتم يطمينها عن طريق الشراء فحين لا أملك بيتا اسعى مع القدرة الى شراء واحد واذا ما ازداد دخلي وكنت قادرا على ابتياع اخر افضل منه، فاني افضل.. ولكن حين احوز على الافضل والاحسن والاجمل والاكثر رفاهية وحداثة وعصرية من كل حاجة وغرض فماذا افعل بأموال طائلة تفوق خزائن دول عديدة؟!
سمح النظام الرأسمالي لافراد معدودين ان يتملكوا اموالا لم يحلم بها قارون نفسه، واوصلهم الى العدمية فقد قتلت هذه المليارات الحافز المحرك للكدح، وصادرت الشعور بالسعادة الذي يشعر به موظف بسيط حين يستلم مكافأة ينفقها لشراء دراجة حلم بها ابنه، او قطعة ذهبية صغيرة لزوجته.. القدرة الفائقة التي وفرها هذا الثراء جعلت الحياة بلا معنى، فالحياة الحقيقية انما تستجد معناها من صراعنا المستمر وكدحنا الدائم في تطمين حاجات تتوالد وتتكاثر باستمرار وفي تحقيق احلام لايمكن تحقيقها جميعا.. وحدهم فاحشو الثراء حققوا كل شيء، ففقدوا الشعور بالحياة.
الفنانون والفنانات تصل ايرادادات بعضهم الى مئات الملايين من الدولارات ينفقون بعضها في اعمال خيرية وانسانية ايضا ليجعلوا لحياتهم معنى ما، ولانهم اكثر رقة واقل صلابة من نظرائهم "رجال الاعمال" فكثيرا مايصيبهم الاحباط وغياب الاحساس بالحياة ويلجؤون الى الهيروين والمخدرات والفضائح!!
قال لي يوما احد الاساتذة ان الدينار في جيبي لاقيمة له الا حين انفقه في شراء لعبة لطفل او طعام لجائع. وأظن ان هذه القلة من الاثرياء لا تتخلى عن نصف ثروتها لجلب السعادة للاخرين او التخفيف عن الامهم، انما لستيعدوا حياتهم التي فقدوها بثرائهم الفاحش، وأظن انهم لن يستعيدوها فما زال لديهم نصف اخر من ثروة تفيض كثيرا جدا عن الحاجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للكاتب الاستاذ
احمد يونس ( 2010 / 8 / 19 - 10:29 )
دوما تسطر في مقالاتك احرف وكلمات ولاتفاجئنا كثيرا لانها ماتعودنا عليه من مستواك الرائع والاسلوب السلس والممتع الذي يصل ببساطة الى العقول والاذان التي تريد ان تعي وتسمع فقط لاتلك التي صمت اذانها واقفلت قلوبها فالى المزيد من التألق والروعة

اخر الافلام

.. مفاجأة غير متوقعة في الأسعار.. اسمع نصائح سكرتير شعبة الذهب


.. هل أصبح نتنياهو يشكل خرابا على إسرائيل اقتصاديا واستراتيجيا؟




.. الصحفي الرياضي منير رحومة يؤكد على استمرار المنافسة بين ميسي


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 23 يونيو 2024 في الصاغة




.. الحرب على غزة تتسبب في خسائر فادحة للاقتصاد الإسرائيلي.. تعر