الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الصحراء المغربية سنوات من حرب لا معنى لها

سلامة كيلة

2010 / 8 / 27
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


قضية الصحراء المغربية لازالت قائمة بعد عقود من الصراع. وإذا كانت الحرب متوقفة لافساح المجال للجهود الدولية من أجل ايجاد حل لها، فإنها لازالت تستهلك مجهودات كبيرة دون أن يبدو حلاً في الأفق. فالحرب لم تستطع "تحريرها"، والجهود الدولية تصطدم بتناقض رؤى الأطراف المختلفة، ولم يتبلور حل وسط مرضٍ للطرفين المتصارعين، المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو، ولا يبدو أن ذلك ممكناً لأن المسألة تتعلق بالاستقلال أو الوحدة.
وإذا كان من الطبيعي أن يتمسك النظام المغربي بالصحراء، خصوصاً وأن "الوطنية المغربية" تشكلت على هذا الأساس، وأن النظام لا يقبل أن يوسع من جبهة الجزائر التي تحاصره وهو في صراع مستمر مع النظام هناك، ولهذا لن يقبل بأكثر من حل يقوم على أساس "الحكم الذاتي"، فإن استراتيجية جبهة البوليزاريو قامت على أساس خاطئ كان يوصل إلى حرب لا نهاية لها، وبالتالي أصبحت جزءاً من استراتيجيات القوى الاقليمية في الصراع فيما بينها، ولم توصل إلى تحقيق الاستقلال، ولا يبدو أنها سوف توصل.
فإذا تجاوزنا صحة المطالبة بالاستقلال في الصحراء، سواء تحت ذريعة رفض النظام الملكي أو حق تقرير المصير (الذي يستخدم هنا بشكل خاطئ تماماً لأن الصحراء ليست أمة، وهي جزء من المغرب العربي)، فإن استراتيجية الصراع التي قامت على أساس صراع "شعب الصحراء" ضد النظام الملكي كانت تفرض هذا الشكل الطويل من الحرب دون نتيجة. فالمدقق في كل الحروب التي خاضتها قوى تدعي تمثيل مجموعة بشرية هي جزء من كيان دولة متشاركة مع شعوب أخرى، كانت نتيجتها الفشل الحتمي، لأن قوة الدولة هنا هي أكبر من قوة هذه المجموعة بالحتم. هذه هي مشكلة الباسك والجيش الجمهوري الإيرلندي، ولقد كانت مشكلة أريتيريا قبل أن تتنبه الجبهة الشعبية لهذه المشكلة وتدفع باتجاه توسيع الحرب ضد النظام الأثيوبي لتشمل شعوب أثيوبيا كلها، حيث حققت استقلالها بعد سقوط النظام. وهذه هي مشكلة حزب العمال الكردستاني في تركيا، حيث يقاتل من أجل الاستقلال دون تنسيق أو توافق مع القوى التركية الأخرى. وهو هنا يخوض حرباً دون جدوى، وليس من أفق لها. فالصراع هنا هو صراع ضد السلطة التي تكون قادرة على قمع جزء متمرد إذا ما خاض صراعه وحيداً، ولهذا فإن أي انتصار يفترض تطوير صراع كل الشعوب ضد السلطة، وهو الأمر الذي يعني التوافق على الصيغة الممكنة بعد الانتصار.
إن المسألة الجوهرية هنا هي أنه ليس من الممكن تحقيق "تقرير المصير" دون أن يقوم ذلك على توافق مجمل الشعوب، وعبر النضال المشترك من أجل تغيير النظام، فكيف إذا كانت المسألة لا تتعلق بشعب له سماته الخاصة بل بجزء من شعب لا يحمل سمات تميزه عن كل الشعب المغربي؟
ولقد انبنت سياسة جبهة البوليزاريو على التناقض مع مطامح الشعب المغربي، وبالتالي دون تنسيق مع قواه، وخيضت الحرب كحرب استقلال من قوة محتلة هي النظام المغربي. ربما كان الميل العام الذي حكم القوى الوطنية المغربية هو الذي فرض ذلك، حيث كان واضحاً تمسكها بالصحراء كجزء من أرض المغرب التي ناضلت من أجل تحقيق استقلالها من فرنسا واسبانيا. وبالتالي كانت هي كذلك في تناقض مع ميل البوليزاريو. وهو الوضع الذي فرض "تجميد" الصراع بين هذه القوى والنظام الملكي، أو تشتيته، انطلاقاً من التركيز على قضية الصراع من أجل أن تبقى الصحراء جزءاً من المغرب. لكنه فرض تحوّل البوليزاريو إلى ورقة بيد النظام في الجزائر في إطار الصراع المغاربي. وربما لازلنا نعيش هذا الوضع، حيث لازالت قضية الصحراء مجال انشداد واختلافات في المغرب، كما لازالت تستهلك مجهوداً كبيراً دون أفق لحل ممكن، رغم الدعم الدولي الذي حصلت عليه جبهة البوليزاريو.
إن الأساس هنا هو أن استقلال الصحراء ليس ممكناً، حتى وكل العالم يدعم جبهة البوليزاريو ويعترف بها كدولة، دون تغيير حقيقي في المغرب. وبالتالي فإن الاستراتيجية الممكنة هنا هي التوافق مع القوى الوطنية المغربية، فهذا ما يفتح الأفق لتحقيق التغيير. هذه هي المسألة الجوهرية التي تخرج الصراع من طابعه العبثي، وتسمح بتحويله إلى صراع حقيقي يمكن أن يفضي إلى تغيير يطمح إليه الشعب المغربي. هنا يرتبط تغيير مجرى الصراع القائم على مدى قناعة جبهة البوليزاريو بأن استراتيجيتها الراهنة خاطئة، وأنها لن تستطيح تحصيل "تقرير المصير" ضمن سياسة تعتمد على الصراع وحيدة ضد النظام في المغرب، ومن ثم أن خروجها من هذا المأزق لا يتحقق سوى من خلال تحويل الاستراتيجية بما يجعلها تنبني على التوافق مع القوى الوطنية المغربية.
لكن إذا كان المطلوب هو التوافق مع تلك القوى، وتحقيق التغيير، فما الغرض من تحقيق استقلال الصحراء إذن؟ هل من ضرورة حينها للاستقلال؟ فهل الصراع هو مع النظام المغربي أو مع الشعب؟ وهل مطمح الاستقلال يؤدي إلى تقدم شعب الصحراء وبقائه جزءاً من المغرب يمنع ذلك؟ إن تاريخية المسألة والطابع البشري الواحد لكل المنطقة يفرض ألا يكون الاستقلال هو الهدف، لأن ذلك يعني استمرار الحرب دون جدوى، وكذلك استمرار النظام في المغرب. بينما يجب إنهاض قوى تطرح بديلاً مختلفاً لكل المغرب العربي. هذه هي المسألة الأهم والأجدى.
لاشك في أن حرباً عبثية استمرت طيلة العقود الماضية، قامت على استراتيجية خاطئة، شوشت على النضال في المغرب، وفي المغرب العربي عموماً، دون أن يكون لها أفق الانتصار كذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أي قوى وطنية؟
محمد مغناجي ( 2010 / 8 / 27 - 23:18 )

الكلام عن قوى وطنية مغربية يمكن أن ينسق معها *البوليزاريو* ، لمواجهة النظام المغربين هو كلام غير منطقي وغير دقيق. حيث أن هناك اجماع بين مختلف القوى السياسية المغربية على طبيعة النظام ,فالصراعات بين اليسار المغربي(الأتحاد الوطني للقوات الشعبية),والمؤسسة الملكية ,لم يعد له وجود مند 1975.. الكلام عن تغيير النظام في المغرب هو ضرب من الخيال. طبعا هناك بعض الدين لا زالوا يحنون الى سنوات الصراع بين المؤسسة الملكية وقوى اليسار , لكنهم معزولون ويكاد لا يسمعهم أحد.. في رأي مشكل الصحراء سيستمر على ما هو عليه زمنا طويلا...في الواقع هو مشكل بين المغرب والجزاير


2 - Mr Salama, pourquoi pas Maghreb Amazigh
YAN AMAZIGH ( 2010 / 8 / 29 - 17:04 )

merci


3 - TCUgBRRcNcw
Cherlin ( 2012 / 1 / 11 - 20:48 )
I came, I read this artlice, I conquered.

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ