الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العم طاهر يغادرنا بكبرياء

ايمان محسن جاسم

2010 / 8 / 18
الادب والفن


غادرنا العم طاهر كما تغادر النوارس الموانئ , عاش معنا وعشنا مع رواياته التي أخرجتنا من معطف الهوان والحبس الجماعي لتمنحنا حرية ورئة ثالثة نتنفس منها هواء غير الذي يحيط بنا .

من لم يقرأ أو من لم يطُلع على ارث الروائي الجزائري الطاهر وطار أو عمي الطاهر كما يحلو للعديد من أبناء الجزائر مناداته، لا يمكن أن يتصور لحظة الحزن والأسى التي تلقاها الجزائريون أدباء كانوا أو كتابا وفنانين، شعبا وحكومة، بمجرد الإعلان عن وفاة صاحب مقولة “أصل الأزمة في العالم العربي والإسلامي ثقافية أولا قبل أن تكون سياسية وهي أزمة الضمير وأزمة الهوية، فرأينا يجب التركيز على العمل الثقافي بدون تعصب”.
فبمجرد خروج الروح من جسد عمي الطاهر بعد معاناة طويلة مع مرض خبيث، انتشر الخبر كالصاعقة في الجزائر من أقصى شرقها إلى أقصى غربها، وهذا لان صاحب رواية ‘’اللاز’’ إنسان جميل، قبل أن يكون بحد ذاته التراث بكل ما تحمله الكلمة من معان، يرى ما لا نراه، في الحياة والسياسة وحتى في الناس، ويعبر عن كل هذه الأمور بلغة وكأنها وجدت ليكتبها، كيف لا وهو الذي عاش حصارا قذرا، أيام الفتنة في الجزائر، إلا انه وقف شامخا كأحد أهرام الإبداع والتضحية، وكان شعاره خلال هذه الفترة “الموت لا يخيفني، لأنني أؤمن به منذ صباي، وأنتظره كل يوم كحق وواجب’’ وها هو الموت ينال منه بعد أن صبر وصمد بوجه المرض.
ويعرف عنه ارتكازه على العقل وفي الآن نفسه تشبثه بالقيم الإسلامية وبتاريخه كعربي أصيل واختار “عمي الطاهر” (لا إكراه في الرأي) شعارا لحياته الشخصية وحياة جمعيته الجاحظية، وهو شعار قديم من وجدان الثقافة الإسلامية والعربية.
و كانت بدايات أعماله تشير إلى ميوله للتيار اليساري، وقد أنشا مع استقلال الجزائر أسبوعية سياسية أسماها “الأحرار” سريعا ما حظرت، أتبعها العام الموالي بأسبوعية “الجماهير” التي حظرت أيضا، ثم بعدها أسبوعية الشعب الثقافي التي لقيت المصير نفسه، ليتفرغ للعمل الروائي حيث نشر عشرات المؤلفات بينها روايات ترجم بعضها إلى عشر لغات ونالت شهرة عربية وعالمية، إلى جانب اعتماد عدد من أعماله في الأبحاث الأكاديمية في بعض الجامعات العالمية ومن ابرز أعماله نذكر “الشمعة والدهاليز” و”اللاّز” و”الزلزال” و”الحوّات والقصر” و”رمانة” و”تجربة في العشق” و”عرس بغل” و”العشق والموت في الزمن الحراشي” و”الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي” و”الشهداء يعودون هذا الأسبوع” التي أخرجت مسرحية نالت نجاحا كبيرا.
وكانت أعماله حاضرة بقوة ليس في المشهد الروائي العربي فقط، بل في المشهد الثقافي السياسي العربي عموماً. وغالباً ما تثير آراؤه ردود أفعال متباينة، ومغالية أحياناً وخاصة فيما يتعلق بالوضع في بلاده، وموقفه من السلطة والجماعات الإسلامية.
ويصف عمي الطاهر نفسه بالعروبي، وهو من أشد المدافعين عن اللغة العربية والمؤمنين بوجود “قطب فرانكوفيلي” (يتحدث الفرنسية ويدين بالولاء لفرنسا) أدام سيطرة فرنسا على الجزائر حسب قوله حتى بعد استقلالها. وقد أعلن عن مواقفه بلغة قوية خاصة ضد من يصفه بلوبي فرانكوفيلي استبد بالبلد حسب قوله وأوصله إلى أزمته التي كلفت الجزائر غاليا.
واتته بغتة لتخطف منا وبدون رجعة الأديب، الأب الروحي للأدب العربي في الجزائر، في الوقت الذي عرفت فيه الجزائر قمة الصراع الإيديولوجي بين الكتاب المعربين والكتاب المفرنسين، والذي كان لهم “عمي الطاهر” بالمرصاد، حيث لم يسلم رحمه الله من الانتقادات اللاذعة التي ما فتئ هؤلاء يطلقونها عليه في كل مناسبة، إلا انه تمكن من مقاومتهم بفعل وبفضل تجربته المتشعبة بالروح العربية والإسلامية، فبعد وفاته وانطفاء - كما يصفه العديد من الكتاب والروائيين - بشمعة الأدب العربي في الجزائر وزعيمه الروحي، فأي مستقبل للرواية العربية خصوصا والمشهد الثقافي في الجزائر عموما وهل سينجح الفرانكفونيون فيما فشلوا فيه في زمن الطاهر وطار؟.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى