الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيارات تشكيل الحكومة الجديدة

ضمد كاظم وسمي

2010 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


مضى أكثر من خمسة أشهر على إجراء الإنتخابات النيابية في العراق ولم تفلح القوى السياسية الفائزة في التوصل الى صيغة مرضية لتشكيل الحكومة الجديدة .. وكأن العراق ناقص مشاكل وأزمات حتى تعصف به مشكلة تشكيل الحكومة التي لما تزل تراوح مكانها دون ان يرى الشعب بصيص نور في نهاية النفق المظلم للعملية السياسية في العراق والتي طبخت على نار هادئة تارة ولاهبة اخرى من الاسس المفضية الى مزيد من الازمات والمشاكل .. ولقد تبين للقاصي والداني ان هذه العملية منتجة للازمات بطبيعتها عندما بنيت على اسس المحاصصة الطائفية والتي تسلمت زمامها ادارة غير كفوءة لتهيمن على مقدرات البلد وتقوده من فشل الى خراب والكل يعرف كم عصفت بالبلد من هوائل ليس آخرها الحرب الطائفية المقيتة وليس أولها تقسيم البلد سياسياً الى كانتونات طائفية وعرقية واهنة لكنها متناحرة ..
اكبر الظن ان الاحتلال الامريكي كان يرمي من هذا الغرض ان يكون العراق واهناً ممزق الاشلاء وبكل تأكيد ان يكون العراق كذلك من آمال الاسرائيليين وتطلعاتهم الستراتيجية .. والا بماذا نفسر نقل البلد من دكتاتورية حديدية الى فوضى عارمة تحت يافطة الديمقراطية .. غير هذا القصد الامريكي الواضح .. والاّ ما معنى تفكيك الدولة وحل الجيش وتسليم مهام الادارة والامن لأناس ليس لهم أدنى خبرة او دراية في مضمار الادارة والأمن ولم يتسنموا من قبل اية مهام وظيفية تسمح لهم بممارسات المهام الجديدة بشكل مناسب وكانت النتيجة المنطقية لكل ذلك فساداً ادارياً ومالياً شاملاً وتفككاً اجتماعياً انتج حرباً طائفية اتت بالقتل والتهجير والحرمان والخراب .. والادهى من كل ذلك لا تزال القيادات الادارية تلك مهيمنة على مفاصل الدولة رغم ان هيئة النزاهة مشكورة .. أحالت المئات من تلك العناصر الفاسدة الى القضاء .. ولابد من القول ان هذا الفساد الهائل ناجم بالدرجة الاولى من ضعف كفاءة الادارة اولاً ثم ثانياً من خراب الضمائر وهزالة الرقابة ثالثاً .. بالاضافة الى اصدار انظمة وتعليمات تؤسس للفساد وتبرره .
لذلك فان المطلوب ليس تشكيل حكومة جديدة فقط بل الامر يتطلب من الحكومة الجديدة ان تعيد النظر بمفاصل الادارة واعادة تنظيمها وترميمها بل واعادة النظر بهيكلية التعليمات المالية والادارية وحصرها في جهة محددة حتى لا تتعدد التعليمات بتعدد الوزارات والادارات مما يفضي الى تناقضها ضمن ادارة الدولة الواحدة .. وهذا من اكبر عوائق تقدم الدولة وتطورها .. لانه يلحق افدح الاضرار بفئات مهمة من الشعب في الوقت الذي تستفيد منه فئات اخرى ..
ولتشكيل الحكومة الجديدة هناك العديد من الخيارات لعل اولها هو خيار التحالف الوطني الذي اعلن بين دولة القانون والائتلاف الوطني .. لكن هذا الخيار تعتوره الكثير من العيوب والتي قد تقضي عليه وبالتالي فالرهان على هذا الخيار رهان خاسر ..
لان من اهم عيوبه قيامه على اسس طائفية في الوقت الذي دخل طرفاه في الانتخابات تحت شعارات وطنية ..
بعد ان ضاق الناس ذرعاً بالمحاصصة الطائفية ونتائجها المدمرة وقد انتخبت الجماهير مكونات هذا التحالف على اساس تجاوز هذه المحاصصة .. اما العودة اليها ثانية فستكون من اكبر اسباب انحسار شعبية هاتين الكتلتين .. ناهيك ما تعانيه مكونات هذا التحالف الاساسية : حزب الدعوة والمجلس الاسلامي والتيار الصدري من تناقضات وتناحرات ليست وليدة الساعة وهي معروفة وفاعلة بل قادرة على الاطاحة بالتحالف في اية لحظة رغم الضغوطات الاقليمية وضغوطات بعض الجهات النافذة في الداخل لترميم التحالف الوطني الآيل للسقوط ..
ولعل التنافس الشديد بين مكوناته الثلاثة على التمثيل السياسي للطائفة خاصة بعد هيمنة حزب الدعوة على الانتخابات المحلية بالاضافة الى محاولته الهيمنة على مفاصل الدولة الامر الذي زاد من ذعر الصدريين والبدريين وجعلهما اكثر ريبة من هذا التحالف .. لذلك ترى هذا التحالف يعجز تماماً في تقديم مرشح واحد لرئاسة الوزراء وهذا اكبر دليل على وصوله الى حافة التفكك والانهيار .
وقد يرى البعض ان الخيار الثاني وهو التحالف بين القائمة العراقية والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني اكثر امكانية وواقعية لانه سوف يشمل معظم مكونات الشعب العراقي بالاضافة الى العلاقات التاريخية الايجابية التي تربط بين قادة هذه الكتل لكن نظرة فاحصة لحقيقة رؤى ومصالح مكونات هذا التحالف تعطي صورة اكثر قتامة .. لان نقاط الافتراق والاختلاف بين هذه المكونات اكثر حدة وشدة من تلك التي يمكن الاتفاق عليها .. فليس من الميسور للعراقية اذا تسلمت رئاسة الوزراء ضمن هذا التحالف ان تحد مثلاً من هيمنة المليشيات في الشمال والجنوب .. لان قاعدة العراقية في تلك المناطق ضعيفة بالاضافة الى ان تلك المليشيات شمالاً وجنوباً تتعامل مع الآخرين ليس على اسس دستورية وقانونية بل على اساس الامر الواقع وعلى عينك يا تاجر .. ناهيك عن ان قضايا اساسية و مصيرية مثل تعديل الدستور وقضية كركوك واجزاء اخرى مهمة من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين ليس من السهولة الاتفاق على حلها بين اطراف هذا الخيار .. لذلك كله لا يمكن التفاؤل بهذا الخيار بل فشله اقرب من نجاحه حتى ولو كتب له وان شكل الحكومة .
ولم يبق الا الخيار الثالث وهو الاصعب لكنه الاهم والافضل وهو التحالف بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون .. والذي يمكن ان يشكل الكتلة الاكبر والتي تتجاوز نصف مقاعد البرلمان بكثير مما يتيح لها ان كتب لها تشكيل الحكومة ان تؤسس لدولة وطنية يمكن ان تتخذ القرارات الحاسمة وتتجاوز مرحلة التردد وتجميد الاستثمارات والخدمات .. لان هذا الخيار سيكون عابراً للطائفية وضامناً للوحدة الوطنية ولعله سيحد من غطرسة التحالف الكردستاني ويجعل مطالبه اكثر واقعية وبالتالي سيسهل ايجاد الحلول المناسبة للقضايا المهمة كقضية كركوك وغيرها فضلاً عن ان هذا الخيار سيساعد كثيراً في تجفيف منابع الارهاب لاستشعار قاعدة هذا التحالف الشعبية بأن الحكومة الوطنية تمثلها خير تمثيل .. كذلك فأن هذا الخيار سيسدل الستار على قضية المليشيات بشكل مبرم وبالتالي سيحظى بتأييد شعبي كبير ويؤسس لمشروع وطني لاعادة بناء العراق .. بالاضافة الى ان هذا الخيار سينقي القائمة العراقية ودولة القانون مما شابهها من اوضار الطائفية والمصالح السياسية الضيقة وسيرضي بالاضافة الى ذلك دول الاقليم جميعاً بالاضافة الى المجتمع الدولي .. والاهم من كل ذلك ان هذا الخيار ربما يعد مطلباً شعبياً كأفضل الحلول للخروج من المأزق السياسي الذي تعاني منه العملية السياسية في العراق وان لم يكن الحل الامثل !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا