الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام العراقي وصناعة الرأي العام

ايمان محسن جاسم

2010 / 8 / 26
الصحافة والاعلام


لم تتبلور في العراق بعد هذه السنوات من التغيير فلسفة صناعة رأي عام عراقي عبر القنوات الإعلامية المتاحة أمامنا وظل المتلقي العراقي يبحث عن من يشكل له هذا الرأي أو يطرحه عليه .
و دائما ما نتحدث عن السلطة الرابعة والتي نقصد بها وسائل الإعلام التي تقع على عاتقها مهام كثيرة في بلورة وصياغة رأي عام في المجتمع , وتلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في تحريك الرأي العام بالاتجاهات التي تصب في خدمة المجتمع , وهي أيضا تمارس دورها التثقيفي والتوعوي في بناء المجتمع وفق فلسفة الدولة ومنهجيتها , وفي ظل تنامي وسائل الاتصال الحديثة سواء الشبكة العنكبوتية أو الفضائيات تبرز الحاجة لإيجاد وسائل إعلام محلية قادرة على التواصل مع المتلقي في البلد بعيدا عن تأثيرات وسائل الإعلام الخارجية .
ونحن في العراق كنا لفترة طويلة جدا خاضعين للإعلام الأحادي الموجه الخاضع لسيطرة الدولة ومهمته الرئيسية كانت تتمثل في تعبئة الشعب وفق فلسفة النظام آنذاك من خلال توجيه كافة القنوات الإعلامية المتاحة سواء صحف أو مجلات أو تلفزة وتوظيفها لهذا الغرض , وفجأة وجدنا أنفسنا بعد التاسع من نيسان 2003 نتعامل مع قنوات كثيرة وصحف كثيرة تضخ لنا أفكار وآراء متعددة حول قضية معينة , وجلس أغلبنا ساعات طويلة يستمع للتحليلات ونشرات الأخبار التي تخص الشأن العراقي في السنوات الأولى ألتي أعقبت سقوط النظام , في ظل غياب الإعلام العراقي في تلك الفترة .
لذا نجد بأن المواطن العراقي تعرض في فترته الانتقالية هذه لكم هائل من الضخ الإعلامي المركز في ظل غياب إعلام عراقي كما قلنا , مما ترك آثار كبيرة في صناعة الرأي العام العراقي وتوجهاته من جهة ومن جهة ثانية انحسر دور الإعلام العراقي في صناعة هذا الرأي ، وبدأت تأثيرات ذلك واضحة في الكثير من الشواهد والحوادث حيث نجد بأن المتلقي العراقي لازال يتابع أحداث العراق عبر قنوات إعلامية غير عراقية وخاصة الفضائيات .
تلك المقدمة تقودنا إلى أسئلة كثيرة بعد هذه السنوات التي تلت التغيير وفي مقدمة هذه الأسئلة هل نجح الإعلام العراقي سواء إعلام الدولة أو الإعلام الآخر بشقية الحزبي والمستقل من صناعة رأي عام عراقي بعيدا عن التأثيرات الإعلامية الخارجية ؟ وهل كسب الإعلام العراقي ثقة المتلقي في البلد ؟ ومن يصنع الرأي العام في العراق ؟ هذه الأسئلة وغيرها تدور في أذهان الكثير من مثقفي العراق وكتاب الرأي والمحللين خاصة وان العراق فيه الآن عشرات الصحف اليومية وتقابلها عشرات المحطات الفضائية التي يتوجب عليها صناعة الرأي العام العراقي وتوجيهه بالاتجاه الصحيح والسليم بعيدا عن التشوهات التي نالت من الكثير من الحقائق والانجازات التي تحققت في البلد في السنوات الأخيرة .
وحتى المنجز الديمقراطي الذي يشهد به القاصي والداني والعدو قبل الصديق لا نجد له صدى في الكثير من وسائل الإعلام المحلية التي غالبيتها تركز على السلبيات دون أن تعطي فرصة ولو محدودة لإبراز الإيجابيات من اجل نقل الصورة الحقيقية للمواطن سواء أكان داخل العراق أو خارجه ، وهذا ناجم من أسباب عديدة تأتي في مقدمتها إن نسبة عالية وكبيرة جدا من الصحف والمحطات الفضائية تدار من قبل أشخاص لا يمتلكون المؤهلات الإعلامية وبالتالي لا يستطيعون فهم وإدراك ما يمكن تقديمه من مواد ومقالات وأخبار تجعل القارئ العراقي يتواصل معهم ويمكننا أن نستثني عدد محدود من هذه الصحف والفضائيات خاصة الصحف العريقة التي تمتلك نظرة ثاقبة للواقع العراقي ومعايشته يوميا لما تمتلكه من مؤهلات أكاديمية تجعلها محط احترام القارئ العراقي ومتابعته لها يوميا .
لذا نجد في منتصف عام 2003 وما تلاه ظهور عدد كبير جدا من الصحف ومع مرور الزمن تلاشى الكثير لأسباب عديدة أغلبها مادية ولم تترك هذه الصحف أي تأثير لدى المتلقي العراقي, الآن يمكننا الحديث وبصراحة بأن في العراق ثلاث أنواع من الإعلام بكل مفاصله , النوع الأول وهو إعلام الدولة الرسمي والذي يقف مع الجميع والمتمثل بشبكة الإعلام العراقية , والنوع الثاني وهو الحزبي وينقسم إلى قسمين القسم الأول وهو ما يمثل الأحزاب القديمة في العراق وصحفه التي لها باع طويل في هذا الميدان ولها متابعين مستمرين يتأثرون بالطروحات التي تتبناها هذه الصحف ولم تتغير مواقفها من القضايا المطروحة في الشارع العراقي وتمتلك خاصية النقد البناء بعيدا عن التسقيط الذي نجده في النوع الثاني من الإعلام الحزبي القائم على تصيد الأخطاء والنقد لمجرد النقد والسبب في ذلك يعود كما أشرنا لعدم أهلية القائمين على إدارة هذه المرافق الإعلامية , النوع الثالث وهو الإعلام الخاص أي الاستثمار في ميدان الإعلام ورغم قلته إلا انه قائم على مبدأ الربح والخسارة كأي مشروع استثماري وهذا بالتأكيد لا يمكن التعويل عليه ليكون له دورا في صناعة الرأي العام العراقي .
من هنا نجد بأن انتقال العراق من مرحلة سياسية إلى أخرى يحتاج إلى جهد كبير في الجانب الإعلامي من أجل ترسيخ الكثير من المفاهيم التي يجب أن تكون هي السائدة في المجتمع ومنها " الديمقراطية كنهج ثابت , احترام الرأي الآخر , الشفافية , النزاهة " وغيرها من المفاهيم التي من خلالها يمكننا بناء المجتمع العراقي وفق الرؤية الصحيحة والسليمة والتي تؤمن التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي من خلال إيجاد قواسم مشتركة تعزز من مبدأ المواطنة من جهة ومن جهة ثانية تبلور رأي عام عراقي بعيدا عن التأثيرات الخارجية .
خلاصة القول إننا بحاجة ماسة لتكوين رأي عام عراقي بعيدا عن تأثيرات الإعلام الخارجي الذي له أهدافه ونواياها التي تتقاطع من طموحاتنا العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ممتاز
مازن فيصل البلداوي ( 2010 / 8 / 26 - 17:25 )
الآنسة/السيدة أيمان
تحية طيبة
مقال جميل وموزون ومقتضب محتو للحقيقة،قل مثيله من المقالات
نعم،ان ماذكرتيه هو مرآةلنسبة كبيرة من الحقيقة،وصناعة الرأي العام مهمة الى الدرجة القصوى التي ممكن ان يتصورها الأنسان،نعم ظروف صعبة الى صعبة جدا مرّ بها البلد ولكن ثقي بأنه سيمر بأصعب منها اذا لم يتفق الشارع على صياغة الخط العام للمستقبل القريب قبل البعيدز
وكما ارى(رأيي) فان قيمة الأنتماء الوطني المجرّد والبعيد عن الأهواء الفئوية هو المحرك الأساس لصياغة هذا الرأي والا ستبقى الفئوية بكل خصالها السيئة ومسبباتها المتخلفة عنصر يجر الشارع والبلد على حد سواء الى قاع التخلف والتطرف والجهل
أكتفي بهذا القدر وشكرا لك مرة أخرى.
تحياتي

اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام