الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الجرافات فوق المواطن

شوقية عروق منصور

2010 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بعد حرب لبنان 2006 وخلال لقاءات مع المواطنين اللبنانيين عبر الفضائيات حول الحرب والخراب والدمار قال احدهم :
(الحمدالله الأولاد راحوا والبيت راح بس عقلي ظل معي) ومن يتأمل هذه العبارة يجد ان نبضها الفلسفي اكبر من بساطة معناها الذي لخص التحدي والكرامة بوجود سلامة العقل ، وما دام العقل سليماً فالانسان قادر على تخطي الصعاب والهزيمة.
لكن الذي يجري في الوسط العربي على ارض الواقع من هدم البيوت ينافس القدرات العقلية على الفهم ، ويدفع الواحد منا الى التساؤل عن نهاية هذا الاذلال القاسي البعيد عن حقوق الانسان والمواطن ، في دولة تندفع مشاعرها وتنهض هممها من اجل سقوط قطة في بئر .
بعيداً عن نهج مصادرة الأراضي وتدمير مئات القرى العربية والبناء على انقاضها مدنا يهودية و التي انتهجتها المؤسسة الصهيونية لأقامة دولة اسرائيل وعن تحويل المواطن الفلسطيني في الداخل والخارج الى لاجىء ، وقريباً من قانون لم يغفر حتى الآن للذين ما زالوا يتمسكون بالارض وبتعاقب الأجيال عليها ، بل يريد فرض نظريته التي تسعى الى نهب البقية الباقية من الارض وتفريغها من السكان او محاصرة آحلامها المستقبلية .
فمنذ قيام الدولة والجماهير العربية تحيا تحت ( قانون الجرافات ) الذي يملك الأسنان المعدنية الحادة وينهش البيوت العربية التي تبنى بدون تراخيص وفي ذات الوقت لا تريد الدولة وضع خرائط هيكلية يعرف المواطن العربي فيها حدود اتساعه ومد قدراته ،البيوت المبينة تتحول بلحظات الى اكوام من الخراب والاسمنت والحديد المنزوع من الأساسات ، ويضاف الى التشريد تشريداً لا تذكره وسائل الاعلام ، التي قد تلتقط وسائل الاعلام صوراً لأصحاب البيت وهم يبكون ويتحسرون على أنقاض البيت ثم تدخل الصور في البومات الزمن .
لكن القانون يبقى أسيراً للمفاهيم التي تفرق بعنصرية بين المواطن اليهودي والعربي ، الذي يحرص على مد البيوت والانشاءات اليهودية ويعتبرها انتصاراً ، ويراقب ويهدم البيوت والمنشاءات العربية البسيطة ويعتبرها انكساراً.
الأدهى اننا لم نسمع صدى لهذا الهدم في الأوساط اليهودية ، كأن الهدم يجري في دولة مجاورة ، مثلاً هل يعقل ان تهدم قرية العراقيب للمرة الرابعة في النقب ولم نجد أي مواطن يهودي يعلن استنكاره ؟ هل يعقل ان تهدم بيوت عربية في الجليل والمثلث والنقب دون ان تتحرك الأحزاب الصهيونية ورجالاتها الذين يسوقون انفسهم ايام الانتخابات لقبض الاصوات العربية ؟ .
ومن يدقق في( صورة الهدم) يلاحظ ازدياد هدم البيوت العربية في الآونة الأخيرة وارتفاع وتيرة عمل(الجرافات) بشكل يؤكد ان الدولة تحاسب المواطن العربي حساباً ظالماً و ظلامياً مبنياً على قناعة بعدم تطوير المدينة والقرية العربية ، اما حجج اختراق قوانين التنظيم والبناء ماهي الا وسائل لتضيق الخناق وابقاء المواطن العربي في حالة تعب وركض وراء لقمة العيش وانتظار المجهول وعطف الدولة .
ووزارة الداخلية التي تمد لسانها للجماهير العربية كأنها في رهان أي الوزارات أكثرهن استفزازاً وعنصرية ، تريد وضع الجماهير العربية في أقفاص وتحيك فوق الاقفاص أجنحة لتوهم المجتمع الدولي بأن الأقفاص تستطيع الطيران .
فالى جانب قانون(الجرافات) الملعون هناك قانون ( اهدم بيتك بيدك) تخيلوا القسوة والسادية في هذا القانون الاجرامي بحق المشاعر والاعراف الانسانية .
اذ ان على صاحب البيت المخالف حسب المفهوم الاسرائيلي!!، ان يقوم بهدم بيته بنفسه ، والا فسيلزم بدفع تكاليف الجرافات والعمال ورجال الشرطة الذين جاءوا لحراسة الذين يهدمون .
لم اكن اعرف البعد النفسي والاجتماعي للمثل الفلسطيني ( موت وخراب ديار ) الا بعد زمن طويل ، عندما اسمع عن اصحاب البيوت المهدومة الذين رفضوا هدم بيوتهم بأيديهم وعليهم دفع مبالغ طائلة مقابل اجرة الجرافات والعمال والشرطة . ( هدم بيت ودفع )
مطلوب من احد أصحاب البيوت التي هدمت مؤخراً في منطقة يافة الناصرة دفع مستحقات اكثر من 180 شرطي شاركوا في الطوق الامني الذي فرض على المنزل اثناء الهدم وايضاً اجرة سائقي الجرافات والعمال المساعدين . تخيلوا هذه المهزلة !!
ملاحظة – هناك ايضاً جوائز تقدم لسائقي الجرافات الذين يعملون في هدم البيوت للتشجيع والمحافظة على اسرائيل كدولة قوانين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة