الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصم .... الاخرس

خالص عزمي

2010 / 8 / 25
الادب والفن





مسرحية بانتوميم في فصل واحد

( سطح بيت بغدادي ترا ثي؛ لاتظهر في خلفيته سوى غرفة لها باب وشباك يطلان عليه ,,, تبدو ارضيتها الخشبية قديمة و بعض الواحها مهشمة ؛ نورشمس الصباح يغمر المكان ؛ المؤثرات والموسيقى والاصوات ... الخ ليس لها تأثير على بطل المسرحية ؛ وانما لتمنح المتلقي المفترض أيحاءات مساعدة على فهم الحركات والأيماءت طبقا لآحساس الممثل وتنفيذا لتعليمات المخرج
في تلك الغرفة : سرير ؛ منضدة وسطية قديمة مع اربعة كراسي فوقها ساعة حائط ؛ تلفزيون ؛ طباخ غاز صغير فوق دولاب فيه مستلزمات الطعام ؛ وفي الجانب القريب من الشباك الذي تعلو على مسنده الخشبي سندانة فيها شجيرة لورد الرازقي ؛ دولاب ملابس سمرت عليه بعض الصور الشخصية وفي مقدمتها صورة أثيرة لزوجته الراحلة )



تنفرج الستارة عن المشهد الوحيد

( تلعب الموسيقى التصويرية ؛ والمؤثرات الضوئية والصوتية دورها في تأكيد الاحداث )
ما زال جاسم يتثائب وهو في ملابس النوم ؛ ينظر الى المصباح الاحمر المنبه وهو مثبت على القسم الاعلى من اطار الباب الذي أخذ يضيء وينطفيء لاكثر من مرة ؛ يتقدم اسطه جاسم بخطوات بطيئة نحو باب الغرفة الرئيس ؛ يضغط على زر الكهرباء الى اعلى فينطفيء المصباح ؛ يفتح الباب فينفرج قليلا ؛ حيث تحجبه قامة جاسم التي تحول دون مشاهدة الشخص القادم ؛ يمد يده الى الخارج ؛ يتناول ثلاثة الواح خشبيه متوسطة الحجم وكيس مسامير ؛ يمشي الى الركن القصي من الغرفة يضع الخشب في الزاوية ؛ يتجه نحوحنفية الماء ؛ يغسل يديه ثم وجهه ؛ ينطف اسنانه بسبابته على عجل ؛ يمسح وجهه ورأسه بمنشفة صغيرة ؛ ينظر الى ساعة الحائط ؛ يهز رأسه مبتسما ؛ يتقدم نحو التلفزيون ؛ يدير مفتاح تشغيله ؛ تظهر صورة المذيع دونما صوت ؛ ثم برنامجه اليومي المفضل ( صور من دون تعليق )؛ يتجه الى طباخ الغاز الصغير ؛ يضع عليه ابريق الشاي ؛ يفتح بوابة دولاب الاطعمة ؛ يستخرج منه الخبز وصحن الجبن الابيض واستكان الشاي وعلبة السجائر والشخاطة ويضعها جميعا على المنضدة ؛ يجلس على الكرسي المقابل للتلفزيون ؛فيتنقل بصره ما بين التلفزيون وابريق الشاي ؛ ؛ يقوم ثانية ؛ يجلب الابريق ؛ يضع السكر المناسب في الاستكان ؛ يصب الشاي ؛ يقطع شيئا من الخبز والجبن يدسهما في فمه وهو يتابع البرنامج الى نهايته ؛ يغلق مفتاح التلفزيون ؛ يرفع كل شيء من على المائدة ؛ يجلس ثانية على الكرسي ؛ يشعل سيجارة ويدخنها بلذة وببطء ؛ يلتفت نحو دولاب الملابس متطلعا الى صورة زوجته ؛ تظهر عليه علامات حزن مكبوت ؛ تتساقط الدموع من عينيه يمسحهما براحتيه ؛ يحاول ان يتماسك ؛ يرفع رأسه الى اعلا؛ تظل عيناه متسمرتين في سقف الغرفة وكأنه يسبح في فضاء الذكريات .
يقوم من مقعده ؛ ينوجه نحو دولاب الملابس ؛ يخرج بدلة عمله المعتادة ؛ يختفي ركن معتم يرتدي تلك الملابس ؛ يظهر ثانية ؛ يمرر كفيه على البدلة العمالية فخورابها يتجه نحو الزاوية التي يضع فيها ادوات النجارة ؛ يتناول المطرقة المتوسطة ؛ يركع على الارض قرب الالواح الثلاثة المحطمة ؛ يبدأ محاولا رفعها من مكانها ؛ يجد صعوبة في قلعها من مساميرها القديمة ؛ تتكسر اجزاء منها بين يديه ؛ يبعد تلك الاجزاء المتناثرة عن موقع العمل ؛ ينظف اطراف الخشب المتبقي من النثار؛ يقيس جوف الفراغ الحاصل ؛ يأخذ الخشب الجديد ؛ يضع عليه العلامات الضرورية التي يتوجب قطعها طبقا لقياسات الفراغ ؛يمسك المنشار يقطع ما يتوجب قطعه بدقة وعناية ومراجعة متكررة ؛ يجلس قليلا ؛ يعاود النظر في صورة زوجته ؛ يتملكه شيء من الانزعاج ؛ يترك مقعده ؛ يأخذ الالواح الجديد بين يديه ؛ يخطو على عجل نحو الفراغ الواجب تغطيته ؛ يعاود النظر الى صورة زوجته ؛ يرتبك في مشيته تنزلق قدمه اليمنى نحو الفجوة ؛ يسقط على الارض ؛ تنحدر ساقه اكثر في داخل الهوة ؛ يحاول اخراجها بجهد استثنائي ؛ترتبك يداه ؛ تنحصر ساقه تماما بين شقي خشب الارضية القديم كلما اراد اخراجها ؛ يحاول ثانية ؛ تنحشر أكثر وأكثر ؛ تنسلخ من جهتيها ؛ يتدفق الدم منها بغزارة ؛ يتصبب العرق منه ؛ يشعر بالانهيار ؛ يقاوم الخذلان والالم دون جدوى ؛ يتهاوى ؛ يصرخ عاليا كمن يطلب النجدة ؛ لا احد يسمعه ؛ يعاود سحب ساقه ثانية من ذلك الشق اللعين ؛ تبوء المحاولة بالفشل ؛ يغطي الدم ساقه وبعض خشب الارضية ؛ يزداد الالم عليه ؛ يعلو صوته صارخا من موقعه المحتجز فيه مستغيثا : ... به به به به ........ ها ها ها .......ولكن .....لا جدوى من الصراخ .....
استنجد بصورة زوجته ؛ رفع اليها ذراعه اليمنى ملوحا لها بكفه ؛ ودموعه تعبر عن محنته وآلامه ... سبابته نرسم خطا وهميا ما بين يده وصورتها ؛ ويصرخ بكل قوته ته ته ته .... ته ته ته ته ؛ سبابته ما زالت مشيرة الى الصورة
(يلعب الضوء دوره في تجسيد ذلك الحبل الرمزي المعبرعن الانقاذ و الذي يمتد ما بين كف الاسطة جاسم اليمنى الممتدة الى اعلا وبين صورة زوجته ـ يبقى هذا الرمز وحده لعدة لحظات في سكون تام )

ثم
يعم المسرح ظلام دامس

تنزل الستارة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا