الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستكون أفغانستان فيتنام أميركية ثانية؟...

محمد سيد رصاص

2010 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كتب الإسكندر المقدوني في رسالة لوالدته يصف فيها مقاومة سكان مايعرف الآن بأفغانستان ،بعد أن هزم جيش الملك الفارسي داريوس في عام331ق .م،بأنهم"شجعان ويقاتلون كالأسود".وفعلاً فإن أفغانستان،رغم كونها كانت ممراً لغزاة عديدين،مثل جنكيز خان وتيمورلنك،إلاأن أيٌ منهم لم يستطع الإستقرار في سيطرته هناك،وحتى العرب عندما فتحوا بعض مناطق الغرب الأفغاني والوسط سرعان ماواجهوا ارتدادات سريعة نحو البوذية،ولم يستقر الاسلام في قلوب الأفغان سوى عندما دخل سلماً،فيما دُحِرت القوات البريطانية،التي حاولت الإمتداد من الهند شمالاً نحو أفغانستان عبر حروب1838و1878الأنكلو- أفغانية، في الحرب الأولى بعد سيطرة أربع سنوات على كابول ولم تظفر في الحرب الثانية بإحتلال وإنما بهيمنة رضي من خلالها ملك الأفغان بإدارة لندن لسياسته الخارجية حتى جاءت الحرب الثالثة في عام1919ليعلن من خلالها الملك الأفغاني أمان الله نقض نتائج حرب1878.
بين عامي1979و1989كانت أفغانستان مقبرة للغازي السوفياتي ونذيراً بسقوط الإمبراطورية التي بناها ستالين منذ عام1945:واجه السوفيات آنذاك عدم استقرار في سيطرتهم نتيجة أن القوى المقاومة لغزوهم كانت تمثل غالبية الجسم الاجتماعي الأفغاني،وكان الشيوعيون المحليون، المستلمون للإدارة الحكومية الأفغانية ، واجهات سرعان ماسقطت بعد اكتمال الانسحاب السوفياتي في يوم15شباطفبراير1989.
ظنَ الكثيرون بأن التجربة الأميركية مع حرب2001ستكون في أفغانستان على العكس من التجربة السوفياتية ،وخاصة بعد أن أبدت قوات حكومة(تنظيم طالبان) مقاومة ضعيفة بوجه الغازي الأميركي،ومع حصول واشنطن على دعم دولي(امتد من الغرب الأوروبي حتى موسكو)واقليمي(نيودلهي- اسلام آباد- طهران)ومحلي أفغاني تمثَل في قوى"تحالف الشمال"التي ضمت فصائل من الطاجيك(27%من السكان)والهازارة الشيعة(9%)والأوزبك(9%)،ولكن من دون استطاعة الأميركان تأمين الدعم من صفوف الأكثرية القومية الممثلة في الباشتون الذين ينتمي إليهم حميد كرزاي الذي كان مقيماً حتى عام2001في الولايات المتحدة.
رغم هذه الحالة الباشتونية ، كان الوضع مستقراً للأميركان منذ سقوط كابول في13تشرين الثانينوفمبر2001حتى آذارمارس2006،وقد بدا في تلك الفترة أن الوضع العراقي،إثراحتلال بغداد من واشنطن في يوم9نيسانإبريل2003،هو الأكثر اشتعالاً واضطراباً لدرجة أن الرئيس بوش قد قال في بداية عام2006بأن العراق "هو الموضوع الرئيسي". في ربيع2006بدأنشاط (طالبان) يظهر عبر العمليات الإنتحارية ثم توسع في الأعوام الثلاثة التالية نحو سيطرة ميدانية وصلت لحدود80%من الأراضي الأفغانية ماعدا المدن ولوأن هناك مقاطعات بأكملها برهنت (طالبان )على قدرة على اسقاط مدنها ومديرياتها ثم الإنسحاب السريع بعد أيام نحو الريف والجبال.
هنا،نجد أن الوضع العراقي بدأ يميل لهدوء نسبي في فترة2007-2010بعد أن اتجهت البيئة الحاضنة للمقاومة العراقية نحو الإشتراك في "العملية السياسية"التي دشنَها الحاكم الأميركي بول بريمر عبر انشاء ماسُمِي ب"مجلس الحكم"في تموزيوليو2003،فيماظل الرباعي(="حزب الدعوة"،"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"،والحزبان الكرديان بزعامة البرزاني والطالباني)يعطي "العملية السياسية" غطاءً يمثل غالبية الجسم الاجتماعي العراقي.هذا الشيء لم يستطع تأمينه "تحالف الشمال"ولاكرزاي خلال السنوات الفاصلة عن عام2001في أفغانستان،إذا لم يكن العكس هو الصحيح،حيث كان تفكك "الجمعية الاسلامية"(وهي التنظيم الرئيسي للطاجيك) بين االجنرال محمد قاسم فهيم والدكتور عبدالله عبدالله ظاهراً في انتخابات2009،وهو ما جعل"العملية السياسية"الأفغانية مزعزعة وخاصة مع عدم قدرة كرزاي على تأمين دعم يذكر من بين الباشتون،وفي ظل الفساد والمحسوبية وانعدام الكفاءة التي أصبح الأميركان عبرها يشيرون لكرزاي ومن حوله.
كان فشل المقاومة العراقية ناتجاً عن أن حاضنتها الإجتماعية تمثل أقلية ثم عن اتجاه هذه الحاضنة نحو موقف آخر منذ عام2007وهو مابان بوضوح في الإنتخابات المحلية عام2009والبرلمانية في2010:في أفغانستان،كان وضع (طالبان) مختلفاً حيث ظلت ،طوال سنوات الإحتلال الأميركي التسعة،تتمتع بإحتضان كبير من غالبية الجسم الإجتماعي الأفغاني ممثلاً في قومية الباشتون،وبتفكك خصومها في"العملية السياسية"وعدم توحدهم،إضافة إلى عامل جديد وهو استطاعتها تأمين رديف اجتماعي باكستاني قوي عند الحدود ممثلاً في(طالبان باكستان)التي استطاعت خلال العامين الماضيين أن تضع حكام اسلام آباد في الزاوية الحرجة،وهم الذين اختاروا صف واشنطن منذ 11أيلول2001 ضد حليفهم السابق (طالبان أفغانستان).
من هنا،كانت محاولة واشنطن خلال الفترة القريبة الماضية ،على الأقل منذ بداية عهد أوباما،تأمين حل سياسي "ما"مع (طالبان) ذات طابع جدي،ويقال بأن هناك وساطات اقليمية أجريت وتجري في هذا الإتجاه،وخاصة بعد فشل المساعي من أجل شق (طالبان)،وهو مايعبر عن يأس أميركي كبير من "العملية السياسية"الأفغانية،فيماكانت المفاوضات الأميركية مع المقاومة العراقية لاتتسم بالجدية في فترة 2006-2007،ثم لم تعد واشنطن مهتمة بها.
عانت واشنطن في عام1963،الذي شهد انهيار اتفاقية جنيف لعام1954المكرسة لتقسيم فيتنام،من وضع شبيه مع نشوب الإضطرابات الداخلية وبدايات تحرك المقاومة المسلحة الشيوعية ضد النظام الموالي لها في جنوب فيتنام برئاسة ( نغو دينغ دييم) الذي كان يعاني من الصراعات الداخلية وعدم الرضا البوذي عند الرهبان وفي المجتمع.لم يؤد اغتيال (دييم)في انقلاب12تشرين ثانينوفمبر1963إلى استقرار الأمور في سايغون لصالح واشنطن.كان هذا الإضطراب الفيتنامي الجنوبي طريقاً إلى تورط مئات آلاف الجنود الأميركان منذ آب1964لمنع سقوط الجنوب الفيتنامي بأيدي(الفيتكونغ)وداعميهم الفيتناميين الشماليين في هانوي.لم يستطع نظام الجنرال (نغوين فان ثيو)خلال الحرب الفيتنامية أن يكون ظهيراً قوياً في سايغون للقوات الأميركية حتى توقيع اتفاقية باريس(كانون ثانييناير1973)التي نظمت الإنسحاب الأميركي وأعطت حكومة مشاركة بين (فان ثيو)و(الفيتكونغ)في سايغون:خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام1975استؤنف القتال في فيتنام الجنوبية . في 30نيسان انهار حكم(فان ثيو).
هل ستتفادى الولايات المتحدة الأميركية في كابول ماحصل في سايغون؟..................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل