الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق: من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح

شاكر النابلسي

2010 / 8 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



كلنا يتساءل:

كيف سيكون حال العراق الجديد بعد انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة منه؟

وكيف سيواجه العراق التحديات السياسية والأمنية، وهو يقف وحيداً في الساحة، دون وجود قوة عسكرية عظمى تحميه؟

ولماذا لم ينتهز السياسيون الفرصة الذهبية التي كانت قائمة منذ سبع سنوات (2003-2010) بوجود القوات القتالية الأمريكية، ولم يعيدوا بناء الوطن من جديد؟

وهل كان من الخطأ الأمريكي الفادح، أن تدخلت أمريكا في العراق، خلال السنوات السبع المنصرمة، في كل كبيرة وصغيرة؟

وهل كان على القوات الأمريكية أن لا تستقر في الداخل العراقي، وأن تنسحب فور الإطاحة بالعهد البائد إلى الحدود العراقية مع جيران العراق، لمنع المتسللين الإرهابيين من دخول العراق، وترك عراق الداخل للعراقيين يتصرفون به بما يراعي حقوق الجميع، ويبنون دولتهم الجديدة بأنفسهم، دون تدخل من أحد؟

وهل انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق، يعني انعدام وجود صمام الأمان ضد الحرب الأهلية التي سعى الإرهاب من كافة الطوائف إلى إشعالها في العراق، لولا صمام الأمان ذاك، الذي كان يحول دون ذلك؟

وهل الاحتقان السياسي الخطير الحالي، والصراع الحالي على السلطة السياسية المرير، وعدم وجود حلول قريبة وسريعة للأزمة السياسية العراقية الحالية في الأفق، وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، وزيادة العذاب الجهنمي العراقي، الذي ربما يفوق عذاب أهل جهنم المتخيّلة يوم القيامة.. هل هذا كله من الممكن أو من المحتمل أن يؤدي إلى حرب أهلية، كانت مُتجنبَة طوال السنوات السبع الماضية؟

وأخيراً، هل ستقود كل هذه المعطيات، والنكبات، والمآسي، إلى انتقال العراق من النزاع السياسي السلمي الذي كان بين فرقائه خلال السنوات السبع الماضية إلى صراع مسلح بدأت السكاكين تُشحذ من أجله، وبدأت أفواه البنادق تنظف للبدء به، وبدأت سيوف علي ومعاوية (العلاوي والمالكي) ترتفع من جديد، في معركة "صفّين" الجديدة، وعلى أرض العراق ذاتها؟



هل ستقع "صفّين" الجديدة؟

من المؤسف، بل من المحزن والمؤلم، أن نفكر بأن الغد العراقي سيكون غد "صفّين الجديدة".

بل إنها النكبة الكبرى، ضياع آخر فرصة للعرب للدخول في عصر الحداثة والحرية والديمقراطية. وهي نكبة أكبر من النكبة الفلسطينية 1948 بكل المقاييس.

فهل يسير العراق حثيثاً من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح حول السلطة كما حدث في صفّين في عام 39هـ /659م؟

الشواهد للأيام الأولى لانسحاب أرتال القوات الأمريكية المقاتلة – التي دخلت بلا زهور وخرجت بلا زهور أيضاً. فلا حمداً ولا شكوراً - تقول ولمَّا ينقشع بعد غبار رحيل هذه القوات، على لسان المؤرخ والدستوري والأكاديمي العراقي منذر الفضل في مقاله (منظمات الإرهاب في المفهوم الأمريكي):

"إن حزب البعث في العراق مارس ويمارس دوراً إرهابياً في العراق. وتقوم خلاياه حاليا بتنظيم اجتماعات دورية سرية متواصلة في مناطق متعددة من المحافظات العراقية، وخاصة في المناطق الغربية، وفي الموصل، وديالى، والوسط، والجنوب ( في الجامعات والمدارس وغيرها)، من خلال سياسة الترهيب، والترغيب. وهو يخطط ويسعى للعودة الى السلطة، من خلال ممارسة العنف، لأنه لا يؤمن بالتداول السلمي للسلطة، ولا بقواعد الديمقراطية، مستغلاً ضعف الحكومة، والصراعات السياسية على السلطة، وانتشار البطالة، والفساد المالي والإداري، والثغرات الأمنية، والدعم الإقليمي."



الناقوس الأكبر

هذا جرس صغير، من صنف الأجراس التي توضع على المكاتب للنداء. ولكن الناقوس الأكبر المروّع للحرب الطائفية، جاء من تحذير الشيخ عبد المهدي الكربلائي - ممثل المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني، في خطبة الجمعة (20/8/2010)، في كربلاء- للسياسيين العراقيين من رد فعل الشعب العراقي، في حال استمرار عدم التوصل لاتفاق على تشكيل الحكومة. مؤكداً أن الشعب لا يمكن أن يتحمل المعاناة، إلى ما لانهاية!
وقال الشيخ الكربلائي في خطبته التحذيرية: "هناك فراغ في أداء السلطة التنفيذية، لانشغال السياسيين، والقادة بالحوارات السياسية، وعدم تفرغهم لأداء مهامهم الأساسية."
وكان يشير بذلك، إلى عدم استطاعة القوائم الفائزة في الانتخابات التشريعية، التي جرت في السابع من آذار/ مارس الماضي، من التوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة، رغم مرور أكثر من خمسة أشهر.
وأمام مئات المصلين، وبكلام مسموع وموجوع، حذَّر الشيخ الكربلائي - وتحذير مثل هؤلاء الشيوخ له ما بعده - الكتل السياسية العراقية من خطورة التداعيات في جميع المجالات، من ردود فعل الشعب العراقي على عدم وجود انفراج بالعملية السياسية، وبادرة أمل، بتشكيل الحكومة بأسرع وقت، لأنه – كما قال - لا يمكن أن يستمر الشعب العراقي بتحمل المعاناة والصبر، إلى ما لانهاية. وأضاف، مطالباً السياسيين بتقديم المصالح العليا على المصالح الضيقة.

ورغم ذلك فلا لعهد صدام!


لقد دفعت الأوضاع العراقية المتردية، وتشريد أكثر من أربعة ملايين عراقي في الشتات العربي، والأوروبي، والأمريكي، والكندي، والاسترالي، إلى حالة يأس ومرارة في نفوس العراقيين في الداخل والخارج، إلى الحد الذي بلغ فيه هذا اليأس، وهذه المرارة، البعض إلى تمني عودة حكم صدام حسين، رغم طغيان هذا الحكم، وفساده، وديكتاتوريته العنيفة. ولكن الشعب العراقي، كان ينعم بالأمن والاستقرار – وذلك أضعف الإيمان - في ظل الجور، والفقر، وعدم توفر المواد الغذائية، والدواء، وخلاف ذلك. فأصبح حال الشعب العراقي الآن، كحال كثير من الشعوب العربية، التي تتحسر على أيام الاستعمار البريطاني والفرنسي وتتمنى عودتها، في ظل بعض الأنظمة العربية الفاسدة والطاغية. وكأن حال هذه الشعوب مع الشعب العراقي، كحال المريض بمرض مؤلم ومزمن، فيتمنى الموت لكي يرتاح من ألمه. وهو يعلم، أن الموت مهما كان رحمة وراحة، إلا أنه أقسى من أية حياة مؤلمة، ومعذِبة. وهذا ما دفع الكاتبة ريم الصالح، إلى نشر مقالها "الله يرحم أيام صدام" بعد أن تمنَّت الموت في أيام صدام، على الحياة في الجحيم العراقي الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صفين في الخيال
كنعان محمد ( 2010 / 8 / 26 - 19:33 )
اطيب تحية للكاتب الكبير واملنا الا يصل الاختلاف المستمر منذ أشهر الى نزاع
مسلح فيكفي حزب الدعوة وواجهته قائمة دولة القانون عدم الالتزام بالدستور والقانون؟؟ فهذه اللعبة التي ادمنوا عليها طيلة هذه الفترة الماضية لاتليق الا
بالصغار فتطبيقات الديمقراطية معروفة حول العالم وهي تسليم الحكم من قبل الحاكم الى الذي فاز بالموقع الاول بالانتخابات وكفى لعب اطفال صرنا فرجة للعالم؟؟؟؟
ولينظر حزب الدعوة شوية للمستقبل فالمعروف عن الشعب العراقي انه يقف
دائمأ مع المظلوم - اي من هضم حقه


2 - وهل يؤمن المالكي؟
البراق احمد ( 2010 / 8 / 26 - 20:10 )
تحية للدكتور النابلسي وله سؤال مادام قد اشار الى مقالة السيد منذر الفضل التي تضمنت حقيقة ان البعث لايؤمن بالتداول السلمي للسلطة فهل يعتقد الدكتور النابلسي ان المالكي يؤمن بالتداول السلمي للسلطة ؟ وما سبب الازمة الحالية من اصلها غير التشبث بالسلطة ؟ مع وافر التقدير


3 - مقال مؤسف
سالم سلمان ( 2010 / 8 / 27 - 08:01 )
كان السيد الكاتب من أكثر المتحمسين لإزالة البعث، واليوم غير موقفه وراح يدق طبول الحرب ويبشرنا بحرب صفين أخرى!! هذا المقال يدل على ما يتمناه الكاتب خاصة بعد أن سخر قلمه لخدمة النظام السعودي الوهابي... سبحان مغير الأحوال


4 - حمدا ولا شكورا على أيش؟؟
جاسم الزيرجاوي-مهندس استشاري ( 2010 / 8 / 27 - 13:16 )
الاستاذ النابلسي ...تحية لك ولكل القراء الاعزاء
استميحك عذرا باني ضعت في مقالتك هذه..وهي جاءت كما يقول العرب..خبط عشواء...في كتاب صغير الحجم وباللغة الفرنسية لاحظ حمدان خوجة الجزائري الاصل عام 1834 ان اوربا تساعد بأسم حرية الشعوب كلا من بلجيكا واليونان وبولونيا , كانت فرنسا , واضعة مفهوم الحرية هذا,تستعبد بلدا افريقيا (اوهام الاسلام السياسي ص 31)) وهذا ما حصل مع الامريكان في العراق ففي الوقت الذي ساعدت المانيا واليابان في اعادة البناء , خربت ودمرت العراق وهربت!!
اما ((صمام الأمان )) فان الاحتلال الامريكي لم يفعل اكثر من ان يقدم المناسبة للطائفيه وحربها (حسب تعبير جورج طرابيشي)..اما تشبيه ما يحصل الان بمعركة صفين فهو بعيد كل البعد لانها لم تقم على نزاع طائفي (( اساسا معركة صفين هي من الخيال العربي الفسيح,ان لم تكن حصلت اصلا))..ولا حمدا ولا شكورا على أيش؟؟ امريكا احتلت العراق بعد انتهاء الحرب الباردة وفتح عصر جديد للامبراطورية الامريكية, العاصمة العالم , وهذة اجندة المحافظين الجدد
لا يا صديقي, لن تحصل صفين ثانية في العراق! وشكرا


5 - إلى صاحب المداخلة رقم (4
محمد الصالح ( 2010 / 8 / 27 - 23:14 )
ففي الوقت الذي ساعدت المانيا واليابان في اعادة البناء , خربت ودمرت العراق وهربت.
هذا غير صحيح أنتم العراقيين لم تعطوها الفرصة أمريكا لم تهرب بل أنتم الذين سقطتم فى التجربة أنظر كيف إستفادت البوسنه والهرسك وألبانيا بل والكرد فى بلادكم من الوجود الأمريكى إتهمتوها أنها أتت لإحتلال العراق ونهب بترول العراق وتقسيم العراق والآن ثبت أن كل مازعمتوه كان كذب بائن الآن تتباكون على أمريكا الصيف ضيعت اللبن ياسيدى


6 - نزاع سلمي ؟؟
سلام بغدادي ( 2010 / 8 / 28 - 08:26 )
ومتى شهد العراق في كل تاريخه نزاعا سلميا .. حتى كامرته الخفية هي مسلحة وانظر الى برنامج خلي نبوكن على قناة البغدادية وانت ترى مالاتراه في العالم كله

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا