الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصداء - مناقشة هادئة للموقف الوطني

ابراهيم الحريري

2002 / 7 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


  26/7/2002

اصداء - مناقشة هادئة (للموقف الوطني) -

 
يبدو أن الأمر يتطلب وقفة أطول لما يسمي، ويطلق علي نفسه (الموقف الوطني)، أي الموقف الذي يري أن الوضع الراهن الذي يتميز بالتحرك النشيط لقوي التدخل الأجنبية ومن يقف معها، أو وراءها، في الصف العراقي المعارض، أن هذا الموقف يتطلب وحدة أو علي الأقل تعاون القوي المعارضة للتدخل الاجنبي بمن في ذلك نظام الحكم القائم، وإزاحة، أو تحييد، أو تأجيل التناقض، أو التعارض مع السلطة، باعتبار ذلك تناقضاً ثانوياً في الوقت الراهن، بإزاء التناقض الرئيس الذي يتمثل في مخططات التدخل الأجنبية.
ولا يعدم أصحاب هذا الرأي الإحالة الي مؤلف (ماوتسي تونغ) القائد الشيوعي الصيني الراحل (في التناقض) الذي يناقش، ويوضح، مفهوم التناقض والعلاقة بين التناقض الرئيس والتناقض الثانوي. وكيف يتحول، احياناً، التناقض الرئيس الي تناقض ثانوي، ويضرب المؤلف علي ذلك مثالاً التناقض مع الكومنتانغ بقيادة شيان كاي شيك الذي ظل تناقضاً رئيساً حتي الغزو الياباني، الذي فرض ان يعدّل الشيوعيون الصينيون استراتيجيتهم، فيعتبرون التناقض مع قوات الغزو اليابانية هو التناقض الرئيس فيما تراجع التناقض مع حكومة الكومنتانغ الي مرتبة ادني، الي مرتبة التناقض الثانوي، وبالتالي الي تعاون الشيوعيين والكومنتانغيين في مقاومة قوات الغزو.
ويتساءل اصحاب هذا الموقف، العراقيون: اذا كان جاز للشيوعيين الصينيين ان يتعاونوا مع قوات الكومنتانغ برغم ما ارتكبته هذه الاخيرة بحقهم من مجازر، بما في ذلك حرق آلاف الشيوعيين احياء في مراجل القطارات، فلماذا لا يجوز للشيوعيين العراقيين ومن يؤيدهم أو يتبني موقفهم، كله أو بعضه، لهؤلاء ان يفعلوا الشيء نفسه؟
ويراهن اصحاب هذا الرأي انه يمكن من خلال تعاون القوي المعارضة للتدخل الاجنبي، بما في ذلك السلطة الراهنة، وبتعبير ادق الوقوف وراء السلطة ضد التدخل الاجنبي، يمكن ان تتحقق وتتطور ظروف اكثر ملائمة للقوي الديمقراطية لفتح الطريق أمام التطور الديمقراطي، بموافقة السلطة أو بالضد منها اذا تطلب الامر وبالتحالف مع عناصر رئيسة فاعلة داخلها، او تحييدها.
لكن الإفراط في عقد المقارنات، او المقاربات التاريخية، له مزالق، خطرة أحياناً، قد تقود الي التفريط، ذلك أنها تقفز فوق الشروط الملموسة لكل وضع، تقسرها بالحري، لخدمة أغراض النقاش.
ولا يمكن أن تُعدّ محاولة سحب التجربة الصينية قبل حوالي ثلاثة أرباع القرن، وتطبيقها علي الوضع العراقي، لا يمكن أن تعد استثناء.
ذلك من بين اسباب عديدة، لان الحزب الشيوعي الصيني عندما تحالف مع قوات الكومنتانغ لمواجهة الغزو الياباني، فعل ذلك مع احتفاظه باستقلاله السياسي، والاهم، العسكري، ليس هذا فحسب بل كان عندما تحرر قواته اي جزء محتل تقيم عليها لا سلطة الكومنتانغ، بل السلطة الشعبية. هذا ثانياً، ثم ان نتائج الحرب العالمية الثانية، وخروج الاتحاد السوفييتي منتصراً، والدور الذي لعبته قواته في دحر القوات اليابانية، ساعد علي تعظيم قوة الحزب الشيوعي الصيني وفتح الطريق أمام تطور الصين باتجاه اقامة السلطة الشعبية هذا ثالثاً، ورابعاً فان اتساع رقة الصين (وهنا تلعب الطبوغرافيا دورها) قد ساعد الشيوعيين الصينيين علي الكر والفر، علي المناورة. 
فهل تتوفر مثل هذه الشروط في العراق؟
لم يتحمل صدام حسين في السبعينيات، صيغة ادني للتحالف مع الشيوعيين العراقيين تخلّوا فيها ليس فقط عن حق العمل في القوات المسلحة، بل عن منظمات ديمقراطية لعبوا دوراً رئيساً في اقامتها وادامتها، لم يكن امامهم، برغم كل التنازلات التي قدموها، إلا الاندماج في (خط الحزب والثورة) اي التخلي عن استقلالهم السياسي والتنظيمي وتحولهم، في احسن الاحوال، الي منظمة (وطنية) يقودها حزب البعث شأنه في ذلك شأن المنظمات الاخري (اتحاد النقابات، اتحاد نساء العراق الخ...) ويفقدون بهذا مبرر وجودهم كحزب.
ليس هذا فحسب، بل ان سلطة صدام (وهذا هو التوصيف الحقيقي لها) لم تسمح حتي بوجود قائد ما يسمي بـ الحزب الشيوعي العراقي ــ الماركس اللينيني (يعني أصلي! ابو النعل?ه!) مع انها هي التي اوجدته ورعته وغذته، وما تزال، لم تسمح بـ انتخابه عضواً في مجلسها الوطني (ولو عن العين!).
ويروي مطلع علي انتخابات اول مجلس وطني ان موظفاً من الامن العامة طرق باب العالم طه باقر وبلغه بقرار الامن ان يرشح نفسه في الانتخابات! باعتباره قراراً غير قابل للاستئناف والنقض وقد تولت (الجهات) ذاتها الدعاية الانتخابية (توزيع الصور، خط ورفع اللافتات الخ...) و.. اسقاط د. طه باقر! لصالح عضو شعبة!
فهل يمكن، حقاً، التحالف، أو التعاون، مع هكذا سلطة، تعتبر ان اول اولياتها ليس مواجهة مخططات التدخل الاجنبية، بل تصفية معارضيها وخصومها، بل حتي انصارها الذين تشك في ولائهم؟
وخطر هذا الرأي (الوقوف مع السلطة، اي وراءها، لمقاومة مخططات التدخل الاجنبية) وخطله انه، فضلاً عما تقدم، يفترض ان سلطة صدام جادة، حقاً، في مواجهة ومقاومة هذه المخططات.
فهل هي تريد، حقاً، ذلك؟

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف