الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحف ومجلات وزارية

سعد تركي

2010 / 8 / 19
الصحافة والاعلام


مثير للبهجة منظر عشرات، ربما مئات، الصحف والمجلات بعناوينها المختلفة، وأفكارها ورؤاها المتنوعة.. ومثير للألم والشفقة منظرها وهي تعود غالبا إلى جهة إصدارها كمرتجع أو توزع مجانا.
يتكلف إصدار أي صحيفة أو مجلة مبالغ طائلة، وهي كأي مشروع ينبغي، قبل أن تصدر، دراسة الجدوى الاقتصادية من إصدارها، إلا إن كانت تمثل حزبا سياسيا يهمه إيصال وجهة نظره على ما يجري من إحداث سياسية واقتصادية واجتماعية إلى أوسع جمهور ممكن، أو على الأقل إثبات وجوده كحزب سياسي من خلال هذه الوسيلة الإعلامية، وفي هذه الحال فان حسابات الربح والخسارة المادية ليست ضمن اهتمامات جهة الإصدار إلا فيما ندر.
هذه الصحف والمجلات التي تتبع أحزابا وحركات سياسية مصدر تمويلها واضح ومعروف، لكن هناك أيضا صحف ومجلات "مستقلة" وهي في الغالب تخسر يوميا أموالا طائلة فليس لكثير منها قراء، وحتى لو نفد المطبوع بأكمله فان مبيعاتها لا تغطي تكلفة الطباعة وأجور العاملين، ومع افتراض حصولها على إعلانات تجارية فإن الإعلان يمر بسلسلة من الوسطاء "يبتلعون" قسما كبيرا من أجره قبل أن يصل إلى الصحيفة أو المجلة.
سنسلم بما يعقده بعضهم إن الأمر في استمرار هذه الصحف والمجلات، بالرغم من الخسارة، يعود إلى هوس بالصحافة والأعلام أصاب أفرادا يعوضون هذه الخسائر بنشاطات تجارية أخرى.. لكن مالا يمكن فهمه هو عدوى هذا الهوس الذي استشرى في وزارات الحكومة التي صارت كلها تقريبا مهتمة بإصدار وسيلة إعلامية وهناك مؤسسات أو مديريات وشركات داخل كل وزارة لديها صحيفة أو مجلة وربما كليهما معا.
مخازن كل وزارة ومديرية ومؤسسة تمتلئ بهذه المطبوعات، فليس هناك أدنى اهتمام بتوزيعه باستثناء بضعة نسخ للسيد الوزير أو المدير العام وحاشيتهما، حيث لا يجد القارئ في هذه المطبوعات سوى صور السادة الوزراء والمديرين العامين وفتوحاتهم ونشاطاتهم التي لم ير أو يلمس منها المواطن شيئا.
الهوس بالأعلام في الحالة الأولى لا يهمنا لأنه إن سبب ضررا فلصاحب المشروع وحده، وهوس الوزارات والمديريات والمؤسسات يهمنا كثيرا لان يتكلف أموالا طائلة تستقطع من مال عام، وهي مطبوعات هزيلة موضوعا، على الرغم من أناقتها وورقها الفاخر، والاهم أنها لا تثير اهتمام أي قارئ فهي لا تصله أبدا، وان وصلت إليه ستثير نقمته وسخريته.. فحين يتحدث مطبوع وزارة الكهرباء عن انجازات الوزارة وزيادة الطاقة الإنتاجية وبيت المواطن لا تصله منها سوى سويعات معدودة، وحين تبشر وزارة الإسكان بمشاريعها العملاقة والبلاد تختنق بسكان لا يجد كثيرون سقفا يؤويهم، وحين تفتح وزارة الموارد المائية عشرات المشاريع الاروائية والبلاد والعباد تشكو العطش، فان الأمر لا يعدو أن يكون كمن لا يكتفي بإدارة ظهره لعليل يئن من أوجاعه وجروحه بل ينكأها بلسانه الوقح ويده الملوثة.
هو وجه آخر من وجوه الفساد المالي يجدر بالحكومة إغلاقه فالبلدان تعمر وتبنى وتتجمل بأعمال أبنائها لا بأقوال المسؤولين وصورهم الزاهية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناي?بة فرنسية: لا يمكن قبول تجار الموت الإسرائيليين بمعارضنا


.. روتين التسعين.. غير حياتك مع صانع المحتوى عبدالله العلاوي




.. أسراب من صراصير المورمون تغزو ولاية نيفادا الأميركية


.. وصول جثمان الرئيس الإيراني إلى مدينة مشهد مسقط رأسه




.. بلينكن: السعودية متمسكة بالتهدئة في غزة وبضرورة وجود مسار وا