الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستبدلنا البرجَ من القوس إلى العذراء

قيس مجيد المولى

2010 / 8 / 27
الادب والفن


ضَجُرت أصابعي أدواتَ الرسم ،ولكنها تلونت أول البدء باللون الأزرق وظننتُ بأن الفرصةَ قادمةٌ وحدقتُ بأعلى الأُفق وكانت السماءُ قد تطابقت وذلك اللون وعلى امتدادهما اللوني إمتد البحرُ والذي أكتسب لونَهُ من موجوداتٍ أخرى اقتبست ذلك اللون إقتباساً ، وحين توسعَ النهارُ وكشف ضوءهُ الأبعادَ التي لا تُرى تغير لونُ كفيَ وقد طلى الأصفرُ أظفاري ثم توزع منتشراً على هيئةِ أصدافٍ سمكيةٍ على مجالٍ واسعٍٍ من جسدي ليتصل بتلك الصحراء التي تقمطت بمسمياتها ونباتها البري وورودها الشوكية وثعابينها الصغيرة التي خرجت أناملها الزاحفة لتقبض على شئ ما من ذرات التراب التي أعادت الريح بعثرتها لينتقل هذا الاصطفاف اللوني إلى مرآتي وغطائي وجدران بيتي فتتحول تلك اللحظة وما تبعها إلى فضاء لا يرى على بعد مترين من العين حين راحت قوى الطبيعة تنشر أطناناً من ذلك التراب القادم من الصحارى البعيدةِ ووجدتني مرغما حين إظلّمَ ما حولي أن أقول مرحبا باللون الأسود إن شاء القدر ذلك وأهلا بالغياب وأهلا بمرارته وأهلا بمن لا يريد أن يلوح لي ويختفي ضمن لعبة الإكتشاف ، لذلك لم تطل عنايتي بتلك الألوان ولم تبق مدلولاتها تشير إلى ما كانت تشير إليه فلماذا البني الغامق لأعلى المرتفعات ولماذا الأزرق للبحار والمحيطات ولماذا الأخضر للسهول ما دامت مؤثرات النمو والخصب قابلة للانكفاء والتمرد وحرمان من تريد مما يرغب أن يريد أليس هناك طبيعة أخرى لم نصلها وبُعداً لم ندركه ونراه أليس هناك الكثير من العبارات التي تستطيع أن تتمدد خارج غرضها وقدراتها السمعية والبصرية والتخيلية أليس هناك حيزنا الروحي الذي لا يمتلئ أبداَ ولماذا ضمن لعبة الاكتشاف تلك يُطغي الصامت على المرئي ليزداد طول الطريق وتنحسر متطلبات الاستعداد لخلق أسئلة جديدة ، كل ذلك يجعل منا من نضجنا نضجا بطيئاً فنجد من نمسك بأصابعهم يغادروننا سريعاً ، يغادرون ولا يتركون حتى سرابا وراءهم وكان لا بد من العودة لما تركوه لنا من الأغاني كي ندقق ثانية بقصدهم وبمساحتهم التي تركوها لنا فنكتشف ما كان غائبا عنا لنلوم أنفسنا نلومها لِعُجالتها ونتقبل ما يُصحح وما يُحذف بل وما يُضاف ونجربُ ثانيةً إرسال الصور التي لم تستلم واستبدلنا البرج من العذراء إلى القوس وأمامهم إختفت الألوان من كفنا المقروءة وتيقنوا من بياضها وتيقنوا مما أشارت أصابعها إليهم، كان الغيابُ رغم قصره شوقا كونياً لكل ماوزعه الخالق على الأرض وكانت خطواتنا بعدهم بخشية وحيطة تدب على الأرض حتى لا يسمعنا غيرهم أحد وقلنا ما بهم ومن يومها القريب لم نرَ البحر والسماء بتلك الألوان التي رأيناها من الطائرة ولم نتحقق من المئات من المسطحات المائية ولم نسأل عن أسمائها بعد أن عادت الريح وجمعت الأتربة التي كانت قد نشرتها وخلطت علينا رؤيا الألوان راودنا شئ من الاطمئنان من أن الأشياء العاكسة ستأتي بصور قد تكون إحداها من نصيبنا لكننا لم نكن قد رأيناهم من قبل إلا مرة واحدة حين أرسلوا صورهم عن طريق السهو إلى منفذٍ في مكان مجهول .
رأيتهم يعبرون محطتي على الشاشة رحت أدق على خشب الصندل حين رأيت الملاك المخمر الرأس المحاط بهالة ضوئية لم يراها غيري وفي نفس الوقت راحت حيواناتي تتصافحُ وتحيط بالدائرة . هناك كان الوقت ليلاً والخطوط لم تكن مضاءة إلا خطي الذي يتصل بمقدمة مركبها الذي ظل يدور في دائرة ألواني و ، سألتها :
هل يجوز التيمم بالضوء ؟
قالت : حين لا ينتشر ،
لم أحرك الشاشة وفضلت أن تتحدد الحزم التي أتت من الثقوب وملأت مخدعي الذي تنقصه الوسادةُ دائماً على حين هدأت الطلاسم التي تركتها .ولم تكن هناك رُكامات من الأسى أو من الضنون لأن النافذة لم تغلق كلياً . أنا أرى الأزهار وأدوات الرسم وهي قد أخبرتني سابقاً بأنها تجيد التعبير عما ينقصني لذلك ومنذ ذلك اليوم الذي علق كفينا بأفق الغيب ساعة إختفاء الألوان لم تظهر وراءنا قطعةُ القماش السوداء ونحن نجلسُ أمام صندوقِ التصوير .


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال