الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعادة السفير الجديد

فاضل فضة

2004 / 8 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ظهرت أخيراً لائحة السفراء السوريين الجدد، الذين سيمثلون الوطن السوري في الخارج على نشرة كلنا شركاء. مافاجأني أنني وجدت ان بعض الأسماء المرشحة تضمُّ اسم احد الأفراد الذين سمحت الظروف بالتعرف عليهم بالتفصيل الممل خلال عدة سنوات في فرنسا.

بالطبع لايهم اسمه هنا ابداً، لأن الهدف من وراء الكتابة ليس للنيل منه شخصياً، بل للتساول عن معايير الكفاءة في التوظيف والعمل وخاصة المناصب العليا. وهذا ما يعلن عنه جهاز الدولة السورية ورغبته في إستخدام الكفاءات والإمكانات الجيدة في الأماكن المناسبة، وليس استمرار تعيين الإنتهازيين والمنبطحين والذين كانوا مخبرين في كل مسيرة حياتهم.

لكنني، اتذكر تماما أن سعادة السفير المعيّن (بحاجة إلى تصديق حسب نشرة كلنا شركاء) انه جاء إلى فرنسا طالباً وغادرها دكتوراً، لكنه لم يتعلم أو يتحدث بالفرنسية ابداً، ولاأدري إن كان قد تعلم الفرنسية بعد عودته إلى سورية. لكنني أشك في أنه تعلمها بعد مغادرتي لها عام 1984 إلى كندا.

في فرنسا كنا مجموعة من الشباب السوريين الذين كانوا يلتقون سوية كاصدقاء وكأبناء وطن واحد كمجموعات تحب الحوار السياسي واللقاء الإجتماعي وغيره من أمور الحياة في بلد الدراسة الجديد. و كانت اللقاءات تتم إما في مقاهي السان ميشيل أو السان جيرمان، أو قرب البريفيريك في الحي الرابع عشر القريب من المدينة الجامعية (العالمية في جنوب باريس)، وكنت اتساءل دائماً عن هذا القادم الجديد، كيف استطاع الحصول على شهادة جامعية، هل كان ذلك لإنه حزبي فقط؟ أم لأن احد أقربائه كان عضواً في احدى القيادات القطرية أو القومية.

المهم أننى اعلم تماماً أنه لم يكن وبأي شكل قادراً على النجاح بأي مادّة في الجامعة الفرنسية (خاصة بعد حثه على الدراسة والعمل من قبل أكثر من شخص)، ولاأدري كيف حصل على شهادة عليا ، ولاأشك في أن احد الطلاب العرب قد كتب البحث له وبثمن. المهم أنه كان ضعيفاً على المستوى العلمي والسياسي الفكري ولا اتوقع في أنه اليوم وبعد كل هذه الخبرة الطويلة في الإستمرار والبقاء في أنه تطوّر ابداً. ولم انسى هذه الجملة التي قالها حرفياً بعد وصول الخميني إلى الحكم، في أنه سيقبل بحكم ديني لو دارت الأمور في مصلحة التيار الديني بعد تصدير الثورة الإيرانية. ويمكن اليوم تفسير مثل هذا القول بشكل واضح، خاصة في ان العديد من السياسيين السوريين أو الناشطين بدأوا في التقرّب ايضاً من التيار الديني.

وعاد الباحث العلمي الكبير إلى سورية بعد ان استفاد من وجوده في فرنسا كطالب عادي ثم موظفاً كبيراً في احد المؤسسات الهامة، والتي تم تعيينه بها اًيضاً بالواسطة الكبيرة. هذه الواسطة التي حمته ودعمته منذ شبابه في كل خطواته المظفرة. أما الكفاءة والإمكانات العلمية ومن فرنسا، فحدث ولاحرج وأشك اليوم والبارحة وغداً في أنه لو سرّح من عمله، في أنه ينفع في أي وظيفة يتم القبول بها بمعايير. حتى لو كانت الوظيفة بإختصاصه الذي يحمله.

المؤسف والمحزن في الأمر في أنه عين مع اللائحة الأخيرة سفيراً لسورية في الخارج. ولم يبقى له الإ التصديق ليصبح فعلاً سفيراً. ولابد في أنه سيكون من أسوأ مايمكن ان يمثل سورية في الخارج. واعتقد ان الذي اقترح اسمه (لتنفيعه بالطبع وليس غير ذلك) يعلم تماماً بإمكاناته الركيكة. لذا كان ترشيحه في دولة غير هامة ابداً. ويمكن الإستنتاج بأن التعيين لم يكن للكفاءة، بل لإفادته وإفادة أخر قطيع من الإنتهازيين في جهاز الحزب والدولة السائر في طريق التحديث والتطوير.

هذه هي الصورة التي نراها في اشلائها الهرمة في نظام مازال الكهول يدافعون عنه حتى الرمق. وهذه هي الصورة التي قد تؤدي يوماً إلى الإنفلات ثم الإنهيار بعد التأكل المستمّر يوماً بعد يوم.

إذ مازال البعض يعتقد أن العمل من خلال الوسائل السياسية التقليدية وحزب البعث وقيادته بعد الفشل الكبير في تطوير وتحديث سورية هو السبيل الأول والأخير لإنقاذ الدولة السورية. ناسسين ان الإصلاح وإعادة الهيكلة وبالتدريخ قد يؤدي لا إلى الفوضى أو إلى الإنفلات، بل ستؤدي الخطوات الجديدة إلى تكنيس طبقة طفيلية كاملة اسميناها عاطلة ومعطلة لأي تقدم وتطوير في بنية الدولة. لذا كان عليهم دائماً وأبداً التحذير في أن التغيير حتى لو كان خطوة بخطوة، أو التحديث المتدرج والمنضبط، لابد وميؤدي إلى الفوضى.

لقد عاش مثل هؤلاء والسفير الجديد، عالة على الشعب السوري في كل شئ. بنوا ومازال البعض منهم يبني امبراطوريات مالية لاندري كيف سيصرفونها في حياتهم أو مماتهم. لكنهم بالطبع لن يتناسخوا ابداً، ولابد ان عمرهم سينتهي، كما إنتهى غيرهم، وكما انتهت أمبراطورية عثمانية دامت لمدة اربع قرون.

نحن نعرف أنه من موقعنا البعيد والمتواضع جدّا، نحزن على استمرار الفساد. ونعتقد أن البقاء في العمل بمعايير المحسوبية والفئوية بكل أشكالها قد يدفع الدولة إلى حالة مستعصية من الترهل والأخطاء السياسية.

ولماذا لانشك في أن ماسمّيَ بالحرس القديم، يعمل وبكل براعة وذكاء على دفع القيادة السورية الجديدة نحو الأنتحار السياسي المتدرّج، بشكل يراكم الأخطاء الواحدة تلو الأخرى. ومن يقراً الأحداث منذ تسلم الدكتور بشار الأسد الحكم، وخطابه الأول والخطوات المتلاحقة في القرارات السياسية وأتجاه التشديد على الحريات، واللعب بالأوراق على الطريقة القديمة، بدون الأخذ بعين الإعتبار المتغيرات العالمية الجديدة. يفهم في أن هناك أكثر من تيار داخل الإدارة السورية.
يرغب في تثبيت خطواته نحو الأفضل وبدأ بالإنحسار في بعض رموزه، وتيار أخريريد الأيقاع بالجديد بواقع أمني تقليدي (بكل بساطة)، خوفاً من إلغائه أو حذفه من الشكل الجديد للدولة السورية المعاصرة. وما تعيين السفير الذي تحدثنا عنه إلا مثالاً لاستمرار هيمنة الفساد والمحسوبية في المناصب العليا وقدرة التيار القديم على فرض مايرغبون في أي مكان.

وقلنا سابقاً في أن الكهول السوريين الذين يشكلون الخبرة التاريخية للنظام السوري منذ اكثر من اربعة قرون قد يفعلونها ويحبطون أي رغبة حقيقية بالتطوير العملي، وقد يرعبون أي شجاع أو أي راغب من إتخاذ قرارات تعمل على تحديث الدولة السورية.

لذا كان هم هؤلاء الكهول أو الحرس القديم ومازال، الحفاظ على مواقعهم والدفع بالقيادة السورية الجديدة نحو حافة التيار (عليَّ وعلى أعدائي) بدلا من الدفع نحو أي تغيير متطّور للنظام، كونهم لن يكون لهم أي دور به مستقبلاً، وكونهم قد يطالهم التساؤل أو المحاسبة عن الأخطاء السابقة لهم أو لإبنائهم وقد يكونوا لوحدهم فقط في مثل تلك الحالات. كونهم كانوا ومازالوا الحلقات الأاضعف في النظام، أو كونهم من الحلقات الأقوى والتي من الممكن أن يكونوا بها أكباش فداء لأية مسائلة تاريخية أو نوعية عن بعض الأحداث الماضية لحكم البعث العربي الإشتراكي العظيم!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لن أسمح بتحطيم الدولة-.. أمير الكويت يعلق بعض مواد الدستور


.. في ظل مسار العمليات العسكرية في رفح .. هل تطبق إسرائيل البدي




.. تقارير إسرائيلية: حزب الله مستعد للحرب مع إسرائيل في أي لحظة


.. فلسطينية حامل تودع زوجها الشهيد جراء قصف إسرائيلي على غزة




.. ما العبء الذي أضافه قرار أنقرة بقطع كل أنواع التجارة مع تل أ