الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما علاقة مام جلال بقانعي فرد

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2010 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



لكل شعب على وجه الارض بعض المعتقدات الشعبية التي تدخل خانة التراث ، ان لم نقل المقدس فالنبيل ، من العسير جدا لاي كان ان يعبث بهذه المعتقدات او يشكك فيها دون ان يتعرض لسخط شعبي وادانة المجتمع ، وحتى ان حاول باحث ما ، وببحث علمي صرف ، اثبات عكس المفاهيم التي ترسخت في ذهنية شعب ما واصبحت جزءا من شعوره وتكوينه وبنيته ، فانه لا يلقي النجاح ولا الدعم الشعبي ولا التعاطف بل ينقلب السحر على الساحر .
مثل بقية شعوب الارض ، تملك الامة الكردية معتقداتها القومية الخاصة ، ولها تراثها الرصين ومفاهيمها ونظرتها الى ماضيها وتاريخها ، وهي حريصة على مثل هذا التراث والتاريخ ولا تتحمل الاساءة اليهما ، لانها تعتبر الاساءة هذه طعنا في شخصيتها الاعتبارية واسقاطا لها .
من المبادئ التي ترسخت في وجدان الشعب الكردي ، مبدأ تبجيل واحترام وتقديس قادته التاريخيين الذين ضحوا بحياتهم من اجل اسعاد الكرد ودفع الظلم عنه واحقاق حقه في الحياة الحرة الكريمة ،
ومن هؤلاء القادة ، كاوة الحداد ، والامير خانى لب زيرين ، والامير المؤرخ شرفخان البدليسي ،والامير بدرخان باشا الكبير ، والامير محمد باشا الرواندوزي ، والامير عبدالرحمن باشا بابان ، والشيخ عبيدالله النهري ، والشيخ سعيد بيران ، والشيخ محمود الحفيد ، والشيخ عبد السلام البارزاني ، وسمكو شكاك ، وقاضي محمد ومصطفى البارزاني والقائمة تطول ، لكننا نتوقف عند الاسمين الاخيرين ، فقاضي محمد كان اول رئيس جمهورية كردستانية ، ابى الا ان يبقى مع شعبه لينال مصيره فاعدمه الشاه محمد رضا بهلوي عام 1947 ، ومصطفى البارزاني شاركه في قيادة الجمهورية وتصدى بقواته القليلة لجيوش الشاه ودخل معها في معارك اذهلت خبراء الحرب والمؤرخين ، ومن ثم قاد بنجاح اكبر ثورة كردستانية في العصر الحديث وحقق هدفه في الاقرار الشرعي بحق الشعب الكردي في العراق قانونيا ودستوريا ، واصبح رمزا للكرد في نضالهم وعدم مساومتهم على حقوقهم ، وهو بذلك ينال الاحترام والتبجيل من عموم شعب كردستان وفي كل الدول التي يتواجد عليه هذا الشعب .
ان اية محاولة للاساءة العمدية الى الشهيدين القائدين ، قاضي محمد ومصطفى البارزاني ، لا تكون عقيمة وحسب ، انما لا تحصد الا النقمة الشعبية والاشمئزاز . وهذا ما جوبه به ( قانعي فرد ) الذي خرج من المجهول بتهور وعدم روية ، وهو يرغب ان يملآ الدنيا ضجيجا باساءته لرموز كردية ترسخت محبتها في العقل الكردي والعاطفة الكردية .
في هذا المقال ، لا اتحدث عن ( قانعي فرد ) من يكون او لا يكون ، او عن اهدافه وغاياته واسباب اختياره الصيد في الماء العكر .
ما يؤرقني ويدفعني الى كتابة هذا المقال ، حالة التأزم التي بدت ملامحها في العلاقات الكردية – الكردية ، وامكانية تسببها في ايقاع الضرر بحاضر ومستقبل حكومة كردستان والاهداف والطموحات الكردية ، وحقوق الشعب الكردي التي لم تستقر بعد او لم تتحقق حتى الان اصلا . ولست اريد التحدث عن هذه الحالة الا للمساهمة قدر الامكان في حصرها ومن ثم التفاهم حولها من قبل قيادات الحزبين الحاكمين ( الديمقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني ) .
ما يؤرق الحريصين على علاقات الحزبين وحكومة كردستان ، هو علاقة مام جلال بالموضوع ، ماهيتها وكيفيتها والاسس التي قامت عليها ، واعني هل ان مام جلال اقام علاقة عرضية ومصادفة مع هذا الكاتب المغمور ، كما اعلنها السيد مام جلال نفسه ؟
ام ان هناك خبايا وامور غامضة في صلة مام جلال مع الكاتب ، وكما يحاول البعض اظهارها ويسوقون ادلتهم عليها ؟
هل صحيح ان مام جلال كسب الرهان ضد البارتي ، كما يقول البعض ؟ هل ان مذكرات مام جلال رد على كتاب السيد مسعود البارزاني ، وبقلم مجهول نسبيا ، وكما قد يتصور البعض ؟
هل ان قانعي فرد وبمؤثرات ودعم قوى اقليمية ، نجح في دق الاسفين بين القيادات الكردستانية ؟
عندما نشرت مجلة ( لفين ) مقابلة مراسلها مع ( قانعي فرد ) واتهاماته الساذجة للقيادات الكردية ، وتبين ان هذا الشخص كان قد استقبل من مام جلال وان ممثل الاتحاد الوطني في طهران ( ماموستا ناظم ) هو الذي بعثه الى السليمانية قبل عدة اعوام ، سارع مام جلال في مؤتمر صحفي خاص ، وبعد لقائه السيد مسعود البارزاني رئيس الاقليم ،الى استنكار ادعاءات الكاتب وشددّ كثيرا على وجوب احترام الرموز الكردية المقدسة وفي مقدمتهم القائد الخالد ( مصطفى البارزاني ) والذي قال عنه مام جلال في مناسبة سابقة انه يشعر بالندم لفراقه عنه ، وتنفسنا الصعداء لاكتشافنا الحقيقة . وقلنا ان قانعي فرد هو الوحيد الذي يتحمل الوزر، لكن ظهرت كتابات ، يجب معها على المرء ان يتمعن في الامر ويتحقق من هذه الحقيقة ، فالكاتب ( قانعي فرد ) لم يكن باحثا او صحفيا او اكاديميا جاء بصورة عرضية و طالب بمقابلة مام جلال ، انما وكما يقول الكاتب الكردي ( علي كريمي ) في جريدة ( هاولاتي ) بعددها الصادر يوم 18- 8 - 2010 ، ان هذا الشخص ( وهو من كردستان ايران ) ، اعني قانعي فرد كان يتواجد في السليمانية منذ اعوام 2004 – 2005 ، وكان يقيم وياكل ويشرب في مظائف وفنادق سكرتارية مام جلال ، وانه سمع من قيادات الاتحاد الوطني انه يحمل توصية من ممثل الاتحاد الوطني في طهران ويلقى دعما من الدكتور كمال فؤاد عضو المكتب السياسي للاتحاد ، وهو مصرح في الالتقاء بمام جلال في الوقت الذي يشاء ، وانه بصدد كتابة مذكرات مام جلال التي اصدرها فيما بعد ، في طبعة فارسية انيقة وضخمة في طهران ، وباكثر من الف صفحة ، خصصت حصة الاسد منها للاساءة الى القيادات التاريخية الكردية . ويبين الكاتب ( علي كريمي ) وهو ايضا من كردستان ايران ، انه اوضح لقيادات الاتحاد الوطني ، ان قانعي فرد هذا غير مرغوب في كردستان ايران وانه محل شك وريبة من قبل القوى السياسية هناك ، الا ان بعض قيادات الاتحاد دافعت عنه واظهرت انه على علاقة وطيدة مع مام جلال . واظهر الكاتب استغرابه من تكليف مثل هذا الكاتب الهاوي والذي يفتقر الى الخبرة والتجربة بكتابة مذكرات الطالباني مع هذا الكم الهائل من الكتاب والمؤرخين والادباء في كردستان العراق . ويتعجب من كيفية حصوله على هذه الاموال التي يصرفها في سفراته المكوكية الى الكثير من دول العالم . ويجري التساؤل ايضا عن سر رغبة مام جلال في اصدار مذكراته بالاصل الفارسي ، الم يكن الاجدر ان تظهر اصلها باللغة الكردية او العربية ؟
ثم ظهرت كتابة ، للكاتب ( عارف كريم ) في جريدة ( هاولاتي ) بعددها الصادر في 23- 8- 2010 ، بعنوان ( من هو قانعي فرد ومن يقف وراءه ) بين فيها ان ( قانعي فرد ) ، محتال ليس الا ، يتحدث بلا مسؤولية ومن غير ضمير ،وانه حسب رأي العارفين بامره اصغر كثيرا من المساءل التي يدعي انه بصدد دراستها ، وانه يلعب على الحبال ولا يتقن اللعبة ، على ان اخطر ما قاله الكاتب ( عارف كريم ) هو (( سمعت انه قد كلف بكتابة مذكرات مام جلال ، وصرفت له اموال خيالية ، تصل حدود نصف مليون دولار امريكي ، فان صح ذلك سيواجه مام جلال انتقادات شعبية واسعة لان هناك مجالات انفع لصرف مثل هذه المبالغ مثل المدارس والمستشفيات ومشاريع الماء والكهرباء )) .
واعلن كاتب اخر مقرب من الديمقراطي الكردستاني ، ان قانعي فرد زار 17 دولة بمعية مام جلال . وكتابات اخرى عديدة توقع الشك في النفس حول ما اوضحه السيد مام جلال في مؤتمره الصحفي حول علاقته العرضية بقانعي فرد .
ويظهر ان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، على اقل تقدير ، غير مرتاح من هذه العلاقة التي استمرت لاعوام ، جاء بعدها قانعي فرد ليحاول هدم التاريخ الكردي بمعول من قطن والاساءة الى القناعات الشعبية الكردية والتضحيات الجسام لقادته الخالدين ونضالهم العتيد في سبيل الكرامة والحرية . وقد عبر عن هذا العدم الارتياح السيد نيجرفان البارزاني ، الذي لا يخشى من كشف الحقائق كما هي ، بقوله في مقابلته مع جريدة ( آوينه ) في عددها الصادر يوم 25 آب 2010 ( ان الحزب الديمقراطي الكردستاني منزعج من توقيع مام جلال على كتاب قانعي فرد ، هذه الكتاب الذي يتحدث باختصار عن حياة مام جلال ، فيما يتضمن وتحت ستار حياة مام جلال ونضاله الكثير من الاساءة الى قادة الكرد التاريخيين ، مصطفى البارزاني وقاضي محمد ، ولو كان الاخوة في الاتحاد الوطني قد افهموا مام جلال بمواضيع الكتاب ما كان يضمنه توقيعه ) وقد ردت سكرتارية مام جلال بقولها ( ان التوقيع مزور ) . ولكن الكتاب صدر منذ زمن وتتوافر نسخ منه في السليمانية ولم يتحدث قبل الان احد عن تزوير التوقيع ، وانا ايضا اتسائل ، لماذا يطلب قانعي فرد توقيع مام جلال على كتابه الا ان يكون راغبا في ايقاعه ، او الايقاع بينه وبين البارتي .
ان حالة التازم التي نتحدث عنها والتي تضر بالمصالح الكردستانية ، لا تخفى على من يحرص عليها ، فما كاد السيد نيجرفان البارزاني ، يعلن عن توجه للقاء بين السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان مع السيد نوشيروان مصطفى رئيس حركة التغيير الكردستانية ، حتى اعلنت بعض المصادر ان السيد الطالباني قد اجتمع مع السيد نوشيروان واتفقا على تطبيع الاوضاع بينهما . ولا نرى ان هذا الاجتماع بين مام جلال ونوشيروان يؤزم الوضع او لا يخدم المصلحة الكردية العامة ، لكن الزمن يوحي بحالة التأزم العامة في علاقات البارتي والاتحاد .
حتى الان لا يستطيع المراقب ان يقيّم العلاقة بين الاتحاد الوطني وسكرتيره مام جلال مع قانعي فرد ، الا اننا نأمل ان لا يكون كاتب ، تحت التجربة ، قد استطاع جرجناح في حركة كردية واسعة وقائد كردستاني امتاز بحنكة سياسية الى موقف لا يخدم الكرد ويسئ الى رموزهم وقادتهم ويهز مشاعرهم في كردستان بطولها وعرضها .
لا استطيع ان اقول ان الكتابة والبحث عن نضال هؤلاء القادة وحتى الاشارة الى اخطائهم ، خطوط حمراء ، لكن البحث عنهم وتناول سيرتهم وبنيّة سيئة ومسبقة ، او لدوافع شخصية ، او امتثالا لدوائر تتربص بالكرد للنيل منه ، امر مخجل لا يشرف اي باحث او كاتب . وفي النهاية نقول ، تعرض البارزاني وخلال مسيرته النضالية الطويلة والصلبة الى كثير من هذه الشعوذات والحملات الظالمة ، واذ تعود اليوم هذه القوانة المتهرئة ، والتي سمعناها كثيرا ، لن تؤثر في قناعة الكرد ومحبتهم للقائد الخالد مصطفى البارزاني وقادته الاخرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس