الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب على الخليج

مهدي الحسناوي

2010 / 8 / 25
الادب والفن


غريب على الخليج
رائعة السياب في المنفى
مهدي الحسناوي




الشمس أجملُ في بلادي من سواها ،
والظلام
- حتى الظلام- هناك أجمل ،
فهو يحتضن العراق
لم تكن قصيدة بدر شاكر السياب (غريب على الخليج)سوى قراءة لذات الشاعر في منفاه حتى وفاته ،فكتب السياب هذه القصيدة وهو لا يبعد عن وطنه سوى بضع كيلو مترات،وفي المساء يرى مصابيح وإنارة مشاعل أبار النفط في مدينته البصرة،إلا انه يحس انه غريب في هذا البلد العربي ، كان يسمع العراق ويراه عبر أثير الإذاعة العراقية (هنا بغداد).
بالأمس حين مررت بالمقهى،سمعتك يا عراق
وكنت دورة اسطوانة
هي دورة الأفلاك في عمري،تكور لي زمانه
لقد صور السياب ريف جيكور وجماليته ،وكيف يتحول في المساء الى ظلام دامس،وتتحول بساتين النخيل الى أشياء موحشة ،وكأنه يعود طفلا يستمع الى أقاصيص وحكايا الجدات عن الملوك والسلاطين ،فأبدع السياب في هذا النص .

هي لحظتين من الزمان،وان تكن فقدت مكانة
هي وجه أمي في الظلام
وصوتها ينزلقان مع الرؤى حتى أنام
وهي النخيل أخاف منه إذا ادلهم مع الغروب
فاكتظ بالأشباح تخطف كل طفل لا يؤوب
من الدروب


ثمة حس طفولتي يقف وراء هذا النص ،ثمة بكائية وإحزان وراء هذه الكلمات،فأبدع بدر شاكر السياب في تناول الواقع المعاش لجيكور تلك القرية البصرية التي جعل منها بدر رمزا لشعره ،فأصبحت هذه القرية مكان جدل لدى نقاد وقراء شعر السياب

زهراء ،أنت ..أتذكرين ؟
تنورنا الوهاج تزحمه اكف المصطلين
وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين؟

ٌلقد كتب السياب هذه القصيدة،وهو في لحظة من انفعالات نفسية وإحساس بالغربة القاتلة والوحدانية،فكأن اللحظة الشعرية المناسبة اليه هي لحظة موت وانهيار أما شبح المنفى القاتل فكان يراوده أينما يحل .

الشمس أجمل في بلادي من سواها،والظلام
- حتى الظلام- هناك أجمل،فهو يحتضن العراق
واحسر تاه ،متى أنام
فأحس ان على الوسادة
من .ليلك الصيفي كلا فيه عطرك يا عراق؟

ان هذا المقطع الشعري المكتوب أسفل تمثال السياب يذكرنا بان هذا الشاعر كبقية شعراء المنفى لهم علاقة وطيدة مع الوطن ومهما عاشوا او تغربوا هولاء الشعراء فان بوصلة العراق إمامهم ،فالشاعر هنا يصور الظلام بأنه جميل في بلاده عند افياء جيكور وحلاوة عطرها


مازلت اضرب، مترب القدمين أشعث،في. .الدروب
تحت الشموس الأجنبية
متخافت الاطمار، ابسط بالسؤال يدا ندية
صفراء من ذل وحمى ، ذل شحاذ غريب
بين العيون الأجنبية

لم تكن هذه القصيدة سوى بكائية المنفى العراقي المليء بالحنين والغربة،ونستطيع ان نصف هذه القصيدة ضمن معلقات الشعر العراقي في المنفى .

متى أعود، متى أعود ؟
أتراه يأزف قبل موتي ذلك اليوم السعيد
سأفيق في ذلك الصباح،وفي السماء من السحاب

السياب نستطيع إن نقراه من عدة جوانب،شاعر يمتلك ناصية الشعر،يختار مفرداته بأسلوب إبداعي ،ينتقل في القصيدة عبر الغور في تفاصيل الحياة اليومية،وأحيانا يستخدم البساطة في التعبير كهذا المقطع(وهي.المفلية العجوز)من أين أتى الشاعر بهذه الصورة الشعرية .

واحسرتاه...فلن أعود الى العراق
وهل يعود
من كان تعوزه النقود

نهران سماويان ،وبلد يطفو فوق بحيرة من النفط ويقال عنه ارض السواد لما فيه من . غابات للنخيل ،وهكذا يعاني شعراءه وأدباءه في المنفى ،آه..آه من هذا البكاء الشعري الذي قتل السياب في منفاه .
ُ.وأنت تأكل اذ تجوع،وأنت تنفق ما يجود
به الكرام،على الطعام؟
لبكين على العراق
فما لديك سوى الدموع

إن النتاج الشعري للشاعر بدر شاكر السياب كتب بعضه في المنفى ، وكانت .غربة السياب عامين فقط حتى وفاته وان قصيدة (غريب على الخليج) للسياب هي أنشودة المنفى العراقي ،وقد نالت هذه القصيدة الحفظ من اغلب الشعراء والفنانين،حتى ذهب بعض المطربين الى لحنها وجعلها أغنية ترددها الشفاه العراقية داخل وخارج الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي