الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية العراق على الاسس خاطئة

محمود الوندي
(Mahmmud Khorshid)

2010 / 8 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق





بحجة نشر الديمقراطية الغائبة في الشرق الاوسط ، هي احد الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الامريكية لاسقاط نظام البعث في العراق ، باعتقادها ان العراق ارضا خصبا أن يكون قاعدة انطلاق للديمقراطية في المنطقة ، لاعتبارات الكثيرة ومنها السياسية والجغرافية والتاريخية والعمق الثقافي والاستراتيجي في الشرق الاوسط .

حيث وجد الانسان العراقي بعد التغيير انه أمام قوى سياسية متصارعة على السلطة ونوازع جشعة لأصحاب مصالح فئوية وشخصية ، وهؤلاء ليست لديهم أي قناعات راسخة في تطبيق الديمقراطية ونجاحها في العراق ، ومحاولتهم دائما ان تتوزع المناصب والوظائف في ما بينهم على شكل محاصصة او حسب الاملالآت التي تأتي من هنا وهناك والتي عرقلت مسيرة البلاد ، وصراع هذه القوى على المناصب منذ بداية التغيير خلقت فراغا امنيا هائلا وعدم استقرار في العراق التي أدت الى العنف الطائفي والفساد الاداري والمالي وإلى انتشار الخراب والسرقات للمال العام وزرع القلق في نفوس العراقيين ، وظهور الكمية الهائلة من السلع الغذائية الفاسدة التي تنتشر في الأسواق العراقية واكثرها وزعتها وزارة التجارة مع الحصة التموينية ، إضافة الى بروز النزعات الشمولية يعاون ذلك شيوع النزعة الإقصائية والاستئثارية ، واستمرار عمليات القتل والخطف والتفجير والتي تنال من أرواح الناس ودمائهم وممتلكاتهم العامة والخاصة الى جانب افساح المجال للتدخل السافر واللاخلاقي لدول الجوار في الشأن العراقي . هذه اللاحداث والمشاكل أصبحت تمثل منعطفا خطيرا يؤثر على حياة المواطن العراقي وعلى البنية التحتية في العراق ، وبات العراقيون لا يعرفون كيف يعالجون قضاياهم بأنفسهم ، وعاجزين عن الاستجابة للتحديات المفروضة عليهم .

صحيح لولا أمريكا لظل العراق يرزح تحت حكم ديكتاتورية صدام وعائلته ، أن جملة تغييرات قد أصابت حياة المجتمع العراقي في حالة تغيير النظام البائد ، واستطاع المواطن العراقي أن يتمتع بحالة جديدة وانفتاح لم يكن مسموحاً له في ظل دكتاتورية البعث ، كالإعلام والسفر والتجارة الحرة والاتصالات وزيادة الرواتب واختيار السكن في اي بقعة من ارض العراق ، ولكن التغيير لا تلبي كل أمنيات الشعب العراقي وآماله العريضة التي كان يحلم بها منذ زمن طويل ، لان اختلطت فيها الاوراق بحكم السياسات والاجندات الداخلية والخارجية ، والسبب عدم خبرة ونضج لدى السياسيين العراقيين الجدد الذين ساهموا في تفكيك المؤسسات وسحقها ، حيث اصبحت مؤسسات الدولة عبارة عن مؤسسة جامدة وليس لها أي نفع بالنسبة للمواطن وأكثر مسؤوليها يبحثون عن المنافع الشخصية والحزبية الضيقة فقط ، وتعمل هؤلاء من أجل الدفاع عن طبقة اجتماعية محددة مستهدفة ضمان الامتيازات لها ، مع تهميش بقية الطبقات السياسية والاجتماعية الأخرى .

كان على أمريكا أن تقوم في العراق بعد سقوط نظام البعث عام 2003 بوسائلها الخاصة على زيادة ورفع مستوى الوعي الديمقراطي لدى جيل من المثقفين والسياسيين داخل المجتمع العراقي بحيث قادرين على التعبيـر عـن خصوصيتهم السياسية والاجتماعية والثقافية وتقبلهم بالطرف الاخر سبيلا لنجاح الديمقراطية ، حيث تحتاج الحكومة العراقية الى استناد على خطط متوازنة ومتكاملة على رفع مستوى الوعي السياسي وتطوير وتعميق التثقيف السياسي ، يمكن أن تكون الأساس لنجاح ديمقراطية وتطبيقها بصورة جيدة وحسنة ، لان الشعب العراقي والنخب السياسية العراقية بحاجة إلى مزيد من التربية الديمقراطية والتدريب على ممارسة الديمقراطية بسبب تنامي ثقافة التطرف والانغلاق وهيمنة ثقافة التعصب الديني والطائفي على الشارع العراقي ومحدودية مجال الوعي السياسي لدى العراقيين واصبح اقتصاره على نخبة من المثقفين المعتدلين .
.


وكان على امريكا ايضا تهيئ أكبر عدد من نسخ الكتب الجديدة المترجمة حول الفكر الديمقراطي وطرحها على المنظمات المدنية او المؤسسات غير الحكومية لكي لتأخذ دورها في ممارسة الديمقراطية بشكل معقول والتعبير عن رأيها بصورة صحيحة ، وثم تبدا بتغيير المناهج المدرسية وتزويدها بالكتب الجديدة ترويجها للديمقراطية ، وأن تتم "حملة" ترويج داخل المجتمع العراقي تدريجيا . لان تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة خاطئة في مجتمع غير مهيئ أبدا لاستيعاب مبادئ ديمقراطية ومستلزماتها ، لان بناء ديمقراطية قائمة على فتح الصفحة الجديدة بتعامله مع الاخر واحترام كافة الآراء والاتجاهات ، ورفع مستوى الوعي الديمقراطي لدى العراقيين تكون اختيارهم صحيح (الرجل المناسب في المكان المناسب) في حالة الانتخابات النزيه والحرة .

وكيف تطبق الديمقراطية على الشعب الذي حكم خلال اربعون عاما بالحديد والنار وتحت ظل الدكتاتورية لم يشهدها العالم قبل ذلك ، وكيف تطبق الديمقراطية لم يتخلص المجتمع من جميع القيود المتراكمة عليه سواء من قبل الحكومات الدكتاتورية التي كانت تمارس عليه سياساتها التعسفية او من قبل المجتمع المتخلف . حيث نرى اليوم بان الديمقراطية في العراق كسيحة ، كونها بدأت تحمل أمراضها منذ اليوم الأول لتطبيقها على أسس غير سليمة وصحيحة ، بدلا أن تأخذ العراق إلى جادة الصواب ، فإنها زادت من أعبائه ومشاكله ومصاعبه .

إن العراق اليوم بحاجة إلى مشاعر ذات قيم عليا تخدم العراق ومصالح الشعب الأساسية ، كما بحاجة الى إصلاحات وتغيير واسع في كل ميادينه على أيدي اكاديمين وكفؤين وقادة صالحين وزاهدين في سبيل خدمة مصالح البلاد وشعبها ويكون اقوالهم عملاً وفعلا ، ومشمرين عن سواعدهم للبناء والاعمار والعمل على خدمة مكونات الشعب العراقي (ويحاسب المقصر وفقا للقانون) ، وتشكيل أحزاب سياسية وطنية حسب قانون الاحزاب من اجل تاسيس العراق الجديد وتطبيق الديمقراطية بكل حذافيرها وتقوية العلاقات بعضنا بالبعض الآخر خدمة لجميع اطياف العراق ، أن ما خلفه نظام البعث من إرث مرير من الظلم والطغيان والقتل الجماعي والاستئثار بالسلطة قد نجم عنه انعدام الثقة بين مكونات الشعب العراقي .
نخلص إلى القول إن مقومات بناء الديمقراطية مرتبطة بإقامة وعي ثقافي وسياسي وصرح اجتماعي متطور وتعميق ثقافة الانتماء الى العراق ، وتطبيق العدالة الاجتماعية التي تتحكم فيها علاقات اجتماعية أنسانية بين اطياف الشعب العراقي ، وبناء مؤسسات دولة بعيدة عن الطائفية والفساد الاداري والمالي بشتى انواعه وتكون المسؤولين من ذوي الكفاءات والاختصاصات في عملهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعلّم ْ صياغة جمل مفيدة، يا محمود!
سهام حسن ( 2010 / 8 / 26 - 15:49 )
اتحدى أي واحد يقول لي إنه قرأ جملة مفيدة واحدة صحيحة قواعديا واملائيا
فهذه هي مأساتنا محللنا السياسي الذي ؤسوف ينال قريبا ماجستير في الصحافة هذه لغته الصحافية
يبدو أنني على خطأ اذ يحتمل أن لغته الكتابية هي الألمانية بلهجة خانقينية فصحى ونحن عن الدنيا غافلون


2 - هل هذا تعليق ام الحساد
محمود الوندي ( 2010 / 8 / 27 - 14:12 )
اخي المعلق لماذا لم تكتب اسمك الصريح وانا عرفتك من خلال كتاباتك لان ليس لي صديق بهذا الاسم ، وكيف تعرف انا من سكنة مدينة خانقين واعيش في المانيا وسوف انال قريبا ماجستير في الصحافة لابد انت قريبا عليء ولكن تحاول ان تطعنني من خلف واعتقد هذه نوع من الحسادة ، لانك لاتستطيع ان تكون مثلي ، واما هجومك عليء لانك تحب المحتل الامريكي وانا دائما ارفض الاحتلال كما رفضت النظام البائد .
واما تتكلم عن القواعد انا لست خريج اللغة العربية بل خريج الاعلام ومن حقي ان اكمل دراستي ، واما انك لم تفتهم من مقالة شيئا فهذا يخصك حول ثقافتك ، لانها معروفة من عنوانها بان الديمقراطية في العراق كسيحة وان تغيير جاء لمصحلة الاحزاب المتنفدة فقط وخدمة لاهداف المحتل ، لا ادري كيف لا افتهمت شيئا من المقال ، وانا ادري انك من المستفدين لذلك لا تقبل احد ان ينتقد الاحزاب الحاكمة والاحتلال الامريكي الى جانب حسادتك حول تطوري في الكتابة وعلاقاتي مع المثقفين المنورين جيدة وحسنة ، لانك لاتستطيع ان تطور نفسك ، واخيرا ارجو منك ان تكتب اسمك الصريح وكن شجاعا .


3 - عين الحسود بيها عود
سهام حسن ( 2010 / 8 / 28 - 10:18 )
وحق الحسين بن علي لا احسدك يا أبو شكر ، وعين الحسود بيها عود ، والله يعمي عين حسادك. وبالفعل من المستحيل أن أكون مثلك. وماذا تستفيد من اسمي الصريح؟
اسمي الصريح هو فؤاد الزهاوي وربما تعرفني . وكيف حكمت عليّ أنني من المستفيدين من الاحتلال الأمريكي للعراق والنظام العراقي التابع له؟
عجبي ، ألم ينبهك أستاذ الاعلام في الجامعة المفتوحة بأن لغتك العربية فانتازية !!!!
من واجب استاذك أن يعلمك كيفية استخدام ال التعريف ، على أقل شيء
وانك بردك على تعليقي قد زدت الطين بلة


4 - حتى العنوان غلط
احمد فياض ( 2010 / 8 / 29 - 22:08 )
انا اتفق مع سهام حسن .......المقالة مبين من عنوانها ....ممكن ان تشرح لي يااستاذ محمود هذه العبارة لو تكرمت
)
بحجة نشر الديمقراطية الغائبة في الشرق الاوسط ، هي احد الأسباب التي جعلت الولايات(المتحدة الامريكية لاسقاط نظام البعث في العراق ؟

اخر الافلام

.. … • مونت كارلو الدولية / MCD كان 2024- ميغالوبوليس


.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح




.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با


.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على




.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف