الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاي زوربا.. هاي زوربا

قيس مجيد المولى

2010 / 8 / 19
الادب والفن




وقفت أمام بيوت الشمع التي إمتلأت بها أصابع النحل
كانت القديسة تتوسط ذلك المكان وتضع أحدى يديها على صدرها من أنها ستدعو الله أن يحفظ الراحلين وهم يتجهون إلى المنافي الأبدية قهراً ،،
أطلت وقوفي لأفترس البيت الصغير الذي حوى تلك المملكة وكانوا الذين ورائي من أجناس مختلفة يؤدون أمامها طقوسهم بسرعة وبسرية ويتجهون إلى الحافلة التي أقلتهم من مناطق مختلفة لكنها متشابهة الأشكال
من أفقي البعيد أخذت حيزاً من البيت الذي أسكنه وتطلعت بالغياب الحضور الذين أوصوني بوصاياهم حين حملتني حقيبتي لتلك البقاع ...
في تلك اللحظة لم أستطع إستكمال تلاوة تلك الرغبات حتى دق على كتفي رجل الحدود اليوناني يريد أن أغادر مكاني ليضع لي تأشيرة السماح للمرور عبر أراضيه ،، وجدت أن وقفتي تلك بعد أن لسعني أول ضياء للشمس قد تجاوزت مداها بزمن طويل ووجدت أيضا بعد ذلك أن من كانوا معي قد أقلوا الحافلة وكانوا بأنتظاري إذ أن الأسئلة التي ألقت علي من ضابط الحدود كانت كثيرة ومتنوعة لكني في النهاية قد إستكملت معه مامطلوب وقبل أن أتجه للحافلة رفعت له قنينة الماء وكأني أرفع قدح تلك العاهرة التي ظلت تصيح على شاطئ اللينينيت:هاي زوربا ... هاي زوربا
صفق من في الحافلة لعودتي وبالمقابل سررت لأنسانيتهم المفرطة التي أخفاها سابقا عني ذلك الجدار العازل الذي أوجدته السياسة والدين ،
كانت جليستي قرب النافذة قد طوت من الأعلى رأس الصفحة التي تقرأ بها وخلعت نظارتها وبادلتني الإبتسامة ومدت أصابعها وبدأت بفرك يدي هي تريد أن تبعث بنفسي الطمأنينةَ من أنني في المكان الآمن لكن هاجسي الشيطاني يريد أن أبدأ بأشياء أخرى ،
نَهضت وخاطَبت الجلاس في الحافلة وأخبرتهم بأنها تقيم على شرف تلك الرحلة وليمة للجميع حال وصولنا لضواحي سالونيك ،
صفقوا لها وقبلوا بعضهم البعض بل إحتفلوا مقدما حين نهضوا ليؤدوا رقصة يونانية شهيرة ، قطعا قلت لنفسي ليس الطعام الذي دفعهم لذلك بل روح الجماعة التي لاتكتمل الأنا إلا بها ،
وددت أن تعيد عصر يدي لأنها لازالت في مناى عن كتابها وأنا بي رغبة أن ترتفع أمواجي وأن أرى شمسي سكرى وراء قطيع الخنازير الذي يتقافز في الحقول وأن أرى ألوانا أخرى للعشب الممتد من الساحل للساحل وخلسة قربت أصابعي من أصابعها ولم تكن المسافة بين إصبعينا غير طرفة عين لأجلس على عرش بلقيس وتنهدت حسرتي بأذنها وهمست:هاي زوربا ..هاي زوربا
كانت شرائح الذهب الأصفر تنسدل فوق الرقبة الياقوت
وكانت الأهداب القمحية تسترخي على زرقة العيون
وكان لخيالي فرصته أن يصل إلى البلور والماس والمصابيح السخية حين تهدلت حمالة النهدين وصفعت الأضواء بعضها البعض لتمس بهما جسدي فترطب نقائضي وتخلق لي عالما جديدا ،
مددت فمي لفمها وتركته معها بمقدار ذلك الزمن الذي وقفت به أمام بيوت الشمع وعاد الركاب في الحافلة وهم يصفقون لكلينا ويرددون: هاي زوربا ..هاي زوربا ومضت المسافة بي بعيدا ووجدتك يانيكوس ويا بودلير .. وجدتكما
ويارامبو وهذا التفاح الذي لايؤكل إلى مع الصواعق
وحين أتت تلك القوى الغيبية الخارقة كانت الأشياء تود أن لاتكون إلا ساكنة صامتة وأن لايبقى أمام الشاطئ ماهو ماثل للعين ،،
توقف الحافلة في ريستورانت أوراق اللوز وأشارت الأنسه أن تُعد الموائد، التقينا جميعا محتفين بالأطباق الرومية والشراب الدافني وكنا نرفع الكؤوس ونغني ها زوربا ها زوربا في حين ظلت ترفع لنا كتابها وتغني ها زوربا .. ها زوربا حينها أعتقدت لاضير من إعادة تقبيلها وطي جسدها بين يدي ولو حضر زوربا
رفعت رأسي ودعوت القديسة أن تعيد الدعاء لله
ليكون لي في كل يوم منفى كي أستطع إستكمال تلاوة من أوصاني بتلك الرغبات بعد أن إستكملت رغبتي حاجتها تحت أشجار اللوز ،،

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب